الصحة العالمية.. استهلاك الملح بكثرة يقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    عُثِرَ عليه بالصدفة.. تطورات جديدة في قضية الرجل المفقود منذ حوالي 30 سنة بالجزائر    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    السلطات الاسبانية ترفض رسوّ سفينة تحمل أسلحة إلى الكيان الصهيوني    الديبلوماسي عبد الله العبيدي يعلق على تحفظ تونس خلال القمة العربية    يوميات المقاومة .. هجمات مكثفة كبّدت الاحتلال خسائر فادحة ...عمليات بطولية للمقاومة    فتحت ضدّه 3 أبحاث تحقيقية .. إيداع المحامي المهدي زقروبة... السجن    المنستير .. المؤبّد لقاتلة صديقها السابق خنقا    في ملتقى روسي بصالون الفلاحة بصفاقس ...عرض للقدرات الروسية في مجال الصناعات والمعدات الفلاحية    رفض وجود جمعيات مرتهنة لقوى خارجية ...قيس سعيّد : سيادة تونس خط أحمر    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    ارتفاع عجز الميزان الطاقي    دغفوس: متحوّر "فليرت" لا يمثل خطورة    العدل الدولية تنظر في إجراءات إضافية ضد إسرائيل بطلب من جنوب أفريقيا    تعزيز نسيج الشركات الصغرى والمتوسطة في مجال الطاقات المتجددة يساهم في تسريع تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي قبل موفى 2030    كاس تونس - تعيينات حكام مباريات الدور ثمن النهائي    الترفيع في عدد الجماهير المسموح لها بحضور مباراة الترجي والاهلي الى 34 الف مشجعا    جلسة بين وزير الرياضة ورئيس الهيئة التسييرية للنادي الإفريقي    فيفا يدرس السماح بإقامة مباريات البطولات المحلية في الخارج    إمضاء اتّفاقية تعبئة قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسسة بنكية محلية    وكالة (وات) في عرض "المتوسط" مع الحرس .. الموج هادر .. المهاجرون بالمئات .. و"الوضع تحت السيطرة" (ريبورتاج)    طقس الليلة    سوسة: الحكم بسجن 50 مهاجرا غير نظامي من افريقيا جنوب الصحراء مدة 8 اشهر نافذة    القيروان: إنقاذ طفل إثر سقوطه في بئر عمقها حوالي 18 مترا    تأمين الامتحانات الوطنية محور جلسة عمل بين وزارتي الداخليّة والتربية    كلمة وزير الخارجية التونسي نبيل عمار أمام القمة العربية    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    صفاقس: هدوء يسود معتمدية العامرة البارحة بعد إشتباكات بين مهاجرين غير نظاميين من دول جنوب الصحراء    وزارة الفلاحة توجه نداء هام الفلاحين..    "فيفا" يقترح فرض عقوبات إلزامية ضد العنصرية تشمل خسارة مباريات    جندوبة: وزير الفلاحة يُدشن مشروع تعلية سد بوهرتمة    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    هل سيقاطعون التونسيون أضحية العيد هذه السنة ؟    106 أيام توريد..مخزون تونس من العملة الصعبة    اليوم : انطلاق الاختبارات التطبيقية للدورة الرئيسية لتلاميذ الباكالوريا    سوسة: الإطاحة بوفاق إجرامي تعمّد التهجّم على مقهى بغاية السلب باستعمال أسلحة بيضاء    ناجي الجويني يكشف عن التركيبة الجديدة للإدارة الوطنية للتحكيم    المعهد الوطني للإحصاء: انخفاض نسبة البطالة إلى حدود 16,2 بالمائة    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    رئيس الجمهورية يبحث مع رئيس الحكومة سير العمل الحكومي    قيس سعيد يُؤكّد القبض على محام بتهمة المشاركة في وفاق إرهابي وتبييض أموال    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    محمد بوحوش يكتب...أدب الاعتراف؟    الخُطوط التُونسية في ليبيا تتكبد خسائر وتوقف رحلاتها.    بطولة اسبانيا : أتليتيكو يهزم خيتافي ويحسم التأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    إصدارات.. الإلحاد في الفكر العربي الإسلامي: نبش في تاريخية التكفير    زلزال بقوة 5.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    استشهاد 3 فلسطينيين بنيران جيش الاحتلال في الضفة الغربية    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إذا قالت إيران فصدقوها, فإيران تفعل ما تقول
نشر في الفجر نيوز يوم 27 - 07 - 2008


العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم
إذا قالت إيران فصدقوها, فإيران لا تلغوا بحديث. فكل ما تقوله إيران يأخذ طريقه للتنفيذ.
وعليكم أن تنتبهوا جيدا لكل قول أو خطاب وتصريح أو أشارة أو تلميح يصدر عن أي مسؤول في طهران.
وأن لا يخدعنكم تهديدات رموز الإدارة الأمريكية وإسرائيل, لأنها ليست سوى تهديدات جوفاء لا معنى لها.
فعداء الإدارة الأمريكية وإسرائيل لم يفاجأ إيران, ولم يكن بجديد, وليس سببه مشروعها النووي كما يدعون. وإنما سببه الحقيقي, هو تقسيم إدارة الرئيس جورج بوش العالم إلى محور أخيار وأشرار. وتحديدها لدول محور الشر على أنهم دول خمس هي: أفغانستان وكوريا الشمالية والعراق وليبيا وإيران.وعلى هذا الأساس بررت غزوها لأفغانستان والعراق.ومن ثم سوت بالمفاوضات قضية لوكربي, والمشروعين النوويين الكوري والليبي. وشطبت أسميهما من محور الشر. فلم يبقى في المحور من دول مارقة بنظر الرئيس بوش سوى إيران. وأنه إن نجح في الضغط عليها لتحقيق ما يصبوا إليه منها بالمفاوضات, يكون بذلك قد أجهز على محور الشر. وسيتثنى له حينئذ أن يتبجح كالديك المغرور. بأنه حقق هدفه, وأنجز نصرا يتيما خلال فترتي رئاسته على الأقل. وإلا فليس أمامه من سبيل سوى أن يعاملها كما عامل العراق ليفي بما وعد. ولكي يتحرش بإيران لابد له من سبب أو مبرر. ولذلك لم يكن أمامه سوى أن يتذرع بمشروعها النووي التي تشيده للأغراض السلمية.
ولأن إيران على دراية بكل أحلام ومطامح الرئيس جورج بوش, وحتى هدفه الحقيقي وكل ما يرنوا إليه. ولذلك قررت أن تنتهج سياسة ودبلوماسية تتعبه وترهقه, لترتاح من شروره.وتتبع معه أسلوب لم يعتاد عليه:
فإيران مدركة أن تحرش الرئيس جورج بوش إنما أراد منه فرض إرادته بأن يجعل منها تابعا لبلاده وتدور في فلك إدارته. وإيران تريد أن يكون دورها وأمنها القومي مصان.لذلك قررت لي ذراعه وأذرع أدارته , وحتى كسرهم إن صعدوا الموقف. و فرض إرادتها رغم أنوفهم. وأعدت للأمر عدته, وراحت تتابع تنفيذ مشروعها غير آبهة بمن يعاديها. وعلى استعداد للمواجهة إن صعد أحد موقفه.
وإيران مدركة أن الإدارة الأمريكية مستاءة من دعم إيران لشعب فلسطين ولبنان وفصائل المقاومة الوطنية في فلسطين ولبنان والعراق. ولذلك سيعمد هذه الإدارة على التحرش بمشروعها النووي. ولذلك قررت أن تحشرها في الزاوية , وتترك لإدارة جورج بوش أربعة خيارات, كلها صعبة ومرة:
إما الانفراد بالقرار والخروج على الشرعية الدولية, كما فعل أثناء غزوه للعراق. وهذا صعب المنال. فذرائعه هشة وواهنة, ولن تقنع شعبه ولا أي شعب آخر.والكونغرس لن يرضى أن يلدغ من جحر مرتين, ولذلك لن يوفر له الغطاء. أو أن يكرر خطأ العراق. بمنحه الرئيس كرت على بياض, ولن يخصص المال لإقحام البلاد بحرب جديدة. وبوش أجبن من أن يكرر فعلته في مجلس الأمن, أو أن يعقد مجلس حرب كمجلسه في جزيرة القراصنة البرتغالية. أو أن يكرر إهمال وتجاوز الأمم المتحدة ومجلس الأمن عند غزوه العراق. وهو من هرع حافيا للعودة لمظلة الشرعية ومجلس الأمن لإنقاذه بإضفاء الشرعية على الغزو والاحتلال.
أو أن يهيم على وجهه يستجدي حلفائه ويؤلبهم على إيران. ويضغط عليهم لمساندته في فرض قرارات صارمة بحق إيران. أو تقديم عروض مغرية لإيران, على غرار ما قدم لكوريا الشمالية, فالصين وإن كانت الضامن لإدارة بوش أمام كوريا الشمالية.أما في موضوع إيران فلن يجد الرئيس جورج بوش له ولإدارته من ضامن أو كفيل.
أو أن يدفع بإسرائيل للقيام بعملية عسكرية ضد إيران. وحينئذ سيزيد الأمور تعقيدا, ويكون قد وقع في الفخ هو وإسرائيل. ناهيك أن الإسرائيليين يعتبرون أن مثل هذا التصرف حماقة. لأنه سيحول الأراضي العربية والإسلامية إلى بركان أو تسو نامي لا يبقي ولا يذر.
أو أن يثرثر ويئن ويصرخ في العلن, وسرا يستجدي ويتسول من يجد له الحل والمخرج.
القيادة الإيرانية بفضل سياستها الحكيمة, وخبرة وحنكة مسئوليها. استخدمت مواردها وقوتها العسكرية والدبلوماسية والاستخباراتية لتحقيق مصالحها والتأثير في مواقف الآخرين. وحتى حكوماتها المتعاقبة استطاعت تغيير البيئة الخارجية وتحويلها لصالحها. وتعاملت مع الجميع بلسان رطب وبكلام لين ومقنع. وتحلت بالانأة والصبر, ولم تسمح للغضب بتلوين مواقفها وردود أفعالها. وأنطلقت لمواجهة الادارة الأمريكية وإسرائيل وهي تحمل بيد حسن الجوار لجيرانها وحقها المشروع, ورغبتها بتوطيد العلاقات مع باقي الدول . وباليد الثانية تشهر سيفا بتارا, يقطع أنياط قلوب كل من يفكر بأن يضمر لها الشر, وتصطك لهوله مفاصل وأسنان كل من تسول له نفسه التآمر أو التطاول و العدوان عليها., أو أن يكرر معها فعلته السوداء التي فعلها مع العراق.وراحت تعامل رموز إدارة بوش وحكام إسرائيل على أنهم ليسو أكثر من دببة يرقصون على أنغام مشروعها النووي. والعالم يسخر من هذه الدببة وهي تدهس غيرها دون أن تحس أو ترى. فانتظمت المواقف الدولية في موقفين:
موقف الغالبية . وهو موقف عادل وعقلاني .ويرى تأييد حق إيران في هذا المضمار أسوة بغيرها. ويعتبر أن عدوانا على إيران معناه إشعال كامل لحقول النفط, ونحر للحضارة.ولن يكون فيها من رابح.
وموقف المعادين لها. وموقفهم ليس له من حجة أو دليل.وبموقفه الغوغائي يتعنت ويتخبط. ويظن بأنه بتهديده بالحرب, سيدفع بالخائفين من انقطاع شحنات النفط إلى الانضواء تحت قيادته.
وباختصار: خاضت إيران مبارياتها بفريق ممتاز, ضد فرق خصومها. وفازت فيها بفارق كبير في الأهداف. وتركت لخصومها مهمة إضاعة وقتهم في التحليل, وتغير المدربين وطواقم الإدارة ورؤساء الفرق, وإعادة توزيع مهام اللاعبين والخطط والاستراتيجيات والتكتيكات الموضوعة. وهي على قناعة بأن الفوز من نصيبها في كل الجولات القادمة, تاركة لخصومها تشكيلة متنوعة وتعيسة من الهزائم القاسية والمرة. وبذلك رفرفت رايات النصر خفاقة في سماء طهران, وفلول المهزومين ترى جلية للعين في كل من واشنطن وتل أبيب.
فالرئيس جورج بوش لم يجرأ أن يكشف صراحة أن هدفه القضاء على إيران كآخر دولة من دول محور الشر. كي لا يثير حفيظة من لهم مع غيران علاقات وطيدة. ناهيك عن أن فريق المحافظين الجدد تبعثر وتشتت. وكل واحد منهم خائفا من أن يطارد ويلاحق مستقبلا على ما ألحقه بالولايات المتحدة الأميركية في غزوها للعراق من ضرر. وإيران باتت في وضع أفضل من كل النواحي.
والرئيس جورج بوش في تحرشه بالمشروع النووي الإيراني حرك نفس الدمى والعملاء الذين حركهم بخصوص أسلحة الدمار العراقية. وأنطلق هؤلاء يرجون لخطر المشروع النووي عليهم,وانه يعرض أمنهم للخطر. وراحوا يتفننون في تضخيم الخطر الإيراني على انه حلف فارسي وصفوي. همه السيطرة عليهم وعلى العالم العربي. والرب والمسمين يعتبرون أن كل هذا الكذب والدجل, إنما هو خدمة لإدارة جورج بوش لتبرير موقفها من إيران. ناهيك عن كونه أمر أمريكي صدر إلى هؤلاء لتنفيذه على الوجه الأكمل. ولذلك قررت إيران أن تعامل هؤلاء وبيد أخلاق الجار والروابط والعلاقات المشتركة. وبيدها الأخرى عصا غليظة لجلد كل من تسول له نفسه أن يتآمر عليها كما تآمر على العراق, أو أن يطعنها في الظهر, أو أن يضع أجوائه وأراضيه في خدمة العدوان الأمريكي.
والرئيس جورج بوش راح يهدد ويتوعد إيران , وإيران على يقين بأنه مهما جن وغضب وزمجر, فليس أكثر من ثور أثخنته المقاومة العراقية بالجراح. بعد أن رشقته بالكثير من النبال والسهام.
والرئيس جورج بوش راح هو الآخر يتذاكى وينافق ويمكر. ويقوم بتصوير وإنتاج حلقات مسلسله الجديد ,وفق نفس سيناريو غزو العراق. ويكثر من حضوره على الفضائيات. وأعطى أوامره لرايس بأن تقدح وتذم إيران في المحافل والمؤتمرات و الاجتماعات. ووجدت رايس أن أفضل الأمكنة المناسبة لعرض إبداعاتها في الكذب والدجل والتهديد والوعيد هو بعض العواصم العربية والأوروبية. والرئيس جورج بوش أنصرف لينسج مشروع عدوانه على إيران , ليتجنب فيه الأخطاء والثغرات والنواقص والعيوب والهفوات التي ظهرت بمشروع عدوانه وغزوه واحتلاله للعراق. وراح يصعد من مواقفه ولهجات خطابه ليرهب العالم وشعبه وإيران.
1.فراح يخوف شعبه من إيران وخطر مشروعها النووي. لعله يحظى بالتأييد في شن حرب على إيران كما حصل على التأييد في غزوه للعراق. فإذا بالأمريكيين غير مقتنعين بهذا الخطر, وبكل ما يقول.
2.وراح يستنهض همم حلفائه, فإذا بها واهنة, وهم في ريبة مما يقول, ومنقسمين بشأن هذا الخطر.
3.وحرك مجلس الأمن لاتخاذ خطوات ضد إيران. فرحل المجلس الموضوع لوكالة الطاقة الذرية. وتعاملت إيران مع الوكالة بصدق وموضوعية وبحذر, كي لا تفسح المجال للوكالة أن تتمادى وتشط وتخطأ كما سبق وأخطأت في معالجتها لموضوع أسلحة الدمار العراقية. وحاول البرادعي مدير الوكالة الحفاظ على استقلالية وحيادية وكالته في التعامل مع هذا الملف. فجن جنون الادارة الأمريكية. وأمام إصرار إيران على حقها, واتهام الادارة الأمريكية البرادعي بأنه لا يقوم هو ووكالته بواجباتهم, وحتى التشكيك بنزاهته. وتحريك بعض مندوبي الوكالة ضد إيران.فجاء تصويت الوكالة لصالح ترحيل الملف إلى مجلس الأمن لإجبار إيران على الرضوخ.وفي مجلس الأمن أصطدم موقف إدارة بوش الداعي لفرض عقوبات على إيران بموقف روسيا والصين وغالبية أعضاء المجلس الذين عارضوا هذا التصعيد وكذلك فرض العقوبات. لأنهم شعروا بأن الهدف جرهم لحرب مع إيران بالوكالة عن الادارة الأمريكية.فأعيد الملف لوكالة الطاقة الذرية. وهكذا بات الملف بين أخذ ورد .
4.وكما دفع بوش طوني بلير من لندن للتطوع في ترويج كذبة أن أسلحة الدمار العراقية ستطال لندن خلال 45 دقيقة. وجد بوش في ساركوزي بديلا عن بلير حين روج لكذبة خطر السلاح النووي الإيراني الذي بات يهدد دول أوروبا .فخسر شعبيته, ولم يعد يصدقه شعبه الفرنسي في أي شيء يقوله.
5.وهدد الرئيس جورج بتشديد العقوبات على إيران إن لم توقف عملية تخصيب اليورانيوم . فضربت إيران بتهديداته عرض الحائط وراحت تزيد من عمليات التخصيب, وتعتبر ذلك حقا من حقوقها.
6.وحاولت إدارة الرئيس جورج بوش محاصرة سوريا وإيران وفصائل المقاومة الوطنية في لبنان وفلسطين والعراق. وإذا بها تجد نفسها أنها هي المعزولة والمحاصرة فقط.
7.ولجأ الرئيس بوش لتهييج بعض الطوائف الإسلامية على إيران, ليضمن حشدها صفا واحدا خلف أنظمة الاعتدال. فراح يتهم إيران بأنها تتدخل في العراق ولبنان, وأنها باتت هي الحاكم الفعلي في العراق. فلم يقنع أحد,لأنه هو من يحتل بقواته العراق, وهو من تقع عليه مهمة منع هذه التدخلات. ورغم أنه حقق بعض النجاح في تشكيل ما يسمى بالصحوات في العراق, والتي هي حشود لليبراليين الجدد, إلا أن فصائل المقاومة العراقية أحبطت مسعاه. حين تبين أن المقاومة تضم السنة والشيعة معا.
8.وحاول بوش تعميم فكرة الصحوة العراقية في لبنان, ونقل الصراع الطائفي إليه في محاولة للنيل من سوريا حليفة إيران. فأوجد ما بات يعرف بفريق الموالاة أو فريق 14 آذار. ووجد في عملية خطف حزب الله لجنديين إسرائيليين مناسبة لإسرائيل لتقوم بتوجيه ضربة لفصائل المقاومة اللبنانية تقضي فيها على حزب الله, حليف سوريا وإيران. وتمكن إدارة بوش من وضع لبنان تحت وصايتها.فقرر السيد حسن نصر الله أن يجعل منه درسا قاسيا وهزيمة مدوية لكل من إسرائيل والإدارة الأمريكية وحلفائهم. فكان النصر حليف حزب الله. وهنا راح يزمجر جورج بوش مهددا إيران بأن حربه على الإرهاب ستطالها , وراح يحرك الأساطيل ويقر قع بالسلاح, ويجري هو وإسرائيل لقواتهم المزيد من المناورات. فردت عليه إيران باعتراض بعض سفنه, والكشف عب بعض قدراتها العسكرية المتطورة. وتحذره من قواته في العراق وأفغانستان ليسوا أكثر من رهائن لديها, وأنها ستجعل بعون الله من الخليج وكل مكان تتواجد فيه قواعد عسكرية أمريكية مقبرة لهذه القوة العاتية الظالمة والمتجبرة.
9.وحين لم يفلح بوش بهذه الأساليب.جن جنون إسرائيل وراحت تتحرك لإخافة وإرهاب إيران كما كانت تفعل مع العرب. ولأول مرة تستعرض إسرائيل عضلاتها وقواتها وتهدد وتتوعد وتجري المناورات على أعين الملأ . تهدد وتتوعد بتدمير المنشآت النووية الإيرانية بمفردها. رغم أن هذا ليس من طبعها أو عاداتها, فهي من تفاجئ الخصم بعدوانها وتدمر بناه كما تريد. وتترك للإدارة الأمريكية وباقي حلفائها مهمة إحباط أي تحرك للشرعية الدولية يدين ما قامت به إسرائيل. وراحت إسرائيل تتهم إيران بدعم الإرهاب, وتروج للخطر النووي على العالم والمنطقة. وحين فشلت في مسعاها, راحت تعتبر أن المشروع النووي الإيراني يستهدفها بالدرجة الأولى, ومن حقها توجيه ضربة لإيران ومنشأتها النووية لإنهاء هذا الخطر الإيراني وضمان أمنها. فجاء الرد الإيراني صاعقا, حين اعتبرت أي عدوان إسرائيلي على إيران, سيدفع بإيران لقلع هذا الكيان من أساسه. وأن على الإسرائيليين الهرب, والعودة من حيث أتوا. فلا مكان لهم في فلسطين اليوم أو غدا أو بعد غد ولا في المستقبل. وبهذا الكلام أدخلت إيران الإسرائيليين وحكام إسرائيل في متاهة وراحوا يتخبطون فيها تخبط الأعمى.
10.حينها لم يجد بوش سوى تكثيف تعاونه مع حلفائه بزياراته وزيارات نائبه والوزيرة رايس, والتي قال عنها أن هدفها بحث ودرس التهديد الذي تمثله إيران, ورغبة الولايات المتحدة الأمريكية في الحفاظ على الاتفاقيات الأمنية مع حلفائها في المنطقة القلقين من تعاظم القوة الإيرانية. فأصيب حلفائه بالحرج.
ولذلك وجد الرئيس جورج بوش نفسه في ورطة جديدة ليس لها من مخرج. وخاصة بعد أن أجهض قائد القيادة العسكرية الوسطى مساعيه, حين أعلن بأن القوات الأميركية غير قادرة على خوض صراع مسلح ثان مع إيران. ورغم أن الرئيس جورج بوش أجبره على تقديم استقالته,إلا أن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية مايك مولين عبر عن موقف القيادة العسكرية الأمريكية حين قال: ينبغي على المجتمع الدولي أن يتابع الضغط على إيران اقتصاديا وماليا ودبلوماسيا من اجل جلبها إلى نقطة يمكن من خلالها الاتفاق على مسألة الأسلحة النووية. و لكي يحمل الرئيس جورج بوش مغبة أي حرب جديدة أعلن في تصريح جديد قال فيه: أقاتل الآن في حربين ولا أحتاج على ثالثة مع إيران.وقد لخص العقيد الأميركي المتقاعد لورانس ولكرسون الوضع أمام إحدى لجان الكونغرس حين قال: أي حرب على إيران ستوحد 70مليون إيراني, وتمكنهم بالحقد والقومية والضغينة على مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية,إضافة إلى أن الجيش الإيراني والحرس الثوري المعروف عنهما الشجاعة والشراسة سيخوضان حرب ضروس في كل مكان. وأن الولايات المتحدة الأمريكية التي قضت على عدو إيران الأول في العراق وتشدد الخناق على عدوها الثاني في أفغانستان . وبعد هزيمة حزب الله لإسرائيل في لبنان ,فإن الوضع بات يصب في صالحها.وستلجأ لحرب عصابات بتقنية متطورة . ولذلك فإن أي حرب على إيران ستكون مجازفة متهورة وكاراثية , ولن تجدي سوى في تأخير برنامج إيران النووي أكثر من سنة أو سنتين أو أكثر بقليل. فإيران لا يمكن ثنيها عن أي شيء مصممة عليه. وهذا ما جعل مواقف الرئيس جورج بوش تنهار, وتدفع به مضطرا لأن يتراجع 180درجة عن نهجه السابق . حيث بات يقبل التفاوض بالواسطة أو مباشرة مع إيران, وفتح قنوات اتصال معها, وفتح مكتب علاقات في طهران. وتكليف الدول الأوروبية بإيجاد مخرج له من هذه الورطة. وباتت الضغوط ثقيلة عليه. ويواجه الآن مصاعب جمة وضغوط بات تثقل كاهله. ومنها:
موقف إسرائيل المتعنت برفضه للمشروع النووي الإيراني, وإصرارها بالعدوان على غيران وتدمير مشروعها النووي. وبوش ملزم بإرضاء إسرائيل. ولو على حساب مصالح بلاده. فلا مصالح تعلو على مصالح إسرائيل بنظره ونظر إدارته. وهو بأمس الحاجة للوبي الصهيوني لضمان فوز مرشحي حزبه وجون ماكين في تشرين الثاني من هذا العام.
وإيران بعد ثورتها الإسلامية لم تستطع أي من الإدارات الأمريكية إلحاق الهزيمة بها. ولذلك فإذا ما امتلكت التكنولوجية النووية ستكون أقوى. وهذا ما يؤرق الرئيس جورج بوش.
وشروط إيران لتسوية ملف مشروعها النووي صعبة وقاسية . وهي تصفع كل أجتماع معها بمطالبها وهي:تعليق العقوبات الدولية والأمريكية . ووضع جدول زمني وآلية لتنفيذ الوعود الواردة في سلة الحوافز الغربية . ومساعدتها في مجالات تكنولوجية أخرى. وتعهد فرنسا وألمانيا ببناء وتشغيل مفاعلات تعمل بالماء الخفيف خلال مدة لا تتعدى الخمسة أعوام, وتفي بحاجاتها من الكهرباء. والإقرار بحق إيران بإنتاج الوقود النووي. وتوضيح آلية تطبيق النظام الأمني الإقليمي والذي تحدثت عنه رزمة المقترحات الأوروبية والذي يعطي إيران دورا محوريا.والتعهد بعدم شن هجوم عسكري على إيران أو محاولة التآمر عليها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.
والإقرار لإيران بما تريد سيضع حلفاء الادارة الأمريكية في دائرة الاتهام . لأنهم لم يسخروا مصالحهم ومواردهم النفطية وجهودهم السياسية والدبلوماسية لتحقيق مصالحهم ومصالح الأمتين العربية والإسلامية وقضية فلسطين. وإنما وضعوهم في خدمة الادارة الأمريكية لتحقيق مصالح بلادها. والإدارات الأمريكية وظفت جزء منها لصالح خدمة مصالح حليفتها إسرائيل.
ولهذه الأسباب بات كل هم الرئيس جورج بوش أن تنقضي الأشهر المتبقية من ولايته على خير. بعد أن خرجت إيران منتصرة وحققت ما تريد. بينما عيون إسرائيل تقدح منها الشرر على ما ألحقه بها من هزائم. وأن مهمته باتت أن يماطل كسبا للوقت ريثما ينتخب الرئيس الجديد, ويسلمه مقاليد الأمور. وأن يكون مستعدا لتقبل اللعنات تنهال عليه من كل حدب وصوب ,والتهم توجه إليه, والتي قد تجره إلى المحاكم بتهم الفشل والإهمال والتقصير, وتشويه سمعة بلاده وتدمير قوتها العسكرية واقتصادها. وخاصة بعد اتهامه وإدارته بأنهم ارتكبوا جرائم حرب.
الأحد : 27/7/2008م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.