طالبت أوساط فنية وبرلمانية مصرية بمحاسبة وزير الثقافة المصري فاروق حسني بسبب تكرار حرائق المسارح التي كان آخرها حريق المسرح القومي. وتزامن حريق المسرح القومي مع الذكرى السنوية الثالثة لحريق قصر ثقافة محافظة بني سويف الذي قتل فيه نحو ستين فنانا وأصيب 26 آخرون، وقدم وقتها فاروق حسني استقالته التي لم يقبلها مجلس الوزراء آنذاك.
وقال الفنان عزت العلايلي للجزيرة نت "إن حريق مجلس الشورى دمر منبرا للشعب، واحتراق المسرح القومي يعني انهيار منبر ثان، ونحن نتساءل ونستغرب، ماذا يحدث لتراثنا، فالشك يملأ الجميع، ولابد من محاسبة المسؤولين عن هذا الإهمال، لأنه لا تأمين لهذه الأماكن التاريخية".
وطالب العلايلي -الذي أصر على دخول مبنى المسرح المحترق ولم يتمالك دموعه- بأن يطال الحساب والمساءلة الجميع وليس وزير الثقافة أو الداخلية، وأن يتم وضع برنامج لحماية ما تبقى من تراث مصر الثقافي.
واتفق الفنان محمد صبحي مع كلام العلايلي مؤكدا أن المطلوب هو محاسبة النظام الحاكم كله، وليس وزيرا بعينه، مشيرا إلى أن رحيل وزراء شهدت عهودهم كوراث لم يحل أزمة البلد. وقال صبحي "إن الناس لا تشعر بحزن على احتراق هذه المباني الأثرية واحدا تلو الأخر، لأنها لا تشعر أن ما تفقده هو ملكها أصلا، وبالتالي هم لا يهتمون إذا كان سبب هذه الحرائق تماس كهربي أو عمل إرهابي، لأنهم يعتقدون أن هذه البلد ملك لغيرهم".
واعتبر صبحي حريق المسرح القومي "نقطة سوداء تضاف إلى سجل الإخفاقات الحكومية المتكررة، وتجسد حالة الإهمال والانهيار التي انتقلت إلى حياة المواطن المصري وأصابت كل عناصر حياته". فشل أما النائب محسن راضي عضو لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان المصري فطالب الوزير فاروق حسني بتقديم استقالته "وذلك بعد متواليات الفشل الذي مني به قطاع الثقافة في عهده، وذلك بعد حريق المسرح القومي الأخير". وقال راضي "إن حريق المسرح القومي جزء من عهد وزير الثقافة الذي امتلأ بالحرائق والفساد، ومنذ أن تخلت الدولة عن محاسبته في حريق قصر ثقافة بني سويف امتد الإهمال ليكشف عن كارثة جديدة".
فاروق حسني بين حريق المسارح وحلم اليونسكو (الجزيرة-أرشيف) وتطرق النائب إلى تأثير ما وصفه بإخفاقات الوزير على مسألة ترشحه لرئاسة منظمة اليونسكو.
وقال "إن الحرائق والفساد في وزارة الثقافة تكشف أن فاروق حسني بات غير مؤهل للنهوض بمهام عمله" وأضاف أنه في ظل كوارث وزارته التي لا تنتهي أصبح وصوله لليونسكو مستبعدًا.
ويرجع تاريخ المسرح القومي المحترق إلى عام 1870 حينما شيد حاكم مصر آنذاك الخديوي إسماعيل مسرحا في الطرف الجنوبي من حديقة الأزبكية المطل على ميدان العتبة.
وشهد عام 1885 ميلاد أول موسم مسرحي لفرقة أبو خليل القباني في القاهرة، كما قدمت فرقة إسكندر فرح وبطلها سلامة حجازي أشهر أعمالها على نفس المسرح من عام 1891 إلى 1905.
وكان عام 1905 هو أول موسم لفرقة الشيخ سلامة حجازي على "تياترو الأزبكية" ومنذ عام 1914م تراجع المسرح الجاد وازدهر المسرح الهزلي وحققت الفرق الكوميدية نجاحا هائلاً، خاصة فرقة نجيب الريحاني وفرقة علي الكسار.
ومع تزايد المطالبة باستقلال مصر وإنهاء الاحتلال الإنجليزي تزايدت المطالبة بإنشاء مسرح قومي، حتى جاء 1921م لافتتاح المسرح القومي بأربع مسرحيات دفعة واحدة بمعدل يومين لكل مسرحية.