الرباط - خلافا لما تتطلبه الأجواء الرمضانية من إقبال على الطاعات وقراءة الكتب الدينية تواصل إدارات السجون بالمغرب خلال شهر الصوم حملة لمنع دخول الكتب الدينية التي يحملها الزوار لذويهم المعتقلين. وفيما استنكرت هيئات حقوقية تلك الحملة، معتبرة أنها تمس حقوق الإنسان وحريته الشخصية في التعبد والمعرفة، بررت المندوبية العامة للسجون قراراتها بأنها مجرد "إجراءات أمنية" و"تطبيق للبرنامج الإصلاحي" بالسجون. وأفادت عائلات المعتقلين أن "إدارة كل من سجن عكاشة والسجن المحلي بالدار البيضاء (عين السبع) والسجن المركزي بالقنيطرة منعت بعض السجناء من تسلم بعض الكتب والمجلات من ذويهم، خصوصا مجلة البيان السعودية ومجلة المشكاة المتخصصة في الأدب الإسلامي، إلى جانب بعض كتب الفقه، كما طال المنع أيضا نسخ معاني القرآن الكريم باللغة الإنجليزية". وبحسب يومية "التجديد" المغربية فإن "إدارة سجن عكاشة أخبرت بعض السجناء أن هناك إجراء جديد يرمي إلى عدم السماح بدخول الكتب الإسلامية دون أن يصادق عليها مندوب وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، باستثناء المصاحف". وأضافت: "إدارة السجن المركزي بالقنيطرة منعت عائلة أحد السجناء من أن تعطيه كتب السيرة النبوية، حيث طلب المدير مهلة بقصد الاطلاع على الكتب وتسليمها إلى صاحبها". مس بحقوق الإنسان واستنكرت هيئات حقوقية تلك الحملة بوصفها تمس حقوق الإنسان وحريته الشخصية في التعبد والمعرفة. النقيب عبد الرحيم الجامعي، نائب رئيس المرصد المغربي لحقوق الإنسان، أكد أن "الرقابة على الكتب من قبل إدارة السجون لا مرجعية قانونية لها". وأضاف معلقا: "نحن نميز بين أمن المؤسسات والأمن الإنساني، ونعتقد أن هذا الأخير يضمن لهم حقهم في الاطلاع على الكتب، وهذه السياسة الرقابية كانت منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث كانت تستهدف يومها المعتقلين الماركسيين والتقدميين، وهي مراقبة تجرى بطريقة تعسفية؛ لأنه لا يمكن حظر أي كتاب عن السجين ذلك لأن هذا المنع هو هدر للحق في القراءة". وطالب الجامعي "الإدارة بإصدار قائمة بعناوين الكتب الممنوعة عن السجناء، وتبيين المعايير التي استندت إليها في منع كتب متداولة في السوق من الوصول إلى السجين". ومتفقا معه، اعتبر عبد المالك زعزاع عضو منتدى الكرامة لحقوق الإنسان (منظمة حقوقية غير رسمية)، أن "قرار منع الكتب الدينية عن السجناء إجهاز على حق السجين في العلم والمعرفة، خاصة أن وقت السجن متوفر لذلك، وهو إسهام خطير في عدم الإدماج السليم للسجين". ولفت زعزاع في تصريح لموقع "إسلام أون لاين" إلى أن "شريحة كبيرة من المعتقلين الإسلاميين هم طلبة ويحتاجون إلى كتب تاريخية وقانونية ودينية أو فقهية للاستفادة منها، وحرمانهم منها هو مخالف لحقوق الإنسان كما صادق عليها المغرب وأثبتها الدستور". طبقا للضوابط وبحسب مصدر أمني -فضل عدم الكشف عن هويته- فإن المندوبية العامة للسجون بررت قرار مصادرة الكتب الدينية بأنه "يستهدف محاربة التطرف وإنتاج عقلية التشدد"، موضحة أن "الكتب التي يتداولها السجناء فيما بينهم هي كتب دينية غير مرخص لها داخل السجون وتتسرب إليهم عن طريق الزوار". غير أن إدارة السجون أوضحت أن أمر توصيل الكتب والصحف والمجلات داخل السجون "تحكمه ضوابط قانونية، وهي تخضع للمراقبة القانونية المنصوص عليها في القانون المنظم للسجون وفي المرسوم المطبق له". وفي محاولة لتطويق تداعيات الاحتجاج على إجراءات إدارات السجون مؤخرا أصدرت إدارة السجون بيانا الأسبوع الماضي يفيد بأن "ما تقوم به يدخل في إطار برنامجها الإصلاحي للسجون المغربية" وتسهيل إدماج السجناء، وليس بهدف التضييق على حقهم في العلم والمعرفة". وأوضح البيان أن القانون يمنع "ما يمس بالأخلاق ويدعو إلى التطرف أو التبشير ويساهم في عرقلة الإدماج". وتطالب الهيئات السياسية والحقوقية بالمغرب عدم تحوير مشكلة إصلاح السجون بقضايا جانبية، وذلك بعد أن سجلت تدنيا في الخدمات الصحية وتكدس السجناء. وتأتي تلك الإجراءات بعد أشهر من مصادقة ملك المغرب على تأسيس المندوبية السامية للسجون بعد أن كانت إدارة السجون تابعة لوزارة العدل، وعين على رأسها عبد الحفيظ بن هاشم المعروف بأنه من رجالات وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري. منع الحجاب قرار المسئولين عن السجون المغربية يأتي قبل أيام من البدء في تفعيل مذكرة تمنع موظفات السجون بالمغرب من ارتداء الحجاب. وحثت المذكرة الأمنية الصادرة في 11 أغسطس الماضي "الموظفين والموظفات على ارتداء الزي الرسمي والاعتناء به وعدم مزج مكوناته بأي لباس يتنافى والضوابط المعمول بها من قبل، سواء من حيث الشكل أو اللون"، مهددة "بتدابير تأديبية في حق كل مخالف لبنود المذكرة". وجاءت تلك المذكرة بعدما لاحظ المندوب السامي للسجن موظفات يضعن مناديل على رءوسهن حرصا على عدم كشفها. من جهته، أبدى عبد الملك زعزاع، دهشته لما أسماه "المذكرة 120 المشئومة"، قائلا: "تلك المذكرة ليس لها أي مبرر واقعي أو قانوني، إن منع الحجاب هو إجهاز على الحرية الشخصية والحق في التمظهر المحترم للأخلاق العامة". وأوضح زعزاع: "ليس في القانون المغربي ما يجعل الحجاب مخالفا للزي الرسمي، ولن نكون أكثر حداثة وديمقراطية من الدول الأوروبية، حيث ينقل الإعلام صور شرطيات في بريطانيا بالحجاب والزي الرسمي". الاثنين. سبتمبر. 22, 2008