الجزائر :تهدد اعمال الشغب المتفرقة في الجزائر هذا العام باندلاع احتجاجات اوسع نطاقا ضد الصفوة السياسية التي تباطأت في تحويل العائدات النفطية التي وصلت مستوي لم يسبق له مثيل الي وظائف ومساكن. وتمثل الاشتباكات في الشوارع مسألة حساسة في الجزائر المصدر الرئيسي للغاز الي اوروبا وصاحبة التاريخ في التمرد حيث اجبرت اعمال شغب قام بها الشبان عام 1988 السلطات علي التخلي عن نظام الحزب الواحد الحاكم. ولا يزال البلد الذي يبلغ عدد سكانه 33 مليون نسمة يبحث عن الاستقرار بعد حرب أهلية غير معلنة في التسعينات راح ضحيتها أكثر من 150 ألف قتيل. واندلعت اعمال العنف بعد الغاء الانتخابات العامة في عام 1992 التي كان حزب اسلامي محظور الان مؤهلا لان يفوز بها. ويقول الجزائريون ان هناك احتمالا ضعيفا جدا للعودة الي نزيف الدماء في التسعينيات. لكن اذا استمرت الاحتجاجات العنيفة لا يمكن استبعاد عودة اضطرابات مدنية علي امتداد البلاد مثل التي هزت البلاد في أعوام 2001 و2002 و1988. وكتبت صحيفة الوطن المستقلة دخلنا في مرحلة شغب لا تبشر بخير . ونهب شبان عاطلون عن العمل في مدينة وهران ثاني اكبر مدينة جزائرية علي مدار ثلاثة أيام الاسبوع الماضي البنوك والمتاجر والسيارات والحانات ونشبت معارك بينهم وقوات مكافحة الشغب التي أطلقت الغاز المسيل للدموع. وكان السبب المباشر لاعمال الشغب الغضب من هبوط فريق المدينة لكرة القدم الي الدرجة الثانية. وذكر معلقون انه برغم أن مثيري أعمال الشغب قد يكونوا من أفراد العصابات فان مناخا من اليأس بسبب انتشار الامراض الاجتماعية ساعد علي اجتذاب شبان اخرين وادي الي انتشار الاضطراب في احياء وسط المدينة. وتأتي الاضطرابات بعد احتجاجات في الشوارع في عشرات المدن الاخري في الشهور الماضية بسبب الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي تزداد سؤا. ويقول محللون ان الشرطة تعاملت بطريقة محسوبة حتي الان في معالجة الاضطرابات واستخدمت الغاز المسيل للدموع والهراوات في مدن مثل الشلفووهران وبريان لكن اذا قتل أي من المشاركين في أعمال الشغب فان احتمال تهديد الاستقرار الوطني سيتزايد. وقال رئيس الوزراء السابق أحمد بن بيطور الذي ينتقد ما يقول انه عدم استجابة من الحكومة المدعومة من الجيش ان الاضطرابات تبين ان السلطات يجب ان تستبق وقوع مزيد من الاضطرابات بدعم الشفافية والاعتماد علي حكومة اكثر نزاهة. وتساءل بن بيطور في حوار مع صحيفة الخبر اليومية هل ينبغي التوجه الي التغيير بسرعة واعداد شروط نجاحه خدمة لرفاهية ومصلحة الشعب الجزائري.. أم ننتظر أن يفرض التغيير نفسه عن طريق العنف وخيبة الامل مع ما يحمله ذلك من مخاطر ينجم عنها الانحراف.. . وتتركز السلطة في يد الرئاسة وينظر الي البرلمان كاداة طيعة تحت سيطرتها. وهناك 75 في المئة من الذين تقل اعمارهم عن 30 عاما من الجزائريين عاطلون عن العمل ورغم تعهد الدولة ببناء مليون مسكن جديد بحلول عام 2009 هناك مطالبات يومية بمزيد من المساكن. وقال بن بيطور للصحيفة المواطنون الجزائريون خاصة الشباب مطلعون جيدا علي كل ما يتعلق بأوضاع الامة مقارنة بأوضاع الامم الاخري. هؤلاء يتطلعون الي مستوي معيشة ومستقبل يماثل ما يرونه يوميا في التلفزيونات الاجنبية . وقال وزير الاتصال عبد الرشيد بوكرزازة ان الاضطرابات في وهران في قلب اهتمامات السلطات وان الحكومة تسعي لتقصي اسباب العنف. والشغل الشاغل عند الكثيرين الان هو تجنب تكرار ما حدث عام 2001 عندما تصاعد تمرد محلي في منطقة القبائل بعد وفاة شاب في مركز احتجاز تابع للشرطة ليصبح تمردا علي مستوي البلاد ضد ما اعتبره المحتجون حكما سلطويا. ولم تستطع الحكومة فض الاضطرابات الا بعد موافقتها علي مطالب بسحب قوات الامن شبه العسكرية من منطقة القبائل. ويخشي بعض العلمانيين الجزائريين من أن يتيح عدم استقرار اوسع نطاقا فرصة سانحة للجماعات الاسلامية المحظورة فتسعي الي العودة الي ممارسة حياة سياسية نشطة. ويقولون ان الاسلاميين قد يحشدون قوة سياسية من خلال استخدام شبكاتهم الموسعة للتأثير غير الرسمي في المساجد والسوق السوداء لزعزعة الاستقرار. (رويترز)