هيئة السجون والإصلاح تنفي "مجددا" تدهور الحالة الصحية لبعض المضربين عن الطعام    خالد السهيلي: "الطائرات المسيرة تشكل تحديا متصاعدا على "المستوى الوطني والعالمي    مونديال كرة القدم تحت 17 عاما - المنتخب التونسي يواجه نظيره النمساوي في الدور السادس عشر    سماح مفتاح: "المتشمت في المريض أو المسجون أو المتوفي مسكين لأن روحه غير سليمة"    قبل صدور "مواسم الريح" بأيام.. روايات الأمين السعيدي تحقق مبيعات قياسية بالشارقة    الحمامات وجهة السياحة البديلة ... موسم استثنائي ونموّ في المؤشرات ب5 %    3 آلاف قضية    مع الشروق : زوال الاحتلال واحترام السيادة... شرطان لتسليم السلاح !    عاجل/ قيمة ميزانية وزارة الخارجية لسنة 2026    المنتخب التونسي: سيبستيان توناكتي يتخلف عن التربص لاسباب صحية    بنزرت الجنوبية ... 5 جثث آدمية لفظتها الأمواج في عدد من الشواطئ    قضية 17 كلغ من المخدرّات تبوح بأسرارها... إرسالية هاتفية وراء 20 سنة سجنا لعميد في الديوانة    اشتكتها هيئة السجون ... محاكمة سنية الدهماني .. تتواصل    الدعارة في "إسرائيل" تتفشى على الإنترنت    كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟    عاجل/ فنزويلا تقرّر الرد على "الإمبريالية" الامريكية    صفعة عمرو دياب لشاب مصري تعود للواجهة من جديد    عاجل/ تونس تُبرم إتفاقا جديدا مع البنك الدولي (تفاصيل)    عاجل/ غلق هذه الطريق بالعاصمة لمدّة 6 أشهر    فريق من المعهد الوطني للتراث يستكشف مسار "الكابل البحري للاتصالات ميدوزا"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الأديب والمفكر الشاذلي الساكر    الفواكة الجافة : النيّة ولا المحمّصة ؟ شوف شنوّة اللي ينفع صحتك أكثر    11 نوفمبر: العالم يحتفل ب''يوم السناجل''    كونكت: تنظيم جديد لمحمّصي القهوة في تونس    تونس تتمكن من استقطاب استثمارات أجنبية بأكثر من 2588 مليون دينار إلى أواخر سبتمبر 2025    عاجل: تونس وموريتانيا – 14 ألف تذكرة حاضرة ....كل ما تحب تعرفوا على الماتش!    عاجل-شارل نيكول: إجراء أول عملية جراحية روبوتية في تونس على مستوى الجهاز الهضمي    جمعية التحالف من أجل النادي الافريقي تطالب السلطات بالحافظة على المصداقية    الأخطر منذ بدء الحرب/ شهادات مزلزلة ومروعة لاغتصاب وتعذيب جنسي لأسيرات وأسرى فلسطينيين على يد الاحتلال..    علماء يتوصلون لحل لغز قد يطيل عمر البشر لمئات السنين..    من وسط سبيطار فرحات حشاد: امرأة تتعرض لعملية احتيال غريبة..التفاصيل    كريستيانو رونالدو: كأس العالم 2026 .. سيكون الأخير في مسيرتي    عاجل: اقتراح برلماني جديد..السجناء بين 20 و30 سنة قد يؤدون الخدمة العسكرية..شنيا الحكاية؟    عاجل/ في عمليتين نوعيتين للديوانة حجز هذا المبلغ الضخم..    رسميا: إستبعاد لامين يامال من منتخب إسبانيا    حجم التهرب الضريبي بلغ 1800 م د في صناعة وتجارة الخمور بتونس و1700 م د في التجارة الالكترونية    QNB تونس يفتتح أول فرع أوائل QNB في صفاقس    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    عاجل : تحرك أمني بعد تلاوة آيات قرآنية عن فرعون بالمتحف الكبير بمصر    عاجل: منخفض جوي ''ناضج'' في هذه البلاد العربية    عشرات الضحايا في تفجير يضرب قرب مجمع المحاكم في إسلام آباد    سليانة: نشر مابين 2000 و3000 دعسوقة مكسيكية لمكافحة الحشرة القرمزية    عاجل: معهد صالح عزيز يعيد تشغيل جهاز الليزر بعد خمس سنوات    غدوة الأربعاء: شوف مباريات الجولة 13 من بطولة النخبة في كورة اليد!    عاجل/ وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تنتدب..    بعد أكثر من 12 عاما من إغلاقها.. السفارة السورية تعود إلى العمل بواشنطن    عاجل: حبس الفنان المصري سعد الصغير وآخرين..وهذه التفاصيل    عاجل/ وزير الداخلية يفجرها ويكشف عن عملية أمنية هامة..    عاجل: اضطراب وانقطاع المياه في هذه الجهة ..ال sonede توّضح    المنتخب التونسي لكرة السلة يتحول الى تركيا لاجراء تربص باسبوعين منقوصا من زياد الشنوفي وواصف المثناني بداعي الاصابة    النقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص تنظم يومي 13 و14 ديسمبر القادم فعاليات الدورة 19 لأيام الطب الخاص بالمهدية    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    المهرجان العالمي للخبز ..فتح باب الترشّح لمسابقة «أفضل خباز في تونس 2025»    جندوبة: تتويج المدرسة الابتدائية ريغة بالجائزة الوطنية للعمل المتميّز في المقاربة التربوية    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رانية مرجية ... واليد على الجرح : سامي الأخرس
نشر في الفجر نيوز يوم 27 - 09 - 2008

بالصدفة وقع نظري على تقرير أعدته الزميلة رانية مرجية هذه الفلسطينية الوفية الصادقة عن ظاهرة تشغيل فتيات قاصرات من الضفة الغربية وقطاع غزة بالدعارة ، وبما إنني لستُ من هواة الرد على أى مقال أو تقرير إلا أن هذا التقرير حفزني للرد عليه ، وخاصة أن الزميلة رانية مرجية أنهت تقريرها بسؤالين تتساءل فيهما عن السبب ، عما وصلت إليه هؤلاء الفتيات القاصرات ، وهل السبب الحصار أم الجوع ؟
ردى على تقرير الزميلة رانية مرجية لم يأتِ من باب الغضب والحنق والشعور بالانتقاص أو العار ، فهذه الظاهرة لا تشعر الإنسان إلا بالعار والإهانه ، ولكن كيف الغضب وكاتبة هذا التقرير رانية مرجية فلسطينية تحمل فلسطين عشقاً قدسياً بين أضلعها ، ونبضاً ينزف مع نبض الألم الذي دفعها لتناول هذه الظاهرة ، وكلي ثقة بأن حالة الاحتراق والاحتقان التي أصابت رانية على تلك الفتيات والغيرة على فلسطينيتها هما اللذان دفعاها للكتابة .
لن أستفيض في الكتابة عن الزميلة رانية مرجية لأنها لا تحتاج أحداً ليكتب عنها ، بل سأتناول توضيح تساؤلاتها التي أنهت بها تقريرها .
الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة عامة وفي قطاع غزة خاصة يعيش في حالة لم تمر عليه من قبل ، حيث أصبحت الحياة عبارة عن جحيم يزداد يوما تلو يوم لا يوجد أى مؤهل أو دافع لمواصلة الحياة بهدوء وطمأنينة ، حيث أصبح المواطن يعيش في تلابيب الإنقسام البغيض تتصارع بقوته وبحياته رايات حزبية لا قانون ينظمها ولا أخلاق تنظم تصرفاتها سوى رغبات القائمين على الوضع والمتصرفين بحياة المواطن بضغطة زند البندقية ، وزند الافتراس ، وشهوة الدماء والجشع .
غزة التي سطرت ملاحم البطولة وعانت وطأة القتل والإرهاب الصهيوني منذ احتلالها سنة 1967 حتى عام 2005 لم تشهد بؤس وأوضاع كما تشهده اليوم وهي تحت شريعة الفتة والانقسام المعنونة بحب الجاه والمال والاستوزار ، فأضحت جحيم متحرك يلتهم كل ما بطريقة بفعل الحصار الذي أعقب الانتخابات التشريعية لسنة 2006 فتحولت غزة لمقبرة أحياء وحصار خانق يدفع ثمنه فئة معينة فقط دون أخرى ، حيث لم يتأثر مباشرة بالحصار سوى الفقراء والمضطهدون الذين يعيشوا تحت لعنات البطالة ، والجوع ، وغلاء الأسعار الفاحش الذي لا يخضع لمعايير اقتصادية وإنما لمزاج فئة احتكرت كل شيء ، احتكرت السلع والبشر دون أي اعتبار واهتمام من الحكومة والسلطات المسؤولة والتي يبدو أن هذا الإرتفاع يحقق لها ثروات طائلة ومصدر للدخل ، بما أن البضائع المهربة عبر الأنفاق وغير الأنفاق يقابلها ضرائب مرتفعة تجبى .
في الوقت نفسه لم يقتصر الأمر على هذه القاصرات اللوتي يتم استغلال فقرهن وظروفهن لتشغيلهن بالدعارة في شوارع تل أبيب لتحقيق الهدف الأمني الذي يسعى له الشاباك في حربة المستمرة على كل ما هو فلسطيني . وهذا الشرك لا يختلف بأي حال عن استغلال المراهقين في العمل بالأنفاق والذين يدفعوا أرواحهم خنقاً تحت الرمال وهم أحياء لتوفير سبل الحياة ، شباب مراهق فقير أصبح يقتحم الموت لأنه لم يجد قوت يومه ، وقوت أهله فيدفع العمر والروح اختناقاً دون أي احساس من صاحب النفق أو التاجر الذي كل ما يؤرق ضميره كيف يحقق أكبر أرباح ممكنة ولسانه لا ينطق سوى القول " الله يرحمه قَدر الله وشاء " .
إذن فالتقرير الذي قدمته الزميلة رانية مرجية عن عمل فتيات وقاصرات غزة بالدعارة في تل أبيب ما هو سوى صورة مجزئة للصورة الأعم والأشمل عن مأساة غزة المتصارع على جيفتها العفنة ، مآساة حلت على شعبنا الفلسطيني من ذوي القربى والثمن سلطة عفنة بل جيفة عفنة لا يمتلكوا منها شيئاً سوى رائحتها النتنه المتعفنة .
المأساة أيتها الزميلة رانية مرجية وقودها شعب أعزل مقهور كان دافعة للقتال والنضال الحرية والتحرر ، أما اليوم فأسمى أهدافه توفير لقمة العيش التي تنعم بها قيادته ولا يهمها سوى من ينتصر على الآخر ، وهل الرئيس شرعي أم غير شرعي ، ومن سيتنازل للأخر ، وكيف سيتم مواجهة استحقاق التاسع من يناير ؟
هنا السبب لإندفاع القاصرات للبحث عن وسيلة للحياة بسقوط أخلاقي وإنهيار لمنظومة القيم التي كانت سمة للشعب الفلسطيني واجه من خلالها أعتى أساليب العدو .. هذه هي الأسباب التي إختزلوا كل فلسطين فيها بموكب رئاسي ولقب وزاري ، تاركين شعب بأكمله يواجه الموت والسقوط والقهر وحيداً ، وهم ينعمون بترف العيش والحياة مع أبنائهم .
هذه هي غزة اليوم التي تتأهب لإستقبال عيد الفطر ، تتأهب في أجواء مشحونة بالموت والألم والقهر والظلم الذي يحاصرها من كل مكان ، موتُ لم يعد فقط من العدو كما كان دوماً بل تعددت صورة واشكاله وأدواته وأهدافة .
هذه هي غزة التي أصبحت تعيش تحت إفتراس متوحش يعتصر القلب ألماً كلما شاهدنا الحزن على وجوه أطفال ، ونساء ، ورجال ، وشيوخ يتوسلون العيش توسل ، ونسوة صغار يتسولن في الأسواق والشوارع .
فإن شهدت شوارع تل أبيب صورة جديدة للدعارة من قاصرات غزة فإن شوارع غزة تشهد صورة جديدة لفتيات قاصرات يتسولن الحسنة من المارة لتستمر الحياة .. وما بين الدعارة والتسول شعرة تكاد تتلاشي أمام ضيق الحال وشحة الحياة .
الأن هل أدركت أيتها الزميلة من السبب في الظاهرة ؟ أم لا زال السؤال مشروع ؟
سامي الأخرس
27/9/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.