اعادة انتخاب عارف بلخيرية رئيسا جديدا للجامعة التونسية للرقبي للمدة النيابية 2025-2028    الأغاني الشعبية في تونس: تراث لامادي يحفظ الذاكرة، ويعيد سرد التاريخ المنسي    منزل بوزلفة:عمال مصب النفايات بالرحمة يواصلون اعتصامهم لليوم الثالث    إيران: لم نطرد مفتشي الوكالة الدولية بل غادروا طوعاً    تحذيرات من تسونامي في ثلاث مناطق روسية    كل ما تحب تعرفوا عن بلاي ستيشن 5    بلاغ هام لوزارة التشغيل..#خبر_عاجل    بطولة العالم للسباحة: الأمريكية ليديكي تفوز بذهبية 800 م حرة    عاجل : نادي الوحدات الاردني يُنهي تعاقده مع المدرب قيس اليعقوبي    ''السوبر تونسي اليوم: وقتاش و فين ؟''    الالعاب الافريقية المدرسية: تونس ترفع حصيلتها الى 121 ميدالية من بينها 23 ذهبية    منوبة: رفع 16 مخالفة اقتصادية و13 مخالفة صحية    عودة فنية مُفعمة بالحبّ والتصفيق: وليد التونسي يُلهب مسرح أوذنة الأثري بصوته وحنينه إلى جمهوره    فضيحة تعاطي كوكايين تهز ال BBC والهيئة تستعين بمكتب محاماة للتحقيق نيابة عنها    برنامج متنوع للدورة ال32 للمهرجان الوطني لمصيف الكتاب بولاية سيدي بوزيد    تقية: صادرات قطاع الصناعات التقليدية خلال سنة 2024 تجاوزت 160 مليون دينار    وزارة السياحة تحدث لجنة لتشخيص واقع القطاع السياحي بجرجيس    بلدية مدينة تونس تواصل حملات التصدي لظاهرة الانتصاب الفوضوي    دورة تورونتو لكرة المضرب: الروسي خاتشانوف يقصي النرويجي رود ويتأهل لربع النهائي    إيمانويل كاراليس يسجّل رابع أفضل قفزة بالزانة في التاريخ ب6.08 أمتار    طقس الأحد: خلايا رعدية مصحوبة بأمطار بهذه المناطق    طقس اليوم الاحد: هكذا ستكون الأجواء    الإمضاء على اتفاقية تعاون بين وزارة الشؤون الدينية والجمعية التونسية للصحة الإنجابية    الجيش الإسرائيلي: انتحار 16 جندياً منذ بداية 2025    رفع الاعتصام الداعم لغزة أمام السفارة الأمريكية وتجديد الدعوة لسن قانون تجريم التطبيع    نانسي عجرم تُشعل ركح قرطاج في سهرة أمام شبابيك مغلقة    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ تحول أميركي في مفاوضات غزة..وهذه التفاصيل..    829 كم في 7 ثوان!.. صاعقة برق خارقة تحطم الأرقام القياسية    كلمة ورواية: كلمة «مرتي» ما معناها ؟ وماذا يُقصد بها ؟    معاينة فنية لهضبة سيدي بوسعيد    في نابل والحمامات... مؤشرات إيجابية والسياحة تنتعش    تململ وغضب ودعوات للمقاطعة.. 70 دينارا لحم «العلوش» والمواطن «ضحيّة»!    اليوم الدخول مجاني الى المتاحف    جامع الزيتونة ضمن السجل المعماري والعمراني للتراث العربي    درجات حرارة تفوق المعدلات    مونديال الاصاغر للكرة الطائرة : ثلاثة لصفر جديدة أمام مصر والمرتبة 22 عالميا    لرصد الجوي يُصدر تحييناً لخريطة اليقظة: 12 ولاية في الخانة الصفراء بسبب تقلبات الطقس    الكاف: شبهات اختراق بطاقات التوجيه الجامعي ل 12 طالبا بالجهة ووزارة التعليم العالي تتعهد بفتح تحقيق في الغرض (نائب بالبرلمان)    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    قبلي: يوم تكويني بعنوان "أمراض الكبد والجهاز الهضمي ...الوقاية والعلاج"    قرطاج يشتعل الليلة بصوت نانسي: 7 سنوات من الغياب تنتهي    عاجل/ شبهات اختراق وتلاعب بمعطيات شخصية لناجحين في البكالوريا..نقابة المستشارين في الإعلام والتوجيه الجامعي تتدخل..    تنبيه هام: تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق..#خبر_عاجل    شراو تذاكر ومالقاوش بلايصهم! شنوّة صار في باب عليوة؟    الإدارة العامة للأداءات تنشر الأجندة الجبائية لشهر أوت 2025..    عاجل/ وزارة الفلاحة توجه نداء هام لمُجمّعي الحبوب وتقدّم جُملة من التوصيات للفلاحين..    كيف حال الشواطئ التونسية..وهل السباحة ممكنة اليوم..؟!    تحذير: استعمال ماء الجافيل على الأبيض يدمّرو... والحل؟ بسيط وموجود في دارك    "تاف تونس " تعلن عن تركيب عدة اجهزة كومولوس لانتاج المياه الصالحة للشرب داخل مطار النفيضة- الحمامات الدولي    وفاة جيني سيلي: صوت الكانتري الأميركي يخفت عن عمر 85 عامًا    كيفاش أظافرك تنبهك لمشاكل في القلب والدورة الدموية؟    الرضاعة الطبيعية: 82% من الرضّع في تونس محرومون منها، يحذّر وزارة الصحة    بطاطا ولا طماطم؟ الحقيقة إلّي حيّرت العلماء    القصرين: منع مؤقت لاستعمال مياه عين أحمد وأم الثعالب بسبب تغيّر في الجودة    تاريخ الخيانات السياسية (33) هدم قبر الحسين وحرثه    شنوّة جايك اليوم؟ أبراجك تكشف أسرار 1 أوت!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبي في حاجة ربه وحاجة عبده معا ( 23 )
نشر في الحوار نت يوم 23 - 09 - 2010


مشاهد من خلق الصادق الأمين.


نبي في حاجة ربه وحاجة عبده معا.


((( 23 ))).


أخرج الإمام مسلم في صحيحه قال : „ خرج عليه الصلاة والسلام ذات ليلة من بيت الأم العظيمة الكريمة عائشة عليها الرضوان فأتبعته وهو لا يدري لعله يأتي بعض نسائه فإذا هو في البقيع يستغفر لأهله ( المقبرة التي دفن فيها شهداء أحد وغيرهم بجانب مسجده اليوم في المدينة المنورة). فقالت في نفسها : أنت في حاجة ربك وأنا في حاجة الدنيا ثم إنصرفت ولما لحق بها في طريق عودته إلى البيت قال لها : ما هذا النفس العالي يا عائشة ( أي أنها كانت تلهج بنفس عال من شدة السعي والحركة) فأخبرته الأمر. فقال لها : أتاني جبريل عليه السلام وأمرني بالصلاة على أهل البقيع ( الصلاة = الدعاء والإستغفار) فخشيت أن أوقظك لما ظننتك رقدت كما خشيت أن تستوحشي. ثم سألته عما يقوله للموتى فقال : سلام عليكم أهل ديار مؤمنين أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون”.


بيت النبوة مفتوح للناس أجمعين.


كذلك شاء ربك سبحانه أن يجعل بيت عبده وسيد خلقه طرا محمد عليه الصلاة والسلام بيتا مفتوحا للناس أجمعين حتى يوم القيامة. مفتوح في القرآن الكريم يطلع عليه من شاء متى شاء ( أنظر الأحزاب والتحريم وغيرهما). ومفتوح في السنة والسيرة بمثل ما أنف ذكره هنا. ما هي الحكمة؟ الحكمة من ذلك هي تثبيت حياة محمد عليه الصلاة والسلام في كل دقائقها وصغائرها وعظائمها وخاصها وعاما ( بالتعبير المعاصر) لتكون مرآة يصلح على ضوئها كل إنسان ما عنّ له من أمره أو نموذجا مثاليا يهتدي بنبراسه المنير من شاء. ليس هناك على وجه الأرض ولا في جوفها من آدم عليه السلام حتى تقوم الساعة بشر واحد يعرف عنه الناس وسيعرفون أدق الدقائق ومفصل التفاصيل عن كل جوانب حياته ( حتى جماعه لزوجه فضلا عن أكله وشربه وقعوده وقيامه وضحكه وغضبه ولباسه وما يحب وما يكره بسبب البشرية فضلا عن سبب النبوة).. ليس هناك فوق الأرض ولا في بطنها بشر هو كذلك بمثل ما هو سيد الخليقة محمد عليه الصلاة والسلام. لو لم يكن ذلك كذلك لما كان لقوله سبحانه في أكثر من موضع : „ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ..“ من معنى. ولكن ماهي الحكمة من جديد؟ الحكمة الجديدة هي أن محمدا عليه الصلاة والسلام عرضت حياته بكل تفاصيلها ودقائقها وفي كل مراحلها حتى يكون أسوة لكل متس: إن يكن فقيرا فله فيه أسوة وإن يكن غنيا فله فيه أسوة وإن يكن حاكما فله فيه أسوة وإن يكن معارضا فله فيه أسوة وإن يكن غاضبا فله فيه أسوة وإن يكن راضيا فله فيه أسوة وإن يكن زوجا فله فيه أسوة وإن يكن أبا فله فيه أسوة وإن يكن منتصرا فله فيه أسوة وإن يكن غير ذلك فله فيه أسوة.. كذلك رتبت أقدار الرحمان سبحانه لهذا العبد صلى الله عليه وسلم كل ذلك وأظهرته مفصلا كأنما يعرض أمامك على كف شاشة لئلا يقول قائل يوم القيامة : لم أجد في هذه أو في تلك من أسوة أمامي. بعض المخدوعين يودون لو أن بعضا من حياة البيت النبوي لم ينشر ظنا حسنا منهم أن ذلك يؤذي الدعوة اليوم أو يلمز محمدا عليه الصلاة والسلام أو زوجاته الكريمات.. ذاك وهم وما تجتنى الأمجاد بالأوهام. ذاك وهم لأن الإسلام يعلمنا من خلال ذلك قيمة تنكبها بعضنا اليوم إسمها : قيمة الواقعية أو قيمة البشرية. سمها ما شئت إذا أدركت المعنى ولا مشاحة في المصطلح كما قالوا بحق.


لا عيب في البشرية ولكن العيب في التعالي الكاذب.


يخرج بعض أهل الحديث هذا الحديث في باب علاج غيرة النساء. هو إجتهاد منهم يؤجرون عليه ولكن مواضيع الحديث أكثر وأعظم من أن تحصر هناك. بل إن مواضيع مثل : جوانب من الخلق العظيم الذي تزين بمحمد عليه الصلاة والسلام في معاملته لزوجه الكريمة عائشة عليها الرضوان .. أو من مثل : تعهد أهل البقيع وربما يكون أكثرهم يومها شهداء جمعوا بين الشهادة والصحبة والجهاد وغير ذلك .. أو من مثل : تعليمنا دعاء المرور بجانب المقابر أي مقابر المسلمين .. بل حتى من مثل : تواضع الأم الكريمة العظيمة عائشة لربها ولزوجها ( نبي ربها) وما كانت عليه من خلق عظيم لا يعرف غير الصدق في كل الأحوال.. كل ذلك وأكثر منه يصلح أن يكون مصرفا ينصرف إليه الحديث عند التدوين سيما عند من دون الحديث تدوينا فقهيا من مثل الصحيحين والموطإ بخلاف المسند.. الحقيقة بمثل ما يؤكد أهل الصنعة أن الإمام البخاري هو أول من أجاد في الترتيب الفقهي لصحيحه حتى أنك اليوم تستعين بذلك لحسن فقه ما أورده إذا أشكل عليك موضوعه.. ولكن ليس هذا موضوعنا اليوم.


الأم الكريمة العظيمة هي بشر قبل أن تكون في أعلى المنازل.


هي بشر حتى لو إصطفتها أقدار الرحمان سبحانه لتكون ألصق إمرأة بأقرب عبد من ربه سبحانه بله ألصق بسيد الصديقين الذي خلع عليه محمد عليه الصلاة والسلام ما لا يكاد يحصى من النياشين منها هذا : „ كل من له علينا فضل أوفينا له فضله إلا أبابكر”. عائشة الكريمة العظيمة بشر يغار والغيرة من صفات الله سبحانه بحسب ما أخبرنا الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام : „ أو عجبتم من غيرة سعد فإن الله سبحانه أغير ..“ ثم بين عليه الصلاة والسلام أن غيرة الله تعني : هداية عبده إليه بالكتب والرسل وأدلة الهداية جمعاء ولم يشأ سبحانه أن يترك عبده لذئاب الجهل والشرك والكفر وعبادة الهوى.


في الحديث منهاج لمعالجة الغرائز.


في معالجة الغرائز يضل الناس كثيرا بين ملب لشهواتها بمثل ما تلبي العجماوات شهوات غرائزها وبين ضنين يظن أن الكبت هو العلاج وما درى المسكين أن الكبت يولد الإنفجار إن آجلا أو عاجلا. بعض الناس لا تدرك بصائرهم إلا الغرائز المادية وهي عند التحقيق عند الإنسان أقل شأنا من الغرائز المعنوية من مثل غريزة حب التقدير. ألا ترى أن الزاني يزنى في العادة ولا يريد أن يرى عليه أثر ذلك. ذلك دليل على أن غريزة حب التقدير وهي غريزة معنوية أعلى شأنا عنده من غريزة ( الجنس بالتعبير المعاصر)؟ منهاج محمد عليه الصلاة والسلام لمعالجة الغرائز بحسب هذا الحديث يقوم على الإعتراف بالغريزة ثم تهذيب غلوائها أن تجني على صاحبها. من ذلك أنه لم يعاتب زوجه عائشة عليها الرضوان لما علم أنها في حاجة نفسها كما أحسنت هي بذلك التعبير ( وهي العربية القحة إبنة العربي القح وزوج العربي القح). أقر فيها ذاك لأنها لا تملك غير ذاك بما أودع فيها سبحانه لحكمة قدرها.


حلم محمدي يبكت الألسنة والأقلام معا.


عندما يقول كاتب أو قائل بأن قلمه أو لسانه عاجز فعلا عن وصف الحلم المحمدي والرحمة المحمدية فليس ذلك من باب المبالغة والتهويل. تلك حقيقة. قل لي بريك : بأي قلم وأي لسان يمكن لك أن تتحدث عن رحمة محمد عليه الصلاة والسلام. رغم أن الآمر هو جبريل عليه السلام ( أمر جبريل هو أمر الله سبحانه ولكن سيق بمثل سوقه لقوله : „ إنه لقول رسول كريم”. الرسول الكريم هنا هو جبريل وليس محمد عليهما الصلاة والسلام ونسبة قول القرآن الكريم إلى جبريل من باب فتنة المشركين من جهة ومن جهة أخرى نسبة للقول إلى آخر قائل له).. رغم أن الآمر هو جبريل عليه السلام بخصوص الذهاب في تلك الليلة بالذات وذلك الوقت بالذات إلى البقيع.. فإنه خشي على زوجه عليه الصلاة والسلام أن تستوحش إذا إستيقظت من نومها فلم تجد زوجها إلى جانبها كما خشي عليها إن أيقظها أن يفسد عليها نومها.. أي رحمة هذه!!! أي رحمة مهداة هي!!! أي نعمة مسداة هي!!! رحمة بكتت الأقلام وألجمت الألسنة ولم يعد هناك سوى مجال واحد : هو مجال القلوب أن تكرع من مناهل العرفان المحمدية فتستقيم ثم تثني عليه صلاة وسلاما بمثل ما صلى عليه ربه وملائكته..


ذلك هو معنى أنه في حاجة ربه وحاجة عبده معا.


وذلك هو معنى وسطية محمد عليه الصلاة والسلام. وسطية تصل حاجة العبد ( عائشة في صورة الحال) بحاجة الله سبحانه ( البقيع في صورة الحال).. كثير منا اليوم إما أن يطغى في قضاء حاجة ربه فيغمط حاجة عبده بدعوى التفرغ للجهاد والعبادة ولا جهاد ولا عبادة عند التحقيق ولكنه تعال متعال وإما أن يخسر في قضاء حاجة ربه فيطغى في حاجة عبده.. وكل عمل قام على طغيان أو إخسار فلا أجر فيه أو أن أجره ضعيف جدا بسبب تنكبه وسطية محمد عليه الصلاة والسلام. ذلك هو دين محمد عليه الصلاة والسلام وإنما أمر هو و من إتبعه بقوله سبحانه : „ فأستقم كما أمرت ومن تاب معك”. معناها : لا تقبل منك إستقامة حتى تستقيم بحسب المنهاج الذي وضعته أنا وليس بحسب ما تريد أنت أو تحب. لسنا مطالبين بالإستقامة فحسب ولكنا مطالبون بالإستقامة بحسب ما أمرنا في كتابه وسنة عبده محمد عليه الصلاة والسلام. فما هو منهاج الإستقامة إذن؟ موضوع جدير بالبحث لمن له همة وفضل وقت.


وهل يحتاج شهداء البقيع إلى دعاء وإستغفار.


أجل. بل هما أجلان. أجل لأن الوحي جاء بذلك. وأجل أخرى لأن الإسلام علمنا أنه لا يرتفع أحد طرا مطلقا حتى يكون في منزلة لا يحتاج فيها لصلاة ( الصلاة = الدعاء والإستغفار). حتى جبريل رئيس الملك عليه السلام لا يقدر الله حق قدره فلا يقدر الله حق قدره شيء في الأرض ولا في السماء. إذا كان الملك المسبح ليل نهار صباح مساء وهو مفطور على ذلك لا يقدر الله حق قدره فلك أن تدرك معنى قوله : „ وما قدروا الله حق قدره”. لأن قدر الله سبحانه لا يدركه لا نبي مرسل ولا ملك مقرب. من باب أولى وأحرى أن يكون الإنسان أدنى من ذلك. الحاجة إلى ذلك هي أنه في أحيان كثيرة يبلغ ببعضنا الحب لمحمد عليه الصلاة والسلام درجات من الجنون والوله غير مطلوبة كما يفعل بعض غلاة الصوفية. القانون في ذلك هو : „ قل إن كنتم تحبون الله فإتبعوني يحببكم الله”. الإتباع هو الذي يعكس الحب الحقيقي المطلوب.أما ذرف الدموع دموع التماسيح في حين أن المسلم لا يتمعر وجهه لما يحدث ضد الإسلام في كل مكان اليوم تقريبا.. ذلك هو الحب الكاذب وتلك هي دموع التماسيح..


حركة الدعاء والإستغفار في الكون دائرية متكاملة لا تنضب.


مبناها قوله سبحانه : „ هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور”. إذا جمعت إلى ذلك قوله : „ إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما”.. أنتج لديك : حركة إستغفار كونية دائرية متكاملة أولها الله سبحانه الذي يصلي على المؤمنين ( أي يقضي لهم بالرحمة) وأوسطها الملائكة التي تصلي على النبي وعلى المؤمنين ( أي تستغفر حقيقة وليس مجازا أو دعاء وليس قضاء) وآخرها المؤمنون الذين يصلون على النبي محمد عليه الصلاة والسلام في إثر ذلك. وحلقة أخرى مضيئة بارزة كما يضيئ العقد حبته اللامعة وهي حلقة محمد عليه الصلاة والسلام الذي يدعو ويستغفر للمؤمنين بل إنه أجل دعوته رحمة بأمته يوم القيامة بخلاف ما فعل الأنبياء الآخرون. حركة كون إذن قوامها التكافل على الدعاء والإستغفار من الملائكة حتى المؤمنين. حركة تنسجم مع الحركة الأخرى التي أخبرنا عنه سبحانه : „ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم”.


ألا تشتاق إلى رؤية ربك سبحانه.


هذا حديث النفس أحيانا. أتفكر في الملكوت مترامي الأطراف وأرفع بصري إلى السماء وأتدبر في عجائب الكون والخلق وعظائم الأنعام من كبيرها إلى دقيقها ثم أقول في نفسي : سبحان الله حقا وصدقا وعدلا. أناجي ربي فأقول : هل يمكن أن أرى هذا الخلاق العظيم. أقول في نفسي عندما أستعظم خلقه سبحانه وأتدبر في حكمته بما أوتيت وما أوتيت شيئا : يشتاق المرء في الدنيا إلى ملاقاة عظيم من العظماء أو كبير من الكبراء تحدث عنه الناس كثيرا أو تحدثت عنه أعماله. يسعى المرء هنا للإطلاع بنفسه على ذاك ثم يظل يدون ذاك في مذكراته مفتخرا أنه إلتقى فلانا و حادث فلانا وشاهد فلانا وربما يكون شاهده مع ملايين مملينة أو ربما من خلف شاشة فضائية أو ربما قرأ له أو رأى من رآه ويحصل له به فخر وأي فخر.. أقول في نفسي : كيف إذا رأى العبد الصغير الضعيف خالقه سبحانه يوم القيامة! ألا يذهل عن لذائذ الجنة التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.. عندما أحدث نفسي بذاك أذكر شوق العبد الكريم العظيم موسى عليه السلام إلى ربه إذ رغم أنه سمع صوته مباشرة ما زاده ذلك إلا شوقا إليه فقال : „ رب أرني أنظر إليك”. العجيب هنا أن الله سبحانه لم يعاتبه على ذلك بل إستجاب له ولكن المشكلة الوحيدة هي مشكلة فنية إذ أن وجود موسى عليه السلام على هيئة بشر في هذه الدنيا لا تمكنه من رؤية ربه أما من حيث المبدإ فلا مانع لذلك قال له : „ لن تراني “ وحتى يشبع غليله ولا يرده خائبا ويجعله يدرك أن المشكلة فيه هو أي في خلقه هو على نحو لا يقوى فيه بشر في هذه الدنيا على رؤية ربه سبحانه بمنافذ علمه الراهنة من سمع وبصر وفؤاد وغير ذلك.. حتى يكون ذلك قال له : „ ولكن إنظر إلى الجبل فإن إستقر مكانه فسوف تراني”. سوف تراني ولكن لن تراني. لن تراني على هيئتك هذه يا موسى الكليم وسوف تراني يوم القيامة بمثل ما أخبر الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام لما سئل عن ذلك قال : „ وهل تضارون في رؤية البدر الساري”. أو بمثل ما قال هو سبحانه في القيامة : „ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة”. كيف : لا أحد يدري كيف. المهم كن من المرشحين لرؤية ربك وعندها تراه بإذنه سبحانه. ولكم كان تفسير قوله : „ وزيادة” في الكتاب العزيز : الزيادة = رؤية الرحمان سبحانه. زيادة على نعيم الجنة الحسي وأي زيادة.. لكم كان ذلك مزية. أليست الزيادة مزية؟


أهل البقيع لهم من يدعو لهم ويستغفر فمن لك أنت.


من دعا له محمد عليه الصلاة والسلام لا تطأه النار أبدا لأنه مستجاب الدعوة. لم يبق لنا إلا أمل في كوننا أحبابه الذين إشتاق إليهم من الذين آمنوا به ولم يروه عسى أن يردوا على حوضه يوم الدين فلا تطردهم الملائكة بقولهم : إنهم بدلوا بعدك وغيروا يا رسول الله! يردون فيسقون من يده الكريمة شربة ماء طاهرة زكية زلالا لا يظمأون حتى يدخلوا الجنة. عدل عادل : الأصحاب أصحاب والأتباع أحباب ولا يظلم ربك أحدا. ليس للزمان مزية ولا للمكان مزية بمثل أنه ليس للإنسان مزية إلا أن “ أكرمكم عند الله أتقاكم”.. إلا زمانا تنداح فيه نفحاته سبحانه رحمة لعباده أو مكانا بمثل ذلك.


من يدعو لك أنت بعد موتك؟


أعد شفعاءك وشفعاؤك : القرآن الكريم والصيام والنبي محمد عليه الصلاة والسلام والولد الصالح الذي يدعو لك والصدقة الجارية والعلم المبثوث في الصدور والكتب. أولئك محاموك فتعاهد محاميك وموكليك لئلا يتنكروا لك يوم لا ينفع مال ولا بنون.


والله أعلم.


الهادي بريك المانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.