القاهرة - أكد الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية أن الصناديق الخيرية الاستثمارية هي صورة معاصرة للوقف، وأنه يمكن من خلالها إعادة دور الوقف في المجتمعات الإسلامية، وتفعيل دور التكافل الاجتماعي. وقال خلال المؤتمر الثاني مساء أمس للمؤسسة التي بدأ انطلاقها منذ ستة أشهر: "إن عودة الوقف وإحياء الدور المجتمعي فيه يمكن تحقيقه من خلال الصناديق الاستثمارية الخيرية باعتبارها التطور الطبيعي للوقف". وأوضح أن "الوقف في أساسه هو نبض مجتمعي، ولذلك فإن من مصلحة الدولة تنميته والمساعدة عليه؛ ولذلك ففي مصر لا يوجد أي توجه حكومي لا بالتلميح، ولا بالتصريح للسيطرة على أي وقف خيري معاصر"، مشيرا إلى أن هناك أملا كبيرا في أن الحكومة لن تسيطر على ما يتم وقفه للعمل الخيري. وعن ضرورة إصدار تشريع ملزم للزكاة، خاصة أن كثيرا ممن وجبت عليهم الزكاة لا يخرجونها قال جمعة: "هناك تجارب ورؤى مختلفة حول هذه القضية، ففي الكويت والسودان تم تطبيق قانون للزكاة، لكن هناك وجهات نظر تطبق في دول أخرى، ومنها مصر وهي أن يقوم المجتمع المدني بدوره لجمع الزكاة بعيدًا عن الإدارة الحكومية، وهو ما يتواءم مع تنمية المجتمع، ومع ذلك يوجد في مصر بنك ناصر الاجتماعي وله 5 آلاف صندوق للزكاة، وعليه ففكرة جمع الزكاة واردة". وأضاف المفتي أن "المصريين لو دفعوا زكاة أموالهم الظاهرة فقط والمعلومة لدى الدولة سيكون هناك أكثر من 7 مليارات جنيه لصالح الفقراء، وهو ما يكفي للمشروعات الخيرية التي نتطلع إليها للقضاء على الفقر في مصر". لا تفرقة في العمل الخيري وعن الحكم في توجيه عائد العمل الخيري الإسلامي للمسلمين فقط باعتبارها أموال صدقات وزكاة، أوضح أنه "لا تفرقة في العمل الخيري؛ لأن هدفه الأساسي هو تنمية المجتمع للمسلمين وغير المسلمين، مشددا على أنه لا تفرقة بين أحد بسبب دينه أو انتمائه السياسي أو الطائفي، فلا تفرقة في العمل الخيري بسبب الدين أو السياسة". وأكد جمعة أن "الصدقات تجوز للمسلم ولغير المسلم.. بل تجوز للغني وهي واسعة تؤدى للمسلمين وغيرهم، أما الزكاة فتذهب لمصارفها الشرعية التي حددها القرآن الكريم".وأشار إلى أن العمل الخيري لا بد أن يقوم على التكامل وليس على المنافسة من أجل جمع جهود الجمعيات الخيرية وتوفير الجهد، وتركيزه بما يحقق حلا عمليا للفقر. وشدد على أن الحفاظ على العمل الخيري ومؤسساته هو سياج أمان للمجتمع، كما ينبغي الحفاظ على الجمعيات الخيرية في مجتمعاتنا الإسلامية لأنها لو انسحبت لشغلها آخرون، والعبارة تفيد الإشارة. وألمح المفتي إلى أن مؤسسة مصر الخير الذي يرأس مجلس الأمناء فيها تعد أول مؤسسة خيرية في مصر تعمل بمعاونة الجمعيات الخيرية في مختلف المحافظات للقضاء على خط الفقر في مصر والذي يتفشى بصورة واضحة في 100 قرية، موضحا أن المؤسسة تجمع الزكوات والصدقات الجارية والتبرعات لتردها للفقراء في العديد من المجالات، ومنها تمليكهم مشروعات صغيرة. وقال: "إن أهداف العمل الخيري تشمل مجالات عديدة أهمها مستوى المعيشة لرفع الكفاف إلى الكفاية ثم إلى الكفاءة، والتعليم والصحة والتكافل، والبحث العلمي، ومناحي الحياة، والوسيلة لذلك هي الاستثمار المحترف للتبرعات وتمكين الجمعيات الأهلية في المجتمع وتطبيق نظم الحوكمة والجودة والمراقبة". وأشار إلى إن "المؤسسة الخيرية لا تتبع الحكومة فهي مستقلة، لكنها ليست في عداء معها لأنها بحاجة إلى التنظيم، والتعاون من المؤسسات الحكومية". وعن تلقي أموال خارجية كتبرعات في العمل الخيري أوضح المفتي أنه يجوز تلقي أموال على هيئة تبرعات من الخارج للعمل الخيري، لكن بعد موافقة الجهات الرسمية، وهو ما يتم تنظيمه في مصر بقانون 84 .