هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    أخيرا: الطفل ''أحمد'' يعود إلى منزل والديه    التونسيون يتساءلون ...هل تصل أَضحية العيد ل'' زوز ملايين'' هذه السنة ؟    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    دورة مدريد: أنس جابر تواجه اليوم المصنفة العاشرة عالميا    كأس الكاف: حمزة المثلوثي يقود الزمالك المصري للدور النهائي    الرابطة الأولى: برنامج مباريات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    عاجل/ ستشمل هذه المناطق: تقلبات جوية منتظرة..وهذا موعدها..    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    انتشار ''الإسهال'' في تونس: مديرة اليقظة الصحّية تُوضح    تقلبات جوية في الساعات القادمة ..التفاصيل    مفزع: 17 حالة وفاة خلال 24 ساعة في حوادث مختلفة..    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    الكشف عن توقيت نهائي رابطة الأبطال الإفريقية بين الترجي و الأهلي و برنامج النقل التلفزي    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    تونس / السعودية: توقيع اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    قرار جديد من العاهل السعودي يخص زي الموظفين الحكوميين    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    غوارديولا : سيتي لا يزال أمامه الكثير في سباق اللقب    سان جيرمان يحرز لقب البطولة للمرة 12 بعد هزيمة موناكو في ليون    حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    دولة الاحتلال تلوح بإمكانية الانسحاب من الأمم المتحدة    السعودية: انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي ولا وجود لإصابات    سينعقد بالرياض: وزيرة الأسرة تشارك في أشغال الدورة 24 لمجلس أمناء مركز'كوثر'    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    أسير الفلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية    غار الدماء: قتيلان في انقلاب دراجة نارية في المنحدرات الجبلية    افتتاح الدورة السابعة للأيام الرومانية بالجم تيسدروس    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    50 % نسبة مساهمة زيت الزيتون بالصادرات الغذائية وهذه مرتبة تونس عالميا    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تضيق المعارضة بالرأي والرأي الآخر... ولماذا اللجوء إلى الاستقالات؟
نشر في الفجر نيوز يوم 31 - 12 - 2007

تونس: التسميات عديدة والمسمي واحد، استقالات، ابعادات، انشقاقات، اختلافات وخلافات ذاك هو واقع الاحزاب السياسية التي تحتل موقع المعارضة في بلادنا، ويكفي أن تقترب من بعض ممثليها
وتتحاور مع أحدهم الا ويكشف لك عن خبايا هذا الحزب أو ذاك التنظيم وما يسوده من تصدع وانشقاق بين هذه المجموعة وتلك...
والحال أن الواقع يفترض أن مثل هذه الهياكل لها وظائفها السامية في تحقيق التوازن واضفاء الشفافية على الحياة السياسية.. فالحزب ما هو إلا تجسيم لفكرة أو أفكار تصاغ في شكل برامج عمل تشمل كل الأصعدة والمجالات فيستفيد منها المواطن والدولة على السواء.
والحزب فضاء يتيح الفرصة أمام العامة للمشاركة في الحياة السياسية ومنبر للتعبير عن الرأي والمواقف.. فهل أن معارضتنا حققت هذا وتوصلت الى ما ضحى من أجله عشرات بل مئات من الكوادر والمناضلين منذ ردهة ما بعد الاستقلال مرورا بمرحلة الحصول على بعض التأشيرات في مطلع الثمانينات؟ قطعا الواقع لا يعكس هذا الامتداد في الزمن لأن معارضتنا اليوم وبكل تجرّد وموضوعية ما تزال تعاني من التشتت وعدم القدرة على توحيد الصف.. فأين الشماري وبن جعفر والخصخوصي في حركة الديمقراطيين الاشتراكيين وأين الحلواني والرميلي وقديش وخلايفية في التجديد وأين بن عامر والسويسي وبن ريانة وبلحاج عمر في الوحدة الشعبية وأين الجلالي بالنسبة الى الديمقراطي الوحدي وأين الشيخاوي والباجي في الاجتماعي التحرري..؟الخ.. وانطلاقا من هذا الوضع تحاورت «الأسبوعي» مع بعض ممثلي الأحزاب من ذوي وجهات النظر المختلفة حتى وإن كانوا ينتمون الى الحزب الواحد ويحتكمون لذات الخط السياسي حول مدى قدرة المعارضة على قبول الرأي والرأي الآخر بداخلها؟ وهل أن ما نشهده بين الحين والآخر من استقالات يمثل الحل الأمثل لتجاوز الاختلافات؟ ثم كيف تتعامل قيادات الاحزاب مع هذه الاستقالات والآراء المخالفة؟
إعداد: سفيان السهيلي
النائب ثامر ادريس (التجديد)
الاستقالة كالطلاق.. أبغض الحلال
إن وجود أحزاب سياسية معارضة في البلاد هو مظهر هام، والدخول اليها أو الخروج منها يعكس مدى عافية هذه الأحزاب ومدى قدرتها على القيام بدورها المتمثل في تأطير المواطنين وحسن الاحاطة بهم في سبيل انجاز المشروع الذي تناضل من أجله. وإن الانتماء الى حزب أو الاستقالة منه هو أمر مرتبط بالحرية الشخصية للمواطن وبمدى اقتناعه بالخط السياسي لهذا الحزب أو ذاك وأيضا بمدى قابلية الأحزاب على الاقناع بخطها السياسي.
وعادة ما تأتي هذه الاستقالة او تلك، كردة فعل على حالة الضيق التي تعيشها الاحزاب، وعدم توفقها الى إنتاج حياة حزبية قوامها التوافق بين القول والفعل، وفشلها في تقديم المثال الجيد في الالتزام بالشعارات المرفوعة، وعجزها عن فسخ الانطباع المسيطر على الذهنية الجماعية بأن أهل السياسة يقولون ما لا يفعلون، وأن الاحزاب هي بؤر للخطاب المزدوج، جريا وراء المصالح الشخصية على خلفية تصفية الحسابات ومنطق الافتكاك والثأر. غير أن الاخطر من الاستقالة حالة العزوف عن الاهتمام بالشأن العام وتفشي الشعور بعدم الجدوى من العمل السياسي بسب المعيقات العديدة، والتي يتداخل فيها الذاتي مع الموضوعي، لاحكام القبضة على الحياة الحزبية والسياسية. وللثقافة السائدة والرازحة تحت وطأة الموروث، الذي ما انفكت جيوب الشد الى الوراء تذكيه، دور كبير في تفسير ما يعتري الحياة من وهن، لا يستفيد منه الا من يريد إثبات عدم جدارة التونسي بالحرية والديمقراطية، من أصحاب المركزية الثقافية الغربية.
كما أن الاعتراف بالرأي وبالرأي المختلف هو مظهر من مظاهر المجتمعات الحديثة والمتقدمة، وتعبير عن مدى تمدن الشعوب وتحررها من أسر الفكر الواحد. كما أن المناداة بالاعتراف بالآراء المختلفة من الشعارات التي ناضلنا من أجلها في سبيل إيجاد الفضاء الملائم للتعبير عن الرؤى المختلفة، عبر التخلص من ثقافة الرأي الواحد والحزب الواحد.
أما فيما يتعلق بالموقف من المستقيلين وواقع تعامل قيادة الحزب مع الاستقالات أؤكد أنه مع الاحترام الكامل لحرية الأفراد ولحقهم في اختياراتهم الشخصية، تبقى الاستقالة خروجا من التنظيم وهي غير ما يريده الحزب، الذي تظل عملية الاستقطاب والاقناع بالانضواء في صفوفه وحسن تأطير المواطنين من أوكد مهامه. فالاستقالة كالطلاق، أبغض الحلال. لأنها تلقي بظلال كثيفة وأحيانا وخيمة على مصداقية الحزب وعلى مدى إشعاعه.
ولابد من التأكيد على أننا نعيش اليوم تحولات متسارعة على مختلف الأصعدة، مما يحكم على الاشكال القديمة المغلقة والموروثة من القرن الماضي للتنظيم السياسي بالزوال، لأنها لا تنتج سوى الاقصاء وسدّ الأبواب. وقد أثبتت التجربة عدم ملاءمتها لما نحياه اليوم من تطور. كما لابد من بذل مجهود إضافي في سبيل الذهاب الى الشباب، إناثا وذكورا، والى كافة الفئات والشرائح الاجتماعية، لإذكاء الروح المدنية والروح الوطنية، وللتحفيز على الانخراط في العمل المنظم، كإطار لإثبات الشخصية وتأكيد الوجود السياسي، بعيدا عن العقلية السلطوية والأبوية.
-----
النائب مصطفى بوعواجة (الوحدة الشعبية)
لابد من وجود هيكل تظلم محايد يلجأ اليه مناضلو الأحزاب
في الحقيقة يمكن القول أن المعارضة في تونس تمر حاليا بفترة على غاية من الدقة والحساسية وانطلاقا من تجربتي صلب حزب الوحدة الشعبية أؤكد ان هناك أمرين أساسيين من شأنهما أن يفضيا الى الاستقالة والابعاد من الحزب وهما:
- إما مخالفة قيادة الحزب في الرأي والاصداع ببعض الافكار والآراء التي قد لا تروق الى الأمين العام والاقلية المحيطة به.
-أو النجاح في الظفر بمقعد بالبرلمان وبالتالي يصبح السعي كل السعي الى تجنب أي إمكانية للنجاح في مدة نيابية أخرى.. ليكون بذلك المصير إما الاقالة والطرد من صلب الهياكل في إجتماعات مفبركة وإعتمادا على تهم كاذبة وملفقة او عبر صيغة التجاهل وعدم استدعاء كوادر الحزب ومناضليه لأي إجتماع أو نشاط.. لذلك وانطلاقا مما أوردت لا مجال للحديث عن الرأي والرأي الاخر في الوحدة الشعبية بقدر ما يمكن التوقف عند ظاهرة العائلة والاصهار التي صارت تخيّم على هذا الحزب.
أما اذا ما نظرنا الى واقع المعارضة بشكل عام ومن دون الحكم على الاحزاب من داخلها أؤكد أن أكثر ما يزعج في المسألة هو أن معظم الأحزاب ومباشرة بعد انتهاء مؤتمراتها العامة تسيطر عليها الانقسامات وتصبح التهجمات وتراشق التهم اللغة السائدة بين منخرطيها ومناضليها والسبب يرجع في رأيي الى أن الأمناء العامين لا يقبلون فكرة أن الحزب مؤسسة وإنما هم يعتبرونه أداة بأيديهم ولا صالح لهذا الحزب الا بتصوراتهم وأفكارهم في حين أن الاحزاب بوصفها هياكل حية ونشيطة يجب أن تتوفر داخلها بعض التناقضات في شكل أطروحات مختلفة لأنها ستطور أداء الحزب وتنمي المواقف سيما اذا ما ربطناها بقضايا حية ومتجددة.. كما أن رفض هؤلاء الأمناء العامين للأسلوب الديمقراطي ليس له إلا أن يؤدي الى دكتاتورية بيروقراطية تخيم على الاحزاب ولا تفرز الا الاقصاء والابعاد وتجميد الهيكل نفسه.
أما عن أسلوب الاستقالة فأقول أنه أمر يكاد يكون طبيعيا في ظل غياب هيكل تظلم يسمح لمناضلي الاحزاب بطرح خلافاتهم أمام هيكل محايد يضمن حقوق جميع الأطراف على غرار ما هو معمول به في مصر من خلال وجود محكمة خاصة أو في لبنان من خلال وجود هيكل يسمى «حارس الأقليات» خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار أن هذه الاحزاب ممولة من الجهاز الحكومي او بالاحرى من مال المجموعة الوطنية..
وبخصوص كيفية تقبّل الاستقالات في المعارضة وانطلاقا من تجربتي أؤكد أن هذه الخطوة تلقى كل الترحاب والاستحسان من قبل قيادة الحزب لأنها أفضت الى التخلص من كوادر كانوا مصدر قلق سواء بأرائهم ومواقفهم..
-----
النائبة سميرة الشواشي: (الوحدة الشعبية)
الاستقالة تجسيد لحرية الانسان في التفكير والتصرف..
أعتقد أن في طرحكم للسؤال انطباعا يحتاج إلى شيء من النقاش لأن الاستقالات في أحزاب المعارضة تعتبر الاستثناء مقارنة بما يتوفر في هذه الاحزاب من نشاط وما تشهده بشكل عام من استقرار في مستوى إطاراتها. فحين نجد أن عدد المستقيلين بين مؤتمرين لا يتجاوز ثلاثة أو أربعة اطارات فإن العدد يبقى في حدود المقبول حتى وإن كان الاصل في الاشياء يستدعي الحرص على الحفاظ على كل الاطارات. وشخصيا لا أريد تهويل الامر وتحويل المسألة للحديث عن سيطرة الاستقالات لأن الاحزاب تشهد نشاطا وتبذل جهودا للبناء وهي جهود لا يمكن اغفالها حتى وإن كان هناك اختلاف في تقييمها ولان قوة الاحزاب السياسية تتمثل في قدرتها على تجاوز الصعوبات الظرفية وعلى ايجاد الاطارات القادرة على ملء كل فراغ وهذا يعني أن بعض الاستقالات يمكن أن تخلق رد فعل جماعي ايجابي فتتعزز صفوف الاحزاب وهذا ما لمسته شخصيا من خلال تجربتي في حزب الوحدة الشعبية لأن الاستقالات لم تخلف نتائج سلبية على اداء الحزب وعلى تماسك صفوفه.
أما فيما يتصل بالرأي والرأي الاخر في المعارضة فأوضح انه لاشك أن احزابنا السياسية بشكل عام لم تبلغ بعد درجة تحقق الديمقراطية داخل هياكلها بشكل كامل وذلك بالنظر الى مستوى التقدم السياسي بشكل عام ولاعتبارات مجتمعية عامة. كما أن أحزاب المعارضة تمر حاليا بفترة انتقالية من أحزاب قامت على الزعامات الى أحزاب تحتكم لرغبة كل منخرطيها وتأخذ رأيهم بعين الاعتبار وتستعين به في اتخاذ القرار.. ومن خلال معايشة النضال السياسي ألاحظ ان التحاق الشباب والمثقفين بالاحزاب السياسية يساهم في دعم الديمقراطية الداخلية ويجعل الاحزاب السياسية اكثر قبولا للآراء المغايرة للآراء السائدة. وبخصوص اللجوء الى الاستقالة أقول أنه من حيث المبدأ تعتبر الاستقالة تجسيدا لحرية كل إنسان في أن يفكر ويتصرف بالطريقة التي يراها مناسبة كما أن اختلاف الرأي لا يفسد للود وللعلاقات الانسانية قضية لكي اعتقد في المقابل أن الاستقالات التي شهدها حزب الوحدة الشعبية كانت مفاجئة وغير مبررة لانه لم يسبقها التعبير عن مواقف وأراء مغايرة للاراء التي تتبناها قيادة الحزب.. لذلك لم تثر هذه الاستقالات التي لا مبرر لها إهتماما سيما وأن التصرف مع المستقيلين ومع كل المسائل الهامة في حياة الحزب يمر في الوحدة الشعبية عبر الاستشارة الموسعة والعودة الى قرار الهياكل وخاصة المجلس المركزي.
-----
النائب أحمد الاينوبلي (أمين عام الوحدوي)
الأقلية يجب أن تستجيب للأغلبية
بداية لا علم لي بوجود استقالات مفزعة تسيطر على أحزاب المعارضة، ولكن ترجع بعض الاستقالات التي تعرفها بعض الاحزاب السياسية الى مسائل داخلية داخل هذه التنظيمات اجهل كنهها وتفاصيلها. اما فيما يتعلق بالاتحاد الديمقراطي الوحدوي فأؤكد أنه لم يشهد منذ مؤتمره الاخير أي استقالات عدا حالة وحيدة لاطار من الحزب تمت احالته على لجنة النظام لارتكابه بعض الاخلالات الحزبية وقد مُكّن هذا الاطار من الدفاع عن نفسه طبقا للقانون الداخلي للحزب ثم أصدرت لجنة النظام تجاهه عقوبة انذار.. فما كان منه الا أن قدّم استقالته احتجاجا على هذه العقوبة.. رغم ما يتيحه له القانون من امكانية الطعن في القرار.. لذلك أقول انه من البديهيات ان لكل حزب سياسي نظامه الداخلي وقانونه الاساسي وعلى كل منخرط ان يخضع لتلك القوانين مهما علا شأنه.. ولكن في المقابل أؤكد أن الرأي المخالف لا يستبعد وان الاختلاف في الرأي لا يبرر الاستقالة او الابعاد اذا لم يكن هناك خرق للقوانين الداخلية الناصة على جزاء الابعاد.. خاصة اذا ما كان الجميع محكوم بالقانون الحزبي.. بل من الضروري كذلك ان ينضبط رأي الاقلية لرأي الاغلبية وأن يكون النضال دون خرق القوانين والمس بثوابت التنظيم ووحدته من أجل ان يصبح اغلبي وقد جعلت مؤتمرات الاحزاب لتكون موعدا للمحاسبة السياسية ولتتصارع فيها الرؤى ولتفرز في النهاية قياداتها وقد تتحول المواقع لتصبح الاغلبية اقلية، والاقلية أغلبية.. أما أن تستجيب الاحزاب لرأي الاقلية حتى لا تستقيل هذه الاقلية فهذا في رأي محاولة استبدادية لاختزال التنظيمات السياسية في أشخاص.
كما لا أخفي وجود اختراقات لبعض الاطراف في بعض الاحزاب السياسية تحركها «أياد خفية» من أجل ان تظهر عجز هذه التنظيمات وعدم قدرتها حتى على حل مشاكلها الداخلية وبالتالي تسوق لفكرة ان وجود هذه الاحزاب هو كعدمه.. وعليه فهذه الاطراف تسعى الى أن تصل الى نتيجة قوامها أن ليس هناك تعددية في تونس وبالتالي ليس هناك ديمقراطية.. وهذه الرؤية العدمية في رأيي تؤثث لمشهد آخر يتجلى في صورتين إما أنه ليس هناك أي حزب عدا التجمع الدستوري الديمقراطي وبالتالي يجب أن يبقى ما كان على ما كان. او أن البديل لا تحمله ولا تمثله الاحزاب السياسية الموجودة الان على الساحة بل تمثله اطراف أخرى. لكن رغم كل ذلك تبقى هذه الاحزاب الموجودة الآن على هناتها وعللها فهي افراز لواقع سياسي يقتضي تنمية سياسية واضحة الابعاد وعميقة في جوهرها.
-----
النائب عبد الملك العبيدي: (الديمقراطي الوحدوي)
المعارضة تطرد مناضليها وهي في أشد الحاجة اليهم..
تعيش أحزاب المعارضة في تونس -وخاصة ما يسمى الاحزاب البرلمانية وضعا حرجا ومرتهلا على المستوى الذاتي أو الداخلي سمته البارزة هي الحركية السلبية وأعني بذلك الحركة المنفرة وليس الحركة الجاذبة.. فأنت غالبا ما ترى المغادرين أكثر مما ترى الملتحقين..وأضرب لك مثلا على هذا ما عرفه الاتحاد الديمقراطي الوحدوي منذ تأسيسه إذ بدأت فيه الاستقالات والانسحابات منذ الاشهر الاولى لتكوينه..
ولكن والأخطر من كل هذا هو ما حدث فيه منذ ما يقل عن عامين عندما استقال من هياكله ما يزيد عن 120 منخرطا بعضهم من المؤسسين، منهم 6 أعضاء مكتب سياسي (إثنان نائبان حاليان وأربعة نواب سابقا) و20 عضو مجلس مركزي والبقية أعضاء جامعات. والسبب الدافع الى استقالة من ذكر، أن شقا داخل الحزب تفرد بالقرار واستولى على ماديات العمل الحزبي واستقوى على مخالفيه.
وهذه الظاهرة المرضية ليست حكرا على الاتحاد الديمقراطي الوحدوي بل هي قاسم مشترك لكل أو أغلب أحزاب المعارضة وحوصلة القول في هذه النقطة هي أن أغلب قيادات المعارضة لا تمتلك حدا معقولا من الثقافة السياسية مما يجعلها أكثر ميلا لرفض الرأي الاخر وعدم قبول النقد، مستميتة في احتكار القيادة وغير مترددة في ممارسة التجميد والطرد والاقصاء ضد الاخر المختلف او المنتقد او الرافض.. وهذا ما شكل ما يسمي بمعارضة المعارضة داخل بعض الاحزاب أدى الى التصدع والانشقاق.
ومقابل سلوكها ذاك لا تجد قيادات بعض الاحزاب خجلا عندما تلحق عبارة «ديمقراطي» بأسماء وعناوين أحزابها، ولنا في ذلك خير مثال دولة «كابيلا» التي سميت «الكونغوالديمقراطية» أو «اليمن الديمقراطي» في عهد حكم الشيوعيين. ثم إن قيادات المعارضة في الاغلب الأعمّ تجد نفسها في وضع أكثر راحة كلما ازداد عدد المستقيلين، لأن هؤلاء المستقيلين هم دائما من غير الراضين عن عمل القيادة مما يعطيها فرصة أكبر لإحكام قبضتها على الحزب وهياكله ويعطيها مرونة أكثر للتصرف في أمواله وممتلكاته بغير رقيب...
وإجمالا أؤكد أن أغلب الاحزاب المعارضة فقدت أصدق مناضليها وأشرف منخرطيها جراء سلوك القيادات مما جعلها تفقد مصداقيتها لدى الرأي العام، وهذا واحد من أسباب ترهلها وانعدام جدواها على خلاف ما هو قائم في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي على رغم إنتماء عشرات الآلاف اليه لا يطرد منخرطيه في حين تطرد أحزاب المعارضة مناضليها وهي في أشد الحاجة اليهم والى أي شخص ينخرط فيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.