سعيد في لقائه بالحشاني.. للصدق والإخلاص للوطن مقعد واحد    قيس سعيد يستقبل رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    ماذا في لقاء رئيس الجمهورية بوزيرة الاقتصاد والتخطيط؟    ل 4 أشهر إضافية:تمديد الإيقاف التحفظي في حقّ وديع الجريء    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    سعيد: لا أحد فوق القانون والذين يدّعون بأنهم ضحايا لغياب الحرية هم من أشدّ أعدائها    جهّزوا مفاجآت للاحتلال: الفلسطينيون باقون في رفح    يوميات المقاومة...تخوض اشتباكات ضارية بعد 200 يوم من الحرب ..المقاومة تواصل التصدي    أخبار الترجي الرياضي ...مخاوف من التحكيم وحذر من الانذارات    أخبار النادي الصفاقسي .. الكوكي متفائل و10 لاعبين يتهدّدهم الابعاد    انتخابات جامعة كرة القدم .. قبول قائمتي بن تقيّة والتلمساني ورفض قائمة جليّل    القبض على شخص يعمد الى نزع أدباشه والتجاهر بالفحش أمام أحد المبيتات الجامعية..    في معرض الكتاب .. «محمود الماطري رائد تونس الحديثة».. كتاب يكشف حقائق مغيبة من تاريخ الحركة الوطنية    بداية من الغد: الخطوط التونسية تغير برنامج 16 رحلة من وإلى فرنسا    وفد من مجلس نواب الشعب يزور معرض تونس الدولي للكتاب    منوبة: الاحتفاظ بأحد الأطراف الرئيسية الضالعة في أحداث الشغب بالمنيهلة والتضامن    هذه كلفة إنجاز الربط الكهربائي مع إيطاليا    المرسى: القبض على مروج مخدرات بمحيط إحدى المدارس الإعدادية    QNB تونس يحسّن مؤشرات آداءه خلال سنة 2023    الليلة: طقس بارد مع تواصل الرياح القوية    اكتشاف آثار لأنفلونزا الطيور في حليب كامل الدسم بأمريكا    رئيس الحكومة يدعو الى متابعة نتائج مشاركة تونس في اجتماعات الربيع لسنة 2024    هذه الولاية الأمريكيّة تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة!    تسليم عقود تمويل المشاريع لفائدة 17 من الباعثين الشبان بالقيروان والمهدية    فيديو صعود مواطنين للمترو عبر بلّور الباب المكسور: شركة نقل تونس توضّح    مركز النهوض بالصادرات ينظم بعثة أعمال إلى روسيا يومي 13 و14 جوان 2024    عاجل/ جيش الاحتلال يتأهّب لمهاجمة رفح قريبا    تراوحت بين 31 و26 ميلمتر : كميات هامة من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    قرار قضائي بتجميد أموال شركة بيكيه لهذا السبب    الاغتصاب وتحويل وجهة فتاة من بين القضايا.. إيقاف شخص صادرة ضده أحكام بالسجن تفوق 21 سنة    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    سيدي حسين: الاطاحة بمنحرف افتك دراجة نارية تحت التهديد    بنزرت: تفكيك شبكة مختصة في تنظيم عمليات الإبحار خلسة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    ممثل تركي ينتقم : يشتري مدرسته و يهدمها لأنه تعرض للضرب داخل فصولها    باجة: وفاة كهل في حادث مرور    نابل: الكشف عن المتورطين في سرقة مؤسسة سياحية    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين في البحر الأحمر..    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته امام لاتسيو    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    فاطمة المسدي: 'إزالة مخيّمات المهاجرين الأفارقة ليست حلًّا للمشكل الحقيقي'    نحو المزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي في ميناء رادس    تحذير صارم من واشنطن إلى 'تيك توك': طلاق مع بكين أو الحظر!    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    رئيس مولدية بوسالم ل"وات": سندافع عن لقبنا الافريقي رغم صعوبة المهمة    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية:برهان إبراهيم كريم
نشر في الفجر نيوز يوم 23 - 09 - 2008


العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم
تعددت تسميات ومسميات الإتفاقية المزمع توقيعها بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية.
وخاصة بعد أن انهمك كل مسئول وسياسي عراقي في الحديث عنها ووصفها وتوصيفها. حتى أن البعض راح يتغزل بها, ويعرب لها بأدبياته عن حبه وتعلقه بها. وراح يحدد بمزاجيته المعهودة, ما سوف يجنيه العراق منها إن سارع بالتوقيع عليها. مع علمه أن الولايات المتحدة الأمريكية, ستكون الرابح الأكبر منها.للأسباب التالية:
· أن كل ما قدم للحكومة ومجلس النواب العراقي, إنما هي عبارة عن عموميات موزعة على 28مادة. ترك الشرح والتوضيح وآلية التنفيذ لها مبهما.وعبر عن ذلك الجنرال بترايوس بجملة ,حين قال: التنفيذ يتم حسبما تسمح الظروف.أي أن الاتفاقية تم صياغتها بحيث تعطي المحتل كل ما سعى ويسعى إليه.
· وتنفيذ كل بند منها, يتطلب مفاوضات طويلة وعسيرة, وبذلك يكون العراق قد رهن بأرضه وسيادته واستقلاله ووحدة أراضيه وثرواته ونفطه لسلطة المحتل حصرا. وكبل نفسه باتفاقية ثعلبية وماكرة.
· والإتفاقية تستبق الأمور, بتقديم الشكر والعرفان بالجميل للمحتل من قبل السلطات العراقية الحالية على ما قام به من احتلال وتدمير للعراق مسبقا.كي لا يكون للعراق الحق فيما بعد بمطالبة الغازي والمعتدي والمحتل بأية تعويضات عما لحق به.أ أن يطلب من الولايات المتحدة الأمريكية الاعتذار عن عدوان وجرائم إدارتها,و التي تتفوق على الفاشية والنازية بكل صنوف الوحشية والهمجية.
· وبعض الأطراف الأميركية والعراقية يتهافت على توقيعها,لأنه بات بأمس الحاجة إليها في هذا الوقت العصيب, وبأكثر مما مضى. وبنظره أن سيدته الولايات المتحدة الأمريكية حالها اليوم أفضل من الغد.
وإدارة الرئيس جورج بوش, والتي لم يتبقى لرحيلها عن السلطة, سوى أربعة أشهر.وليس أمامها سوى الشهر, لمعرفة لمن ستكون الغلبة للجمهوريين أو الديمقراطيين في الانتخابات القادمة المزمع إجرائها في الأسبوع الأول من تشرين الثاني القادم. ترى في توقيع العراق للإتفاقية,نصرا مؤزرا لها, تحقق من خلاله المكاسب التالية:
1. الخروج ولو بمكسب على الأقل من احتلالها العراق, تستر فيه عوراتها, وتعوض عن خسائر بلادها بالأرواح والأموال والعتاد. بعد أن خرجت من ولايتين, جريحة وواهنة وصفر اليدين من أي مكسب.
2. ولأن الحرب كان ومازال هدفها حماية إسرائيل وضمان أمنها. فالاتفاقية المزمعة ستضمن هذا الهدف. فالعراق سيبقى بدون جيش فاعل, وحتى وحدة العراق وأمنه ستبقيان واهنتين ومزعزعين.
3. والإتفاقية تكفل للولايات المتحدة الأمريكية الالتفاف حول الرفض الشعبي الأمريكي لوجود القوات الأمريكية في العراق. وذلك من خلال توقيع الجانب العراقي عليها. بحيث تخرج رابحة ومنتصرة, بعد أن فرضت نظم الوصاية والانتداب على العراق من جديد, وجعلت العراق بلدا آخر يدين بالتبعية لها.
4. والإتفاقية ستكون ثمرة لنصر عجز المحتل عن تجسيده بالقوة والسياسة والدبلوماسية والجيش والعسكر, ولكنه تجسد على الأرض, بانصياع العراق لغزو مرفوض دوليا وأمريكيا.
5. والتفويض الممنوح للمحتل من مجلس الأمن, سينتهي في 31/12/2008م. سيشرعنه المحتل باتفاقية وقع عليها العراق بسلطاته التشريعية والتنفيذية والقضائية, وتمنح المحتل من خلالها البقاء إلى أجل غير محدد أو مسمى, دون الحاجة لشرعنة الاحتلال الأمريكي من مجلس الأمن لفترة جديدة ومحدودة.
6. والإتفاقية تخلص الولايات المتحدة الأمريكية من كل حرج, وتوفر لها الالتفاف على أحكام القانون الدولي والشرعية الدولية الرافضان لغزو واحتلال العراق. وبذلك تتملص من تبعات المطالبة بالانسحاب من العراق. ومن تحمل المسئولية القانونية والمادية والأخلاقية عن النتائج التدميرية والتخريبية والإجرامية والإرهابية الناجمة عن الغزو والاحتلال. إضافة إلى أنها توفر للغازي والمحتل, التهرب والتملص من تبعات أية مطالبة بحقوق الضحايا والمتضررين من غزوها. وتحرمهم من حقهم في المطالبة بالتعويضات. وكذلك التهرب من التحقيق والمحاسبة بجرائم الحرب المرتكبة.
7. والإتفاقية ستعطي الولايات المتحدة الأمريكية حق إقامة ما هب ودب من القواعد في العراق, وحق دخول وخروج الجنود والمرتزقة والخبراء إلى هذه القواعد دون رقيب أو حسيب. لأنهم معفيون من الحصول على موافقة الحكومة العراقية وسمة الدخول والتأشيرة. وكذلك ستمنح الولايات المتحدة الأمريكية حق أستخدام قواعدها وقواتها حق التدخل العسكري داخل وخارج العراق بدون أية حاجة لموافقة الحكومة العراقية, بذريعة الدفاع عن النفس أو بهدف حماية الأمن القومي الأميركي.
8. والإتفاقية تمنح عناصر القوات الأمريكية في العراق حصانة قانونية ضد أية ملاحقات قضائية, على أية أعمال وأفعال إجرامية وإرهابية, أو ممارسات فساد وإجرام من القتل إلى التعذيب والسرقة والشذوذ واللواط والزنا والاغتصاب والتعذيب .فالعراق وقوانينه ستستباح من قبل الأمريكيين والمرتزقة , طالما يدخل تصرفهم ضمن مصلحة الأمن القومي الأميركي , والذي بات مفهومه مطاط وأشبه بالمسخرة.
9. والإتفاقية إن وقعت خلال شهر ستعزز موقف وحظوظ المرشحين الجمهوريين في الانتخابات الأمريكية القادمة. وتقيد الديمقراطيين في حال فوزهم .وستصبح كمسمار جحا, بحيث تعسر عليهم الانسحاب من العراق, كما وعدوا الشعب الأميركي من خلال مهرجاناتهم الانتخابية.
10. والإتفاقية ستمنح الجمهوريين في حال فوزهم فرصة جديدة, من خلال التركيز على العراق, ليكون المسرح والمركز لإعادة بناء مشروع الشرق الأوسط الجديد. من خلال ما ستجريه على وحدته الجغرافية, وتنوع انتماءاته الدينية والطائفية والمذهبية والعرقية, من عمليات جراحية, قد تصل لحد تقطيع أوصاله. ليكون الفتيل الذي يتقل بواسطته التفجير لباقي دول المنطقة العربية ودول وسط آسيا, لتقطيع أوصالهم, وإعادة رسم حدود بلدانهم على مزاج المحافظين الجدد المتصهينيين من جديد.
11. والإتفاقية ستمنح الولايات المتحدة الأمريكية حق إقامة قواعد عسكرية أمريكية تؤمن ترابط وربط وأتصال القوات الأمريكية من غرب أوروبا حتى باكستان والفيليبين واليابان. وكأن حلف بغداد تم إحيائه من جديد. وربما هذا هو ما عبر عنه الرئيس جيمي كارتر حين قال: واهم ومخطئ من يظن أن غزو واحتلال العراق سببه النفط فقط.
12. والإتفاقية بموادها المبهمة,لا يستبعد أن يكون قد شارك في صياغتها الصهاينة والإسرائيليين الذين صاغوا الدستور العراقي. وكما بات الدستور العراقي ببعض أبوابه ومواده عبئا على العراقيين, وعوامل ضعف ووهن وكبح للحكومة العراقية والشعب العراقي والقضاء العراقي, لكثرة ما تضمنه من خلل في تعامل السلطات بعضها مع بعض. فالاتفاقية صممت على هذا المنوال أيضا. و تنفيذ الكثير من بنودها سيدخل السلطات في نفق ومتاهات فيما بينها وبين غيرها, ولن تخرج أي منه سالمة منه أبدا.
13. والوجود العسكري الأمريكي في العراق وفق ما تنص عليه الاتفاقية, سيعطي الإدارات الأمريكية حق تأسيس وتدريب فيالق من المرتزقة بجنسيات ولغات متعددة ولا حصر لها, وتنظيمها في شركات أمنية متعددة. تنقل سرا إلى خارج أو داخل حدود بعض الدول. لإشعال الحروب الأهلية والصراعات العرقية والدينية والأثينية. لضمان تحقيق مصالح قوى الاستعمار, و خدمة منطق التبعية والهيمنة الأميركية.
14. وتوقيع الاتفاقية سيفتح الباب على مصراعيه لتوقيع اتفاقيات شبيهة بها مع باقي القوات المشاركة بالغزو والعدوان والاحتلال. وقد عبر عن ذلك المتحدث بأسم الحكومة البريطانية جون ويلكس حين قال: إن بلادي تنتظر نهاية المفاوضات بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية بشأن الاتفاقية الأمنية المرتقبة .لأن الاتفاقية البريطانية ستكون مشابهة للاتفاقية الأمريكية.
15. والاتفاقية المطروحة بعد توقيعها, ستعطي الولايات المتحدة حرية العبث بأمن العراق وسلطاته.وحتى الإطاحة بالحكومات العراقية بنفس الأسلوب الذي كانت تمارسه الإدارات الأمريكية السابقة في ما مضى إن كان في فيتنام الجنوبية وكوريا الجنوبية,أو بعض دول أمريكا الجنوبية والوسطى.
وبعض حكام العراق يرون في الاتفاقية الفرصة الوحيدة لضمان حياتهم ومستقبلهم. لأنهم سيتهربون من تحملهم للمسئولية رغم توقيعهم عليها. وسوف يلقون باللائمة على النظام العراقي السابق ,كما يحملونه اليوم مسئولية الاحتلال رغم ثبوت تورط البعض في الخيانة والعمالة , وتواطؤهم مع إسرائيل وإدارة الرئيس بوش في العدوان.لأنها تكفل لهم:
1. ضمان بقاء البعض منهم متربع على السلطة, والاستئثار ببعض مقاليد حكم العراق بحماية من قواعد عسكرية لدولة عظمى.والوجود الأمريكي سيكون سيفا مسلطا لجز رقبة أية ثورة شعبية, أو لكل من تسول له نفسه الخروج عن النهج الأميركي الاستعماري الجديد الذي يسعى المحافظون الجدد لتجسيده شكلا ومضمونا. ودليل ذلك ما صرح به مسعود البار ازني لفضائية العربية بتاريخ 14/9/2008م,حين قال: أن وقوع إنقلاب عسكري ممكن إذا انسحبت القوات الأميركية من العراق. وربما أن معارضة البعض من حكام العراق والقوى السياسية لتزويد الجيش العراقي بالأسلحة الثقيلة والمتطورة يعود لهذا السبب.
2. والإتفاقية خير ضمان لحماية رقاب العملاء والخونة من عمليات المقاومة العراقية. كي لا يتكرر مشهد سقوط بغداد بأيدي رجال المقاومة, بنفس الطريقة التي سقطت فيها سايغون الفيتنامية.
3. والاتفاقية ستكفل الالتفاف على إتفاقية جنيف, التي تعتبر أن السلطة التي يقيمها المحتل هي سلطة غير شرعية وغير دستورية أو قانونية. لأن المحتل هو من أقامها ونصبها. وبذلك تصبح مثل هذه السلطة بقوة الاتفاقية وتحت ظلالها سلطة شرعية.
4. واعتراض بعض أطراف الحكومة العراقية وتحفظاتهم على بعض بنودها هي أمور شكلية, الهدف منها ذر الرماد في العيون, لإظهار أنفسهم بأنهم وطنيون وحريصون على مصلحة العراق وشعب العراق.
5. والساعون لإقامة دويلات وإمارات بديلا عن العراق الموحد, يضغطون بقوة لتمرير الإتفاقية. لأنها ستكون الضمانة الوحيدة المتبقية لهم من أجل تحقيق مآربهم المريضة وأحلامهم العفنة ومطامعهم التي فات زمنها.
6. وصمت البعض عن الاتفاقية في العلن, يقابله دعمه لها في السر. وسبب صمته أو تريثه إنما هو بسبب انتظاره ما قد تظهر من ردات فعل الشعب العراقي عليها.كي لا يخسر دوره , أو يتهم بالعمالة.
7. وغالبية الشعب العراقي من سنة وشيعة وطوائف أخرى, إضافة إلى التيار الصدري والقوى الوطنية الأخرى وفصائل المقاومة هم ضد الاتفاقية بكل بنودها وموادها. حتى أن مقتدى الصدر يطالب المرجعيات الدينية بإصدار الفتاوى التي تحظر توقيعها, أو توقيع أي أتفاق مع المحتل, وإن كان للصداقة أو لأمور أخرى.
8. وحركة الوفاق الوطني بقيادة أياد علاوي التي تمثل الليبراليين الجدد, موقفهم في السر من الاتفاقية, يطمسه موقفهم المعلن. وإياد علاوي حين سأل عن الاتفاقية , أجاب:نحن لم نطلع عليها بشكل رسمي,على الرغم من أن هدف أي أتفاق أو معاهدة هو مصلحة الشعب العراقي واستقراره. وأردف قائلا: أنه زار الولايات المتحدة الأمريكية قبل شهرين, وأعلمهم بعدم علم الكتل السياسية بتفاصيل الاتفاقية,واقترحت عليهم بحث خيارات أخرى.منها: تمديد بقاء القوات الأمريكية من قبل مجلس الأمن, مع تعديل الوضعية لتكون الفصل السابع إلى الفصل السادس,مع إصدار قرار بحماية أموال العراق.
9. وأحمد الجلبي رئيس حزب المؤتمر الوطني يتهم الولايات المتحدة الأمريكية بالسعي إلى إقامة قواعد سرية في العراق إلى جانب القواعد العلنية, والامتناع عن منح أي ضمانات دفاعية للعراق, بموجب الاتفاقية الأمنية المرتقبة.والمحادثات حولها تتم خلف أبواب مغلقة وموصدة وبعيدا عن الرأي العام العراقي والأحزاب,لإثارة الشكوك فيما بينهم. وسقف مطالب الأمريكيين مرتفع. وأنه لا يجوز منح الشركات الأميركية حصانة قضائية.
10. وبعض الخونة والعملاء مع الاتفاقية في السر والعلن. حيث يعتبرون أن بعض الدول العربية وأكثر من 100 دولة, لديهم اتفاقيات سرية مع الولايات المتحدة الأمريكية وسارية المفعول. وشبيهة بالاتفاقية الحالية المطروحة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية.
11. ويبرر البعض ضرورة الإسراع بتوقيع الاتفاقية, بالقول: أن هناك ثلاث نقاط مختلف عليها فقط. وبعضهم يعتبرها مجرد ملاحظات صغيرة فقط. ويلخصها بحصانة الجندي الأمريكي , وتحديد جدول زمني للانسحاب الكامل, والسيطرة على الأجواء العراقية. وهي بنظره خلافات بسيطة جدا وهامشية, وستجد طريقها للحل. وأن ما من عيب في الاتفاقية, لأن الوجود الأميركي منتشر في المنطقة بأكثر مما تبيحه الاتفاقية في العراق. وحصانة الجندي الأمريكي مصانة حتى في بريطانيا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية وجورجيا.
12. والبعض راح يتعامل على أرض الواقع بمنطق الاتفاقية و بروحها, والهدف الأمريكي الحقيقي منها, حتى قبل توقيعها. ومثال على ذلك, زيارة النائب مثال الألوسي رئيس الحزب الديمقراطي العراقي لإسرائيل. وقوله في محاضرة له في أكاديمية هرتسليا: ينبغي التعاون مع إسرائيل من اجل إنتاج سلاح استخباري سوية مع تركيا والولايات المتحدة الأمريكية والكويت, لضمان انتقال معلومات أستخباراتية جيدة, ومواجهة الإرهاب الشرق أوسطي معا. ودعا إلى إقامة علاقات دبلوماسية بين العراق وإسرائيل. ودعا إلى تعاون دولي ضد إيران. وقال في مؤتمر نظمه معهد السياسات ضد الإرهاب التابع لأكاديمية هرتسليا: إيران اليوم هي محرك المصائب في المنطقة, وغالبية الشعب العراقي لا تؤيد النظام في طهران.
13. والبعض خائف ويعتبر أن عدم توقيعها سيجر عليهم غضب الادارة القادمة إن كانت جمهورية. وقد تحاسبهم حسابا عسيرا على غدرهم بإدارة الرئيس جورج بوش الجمهورية, بتهربهم من التوقيع على الإتفاقية.
14. والبعض يعتبر أن التوقيع عليها, سيقيد الولايات المتحدة الأمريكية.وسيجبرها على البقاء في العراق مهما تعاظم تأثير ضغط الشارع الأمريكي المطالب بالانسحاب. وهذا بنظرهم سيشكل لهم ضمانة حقيقية وأكيدة.
15. وتخوف البعض من التوقيع عليها, أو محاولته التلكؤ بتوقيعها, أو تأجيله لتوقيعها من خلال إثارة بعض النقاط الخلافية,والتي تحتاج لدراسة وتدقيق وتوضيح, وإزالة سؤ اللبس فيها. إنما مرده لهذه الأسباب التالية:
· فمنهم من هو متخوف من غضبة الإدارة القادمة إذا كانت ديمقراطية. لأنها ستعتبر أنهم بتوقيعهم على الاتفاقية منحوا إدارة جورج بوش الجمهورية نصرا, لكي تستغله في الانتخابات الأمريكية, وتوظفه لصالحها.وسيحاسبون عليه حتما من قبل باراك أوباما إن فاز بمنصب الرئيس الجديد.
· ومنهم من يرى أن التلكؤ بالتوقيع عليها, سيمنحهم فرصة أفضل لتوقيعها مع إدارة قادمة جديدة باتت معروفة.لأنهم بنظرهم التزموا الحياد من كلا الحزبين الأمريكيين, واختاروا أهون الشرين.
· وحملة الجنسية الأمريكية من بعض حكام العراق ,إنما هدفهم توظيف الاتفاقية لصالح الحزب الأمريكي الذي يعتبرونه ممثلا لهم , أو لأنهم من جماهيره أو مشجعيه. فمواقفهم تتطابق ومواقف الحزب الأميركي في بلدهم الثاني, وهو الولايات المتحدة الأمريكية.
· ومنهم من هو خائف, من أن يعتبر توقيعه على الاتفاقية, إنما هو تحد لإيران في هذه المرحلة العصيبة. وخاصة أن إيران تطالب المحتل بالانسحاب من العراق بدون قيد أو شرط وفورا.
· ومنهم من مواقفه مرتبطة بمصالح الدول الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية, والتي يدين لها بالولاء. ويعيش طفيلي على أموالها. ولذلك فمواقفه مرهونة لها, وهي من تملي عليه مواقفه حصرا وعنوة.
· والنائب مهدي الحافظ قال: الاتفاقية لم تعرض على الرأي العام والقوى السياسية بشكل رسمي. وكلام الحافظ و إياد علاوي و أحمد الجلبي وكثيرون غيرهم يؤكد أن ما عرض على الحكومة العراقية ومجلس النواب لم يكن بأكثر من عموميات فقط., والخافي أشد ضررا وأعظم خطرا.
· ودول جوار العراق التي شاركت بالغزو ودعمته , ووضعت أجوائها وأراضيها وأموالها بتصرف الادارة الأمريكية, يرون في الاتفاقية الخلاص والملجأ, التي توفر لهم التخلص مما هم فيه. لأنها بنظرهم خير ضمانة لبقاء أنظمتهم في بحبوحة , وتكفل لهم دوام التربع على السلطة.ولأنها ستجعلهم أكثر أمنا وغبطة وسرورا وراحة. وبمأمن من الخطر الإيراني أو الأفكار القومية والتحررية الأخرى , التي تظن وتعتقد أنهم يتربصون بها. وهم متكلون على همة وعزم الادارة الأمريكية, وخاصة أن الرئيس جيمي كارتر قد أدلى بتصريح عام 1980م, قال فيه : منطقة الخليج هي منطقة نفوذ أمريكية, وأن أي محاولة من أية قوة خارجية للسيطرة عليه ,سيعد اعتداء على المصالح الحيوية الأمريكية. ومثل هذا الاعتداء سيواجه بكل الطرق المتاحة, بما فيها العسكرية.
والاتفاقية هي خلط جديد للأوراق, وعودة بالأوضاع إلى المربع الأول.وهذا ما قاله البعض عنها:
· فصالح المطلك قال بأن الاتفاقية هي عهد الانتداب الجديد.
· وآخرون اعتبروا أن الاتفاقية ما هي سوى تنسيق تام للحكومة العراقية مع المحتل لخدمة مصالحه فقط. ولا تتضمن جداول زمنية. وتعطي قوات المحتل حصانة لا مثيل لها.
· ووزير الدفاع الأمريكي قال بصريح العبارة أنه يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تتوقع أنها ستبقى ضالعة في العراق لسنوات مقبلة ولكن ذلك سيكون بطرق متغيرة ومحدودة وبشكل متزايد.
· وحتى الادارة الأمريكية فإنها كل ما تبغيه من الاتفاقية هو أتفاق ينظم الوجود الأمريكي الطويل الأمد. وهذا ما أكد عليه معظم مسئوليها في تصريحاتهم الصحافية وجلسات استماع الكونغرس الأمريكي.
· والبروفيسور جيل كيبل رئيس برنامج دراسات الشرق الأوسط في معهد الدراسات الفرنسي أعتبر الحرب على العراق فاشلة وغير عادلة وخلفت الخراب والدمار.وأن تنظيم القاعدة وجد العراق ارض خصبة بسقوط النظام. وان نظام الرئيس صدام حسين لم يكن له أي ارتباط بتنظيم القاعدة.وأن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول تنصيب حكومة عراقية موالية لها وتابعة لأوامرها لبسط نفوذها وتحقيق مصالحها والسيطرة على المنطقة.
والمضحك أن بعض المسئولين العراقيين يحددون موعد أنسحاب القوات الأمريكية على مزاجهم . فمنهم من يعتبر أن الانسحاب سيتم عام 2010م, وآخر يعتبر موعده عام 2011م, وآخر يتكهن بأن موعده الأقصى عام 1012م. والإدارة الأمريكية ترد عليهم بصريح العبارة ,بأن التفكير بالانسحاب الأمريكي من العراق مازال سابقا لأوانه, ولا مجال للحديث عنه في الوقت الحاضر أو في المستقبل المنظور. فالرئيس جورج بوش صرح قائلا:إنسحابا سابقا لأوانه للقوات العسكرية الأميركية من العراق سيكون كارثيا لبلادنا , وسيعزز تنظيم القاعدة , ويشجع طموحات إيرانية النووية. والجنرال بيترايوس في حفلة وداعه من العراق قال:الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال تواجه صراعا طويلا في العراق , وهنالك الكثير من العواصف التي تتجمع في الأفق, والتي قد تتطور لتصبح مشكلات حقيقية, والوضع في العراق لا يزال صعبا. أما نائب الرئيس ديك تشيني فقد صرح أكثر من مرة قائلا: نحن لا نبحث عن إستراتيجيا للانسحاب من العراق, وإنما نبحث عن النصر هناك. وضغوط الادارة الأميركية على حكومة نوري المالكي لقبولها ضم عناصر الصحوات والمليشيات إلى الجيش العراق, والتي يرفضها نوري المالكي جملة وتفصيلا. أجبرت المالكي على الانصياع لها أخيرا لها, حيث أعلن المالكي: أن من وقف إلى جانبنا في مقاتلة تنظيم القاعدة والخارجين على القانون هو محل تقديرنا واحترامنا,وسوف نكرمهم بأن نجعلهم جزءا من آلية الدولة أو مؤسساتها المدنية.ولحفظ ماء الوجه على الأقل, أردف قائلا: أن توحيد السلاح وحصره بيد الدولة هو من المعالم المهمة للنصر والملحمة التاريخية التي صنعها الشعب العراق. وبهذا الكلام إنما يضحك المالكي على نفسه, وخاصة بعد أن سمع الجنرال ريموند أديرنوا يعلن صراحة في مناسبة تعيينه قائدا لقوات العدوان في العراق,قوله بحضور الجنرال بترايوس ووزير الدفاع الأميركي غيتس حرفيا:أن النجاحات الأمنية التي تحققت في العراق لا تزال هشة وقابلة للتراجع. وهدفهم من ذلك أن تبقى الخلافات بين العراقيين مستمرة ومستعرة, لكي يبقى الوجود العسكري الأمريكي مبررا.
وبنظر الغالبية العظمى من العراقيين وشعوب العالم قاطبة, والشعب العربي والأمة الإسلامية,.فإن الاتفاقية مرفوضة شكلا ومضمونا,لأنها تعطي الغازي والمحتل والعدوان مكاسب رغم رفض الشرعية الدولية لغزوه وعدوانه. ولذلك فالمطلوب الاتفاق عليه, إنما هو: تحديد موعد أنسحاب القوات الأمريكية في الغد أو خلال أيام محدودة, أو قبل نهاية العام الحالي حتما,وبدون قيد أو شرط أولا, وإخضاع القوات الأمريكية لسلطة القانون العراقي ثانيا, والتعويض على العراق نتيجة ما أصابه من خراب ودمار ثالثا, والتعويض على ما أصاب العراقيون نتيجة قرارات الحصار الظالم والعزل والحرب والغزو رابعا. والاعتذار من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لكل من الشعب العراقي والأمتين العربية والإسلامية وباقي الشعوب عما أصابهم من حيف وضرر نتيجة السياسات الأميركية والإرهابية والعدوانية السابقة والحالية خامسا,وأخيرا أعتبار كل ما نجم عن الاحتلال باطل وغير مبرر, يتوجب محاسبة المسئولين عنه أمريكيين كانوا أم عراقيين أو أطراف أخرى. وغير ذلك هراء لا يستحق النظر فيه, أو التوقيع عليه. فمذكرات كولن باول وجورج تينيت وفيث وماكيلان وغيرهم من بطانة الرئيس جورج بوش, الذين تخلوا عنه. ذكروا في مذكراتهم بكل وضوح. أن غزو واحتلال العراق لم يكن هدفه نشر الحرية والديمقراطية ,وإنما لغايات أخرى آثروا الصمت على كثير منها بدواعي الأمن القومي الأمريكي ورشح بعض منها من أن الغزو والاحتلال كان هو تحقيق لمصالح إسرائيلية وصهيونية واستعمارية.
الأربعاء: 24/ 9/2008م
العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم
بريد الإلكتروني: [email protected]
[email protected]
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.