تحدث دبلوماسي جزائري سابق، يعيش في لندن، عن أنّ ما وصفه بالصراع بين جناحي الحكم في الجزائر ممثلاً في الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ورئيس وزرائه أحمد أويحيى قد بلغ ذروته، وأنه بفعل هذا الصراع واختلال موازين القوى لصالح فريق أويحيى لم يستطع الرئيس بوتفليقة إعلان موعد للتعديل الدستوري المرتقب ولا ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية في العام المقبل، كما قال. وأوضح الدبلوماسي الجزائري السابق والسياسي المعارض محمد العربي زيتوت، في تصريحات، أنّ الصراع بين الفريقين بدأ يأخذ أبعاداً خارجية، حيث أنّ أحمد أويحيى يمثل في تقديره "وجهاً فرنسيا في الجزائر"، مما اضطر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الاستنصار بأمريكا، حيث أنه بعد أن رفض فتح قاعدة عسكرية لها في الجزائر "الأفريكوم"، فإنه "يسعى الآن لإعادة فتح السفارة الجزائرية في العراق، وهو موقف يأتي في سياق الاستجابة لطلب أمريكي لإنجاح التجربة السياسية العراقية التي ترعاها الولاياتالمتحدةالأمريكية"، كما قال. وكانت صحيفة "الخبر" الجزائرية ذكرت في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، أنّ تقارير إخبارية عراقية تحدثت عن أنّ ست دول عربية ستعيد فتح سفاراتها في بغداد خلال الشهرين المقبلين، من بينها الجزائر، وأنّ الحكومة العراقية تعهدت للعواصم العربية الستّ بأنها ستتكفل بتأمين الحماية الكافية للسفارات والعاملين فيها. وحسب المصادر ذاتها؛ فإنّ الجزائر ستعيد فتح سفارتها في شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، على الأرجح، بعدما كانت قد أغلقت سفارتها في العاصمة العراقية قبل ثلاث سنوات إثر مقتل اثنين من دبلوماسييها المعتمدين هناك على يد "تنظيم 'القاعدة في بلاد الرافدين''، الذي كان يتزعمه آنذاك الأردني أبومصعب الزرقاوي، بعد أسبوع على اختطافهما من حي المنصور في وسط بغداد. ورأى زيتوت أنّ الأمر في الجزائر يتعلق "بصراع نفوذ متصاعد بين تيارين؛ أحدهما فرنكفوني والآخر أمريكي". وقال السياسي المعارض إنّ "النظام الجزائري منقسم إلى تيارين: تيار تقليدي موالٍ لفرنسا ومنه أويحيى والجنرالات الذين قادوا الانقلب في تسعينيات القرن الماضي، وتيار موالٍ لأمريكا ومنه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة". وأضاف زيتوت أنّ "الصراع بينهما (التياران) محتدم كلّ في اتجاهه، لأنّ الدولة ضعيفة وليس لها وجود قوي، وبالتالي قوة كل فريق تأتي من الخارج، وواضح من خلال الشركات الأمريكية والتواجد العسكري الأمركي في جنوبالجزائر والاستخبارات الأمريكية وغيرها، وذلك في مقابل النفوذ الفرنسي التقليدي الممثل في الجنرالات والمدرسة الوطنية، وهو التيار الذي دفع باتجاه الاتحاد من أجل المتوسط"، حسب تقديره. وأكد زيتوت أنّ الصراع بين التيارين المشار إليهما "متصاعد وأنه سيأخذ وجوها متعددة"، وقال "لا أعتقد أنّ الصراع سينتهي في القريب، فالرئيس بوتفليقة وتياره لن يستسلم، كما أنّ تيار أويحيى والجنرالات الذي يبدو قوياً لن يوقف تمدده في مختلف مراكز النفوذ". وخلص الدبلوماسي السابق إلى القول "في ظل هذا التنافس لا أعتقد أنّ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سيرشح نفسه للرئاسة ولن يتم التمديد له، وأنّ البديل هو أويحيى أو من يرشحه الفريق الموالي له، وهذا هو ما يفسر الاقدام على تمرير قرارين قبل خمسة أيام أحدهما يتعلق بفرض ضرائب إضافية على السيارات والآخر يتصل بتحرير استيراد الخمور"، على حد تعبيره.