يخشى حقوقيون على مصير الصحفي التونسي الفاهم بوكدوس -الذي يقضي عقوبة بالسجن لأربعة أعوام- بعدما بدأ إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ يوم الجمعة الماضي احتجاجا على ظروف اعتقاله، بينما لم تحرك السلطة ساكنا. وزج ببوكدوس في السجن يوم 15 يوليو/ تموز الماضي، بعدما ألقت الشرطة القبض عليه إثر خروجه من مستشفى بمحافظة سوسة (وسط تونس) حيث كان يخضع للعلاج من مرض الربو المزمن. وأدانت منظمات حقوقية طريقة الاعتقال، واعتبرت أن تثبيت الحكم الصادر من قبل محكمة قفصة في السادس من يوليو/ تموز الماضي، بسجن بوكدوس أربع سنوات "قاس" والتهم الموجهة إليه "جائرة". توظيف القضاء ويتهم الحقوقيون السلطة بتوظيف القضاء لمعاقبة بوكدوس على تغطيته الصحفية لقناة الحوار التونسي بشأن التحرك الشعبي بمنطقة الحوض المنجمي بمحافظة قفصةجنوب البلاد مطلع 2008، احتجاجا على الفقر والبطالة. ولا تعترف السلطة بأن بوكدوس صحفي –رغم أنه يسترزق من هذه المهنة- وقد اتهمته ب"تكوين عصابة وبث نشرات تعكر النظام العام" وهما تهمتان أقرهما القضاء بعد سلسلة محاكمات تغيب عنها بوكدوس بسبب مرضه. وبعد مضي نحو ثلاثة أشهر على سجنه قرر بوكدوس الدخول في إضراب مفتوح للاحتجاج على ظروف اعتقاله والمطالبة بإخلاء سبيله، وهو ما زرع الخوف في قلوب مسانديه خشية أن يفقد حياته. الوضع الصحي وفي السياق، يقول رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان مختار الطريفي "نحن قلقون للغاية على حياة بوكدوس، فحالته الصحية متدهورة وتستوجب تناول الدواء، لكنه مع ذلك قرر الامتناع عنه وعن الطعام". وسبق أن نقل بوكدوس من داخل السجن إلى مستشفى بقفصة ليلا وآخر بسوسة بسبب نوبات الربو الذي يلازمه منذ عشرين عاما، ويخشى أن يتعرض لأزمة تنفس حادة بعد انقطاعه عن تناول الدواء. وحمل الطريفي السلطة مسؤولية أي مكروه يصيب الصحفي التونسي، وقال للجزيرة نت "ظروف اعتقال بوكدوس غير صحية نظرا للرطوبة في السجن وكثرة المدخنين، وانعدام الرعاية الطبية". وانتقد الاتحاد الدولي للصحفيين ومنظمة "مراسلون بلا حدود" ومنظمات حقوقية تونسية إصرار السلطة على إبقاء بوكدوس في السجن رغم تأزم وضعه الصحي، ودعوا لإصدار عفو عنه. ولم يصدر إلى الآن أي موقف رسمي بشأن حالة بوكدوس، لكن زوجته عفاف بن نصر قالت للجزيرة نت بعد زيارتها الأخيرة له إن صحته تزداد سوءا وإن إبقاءه قيد الاعتقال "قرار بالقتل البطيء". ويتخوف المراقبون أن تتجاهل السلطة نداءاتهم بشأن العفو عن بوكدوس، ويقول الطريفي في هذا الصدد "رغم المطالب والمناشدات بإطلاق سراح بوكدوس لا تحرك السلطة ساكنا". حالات متكررة وبوكدوس هو ثالث صحفي يزج به في السجن بعد توفيق بن بريك وزهير مخلوف، كما يحاكم حاليا صحفي آخر يدعى المولدي الزوابي بتهمة الاعتداء على شخص، في حين يرى مراقبون أن القاسم المشترك في محاكمة هؤلاء الصحفيين هو تقاريرهم الناقدة لسياسة الحكومة. من جهة أخرى وفي محاولة للضغط على السلطة، قرر نقابيون وأساتذة بمحافظة قفصة شن إضراب يوم 25 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل للمطالبة بإطلاق بوكدوس ورفع ما وصفوه بالاحتقان الأمني بالمحافظة. ويقول رئيس اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي مسعود رمضاني للجزيرة نت إن النقابة العامة للتعليم الأساسي قررت التضامن مع بوكدوس وكل النقابيين الذين سجنوا بعد الاحتجاج الشعبي بقفصة ولم يسترجعوا بعد مواطن عملهم. وبغض النظر عن قضية بوكدوس يشكو بعض الأساتذة النقابيين الذين قادوا الاحتجاج الشعبي بمحافظة قفصة عام 20058، وعلى رأسهم عدنان الحاجي، من حرمانهم من عملهم وملاحقتهم أمنيا رغم إخلاء سبيلهم من السجن في عفو رئاسي منذ عام.