لا شك أن المرأة الفلسطينية إكتسبت العديد من التجارب والخبرات من خلال مشاركتها وبكل ميادين العمل الوطني السياسي والنضالي والإجتماعي إضافة إلى دورها التربوي القائم عليه تثبيت أركان الأسرة . ومما لا ريب فيه أن العديد من النساء لديهن القدرة على صياغة الرؤية النسوية بأهداف محددة منطقية وبتفكير منهجي ولديها القدرة على التعاون والمشاركة والتواصل مع الرجال والنساء معاً. قد تكون المرأة هي التي تمتلك الرؤية الإيجابية تجاه النساء وأهمية الإرتقاء بوضعهن وعلى كافة المستويات ,ولكن يبقى السؤال هل سيتم تهميش الرؤية النسوية الفلسطينية هذه ,أم سيتم تمكينهن وبكافة مجالات التمكين السياسي والقانوني والإجتماعي . وطالما هناك أسس ومفاهيم للديمقراطية والرغبة بتعزيزها دون أي تعارض مع عقيدتناالإسلامية السمحة فستلاقي إذن الولاء والإزدهار . الإنتماء والولاء لدى المرأة يسبقه الإنتماء للوطن وحب الأرض والعمل الدؤوب وصدق النوايا من أجل تحرير الأرض والإنسان وإقامة العدل والسلام والمساواة على أرضنا المباركة وتحريرها من دنس الإحتلال . إن مفهوم القيادة النسوية يأتي متكاملا مع دورها القيادي وإيمانها بدورها الكامل والمتكامل والواجب عليها البذل والعطاء بجهد لا ينضب ولا يفتر . وقد يكون دور المرأة المقدس كربة بيت والتي هي فطرة الله على الأرض بأن تكون هي الزوجة والأم والأحق بالحضانة لما فطرت به من العدل والإحسان والفضيلة والمحبة وهنا نذكر بقوله تعالى { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.. فهذه آية تحتاج إلى كثير من التأمل والتفكر. وهذة الأية الكريمة وضحت مكانة المرأة وكونها جزء لا ينفصل عن المنظومة البشرية والنواة المشكلة على أساسها الأسرة . ولذلك عندما نقرأ قول الله تعالى { وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } ندرك أن جميع العوالم من جماد، ونبات، وحيوان، وإنسان ,لا يتم إلا بتمازج ومشاركة دون فصل أو تمييز على اساس النوع الإجتماعي فكل مكمل للأخر . وقد تكون حضانة المرأة أيضا ًتكليف لها شرعاً وهو لا ينقص من مكانتها أو يحد من عطائها بل هو شهادة لها بأنها الأجدر ونستعرض ما قال إبن تيمية رحمه الله (الأم أصلح من الأب ,لأنها أرفق بالصغير ,وأعرف بتربيته وحمله وتنويمه ,وأصبر عليه وأرحم ) فهي أقدر في هذا الموضوع فتعينت في حق الطفل تميز المخير في الشرع . مما يؤكد لنا بأنها فيما يخص قيادة العبء الأسري يأتي بتكليفها أولا ً لأنها تكون الأقدر بحمل هذه المسؤولية ولا سيما إذا ما اتصفت وتحلت بتفضيلها من باب التفاضل بالخلق الحسن والعدل والإحسان على الشريك أو المعيل الآخر فيما إذا تم التخيير بحالات عارضة بالأسرة كالطلاق أو الموت , أو الزوج من آخر . وهنا لا بد أن نتحدث عن دورها المساند والرديف ببناء المجتمع بكل تحديات المرحلة السياسية والنضاليه ومما لا شك فيه ان المرأة استطاعت وبكل كفاءة أن تكون لها الريادة في كثير من النضالات فكانت منها الشهيدة والأسيرة والجريحة والسياسية والكاتبة والمربية والإعلامية ,وأثبتت جدارتها بكل الميادين . ولكن بالرغم من دورها الناشط والقيادي والذي هو على الأغلب يأتي كعمل تطوعي أو بأجر متدني كثيراًبالنسبة للرجل بنفس المجال والتخصص ,نجدهن مثابرات على العطاء والتميز بهمة ونشاط . فهناك العديد منهن لم يتم دمجهن في تشكيل اللجان السياسية أو الإجتماعية حسب الكفاءة ,ليتمكن من أداءدورهن القيادي ,بل تم تهميش أكثرهن وفي كل المجالات . وهناك العديدات ممن يمارسن العمل الوطني وعلى كافة الصعد ولكنهن رغم العمل الدؤوب لم يتم الإلتفات حتى لهن أو إنصافهم . فمن هنا صرخة المرأة الفلسطينية لابد لها أن تطالب بفتح كافة الإمكانات أمامها وتمكينها ودعمها ثقافياً ومعنوياً ومادياً لتستطيع الصمود والثبات على العطاء دون إحساسها بالتهميش أو الظلم . ولتكون بالطليعة دوماً وجنباً إلى جنب مع الشريك الآخر بميادين العمل سواء الإجتماعي أو السياسي أو التنظيمي أو دورها بتقرير المصير أو سن القوانين على أساس المساوآة والكفاءة . ولا ننسى قول وراء كل رجل عظيم إمرأة ,بل سنقول سوياًومعاً يحلو العمل وبالأمل والإتحاد يتواصل البذل بالجهد وبشحذ الهمم حتى تحقيق الرؤية النسوية بوطن ترفرف عليه أعلام الحرية منارة والعدل والسلام ورفعة النفس فوق الشبهات وحتى نرتقي بأخلاقنا وتضحياتنا ونسمو على عناصر الشر البغيض بعيد اً,ونرتقي كالشهب في فضاء فلسطين محلقيين بشموخ الثوار الأحرار. وكما كان دوماً القائد الفذ الرمز ابو عمار ومن هم بالعلياء من شهداء ,ولنكن عونناً لآسرانا البواسل كي لا يشعرون بهباء تضحياتهم ,ومن أجل جرحانا التواقين للشفاء ,ومن أجل لحن الحرية الصادح في كل فناء على لسان الطير الجريح الذي يعاني من صراع الأشقاء ,صرخة المرأة الثكلى التي ملت الحصار والدمار والجوع ولكنها تدعو ليل نهار بالحوار والوحدةعنواناً للإنتصار .