باريس - طرد صحافي فرنسي من منصبه بعد ثلاثة أسابيع فقط من إجرائه مقابلة مع الأسد، وبثها في التاسع من تموز الماضي، في القناة الخامسة وإذاعة فرنسا الدولية. وكشف مراسل صحيفة "السفير" اللبنانية في عددها الصادر اليوم الخميس ان الصحافي ريشار لابيفيير أحد الاصوات الفرنسية الاخيرة المؤيدة للقضايا العربية في الإعلام الفرنسي الرسمي، طرد من منصبه بتواطؤ من اللوبي الإعلامي المؤيد لإسرائيل. وكشف لابيفيير ل"السفير" ان الذريعتين التي يستند إليهما قرار طرده: "انني لم أحترم قواعد اللعبة، ولم أعلم رؤسائي في الطوابق العليا، بالموافقة السورية على إجراء المقابلة مع الرئيس الأسد، لحظة حصولها، ولم أنسق العمل بين القناة والإذاعة كي تبث في موعد واحد، ما أحدث فجوة زمنية في توزيعها، عندما سبقت القناة الإذاعة بيوم واحد". ويضيف: "لم يسبق لي أن أعلمت الطوابق الإدارية الأسمى، بمبادرتي إلى أي مقابلة، قبل مقابلة الأسد، تمسكاً ببديهة السرية المهنية التي لا تناقش، ولم أطلب أي ضوء أخضر، ولم ألق ما لقيت من عقاب اليوم، كان يجدر بأي حال، ألا يتجاوز حد التأنيب، او رسالة لائمة، لكن استعمال مدفعية الطرد الثقيلة، ومن دون أي مساءلة مسبقة، يجعلني موقناً أنه طرد سياسي، لقد ارتكبت رأياً مخالفاً". وكتب لابيفيير عشرات المقالات المؤيدة للفلسطينيين، وكتاباً، العام الماضي، مشتركاً مع الصحافي بيار بيان "بيت لحم في فلسطين"، وجد بعده رسالة على مكتبه في الإذاعة معنونة "سنسلخ جلدك". ويعيد ريشار لابيفيير بطرده، طرح سؤال متواتر: هل يمكن انتقاد إسرائيل في وسائل الإعلام الفرنسية؟ ودفع آلان مينارغ، وهو رئيس تحرير سابق لإذاعة فرنسا الدولية، منصبه لأنه حاول الإجابة على هذا السؤال عام 2004. وتم عزل باسكال بونيفاس، الباحث الفرنسي المعروف وتعرض لأعنف الحملات الإعلامية، عندما جعل السؤال عنوانا لمقال في صحيفة "لوموند" قبل أربعة أعوام. وساجل لابيفيير ناطح "الفيلسوف" اليهودي برنار هنري ليفي، في مقالات ترد على مقالاته "قواعد اللعبة" التي تجرم انتقاد إسرائيل، في فرنسا. وقال: "ويصادف أن المجموعة الصحافية نفسها في اذاعة فرنسا الدولية: بيار كمبف، مسؤول البث الفرنسي، وفرانك فاي رابو، ونيكولا فاسبوتشي، التي ساهمت بالتحريض ضد مينارغ، لطرده، هي المجموعة نفسها التي احترفت الهجوم عليّ في دهاليز الإذاعة". وكتب آلان دو بوزياك، مدير الإعلام الفرنسي الرسمي الخارجي، ومساعدته كريستين أوكرانت كوشنير (زوجة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير المعادي للتقارب مع سوريا) رسالة طرد لابيفيير من أحد أهم المنابر الإعلامية الناطقة الفرنسية في العالم، وهي رسالة كان يمكن للسفير الإسرائيلي في باريس أن يمليها، وقد نجح سلفه نسيم زفيلي عام 2005 "بإقناع الآن شفارتز، سلف دو بوزياك، بإلغاء تعليقي على الأحداث الدولية، بعدما كان قد عزلني من منصبي كرئيس للقسم الدولي في الإذاعة". لم يجد لابيفيير فرصة للدفاع عن نفسه، حتى أن رسالة الطرد سبقته إلى جلسة التسوية الشكلية أمام لجنة المنازعات الصحافية. أوكرانت كوشنير لم تترك له فرصة للدفاع عن نفسه، عندما انتدبت مساعدتها جينفاف غتسنغر في المواجهة القانونية معه لتبرير طرده، "وهي معروفة عند الكثيرين، أنها تأخذ على الصحافيين من أصل عربي، عدم الإشارة إلى القدس في نشراتهم كعاصمة لإسرائيل".