عمان شاكر الجوهري الفجرنيوز: يتعرض الدكتور باسم عوض الله رئيس الديوان الملكي لحملة اعلامية جديدة على خلفية تلبيته دعوة من ديوان أهالي الكرك في العاصمة عمان، وهو الذي يوصف بأنه كبير وراعي وزراء "الديجتال" في الأردن. في إطار هذه الحملة، طولب عوض الله من قبل غلاة الوطنية الأردنية بالإستقالة من منصبه، كما طولب الملك بإقالته، واتهم بالجمع بين الإدارة والسياسة، وبين الإدارة والتجارة على حساب الأردن، بل وبتوقيع وثيقة سرية مع الدكتور صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية تقضي بإقامة وطن فلسطيني بديل في الأردن..! الحملة تمثلت في تصريح صحفي صدر عن خالد الكلالدة الأمين العام لحركة اليسار الاجتماعي الأردني، التي تضم عددا من غلاة الوطنيين الأردنيين، الذين يعبرون دوما عن مخاوف من وجود اردنيين من أصل اردني، على وجود وبقاء الكيان الأردني، خاصة حين يتولوا مواقع مسؤولية. كما تمثلت هذه الحملة في مقالين صحفيين نشرا في صحيفة "العرب اليوم"، لكل من ناهض حتر مدير عام الصحيفة، وفهد خيطان مدير تحريرها. رئيس الديوان الملكي كان تناول طعام الغداء في ديوان أهالي الكرك في العاصمة عمان، بناء على دعوة تلقاها من هيئة إدارة الديوان، وعلى رأسها سلمان المعايطة، الذي تولى الترحيب بعوض الله، مقدما موجزا عن الجمعية التي تدير الديوان، ومشاريعها المتعلقة ببناء مقر جديد للديوان، قائلا إنه يكلف مليون ونصف المليون دينار. وكان العاهل الأردني الملك عبد الله، قبل أن يعيد الصلاحيات السياسية لرئيس الديوان الملكي مع تعيين عوض الله في هذا الموقع، قد حصر مهمات رئيس الديوان السابق في أن يكون حلقة وصل بين الملك ومواطنيه. كلمة عوض الله عوض الله، بعد أن تناول طعام الغداء، تحدث لمضيفيه عن تصورات الملك حيال كيفية تلبية احتياجات مواطنيه، والنهوض بالإقتصاد الأردني من الأزمات التي تنخر مستوى معيشة شعبه، بدءا بضرورة تحقيق المساواة في فرص التعليم، والإهتمام المميز الذي يوليه الملك للشباب، مرورا بالإنجاز الكبير الذي تحقق، كما يراه عوض الله، في شراء سبعين بالمئة من ديون الأردن الخارجية، ما أدى إلى خفض غير مسبوق في قيمة ما تبقى من هذه الديون إلى فقط 30 بالمئة من اجمالي الناتج العام للدولة الأردنية. وختم عوض الله، بالإشارة إلى ما تؤشر له زيارتي المرشحين للرئاسة الأميركية جون ماكين، وباراك اوباما، من اهتمام اميركي خاص بالأردن، مؤكدا كذلك على أن العلاقات بين الأردن والسعودية هي الآن في أفضل حال. وفي نهاية اللقاء، الذي تخلف عنه جميع وزراء الحكومة، وكذلك جميع ممثلي الكرك في مجلس النواب، طلب الحضور من رئيس الديوان الملكي نقل رسالة محبة إلى الملك عبد الله الثاني. هذا اللقاء كان سببا في إعادة فتح حملة اعلامية على رئيس الديوان الملكي، الذي يحظى بمواقف معارضة لسياساته، وخاصة ما يوصف منها بالإصلاحية، على طريقة "الإصلاحيين الجدد"، أو وزراء "الديجتال"، الذين يلقون معارضة كبيرة من مختلف مكونات المجتمع الأردني، ويتم الربط بينهم عادة، وبين المحافظين الجدد في اميركا، ويتم تحميلهم مسؤولية فشل الإقتصاد الأردني، وخاصة بسبب سياسات الخصخصة، وبيع مؤسسات القطاع العام، قبل أن ينتقلوا إلى بيع أملاك الدولة، من مؤسسات ومعالم حضارية وتراثية، وعقارات وأراض.. وذلك اضافة إلى الموقف المعادي لعوض الله على خلفية اقليمية. سبب الحملة التي تعرض لها عوض الله لا ينحصر فيما قاله، بل إن السبب الرئيس، كما يبدو من تفاصيل ما قيل بحقة يكمن في عقد اللقاء بحد ذاته، لأنه يظهر أن خصومه يمثلون قلة من أصحاب الأجندات المسبقة في المجتمع الأردني، فضلا عن أنه يحقق اختراقا من وجهة نظر خصومه من خلال بناء علاقات حميمة مع أهالي قلعة اردنية شماء، على حد وصف مقربين له. ولعل أهم ما استفز خصوم عوض الله، على الخلفية المشار إليها هو المديح الذي كيل له من قبل أحد رموز الكرك، على نحو مرفوض لتعارضه مع أجندات خصوم رئيس اليوان الملكي..! مديح المعايطة قال المعايطة في كلمته، التي حصلت "الوطن" على نصها، بعد نشر تصريح الكلالدة، مقالي حتر وخيطان، وذلك بعد أن اشار إلى شهامة أبناء الكرك الذين قدموا مئات الشهداء من أجل فلسطين، وإلى أن الكرك "لا تعرف اقليمية، أو طائفية، أو فئوية، أو جهوية،"، "أما انت يا صاحب المعالي، وضيفنا الذي تجلس الآن بين أهلك وعشيرتك ومحبيك، فأنت رجل فذ صاحب مدرسة فكرية معاصرة تؤمن أن اشراق الحياة ونضوجها يكمن في نظريات التغيير التي تخدم الوطن والعرش مما يثير حولك الجدل، ممن يرفضون التغيير والتطوير، بل يخافون منه، لأنه قد يؤثر على مسيرة حياتهم التقليدية، وقد اتخذت من عنصر الشباب واحدا من أسلحة التغيير، ومهما اشتد اوار معركة الحاسدين والمشككين، فلن يثنوا عزيمة كالفولاذ لا تلين، والنجاح له ثمنه الباهظ في المجتمعات التي ترفض التغيير وتخشاه، ولكن القافلة تسير، والإتكال على الله، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، سيما وأنت تعيش في كنف أسرة تؤمن بكل ما هو جديد، وتربطه بالماضي التليد، وحملت على عاتقها نقل هذا البلد محدود الموارد إلى مصاف الدول الغنية الحديثة..هذه الأسرة التي تغذت بها الكرك وزغردت لها عذارها، اخلاصا لا يتغير، وانتماء لا تزعزعه الأيام ولا الظروف". اتهامات الكلالدة الكلالدة اتهم عوض الله في التصريح المنشور على موقع حركة اليسار الاجتماعي الأردني"باستخدام جهاز الديوان (الملكي)، وصلاحياته، للترويج السياسي لنفسه. وقال "إن الخطأ الأساسي يتمثل في الإبقاء على شخص مثل عوض الله في منصبه، رغم كل علامات الإستفهام التي تحيط بثروته و بعلاقاته الخاصة مع الأميركيين و"الإسرائيليين" وجماعة الوطن البديل في السلطة الفلسطينية". وتابع كلالده "إن عوض الله المكروه من قبل الشعب الأردني، يحاول شراء ذمم الإنتهازيين على حساب موارد الدولة، وتسويق نفسه بقوة الإدارة، مستغلا منصبه لتحقيق غايات سياسية مشبوهة، بعدما استغله لتحقيق ثروة طائلة".."من المعروف أن عوض الله، لم يعمل، منذ هبوطه بالمظلة على الدولة الأردنية مطلع التسعينيات، إلا موظفا حكوميا، مما يجعل التساؤل عن تمكنه من تشييد قصر بملايين الدنانير، موضع تساؤل. بالإضافة إلى ما هو معروف من قيامه بأعمال تجارية طوال وجوده في الإدارة". وأضاف الكلالده "إن خادم جلالة الملك ليس ملكا، ولا يحق له، دستوريا، القيام بحملة سياسية للترويج لنفسه وخطه. ويا للعار أن يكون هناك بين الأردنيين (في إشارة للمعايطة) مَن يقبل الحصول على مكسب شخصي أو فئوي، لقاء الترويج لشخص يسعى إلى تنفيذ مشروع الوطن البديل، كما هو واضح في وثيقة عوض الله صائب عريقات، سيئة الصيت". وختم مطالبا "بإقالة عوض الله فورا من منصبه، واجباره على الكشف عن ثروته ومصادرها وعلاقاته الأجنبية، ومعلوماته ومدى تورطه في مؤامرة الوطن البديل". ورغم خلافنا متعدد الوجوه مع السياسات الحكومية، فلا بد للمراقب ان يقر بالطابع المهني للقاءات رئيس الوزراء نادر الذهبي مع النواب والشخصيات وممثلي المناطق والجمهور. فهو - والحق يقال - لا يروّج لنفسه كزعيم سياسي، بل يبحث، في لقاءاته، الشؤون التي تهم المواطنين، من موقعه كرئيس للادارة. ولا يستخدم صلاحياته في تنفيذ المطالب الشعبية او مشاركة حتر ناهض حتر أدلى بدلوه في هذه المناسبة، التي لم يسبق أن فوّت مثيلات لها، فقال في مقال له في "العرب اليوم".."اللقاءات السياسية مع الشخصيات أو الجمهور، يعقدها، في النظام السياسي الأردني، جلالة الملك، حصرا، بوصفه رأس الدولة. وهو حق لا ينصرف لأي كان من رجال الإدارة". وأضاف "ورغم خلافنا متعدد الوجوه مع السياسات الحكومية، فلا بد للمراقب أن يقر بالطابع المهني للقاءات رئيس الوزراء نادر الذهبي مع النواب والشخصيات وممثلي المناطق والجمهور. فهو والحق يقال لا يروّج لنفسه كزعيم سياسي، بل يبحث، في لقاءاته، الشؤون التي تهم المواطنين، من موقعه كرئيس للإدارة. ولا يستخدم صلاحياته في تنفيذ المطالب الشعبية أو الأهلية او الشخصية، لتأكيد زعامته. وهو يخطئ احيانا، ويصيب احيانا أخرى، لكنه لا يتجاوز حدوده الدستورية والأخلاقية". وتابع مشيرا إلى عوض الله "واذا كان المسؤول في موقع اداري، بغض النظر عن مستواه، راغبا في العمل السياسي والتحوّل إلى زعيم سياسي، فإن الدستور والقانون والأخلاق، تفرض كلها عليه الإستقالة من منصبه، والتفرغ للعمل الحزبي. وعندها يكون من حقه أن يعقد لقاءات سياسية جماهيرية في سياق تأسيس حزب، أو الترشح للبرلمان، أما استخدام صلاحيات المنصب وجهاز الدولة وقدراتها في خدمة زعامة سياسية وخط سياسي، فهو يمثل انتهاكا صريحا للدستور، واساءة مباشرة واضحة لاستخدام السلطة بغرض تحقيق مكاسب سياسية". واعتبر حتر "الخلط بين الإدارة والسياسة، هو ضربة جديدة للدولة الأردنية التي عانت وما تزال تعاني من الخلط بين الإدارة والبزنس". وختم قائلا "وفي النهاية، فإن اجتماع صلاحيات الإدارة وجبروت المال والترويج السياسي معاً، سيؤدي، بل ربما أدى فعلا، الى خلق مراكز قوى تفتت الإدارة، وتسيس المال وتموّّل السياسة وتقضي على العدالة الإجتماعية والمساواة". مقال خيطان أما فهد خيطان، الذي يعرف عنه حسن علاقاته مع رئيس الديوان الملكي، فكانت كلماته الأقل حدة، وهو اعتبر أن ما جرى "لم يكن مجرد عزومة، بل لقاء سياسي بامتياز، حرص الطرفان على اعطائه هذا الطابع وكان اللقاء كما هو واضح مفتوحاً لوسائل الإعلام، وفي ذلك رسالة ذات مغزى". وتحدث المقال عن "اشارات سياسية عديدة" قال إنها وردت فيما نشرته صحيفة "الأنباط" على لسان "رئيس الهيئة الإدارية لديوان أبناء الكرك"، وهو لم يتجاوز الكلمات التي اوردناها في مقدمة هذا التقرير، وأضاف "من حق رئيس الهيئة أن يصرف ما يشاء من عبارات الثناء للدكتور عوض الله..أنت رجل فذ صاحب مدرسة فكرية معاصرة"..أو أن يضع مقر الديوان تحت تصرفه ليشرّفه "متى سمح وقتكم"، وهو ما يبدو أنه مقتبس، ليس من تقرير الصحيفة، الذي يخلو من أي كلمة مما ورد.. ثم ينتقل الكاتب إلى الإعتراض على ما قال إنه "إتهام من يختلفون مع مدرسة عوض الله بأنهم حاسدون ومشككون"، وذلك في إشارة إلى المعايطة، مضيفا على لسانه قوله "وإننا مجتمعات ترفض التغيير وتخشاه، وما على الدكتور (عوض الله) سوى مواصلة السير في طريق النجاح لأن "القافلة تسير.."، معتبرا هذا القول يمثل عبارة "جارحة ومهينة لكل من يختلف مع مدرسة الرجل الفذ"، مضيفا "فهذا كلام مؤسف يستحق وقفة وتوضيحاً من طرف الهيئة الإدارية لديوان ابناء الكرك التي اقحمت نفسها بقضايا سياسية هي في غنى عنها". وخلص الكاتب إلى اعتبار أنه "من غير اللائق للكرك وابنائها طلب المساعدة بهذا الشكل من الدكتور عوض الله"، مضيفا أنه "في اوساط النخب الكركية، خلقت المناسبة اجواء من التوتر والإنقسام بحكم الموقف العام والشعبي من شخصية الضيف، وبسبب اضفاء طابع سياسي على العزومة". واتهم الكاتب رئيس الديوان الملكي باستغلال المناسبة "لإلقاء خطاب سياسي يعدد فيه الإنجازات، في خطوة تنطوي على خلط بين مهماته ومهمات السلطة التنفيذية ودور رئيس الوزراء". قائلا "إن عقد اللقاءات مع العشائر وممثليها وابناء المحافظات كان على الدوام امراً محصوراً بجلالة الملك أو رئيس الوزراء والوزراء بتكليف من جلالته، بحكم موقعه التنفيذي الذي يسمح له بمناقشة هموم وقضايا الناس وتلبية مطالبهم"، قافزا عن حقيقة حصر مهمات رئيس الديوان الملكي السابق سالم الترك في هذه المهمة، دون غيرها. وألمح الكاتب إلى أن عوض الله في حديثه بديوان أهالي الكرك، إنما خالف ما سبق أن أكد عليه الملك في مقابلته الأخيرة مع وكالة الأنباء الأردنية حول مسألة أن الولاية العامة هي للحكومة دون غيرها..لافتا إلى أن المراقبين يلحظون "حرص جلالته على تكريس هذه القاعدة الدستورية في كل نشاط ميداني أو جولة ملكية، حيث يرافق رئيس الوزراء الملك، ويتحدث بإسمه ويرد على ملاحظات المواطنين ومطالبهم"..معتبرا "ما جرى في ديوان ابناء الكرك يمثل تجاوزاً للعرف الدستوري في اطار عملية منظمة يجرى تنفيذها لإعادة تلميع الصورة واستغلال مناسبات اجتماعية مرتبة لهذه الغاية".