تراجع القروض المسلّمة من طرف البنوك التّجارية الى الأشخاص الطبيعيين    ارتفاع صادرات القوارص ب 46 بالمائة خلال موسم 2024 - 2025    أمين عام "حزب الله".. ننصح ترامب أنه أمام فرصة التحرر من إسرائيل والدفع بالاستثمار الأمريكي بالمنطقة    وزارة الصحة.. الناموس يمكن ان ينقل امراضا فيروسية وهكذا نحمي انفسنا مه    منوبة: انتفاع أكثر من 300 شخص بخدمات قافلتين طبيتين بالزاهرة والفجة    غرق سفينة تنقل مواد خطرة قبالة سواحل الهند    قرعة كأس العرب فيفا 2025: المنتخب التونسي في المجموعة الأولى إلى جانب نظيره القطري    قنصلية تونس بطرابلس تدعو أفراد الجالية بليبيا إلى تسوية وضعياتهم تجاه قانون الخدمة الوطنية    دراسة: تونس تتمتع ببنية تحتية رقمية في توسع مستمر في ظل وجود إمكانات كبيرة للاستفادة من التقنيات الحديثة لخدمة المصلحة العامة    وزير الشباب والرياضة يشرف على اختتام النهائيات الوطنية لألعاب القوى على المضمار لحاملي الإعاقة للموسم الرياضي 2024-2025    كأس تونس.. الترجي يقصي بنقردان ويمر الى النهائي    طقس الليلة    أخر أجل لقبول الترشحات للبرنامج التدريبي في تقنيات إعداد البودكاست الأدبي 3 جوان 2025    قفصة: "قمزة" تطاهرة ثقافية تهدف إلى إحياء تراث رياضة القفز الشعبي بالاحواض الرومانية وادي الباي    أشرف الكعلي وبرنامج "فكرة سامي": ترويج الغباء ونظرية المؤامرة    توزر.. يوم إعلامي حول الانتخابات التشريعية الجزئية بدائرة دقاش حامة الجريد تمغزة    التونسي معين الشعباني يقود نهضىة بركان المغربي الى التتويج بكأس الكونفدرالية الافريقية لكرة القدم    بعد 10 سنوات من إغلاقها.. تونس تعيد فتح قنصليتها في بنغازي    لأول مرة: الباكالوريا تبدأ يوم الإثنين عوضًا عن الأربعاء!    وزارة الصحة تحذّر: ''الناموس'' خطر صحي وليس مجرد إزعاج    ''ست الحبايب'': هكذا ولدت الأسطورة اللي يسمعها كل تونسي في عيد الأم!    بلدية جرجيس: سوق وحيدة لبيع الأضاحي وقرارات صارمة ضد الانتصاب الفوضوي    تعرف على هذه العلامات التحذيرية المبكرة للخرف    إذاعة صفاقس عبد الوهاب الجربي ومُحمد قاسم يتحدثان عن آخر الإستعدادات لإمتحان الباكلوريا    وزير الداخلية يتابع نسق الحركة التجارية بمعبر ذهيبة وازن    سوسة: نقص في أضاحي العيد.. والفلاحون يطمئنون    خطوات بسيطة لمنزل أنيق ونظيف: كيف تتخلّصين من الفوضى وتحافظين على النظام؟    961 ألف حاج يصلون المملكة السعودية    تونس تحتفل بمرور 30 سنة على اعتماد سياسة النهوض بالاستثمار الخارجي: من الأقطاب التكنولوجية إلى ريادة صناعية قارية    انطلاق سفرة "قطار الوعي" في مجال التنمية المستدامة من محطة برشلونة في إتجاه الجم    زراعات كبرى: بوادر صابة وفيرة واستعدادات حثيثة لتأمين موسم حصاد 2025 وإنجاحه    وزير الداخلية يشرف على إحياء الذكرى 67 لمعركة رمادة    ريال مدريد يعلن رسميًا تعيين تشابي ألونسو مدربًا جديدًا بعد رحيل أنشيلوتي    قد تبدو بسيطة.. أخطاء عند غسل الأواني قد تسبب أضرارًا صحية كبيرة    لماذا يحتفل اليوم بعيد الأمهات في تونس؟    مايا تواصل دعم قضايا المرأة بأغنية اجتماعية تنال تفاعلًا واسعًا    بطولة هامبورغ للتنس: الإيطالي فلافيو كوبولي يتوج باللقب على حساب الروسي روبليف    لحظات من الرعب.. راكب مجنون يحاول قتل ركاب طائرة يابانية متجهة إلى أمريكا!    الستاغ تُشغّل خطًا كهربائيًا جديدًا بهذه المنطقة لتعزيز الربط مع المحطة الفولطاضوئية    جندوبة: حجز كمية كبيرة من سماعات الغشّ في عملية أمنية    يوم مفتوح لفحص مرض الكحلي يوم السبت المقبل بمعهد الهادي الرايس لامراض العيون بباب سعدون    جوائز مهرجان كان السينمائي 2025.. تألق عالمي وبصمة عربية    "كتائب القسام" تعلن عن تنفيذ عملية مركبة استهدفت قوات إسرائيلية في غزة    قبلي: المدرسة الابتدائية بجمنة تتحصل على جائزتين من منظمة الصحة العالمية ومنظمة الامم المتحدة للطفولة    باريس سان جيرمان يتوج بكأس فرنسا استعدادا لنهائي رابطة الأبطال    جماهير ميلان تحتج ضد الملاك والإدارة بعد موسم مخيب للآمال    أمطار متفرقة بالمناطق الساحلية الشمالية صباح الاحد وارتفاع طفيف للحرارة    سرقة حمولة 23 شاحنة مساعدات إماراتية في غزة.. واتهامات لإسرائيل باختفائها    الفيلم الإيراني "مجرد حادث" يحصد السعفة الذهبية بمهرجان كان السينمائي    أولا وأخيرا: «يطول ليلها وتعلف»    جندوبة: الاحتفاظ بشخص وإحالة 3 آخرين بحالة تقديم من أجل تحوّز أجهزة الكترونية معدة للغش في الامتحانات    طقس الليلة    عاجل : النيابة العمومية تفتح تحقيقاً بعد وفاة شابة بطلق ناري في الكاف    عاجل/ تفكيك شبكة مختصة في ترويج سماعات الغش في الامتحانات..وهذه التفاصيل..    الفكر المستقيل    موعد بدء إجازة عيد الأضحى في السعودية    29 يوم فقط تفصلنا على بداية فصل الصيف    دعاء يوم الجمعة 23 ماي 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل هناك مجال للعودة للحرب الباردة؟؟؟
نشر في الفجر نيوز يوم 21 - 09 - 2008

في أعقاب ثورة أكتوبر/1917 الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي،تكالبت ضواري الرأسمال داخلياً وخارجياً على هذه الثورة ،بغرض وأدها والقضاء عليها،لكونها تشكل انقلاب جذري اقتصادي اجتماعي على النظام الرأسمالي القائم،كنظام اقتصادي- اجتماعي،وما يمثله من قيم وأفكار،بمعنى آخر تضاد كلي في الأهداف والمصالح والأفكار،وحيث فشلت القوى الرأسمالية في القضاء على ثورة أكتوبر الاشتراكية،والتي تمكنت من تحقيق نجاحات،ليس على مستوى الاتحاد السوفياتي فقط،بل على المستوى الكوني،وهذا ما جعل أن يكون هناك أسس لحرب باردة بين معسكرين،أي كان هناك محركاً وباعثاً ايدولوجياً لهذا الصراع. واليوم وبعد أن قامت روسيا بعملية دفاع ليس عن حديقتها الخلفية،بل عن غرف نومها الداخلية،وتصدت لتدخل أمريكي سافر في شأنها الداخلي،من خلال إقامة أمريكيا لقواعد وموانيء عسكرية لها في جورجيا،وتزويدها بأسلحة متطورة وحديثة،وبما يشكل تهديداً مباشراً لها،ويحكم الحصار حولها،واستهداف آخر هو ما تبقى من قدراتها العسكرية من صواريخ بعيدة المدى،ناهيك عن ما هو جوهري وهو السيطرة على منابع وطرق نقل البترول والغاز في شرق آسيا،واستهداف إيران من خلال تلك المنطقة.
والبعض قرأ في الخطوة الروسية في الهجوم على جورجيا،وما حققته من نصر فيها،على أنها بداية صحوة روسية،وطبعاً ليس على غرار نظام الصحوات في العراق،وعودة للحرب الباردة،وهناك من قال بأن ذلك يبشر بتغير جدي وأفول وحدانية القطبية على المستوى العالمي،وهناك من رأي في هذه الخطوة الروسية،على أنها وان كانت تمهد وتخلق إرهاصات لبداية ظهور عالم متعدد الأقطاب،إلا أنه ما زال مبكراً الحكم على مثل هذه التطورات والتغيرات،وان كان العالم يشهد ظهور عدة تكتلات اقتصادية كبرى في أوروبا واسيا وأمريكيا اللاتينية،بهدف حماية والدفاع عن مصالحها ووجودها والتأثير في صنع ورسم السياسات الكونية،وطبعاً العرب استثناء من هذه القاعدة،فهم ليس فقط لم يحافظوا على هويتهم القومية،بل فشلوا في الدفاع عن أنظمتهم القطرية والتي تزداد تفككاً وتحللا.
واستناداً لهذا التحليل،فإنه يمكننا القول أنه لا مجال بالعودة لحرب باردة بين أمريكيا وروسيا،فالصراع الدائر حالياً لا يجري بين نهجين مختلفين اقتصاديا واجتماعياً،بل صراع يدور بين قوى رأسمالية على المصالح ومناطق النفوذ،والاتحاد السوفياتي السابق التي تمكنت أمريكيا من اختراقه داخلياً من خلال قوى رأسمالية،لعبت دوراً بارزاً في تحطيم بنيته الاقتصادية الاشتراكية،وتشويه كامل التجربة الاشتراكية والنجاحات التي حققتها،مستفيدة من الأخطاء التي وقعت فيها القيادة الاشتراكية هناك،وهذا لم يقتصر على الاتحاد السوفياتي السابق،بل سبق ذلك ما قامت به أمريكيا من هذا الدور الشبيه في بولندا من خلال النقابات العمالية"ليخ فاليسا".
وحججنا بعدم قدرة روسيا خوض حرب باردة جديدة تنبع من أن الاقتصاد الروسي رغم أنه استفاد من الارتفاع الهائل في أسعار النفط وما شكلته من استفادة في زيادة معدلات النمو الاقتصادي الروسي،إلا أن هذا الاقتصاد لم يتعافى بعد،وهو عانى كثيراً من المشاكل والأزمات،وبالتالي لا يمكن حتى اللحظة الراهنة مقارنة بالاقتصاد الأمريكي،والتي بتنا نسشعر أنه يعاني أيضاً الكثير من الأزمات،وناهيك عن عدم قدرة روسيا وتخلفها عن مجاراة أمريكيا ودول أوروبا الغربية في الصناعات التكنولوجية المتطورة،فإن أي تركيز على ضخ قسم كبير من أموالها في قضايا سباق التسلح مع أمريكيا والغرب،سيخفض من معدلات نموها الاقتصادي،ويؤثر على أوضاعها الداخلية والاقتصادية بشكل كبير،وكذلك عقب انهيار الاتحاد السوفياتي ،فقد الكثير من حلفاءه وأصدقاءه ليس على المستوى الدولي،بل وعلى المستوى الإقليمي أيضاً ،ولعل ما يجري من تطور في العلاقات الروسية -السورية،والى حد ما الإيرانية،يجب أن لا ينظر إليه أبعد من حجمه،رغم الصخب الإعلامي الكبير والواسع الذي رافق ذلك،وفي الوقت الذي سوريا ترحب فيه بتطوير علاقاتها مع روسيا،فهي في المقابل،تبقي عينها على أمريكيا،حيث أن سوريا في المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل،تطالب برعاية أمريكية مباشرة لها كضامن للتنفيذ،والكثير من حلفاءها وأصدقاءها الدوليين،وقعوا في قبضة أو تحت سطوة أمريكيا،وأصبحوا جزءاً من منظومتها السياسية،وتحت سيطرتها الاقتصادية والعسكرية المباشرة،وصحيح أن أمريكيا مستنزفة في أكثر من جبهة في إطار ما تسميه حربها على "الإرهاب"،أفغانستان والعراق ولبنان وفلسطين وإيران،وهي لم تحقق نجاحات على هذا الصعيد،بل نشهد ثمة تآكل وتراجع في هيبة أمريكيا،ولكن ما قامت به روسيا من تدمير لقدرات جورجيا العسكرية،جاء لكون أمريكيا تجاوزت، كل الخطوط الحمر في التعدي على المصالح الروسية،حتى في عقر دارها،والعملية لم تستهدف إحداث حالة قطع وطلاق مع أمريكيا،بقدر ما تأتي هي في الإطار المستوعب،وخاصة من قبل حلفاء أمريكيا الأوروبيين الغربيين،والذين وان كانوا أدانا الخطوة الروسية لفظاً،ولكنهم وقفوا معها ضمناً،خوفاً من أن تصبح أمريكيا المتصرف الوحيد في مصادر الطاقة"بترول وغاز"،وهي من الشريان الهامة لهم،وبالتالي نفرض عليهم أمريكيا املاءاتها واشتراطاتها،وأمريكيا سكتت أو استوعبت العملية العسكرية الروسية،بسبب أنها بحاجة إلى سكوت روسيا ودعمها في أكثر من قضية إقليمية،تستطيع روسيا فيها"الخربشة" والمشاغبة على الدور الأمريكي،فهي بحاجة إلى الدعم والإجماع الدولي،وتحديداً قي القضية النووية الإيرانية،فروسيا دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن،ودورها هام جداً في أية إجراءات وعقوبات دولية بحق إيران،وكذلك الملفات الأخرى والمتورطة فيها أمريكيا سواء في العراق أو على صعيد الصراع العربي- الإسرائيلي وبالتحديد الملفات السورية واللبنانية والفلسطينية،ورغم ذلك وجدنا أمريكيا تقترب من غرف النوم الروسية،فهي تقوم ببناء قواعد عسكرية في بولندا،وتقيم تحالفات عسكرية مع الكثير من دول أوروبا الشرقية.
ومن هنا فإن تقديرنا للخطوة الروسية تجاه جورجيا،وان كانت تشكل إرهاصات لبروز عالم متعدد الأقطاب،بدأت ملامحه بالتشكل بعد الفشل الأمريكي في العراق،فإنه من السابق لأوانه التعويل والبناء عليها،والتطير والقول بأنها عودة للحرب الباردة أو أنها تشكل نقلة نوعية على الصعيد العالم في إطار تعدد القطبية وأفول نظام أحادية القطبية العالمي،وبانتظار ما تحمله التطورات القادمة من متغيرات دولية وإقليمية،يمكننا أن نحدد بشكل أقرب للدقة حجم وطبيعة هذه التطورات وما تحمله من متغيرات.
راسم عبيدات
القدس- فلسطين
21/9/2008
المصدر بريد الفجرنيوز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.