مكتب صفاقس (الشروق): ... فُتحت الابواب والكل هرع ودخل من دخل واصطف الكثير الكثير في طابور الانتظار الممل والامل كل الامل الفوز بنصيب من العسل (عفوا) بنصيب من اللبن الذي قد يفوق في أهميته خلال هذا الشهر الكريم العسل. بالطابور الطويل انتظرت طويلا وقد بدا لي الوصول الى اللبن أمرا مستحيلا وانحبست الانفاس... كل الانفاس وكثر بين الصفوف الاندساس فهذا ركبه الوسواس وهذه تشكو الحاجة والافلاس ولكنها تريد نصيبا من اللبن مثل كل الناس. وهذا يشكو وجعا بالراس ولكنه يواصل رفس الناس. أصابني الدوار فأسندت رأسي الى الجدار ودارت بي الدنيا وكأني مسافر بالقطار وطال الانتطار وزد على ذلك وجع الظمإ وتعب النهار وبقيت بين شك الانقطاع عن الطابور ومواصلة الاستمرار ولما التفت ورائي تلبّدت برؤوس «خلق الله» سمائي وكان صهري بجانبي هو عزائي وبعد معاناة ومحن وصلنا وكر اللبن نفضت جيوبي لدفع الثمن وأي ثمن من أجل قطرات تسكب وعرق يتصبّب وروائح لا تعجب!