إذا ما جاء يدعي أنه يسأل عنك أعرف أنه يسأل عني وإذا ما أراد أن يقترب أكثر منك، فليقترب مني. ولكنني. أحدثه عنك يشرد فجأة. يبتم، على القسمات الجرح يرتسم، بالصمت يعتصم. وإذا ما طلبتك لتأخذني، لم تأت، وبقيت أنتظر، على الرصيف أمام الباب أنتظر وإن صادف أن أثلجت الدنيا. وابتدأ الغيث ينهمر، يأتي. يحييني يسألني عنك، وبكل لطف يعتذر. يقول أنه مرّ ليستعير كتابا لكني أعرف انه أتى ليأخذني تحت سحابته، حتى لا يبلل ثوبي المطر. وإن دعاني الرفاق الى الجري وانطلقوا يبقى وحيدا صامتا وينغلق يشرد في صمت ويرقبني حتى إذا ما احمرّ وجهي أو تصبّب العرق ينطلق جمع الرفاق يخترق يأتي بماء عذب يبلل الوجه مني والشعرا وإذا ما نظرت لأقول له «شكرا» أرى شيئا بعينيه يحترق. وينعزل أرى أشياء بعينيه زاخرة عليها ستار الصمت ينسدل وينعزل متوجعا كأنه قيس في توجعه إذ ما ليلاه أخذوا منه وارتحلوا وينعزل مثل المسيح في تفرّده إبان الخطب، إذ ما دنا الأجل وينعزل كأنه الشهيد في أوج محنته على الصليب وكان يأسه الأزل. وينعزل رباه كل عشق عشاق الأرض في عينيه يختزل وينعزل رباه كم نثر في عينيه، كم شعر، وكم غزل الى حد انني أصبحت أنفعل، الى حدّ إني ما عدت أحتمل أن أحدثه عنك إن جاء يسأل عني أن لا أحدثه عني إن جاء يسأل عنك الى حدّ أنني أصبحت أخاف أن يأخذني منك * الهادي الفقيه (الشابة) ----------------------------------------------------------------- **تكفيني تكفيني شطآنك الملأى بي تغمرني عذوبة تحتفي بقصصي بكلمي بما تقوله يداك لييدي يكفيني تغريرك بالطفلة التي تسافر ولي عنادها وضعفها وحبّها لذي هوى تنازله فردا مودّتي يكفيني تجواله بيني وفي كصولة الحرف معي في أكوان خارج الكلم يكفيني عصيانه متيّما بي يخوض حربا داخلي نار لها لا تنطفئ تكفيني قبائل من حبّه أحيت ما حرم بدمي أرواحها نداء كل موعد *** فتاة العين (المطوية النادي الأدبي) ---------------------------------------------------------------- **الوسادة الثكلى قلم ودفتر وستائر مسدلة وطيفه الساهر في عيوني يحاول السفر في ظنوني يحاول تقزيم المعضلة! لا لن أفتح الجرح ثانية لن أقرأ السفر ثانية ولن أكون مجددا غبية مغفلة لن تكون قمر ليالي ولن تشاركني أحلام وسادتي المخملية ولن تكون حلم سياحاتي القصية فأنا أشهد الآن بأني في هواك كنت سبية وكنت الجلاد وكنت الضحية وكنت إحدى: مراياك الخلفية أشهد الآن بأني كنت إحدى: موانئك المنسية شرق وغرب وسافر في كل المرايا وصل في كل المحاريب ورتل أناشيد العشق في كل الزوايا كن في الشمال كن في الجنوب ولكن تأكد: بأنك ستكون دائما .. خارج القلوب بعد حضني أنا/ كل الليالي صقيع/ بعد بيتي أنا كل الدروب ضياع ستتوه بعدي في مدن الغيوم وستعرف لاحقا بأني أنا القلم أنا الكتاب وبأني.. أنا الماء والأخريات سراب بأنك قايضت التبر.. بالتراب بأنك تصلي الآن.. من غير محراب * خطوية نصيب (تونس) -------------------------------------------------------------- **الوداع الأخير إني راحلة الى عالم الصدق والفضيلة.. إلى عالم انعدمت فيه الأكاذيب.. إني راحلة، الى غابة الإخلاص الدافئة تكسوني أحلام لذيذة، لتبدّد جراح تجاربي القاسية والمرّة في عمق حياتي.. إني رحلة فلا تناديني.. لأني لا أريد الإلتفات للوراء.. أخشى العودة ثانية.. لا أريد أن تلامس قدماي أعشاب الخداع والمكر.. إني راحلة.. وفوق قلبي كيس خيبتي المليء بالإخضرار الجريح.. وعلى وجهي الحزين الباكي انتحرت آخر آمالي في الوجود وتحوّلت الى دموع الألم في أعماقي المتألمة.. تعال ودّعني.. أريدك أن تمسح دموعي قبل الرحيل.. أريد أن أحمل معي ابتسامتك فهي شراع مركبي الضائع فوق الأمواج.. إني راحلة.. إلى واحة من الحنان المفقود.. إلى همس الأمواج المتلاطمة في محيط الأخضر.. الى زمن لا تواجهني فيه رائحة النفاق والحقد الأسود.. إني راحلة.. فلا تبك كثيرا، فإني لا أحتمل العودة للوراء وللشقاء.. لا أحتمل الموت كل يوم، فتعال.. ودّعني.. أريد أن تمسح قطرات الإرهاق فوق جبيني قبل الرحيل.. أريد أن تضمّني طويلا قبل وداعي الأخير. لتعانق أوتار قلبي، وتنير لي طريقا لا أثر فيه للأشواك، والأعشاب الطفيلية.. إني راحلة بعيدا.. علّي أنسى تعبي مع الحياة، من السنين ومرارة المداهنة والمكر الراكد في زنزانة الحاقدين.. لعلي أنسى رائحة غليوني المتشح بلون الجراح.. إني راحلة.. فتناس إني كنت في الوجود.. ثم تعال قبّلني ألف مرّة.. فإني: لن أعود.. لن.. أعود.. * سليمة السرايري (تونس) ------------------------------------------------------------- **ردود سريعة * ابن الريف (بئر علي بن خليفة) القصيدة التي وصلتنا تكشف عن نفس شعري جميل. مرحبا بك في نصوص أخرى. * رانيا معطى اللّه (الجم) «الوداع» تكشف عن ومضات شعرية جميلة. ننتظر منك نصوصا أخرى. * سماح شوشان (أولاد حفوز) «القتيل» فيها نفس شعري جميل ننتظر منك نصوصا أخرى ودمت صديقا ل»واحة الإبداع». * عبير صفيري (سيدي حسين) «رسالة الدنور» واضح أنها من محاولاتك الأولى. ننتظر منك نصوصا أخرى.