نشرت مجلة روزاليوسف قبل أيام صورة لحسن البنا (1906-1946) المرشد الأول للإخوان المسلمين برفقة حفيدته المراهقة التي لم تكن تضع غطاء للرأس، لكن أحدا من الجماعة لم يكلف نفسه بالرد على إشارة المجلة لكون الإخوان يزدادون تشددا عما كان عليه جيلهم الأول، فما يشغل نساء الحركة الأكبر انتشارا في مصر حالياً أكثر من قضايا الحجاب، إنهن يسعين للصعود نحو سلم السلطة داخل الحركة نفسها. نساء قياديات فقد نشرت مواقع إليكترونية مؤخراً رسالة من مدرسة في كلية الطب بإحدى الجامعات موجهة للسيد مهدي عاكف المرشد الحالي للحركة تطالبه بدور أكبر للمرأة وصولاً لحقها في عضوية مكتب الإرشاد(أعلى المستويات التنظيمية بالجماعة) وأحقيتهن في الترقي والانضمام للجان السياسية والإعلامية، والمشاركة في الانتخابات الداخلية، واختيار مسؤولي الجماعة بمن فيهم المرشد العام نفسه!والذي طلب لتوه بلقاء صاحبة الرسالة. وتضمنت الرسالة تساؤلا عن النساء الممثلات في الهيئة البرلمانية كون الترشيحات التي قدمتها الجماعة لم تتجاوز العشرين سيدة مقارنة بما حدث عندما أسس الإمام البنا الجماعة أنشأ وقتها قسما خاصا بالنساء، وتولى مسؤوليته في البداية محمود الجوهري، وبعد ذلك كانت مسؤولية قيادته من النساء وتسأل الطبيبة "أين هذا القسم اليوم؟ إنه يكاد يكون منعدما". ولم تمر رسالة الدكتورة رشا احمد – التي علق البعض بأنه اسم مستعار- دون إثارة الجدل، خاصة من الكتاب الذين ينتصرون للمفاهيم العلمانية وفي منتديات قبطية ترى أن الخطر الأكبر على استقرار مصر وتعايش مواطنيها هو في صعود اليمين الديني مجتمعيا، واستشهد بعض الكتاب بهذه الرسالة باعتبارها صورة مما ستواجهه المرأة في مصر من تحجيم سياسي واجتماعي إذا ما واصل الإسلاميون صعودهم للسلطة. لكن وفاء مصطفى مشهور إحدى قيادات العمل النسوي بالجماعة وابنة المرشد الخامس للإخوان المسلمين، تصدت للرد على الرسالة بالإشادة أولا بالطريقة الهادئة التي انتهجتها صاحبتها، معددة جوانب عدة يمكن للمرأة أن تساهم فيها غالبها تربوي ومنادية بدور أكبر للمرأة في دعم الجماعة، لكنها لم تتبنى الرؤية التي تفترض مساواة المرأة والرجل في صفوف الجماعة نفسها سياسياً. كيف تستخدمين الغسالة وتبرز أسماء داخل الإخوان المسلمين لسيدات مثل الدكتورة هبة رءوف وهي أكاديمية وذات حضور في فعاليات اجتماعية وسياسية مطالبة بحرية الرأي، وبدأت قبل عامين في نشر صفحة خاصة موجهة للأسرة في جريدة الدستور الأسبوعية لكن نصائحها ظلت موجهة بالأساس الطبقة المتوسطة مثل "كيفية ترشيد استخدام الغسالة الفول أوتوماتيك أو كيفية التعامل مع الأطفال في سن المراهقة كأصدقاء"
ولا يغفل رصد دور المرأة في حركة الإخوان ذكر السيدة زينب الغزالي(1917- 2005) والتي كانت من أشد معارضي الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر الذي تعرض الإخوان في عهده لضربات أمنية موجعة. وللدكتور محمد حبيب وهو نائب الأول للمرشد العام للإخوان مقولة شهيرة هي "بأمثال زينب الغزالي تحيا الأمم، إن الأمة بحاجة لمثلها لتصمد في مواجهة الطغيان". وتقيم مشاركة المرأة في العمل السياسي بمصر بأنها محدودة، وتكرر كثيرا أن يشير الإخوان في أدبياتهم صراحة لعدم جواز تولي المرأة منصب رئاسة الجمهورية مثلما جاء في برنامجهم الذي عرض بكثافة إعلاميا في الصيف الماضي. وعارضت أسماء محسوبة على تيار الإخوان تولي المرأة لمنصب القاضي أيضا لأسباب فقهية بعد أن تم فتح المجال في أبريل2007 أمام النساء لشغل هذه الوظيفة. المركزية الصارمة ولم يعلن الأخوان صراحة مساندتهم لأي من المرشحات ال14 لعضوية مجلس نقابة الصحافيين المصرية قبل شهرين رغم أن تكهنات لم تصمد كثيرا بأنهم يساندون اثنتين ينتميان للتيار الناصري واليساري. وبعد عام تقريبا من تململ قطاع من شباب الجماعة على مركزيتها الصارمة، ناشرين آراءهم في صحف ومنتديات ومواقع اليكترونية، ها هي المرأة أيضا تحاول زعزعة هذه المركزية مطالبة بنصيب لها في إدارة الدفة.. حتى لو تم ذلك عبر إرسال الخطابات ونشر الاقتراحات. والتقت إذاعة هولندا الدولية مع إحدى عضوات الجماعة، الأستاذة "حنان عطية " والتي كتبت بدورها مقالات تطالب بدور أكبر للمرأة في عمل الجماعة، وهي جامعية في العشرينات وتعبر عن أفكارها كتابة في مواقع صحافية كما تعمل بإحدى وكالات الأنباء. الحقوق الواقعية وتقول عطية بأن هدفها مما كتبت لم يكن ضغطا من أجل نيل حقوق ليست موجودة وإنما مطالبة بتفعيل حقوق موجودة ومعترف بها في أدبيات الجماعة منذ نشأتها ولكن قد تصطدم هذه الأدبيات ببعض القناعات الشخصية الناشئة من تداخلات مجتمعية وليست من ثوابت الجماعة، نضيف إلى ذلك أن غالب المعوقات غالبا ما تكون زوجية أو عائلية وغالبا ما يكون هاجس الخوف من تنكيل السلطة بالنساء أو بأزواجهن هو منبع ذلك. وحول إذا ما كان هناك فترة زمنية تعتبر فيها أن المرأة كان لها دور أكبر في عمل الإخوان مما هي عليه الآن، نسبت عطية للنظام الحالي السبب في تراجع مكانة المرأة بالعمل السياسي بالبلاد ككل قائلة أن الممانعة الحقيقية هي "من النظام المستبد الذي يدخل بقده وقديده لإسقاط أي امرأة ترشحها الجماعة سواء كان في انتخابات تشريعية أو غيره، والدليل على ذلك الضغوط الأمنية والاعتقال الذي طال زوج السيدة جيهان الحلفاوى عندما تم ترشيحها كأول امرأة من الإخوان تخوض الانتخابات التشريعية في مصر وكانت النتيجة عزوفها عن الدخول في انتخابات 2005 حتى لايتعرض زوجها والعاملون في حملتها الانتخابية للاعتقال والتنكيل كما حدث عام 2000" أزمة رموز ومنتقلة للعصر الراهن تقول عطية أن هناك أزمة عامة لها أسبابها الأمنية والسياسية والمجتمعية لكون المجتمع نفسه "مصابا بأنيميا حادة في صناعة الرموز على كافة الصعد بسبب الاستبداد الجاثم على الجميع، ونحن نحاول فقط إلقاء الضوء على المشكلة حتى يتسنى للقيادة الوقوف عليها" مضيفة أنه كانت هناك مطالبات جادة من القيادة للقواعد حول أطروحات تفعيل دور المرأة في العمل العام، وفى انتخابات مجلس الشعب الماضية حيث كانت قيادة الجماعة تستهدف الدخول بعدد كبير من النساء لكن الرفض المجتمعي كان سببا في عدم تحقيق ذلك، وكانت أسباب الرفض منها ما هو مجتمعي شخصي ومنها ما هو أمنى رغم ما نلمسه جميعا من حرص القيادة على تمكين المرأة من العمل المباشر والتعبير عن نفسها بنفسها وليس من خلال وسطاء. وفي تعقيبها على مقولة أنه لا لتولي المرأة منصب رئيس البلاد والتي وردت غير مرة في تصريحات كبار قيادات الحركة قالت عطية أن هموما حقيقية للمرأة بحاجة إلى أن نوليها عنايتنا أكثر من موضوع رئاسة الجمهورية التي لا يجوز وفق منهج النظم السياسية المستبدة التي تحكمنا أن يحلم به أحد " لا رجل ولا امرأة " لذلك دعونا نتكلم في الممكن!