راودتني عن حريتي أفكار، سرعان ما زجرتها أذكار، غير أنها عادت بسرعة عاصفة، لامست عقلا و دغدغت عاطفة. أفكار لها قوة الأعاصير اللولبية، و تحوم حول رأسي على الطريقة الذبابية. إن طردت فرْدها، أتت بجيوش لا يمكن جردها. بدأت أفكارا ضبابية، ثم تكثفت، و تلبدت، و هي تمر مر الغيوم السحابية، التي تستعصي على المحاكاة الحسابية. عششت في رأسي و لم تخش بأسي. و لما تخمرت، و في ذهني تسمرت، ترى من خلالها يخرج الودق، ثم ينزل نصوصا على الورق، مع تصبب جبيني عرقا، و بعد أن أشبعتني ليالي أرقا. قبل أن أتبنى الفكرة، كنت طليقا أي نكرة، مطلقا لست حرا، و هي تذيقني عذابا مرا. أما بعد أن ألبستني خاتمها، فقد أصبحت خادمها. إن سولت لي نفسي، أو طاشت الحكمة عن رأسي، فزاغت عيني الى غيرها، ذكرتني بوافر خيرها، و استقامة سيرها. ثم إني لما باشرت الكتابة، أصبحت كمن ظللته السحابة، يُعرف من بعيد، و هو بمنظومة أفكاره سعيد. يركب البحار، كي يدعو لها الأنصار. أصبحت عنصرا في فضاء مجتمعي ثلاثي الأبعاد، ترى صورتي فيه بكل دوال الإسعاد. و لي حسب ديكارت إحداثيات، اسقاطا على ثلاث مستويات، تأخذ بعين الإعتبار، و توسع درجة حرية الإختيار: س: صلة رحم بالدم و الولادة ص: و قرابة بالزواج و الوسادة د: و أخوة في الله هي أيضا عبادة كلها علاقات تتطور مع الزمن، و تزداد قوة و ارتباطا مع المحن. فمتى يفهم الحكام العسكر، أو من ظن أن الدين أفيون مسكر، أن المجتمع يحتاج أيضا الى حرية رأي و فكر، كي يصبح له شأن و بين الأمم له ذكر.؟