الدار البيضاء- "عبادين الحريرة".. مصطلح عامي مغربي شاع في رمضان للسخرية من المغاربة الذين لا يقدمون على الطاعة والالتزام إلا في ذلك الشهر الكريم، وهو ما قوبل بانتقادات من دعاة مغاربة شددوا على أن ذلك المصطلح يثبط عزائم التائبين. وإذا كانت ظاهرة التدين أو "الالتزام المؤقت" في رمضان لا تقتصر على المغرب فقط، وتنتشر في بلدان إسلامية عديدة، فإن قسما من المغاربة أطلقوا على "ملتزمي رمضان فقط" لقب "عبادين الحريرة" الذي يعني "عبدة الحساء المغربي" الذي يكثر طهيه في شهر رمضان؛ وذلك على سبيل السخرية والاستياء مما اعتبروه "نفاق" هؤلاء. في المقابل، شدد دعاة وعلماء مغاربة على أن "هذه المقولة السلبية" تتعارض مع الثقافة الإسلامية الصحيحة التي تحتضن الشباب الراجع إلى ربه، وتشجعه وتأخذ بيده. ودعوا في تصريحات خاصة لشبكة "إسلام أون لاين.نت"، إلى احتضان هؤلاء الشباب، والعناية بهم كي يحافظوا على صلتهم بالله تعالى بعد رمضان وبشكل دائم ومنتظم، مشددين على أن ذلك من صميم أدوار الدعاة والعلماء. الدكتور عز الدين توفيق إمام مسجد عقبة بن نافع بمدينة الدارالبيضاء، وأستاذ الدراسات الإسلامية بالجامعة قال: "لا ينبغي الطعن في هذه الفئة التي تحرص على الذهاب إلى المساجد والصلاة في رمضان، ثم تعود إلى سيرتها الأولى بعد انتهاء الشهر الكريم، فهؤلاء بلغ بهم إيمانهم هذه الدرجة فقط". وأضاف: "لو وجد هؤلاء من يأخذ بأيديهم إلى مرتبة إيمانية أفضل لانتقلوا إليها.. وبدلا من أن تلعن الظلام الدامس أيقظ شمعة مضيئة". وفي السياق ذاته، شدد الدكتور توفيق على أنه "ينبغي أن نكون إيجابيين، وأن نمسك بيد الشباب من النقطة التي وصلوا إليها، وندفعهم نحو الأحسن والأفضل". وأردف قائلا: "ينبغي أن نأخذ بأيديهم حتى يذوقوا حلاوة التوبة النصوح ويثبتون عليها.. رمضان أصلا لم يكن إلا لهذا؛ فهو موسم للتوبة والرجوع إلى الله". نفحات الله ومتفقا معه، استنكر السيد "عبد الله عقبة" الواعظ في مساجد الدارالبيضاء الأقوال والنعوت السلبية التي ترفع في وجه التائبين خلال شهر رمضان، داعيا إلى "الإشادة بهؤلاء المقبلين على ربهم في رمضان، وتشجيعهم، والأخذ بيدهم حتى تترسخ أقدامهم على طريق الخير". أما الداعية "زكرياء الرقيبي" إمام مسجد قباء بمدينة الدارالبيضاء، وخريج دار الحديث الحسنية -وهي مؤسسة رسمية لإعداد الفقهاء والعلماء- فقال: "الأصل في نظرة الإنسان المسلم لرمضان ورجوع الشباب إلى المساجد ودين الله والقرآن أن ذلك من أحوال الخير في هذه الأمة وتخصيصها بنفحات الله، فالله سبحانه وتعالى يمنحنا نفحات من عنده لنرجع إليه". وأضاف: "الأصل في الرسالة النبوية أنها تعدل الطبائع البشرية المنحرفة، فتأتي هذه المواسم لتزكية النفس وتعديل هذه الطباع، ورمضان أهم هذه المواسم". حتى لا ينتكسوا أما عن أسباب تراجع العديد من المسلمين عن طاعة الله بعد رمضان فقال الدكتور توفيق: "هذا النكوص يرجع لأسباب ذاتية يتحمل فيها الفرد مسئوليته، وأخرى موضوعية يتحمل مسئوليتها المجتمع". وحتى لا ينتكس هؤلاء الشباب أوضح "توفيق" أنه على "المساجد والإعلام والمجامع والمحافل أن ترشدهم إلى أن رب رمضان حي دائم، فرمضان ينبغي أن يتزود فيه المسلم للسنة كلها وليس لشهر واحد". وعلى الصعيد ذاته، رأى الرقيبي أن الأساس هو "أن هؤلاء الشباب دخلوا بنسب متفاوتة في مدرسة رمضان بأقسامها المتنوعة من قرآن، وصبر، وإحسان، وبعد عن الخصومات.. المطلوب هو تعهد هؤلاء الشباب أثناء رمضان وبعده ليثبتوا على طريق الله". وأردف قائلا: "هذا هو الدور المنوط بالدعاة والعلماء وذوي المروءات". عبد الرحمن خيزران