تحاول بعض الدول العربية, بقيادة مملكة آل سعود, التقرّب والتزلّف الى الكيان الصهيوني مستخدمة, على طريقة المشتهية ومستحية, كلّ السبل والطرق بما فيها الدين..مع أن الحكام العرب, ومنهم حكام المملكة العربية السعودية, لا يحملون تخويلا أو تفويضا ولا مؤهلات تسمح لهم بالتكلّم باسم الدين الاسلامي أو نيابة عن المسلمين خصوصا وإن الأمة الاسلامية, والحمد للّه, لا تعاني أو تشكو من نقص في العلماء ورجال الدين الأفاضل. غير أن إصرار بعض الأنظمة والحكومات على تسييرالدين وفق أجندة سياسية خاصة بها وفي ما يشبه المهرجانات الاحتفالية هو الذي يعطي إنطباعا سيئا للناس البسطاء بأن ثمة خلافات عميقة بين الأديان. بينما تكمن المشكلة أساسا بمن يدّعي أنه يمثل الدين ويدافع عنه. كما إن الحقيقة المرّة هي أن معظم الحكام العرب, وبعد أن إستحوذوا بشتى الطرق الشرعية والغير شرعية على كلّ شيء في بلدانهم, لم يبق أمامه غيرالدين الاسلامي لكي تتم مصادرته وإستخدامه لأغراض دنيوية بعد أن آلت جميع محاولاتهم ومبادراتهم, في التزلّف الى تل واشنطن وتل أبيب, الى فشل ذريع. وعندما نرى قاتلا ومجرما ومتطرّفا دينيا وسياسيا وأخلاقيا, كرئيس الكيان الصهيوني شيمون بيريس, يتحدّث عن السلام والوئام والمحبة بين الأديان والشعوب, ندرك إن المهرجان الجماهيري الذي عقد في نيويورك تحت إسم"الحوار بين الأديان" هو أبعد ما يكون عن الأديان والرسالات السماوية وما بشّر وجاهد وكافح من أجله الرسل والأنبياء والسلف الصالح . فكيف يحقّ للمجرمَين جورج بوش وشيمون بيريس الحديث عن المحبّة والتسامح وهم على رأس دول إرتكبت من الجرائم البشعة, بحق المسلمين في العراق وفلسطين والصومال وأفغانستان وباكستان, ما لم ترتكبه حتى النازية الهتلرية في أوج قوتها وعظمتها؟ أما كان الأولى بالملك عبه الله بن عبد العزيز أن ينهض من مكانه ويصرخ باعلى صوته في وجه قاتل المسلمين بوش الصغير والثعلب الصهيوني شيمون بيريس, ويقول لهما:" كفاكم نفاقا وكذبا وضحكا على ذقوننا. إن أياديكم ملطّخة بدماء ملايين المسلمين في كلّ مكان". لكن الجرأة والشجاعة والرجولة تبخّرت ممن يفتخر بانه خادم الحرمين الشريفين. لأن مهمّته الأساسية في هذا الحفل الاعلامي الجميل هي الأخراج المسرحي ودعوة نخبة ممن لا علاقة لهم إطلاقا بالقيم والتعاليم الدينية لتستمع الى محاضرة "قيّمة جدا" حول التسامح والمحبّة والسلام بين الشعوب يلقيها رئيس عصابة إرهابية وقاتل محترف ومتطرّف دينيا إسمه شيمون بيريس. إن حكّام مملكة أل سعود لا يدركون إن سعيهم الحثيث من أجل زواج مسيارأو متعة أو مصلحة مع الكيان الصهيوني يبوء دائما بالفشل الذريع. وإن غزلهم وتودّدهم للصهاينة يُواجَه بالرفض القاطع, بل بالسخرية والاحتقارمن قبل قادة هذا الكيان الارهابي. فاسرائيل لا تبحث عن سلام ولا تسعى الى وئام لأن تاريخها الأسود, ومنذ تأسيسها وحتى هذه اللحظة, هو عبارة عن مسلسل متواصل من الجرائم والانتهاكات والعقوبات الجماعية وإغتصاب الأراضي من أصحابها الشرعيين. ويودّنا أن نسأل العاهل السعودي: أي دين هذا الذي يسمح لاتباعه بفرض حصار جائر, أقسى من حصار طروادة عشر مرات, ضد شعب آخر وأتباع ديانة أخرى, كما يفعل صهاينة شعب الله المختار ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية؟ وإذا كان ثمة ما يمكن التحاورعليه حقّا بين أتباع الديانات الأخرى, بما فيها الديانة اليهودية, فيجب اولا وقبل كلّ شيء رفع الحصارالاسرائيلي الظالم عن مليون ونصف مليون إنسان في قطاع غزة وإزالة مئات الحولجز في الضفة الغربية, وأن يكون الحوار بين أناس يتمتعون بكامل الحرية والاستقلال, لا أن يكون بين قاتل مدجج بالسلاح وأعزل محاصرمن جميع الجهات. أو بين سجان غليض القلب متوحّش وسجين مكبّل بالسلاسل. وإذا كان بامكان أي إنسان أن يتحدّث عن التسامح الديني والمحبّة والتعايش بين البشر فان قادة الكيان الصهيوني, الذين تربواعلى الحروب والقتل والتدمير والارهاب, هم آخرمن يحقّ له الكلام في هكذا موضوع. لأنهم النقيض الحقيقي لكلّ القيم والأخلاق والمباديء السامية التي جاءت بها الأديان السماوية. ومن سوء حظ المملكة العربية السعودية, وملكها الذي لا يكلّ عن إطلاق الميادرات التي سرعان ما يتجاهلها الآخرون, هو إن مؤتمرالحوار بين الأديان الذي إنتهت أعماله في نيويورك يوم الخميس جاء في مرحلة حرجة جدا لجميع دول وبلدان العالم حيث طغت أخبار الأزمة المالية على ما عداها من أمور وأحداث. كما جاءت "قمة العشرين" في واشنطن للبحث عن حلول ناجعة للخروج باقلّ الخسائر والأضرار من الأزمة المالية العالمية, لتسرق الأضواء عن"الحوار بين الأديان" الذي أراده العاهل السعودي أن يكون عرسا إعلاميا تطبيعيا يجمعه بالحاخام القاتل شيمون بيريس والكاوبوي الخارج عن القانون الدولي المجرم بوش الصغير. لكن جلالة عبد الله بن عبد العزيز, المتخصّص في طرح المبادرات الاستسلامية, خرج من عرس"الحوار بين الأديان" بلا حمّص ولا زبيب.