تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رغم غياب الجسد.. لم يزل اسم الشهيد " البنّا حسن " يشكل هاجسا..
نشر في الحوار نت يوم 14 - 10 - 2010


رغم غياب الجسد..
لم يزل اسم الشهيد " البنّا حسن " يشكل هاجسا ..
14-10-1906---- 12-2-1949



*هذا الشرق لا يستطيع أن يحتفظ طويلا ً بالكنز الذي يقع فييده ..
* إنّه رجل لا ضريب له في هذا العصر ..
* لقد مرّ في تاريخ مصر مرورالطيف العابر الذي لا يتكرر .
*كان لابد أن يموت هذا الرجل _ الذي صنع التاريخ وحوّل مجرى الطريق _ شهيدا ً كما مات عمر وعليّ والحسين.
*كان لابد أن يموت مبكرا ً ، فقد كان غريبا ً عن طبيعة المجتمع..
*يبدو كأنّه الكلمة التي سبقت وقتها ، أو لم يأت وقتها بعد!!!.... "
هذا كلام محايدا قيل عن شخصية مسلمة حوربت من أبناء الأمة ، وقائله هو الكاتب الأمريكي روبرت جاكسون ..

أمّا الشيخ طنطاوي الجوهري فقد وصفه بأنه يجمع بين قوة علي بن أبي طالب وحكمة سيدنا معاوية رضى الله عنهما ، حيث قال- " لقد عاصرت زعماء الشرق الحديث فوجدت الزعيم أحد أثنين : إمّا سياسي لا يفقه الإسلام، وإمّا إسلامي لايفقه السياسة ولكني ظفرت فى حسن البنا الرجل الذي يجمع بين عقلية الساسة الدهاة وقلب الأولياء الصالحين ، إنّه عقل معاوية وقلب علي .

هذا بعض ما قيل عن -الشهيد الإمام حسن البنا- الرجل الذي صنع تاريخا وحوّل مجرى الطريق ، العالم والخطيب المفوّه الذي شهد له الكثيرون بذلك ، فكان له الفضل الكبير بعد الله في تقوية البنيان الإسلامي إلى يومنا هذا..


سيرة طيبة:

لأسرة بسيطة ولد الشهيد البنا في المحمودية إحدى قرى محافظة البحيرة صباح الأحد الخامس والعشرين من شهر شعبان عام 1324هجريةالموافق له الرابع عشر من شهر تشرين الأول- أكتوبر 1906 في العام الذي حدثت فيه حادثة الدنشواي، كان والده الشيخ أحمد عبدالرحمن البنا مأذونا وإماما. تميز الشهيد بين أقرانه منذ أيام الدراسة ، اهتم والده بتحفيظه القرآن الكريم في سن صغيرة فتلقى التعليم بداية على يد الشيخ محمد زهران صاحب مدرسة الرشاد الدينية الذي بقي فيها خلال الفترة ما بين عمر الثامنة والثانية عشرة ، حيث حفظ نصف القرآن تقريبا..
في المدرسة الإعدادية كان زملاؤه يرون فيه دائما القائد والزعيم حتى أنهم عندما تألفت "جمعية الأخلاق الأدبية المدرسية" اختاروه رئيسا لها، غير أن هذه الجمعية لم ترضه ورفاقه ممن سلكوا دربه ، فقاموا بتأسيس جمعية أخرى خارج النطاق المدرسي أسموها "جمعية منع المحرمات " وكان نشاطهم مستوحا من اسمها ، محاولين أن يحققوا أهدافهم بطريقتهم الخاصة عن طريق النشرات والخطابات ..

تنقل الشهيد البنّا بين عدة مدارس ومناطق فالتحق بعد ذلك بمدرسة المعلمين في دمنهور ، وأنشأ جمعية جديدة هي " جمعية الحصافة الخيرية" ووضع لها هدفين أساسيين : - نشر الدعوة الإسلامية، - مقاومة الإرساليات والحملات التبشيرية التي كانت نشطة في تلك الأيام واتخذت من مصر محضنا لها . وبعد ذلك انتقل إلى مدرسة دار العلوم العليا في القاهرة وكان هناك جمعية وحيدة هي " جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية " فانتسب إليها وواظب على سماع محاضرات علمائها وشيوخها والخطب التي يلقونها في المساجد والتي استفاد منها بشكل كبير من خلال المناقشات التي كانت تطرح.



وفي زمن كان يعج بالإلحاد وكل ما هو هادم للدين الإسلامي ، مضى الإمام في دربه يخطو بخطى واسعة صارفا وقته في العلم والعبادة والدعوة إلى الله إلى أن أنهى دراسته وتخرج من دار العلوم في شهر يونيو من العام 1927 محرزا المركز الأول فيها . وانتقل بعد ذلك بأشهر قليلة إلى الإسماعيلية ...

إنّ كلمة الجماعة نجدها دائما مقرونة بالإمام حسن لأنّها فكرته فبيّن "أن العمل الفردي في واقع الأمة الإسلامية المعاصر، لا يكفي لسد الثغرة وتحقيق الأمل المرتجى، بل لابد من عمل جماعي، وهذا ما يوجبه الدين ويحتمه الواقع".



كان الإمام صاحب عزيمة قوية وبرهن هذا خلال قدومه للقاهرة حيث لقي انحلالا كبيرا في النفوس والأخلاق يجتاح صفوف الشباب ، إضافة إلى ظهور بعض الكتب والمجلات التي من شأنها أن تغذي هذه الآفة.. فحاول أن يتصدى لهذا من خلال اللجوء إلى بعض العلماء من المسلمين الذين لم يجد منهم الدعم أبدا حتى أن أحدهم أخبره وهو الشيخ الدجوي بأنّ هذا لا فائدة منه وأن على المرء أن ينجو بنفسه من مثل هكذا بلاء.. لم يستسلم هذا القائد أمام أقوالهم وتقاعسهم بل أجابه "إنني أخالفك ياسيدي كل المخالفة" وتكلم في الحاضرين محاولا شحذ هممهم ومن الكلام المؤثر الذي قاله "إن هؤلاء الملحدين والإباحيين وجرائدهم ومجلاتهم لا قيام لها إلا فى غفلتكم ، ولوتنبهتم لدخلوا جحورهم . يا أستاذ إن لم تريدوا أن تعملوا لله فأعملوا للدنيا ورغيف العيش الذى تأكلون، فإنه إذا ضاع الإسلام فى هذه الأمة ضاع الأزهر وضاع العلماء ، فلا تجدون ما تأكلون ولاما تنفقون ، فدافعوا عن كيانكم إن لم تدافعوا عن كيان الإسلام واعملوا للدنيا إن لم تريدوا أن تعملوا للآخرة، وإلا فقد ضاعت دنياكم وأخرتكم على السواء ".

محمد نجيب مع أسرة الشهيد حسن البنا

محطات ومواقف وأقوال في حياة الشهيد

جاء مبعوث من السفارة الإنجليزية إلى دارالمركز العام وقابل الإمام حسن البنا وقال له:
إن الإمبراطورية من خططها مساعدةالجمعيات الدينية والاجتماعية، وهي تقدر جهودكم ونفقاتكم، لذلك فهي تعرض عليكمخدماتها بدون مقابل وقد قدمنا مساعدات لجمعية كذا وكذا... ولفلان وفلان .. وهذاشيك بعشرة آلاف جنيه معاونة للجماعة.
فتبسم الإمام الشهيد وقال:إنكم في حالةحرب وأنتم أكثر احتياجاً إلى هذه الآلاف.
فأخذ المبعوث يزيد في المبلغ والإمامالشهيد يرفض..
و كان بعض الأخوة يتعجبون ويتهامسون:لم لا نأخذ المال ونستعينبه عليهم.
فكان جواب الإمام الشهيد:
إنّ اليد التي تمتد لا تستطيع أنترتد،واليد التي تأخذ العطاء لا تستطيع أن تضرب.أننا مجاهدون بأموالنا لابأموال غيرناوبأنفسنا لا بأرواح غيرنا.

ومن أقواله:

*لا تيأسوا
أيها الإخوان المسلمين:- لا تيأسوا فليس اليأس من أخلاق المسلمين وحقائق اليوم أحلام الأمس وأحلام اليوم حقائق الغد ولازال في الوقت متسع ولازالت عناصر السلامة قوية عظيمة في نفوس شعوبكم المؤمنة رغم طغيان مظاهر الفساد والضعيف لا يظل ضعيفاً طول حياتهوالقوي لا تدوم قوته أبد الآبدين يقول تعالى :{ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ}.

*ألجموا نزوات العواطف
أيها الإخوان المسلمين:- ألجموا نزوات العواطف بنظرات العقول وأنيروا أشعة العقول بلهب العواطف وألزموا الخيال صدق الحقيقة والواقع واكتشفوا الواقع في أضواء الخيال الزاهية البراقة ولا تميلوا كل الميل فتذروها كالمُعلقة ولا تصادم نواميس الكون فإنها غلابة ولكنغالبوها واستخدموها وحولوا تيارها واستعينوا ببعضها على ببعض وترقبوا ساعة النصر وما هي منكم ببعيد .

*تكوين الأمم وتربية الشعوب
إن تكوين الأمم وتربية الشعوب وتحقيق الآمال ومناصرة المبادئ تحتاج من الأمة التي تحاول هذا أو من الفئة التي تدعو عليه على الأقل إلي قوة نفسية عظيمة تتمثل في عدة أمور إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف ووفاء ثابت لا يعدو عليه سكون ولا غدر وتضحية عزيزة لا يحول دونها طمع ولا بخل ومعرفة بالمبدأ وإيمان به وتقدير له يعصم من الخطأ فيهوالانحراف عنه والمساومة عليه والخديعة بغيره وقد يقول قائل ما لهؤلاء الجماعة يكتبون في هذه المعاني التي لا يمكن أن تتحقق وما بالهم يسبحون في جو الخيال والأحلام على رسلكم أيها الإخوان في الإسلام والملة فإن ما ترونه اليوم غامضاً بعيداً كان عند أسلافكم بديهياً قريباً ولن يثمر جهادكم حتى يكون كذلك عندكم وصدقوني إن المسلمين الأولين فهموا من القرآن الكريم لأول ما قرءوه ونزل فيهم ما نولي به اليوم إليكم ونقصه عليكم.


يقول الإمام الشهيد فى مذكراته :
ونحن طلاب فى المدرسة الاعداديه كنا نصلى الظهرفى المسجد الصغير المجاور للمدرسة.
وفى ذات يوم مر أمام هذا المسجد فرأى كثيرامن التلامذة يزيد على ثلاثة صفوف أو أربعة .. فخشى الإسراف فى الماء؛ والبلىللحصير .
فانتظر حتى أتم المصلون صلاتهم ثم فرقهم بالقوة مهددا ومنذرا ومتوعدافمنهم من فر ومنهم من ثبت وأوحيت الى خواطر التلمذة أن أقتص منه ولا بد فكتبت إليهخطابا ليس فيه إلا هذه الآية :
{ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشىيريدون وجهه وما عليك من حسابهم من شئ وما من حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون منالظالمين}وبعثت الخطاب بالبريد ..
ثم عرف الشيخ ممن جاءته هذه الضربة،فقابل الوالد شاكياً ...فأوصاه بالتلاميذ خيراً
وكانت له معنا مواقف طيبهبعد ذلكواشترط علينا أن نملأ صهريج المسجد بالماء قبل انصرافنا وأن نعاونه فىجمع تبرعات للحصرفأعطيناه ما شرط.

سئل في امتحان نهاية دراسته بمدرسة دار العلوم العليا التي تخرج فيها وكان أول دفعته: "ما هي آمالك في الحياة بعد أن تتخرج؟"، فكتب مجيبا: "إن أعظم آمالي بعد إتمام حياتي الدراسية أمل خاص، وأمل عام، فالخاص: هو إسعاد أسرتي وقرابتي ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، والعام: هو أن أكون مرشدًا معلمًا أقضي سحابة النهار في تعليم الأبناء، وأقضي ليلي في تعليم الآباء هدف دينهم، ومنابع سعادتهم، تارة بالخطابة والمحاورة، وأخرى بالتأليف والكتابة، وثالثة بالتجول والسياحة"..

لما طلب منه أن يوضح بنفسه عن شخصيته للناس، قال: "أنا سائح يطلب الحقيقة... وإنسان يبحث عن مدلول الإنسانية بين الناس.. ومواطن ينشد الكرامة والحرية والاستقرار والحياة الطيبة في ظل الإسلام الحنيف.. أنا متجرد أدرك سر وجودي، ثم نادى قائلا: إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.. هذا أنا فمن أنت"؟؟

ويقول الكاتب الصحفي الكبير كامل الشناوي بك: "لقد كان حسن البنا هو الزعيم الوحيد الذي آمن بالفكرة التي جاهد من أجلها، ولقد كان حسن البنا هو القائد الوحيد الذي تلمحه في صفوف الجنود".

وفي كلمة الزعيم محمد نجيب عن حسن البنا عقب نجاح الثورة، قال: "من الناس من يعيش لنفسه، لا يُفكِّر إلا فيها، ولا يعمل إلا لها، فإذا مات لم يأبه به أحد، ولم يحس بحرارة فقده مواطن، ومن الناس من يعيش لأمته واهبًا لها حياته حاضرًا فيها آماله، مضحيًا في سبيلها بكل عزيزٍ غالٍ، وهؤلاء إذا ماتوا خلت منهم العيون وامتلأت بذكرهم القلوب، والإمام الشهيد حسن البنا، أحد أولئك الذين لا يدرك البلى ذكراهم، ولا يرقى النسيان إلى منازلهم لأنه- رحمه الله- لم يعش في نفسه بل عاش في الناس ولم يعمل لصوالحه الخاصة، بل عمل للصالح العام.

وقال الرئيس جمال عبد الناصر في احتفال مجلس الثورة بذكرى استشهاد الإمام: "إنني أذكر هذه السنين والآمال التي كنا نعمل من أجل تحقيقها، أذكرها وأرى بينكم مَن يستطيع أن يذكر معي هذا التاريخ وهذه الأيام، ويذكر في نفس الوقت الآمال العظام التي كنا نتوخاها أحلامًا بعيدة، نعم أذكر في هذا الوقت، وفي هذا المكان، كيف كان حسن البنا يلتقي مع الجميع ليعمل الجميع في سبيل المبادئ العالية، والأهداف السامية، لا في سبيل الأشخاص ولا الأفراد ولا الدنيا".. ثم قال في نهاية كلمته: "وأشهد الله أني أعمل- إن كنت أعمل- لتنفيذ هذه المبادئ وأفنى فيها وأجاهد في سبيلها".


اجراءات ما قبل الاغتيال:

1- اعتقال الإخوان عدا الإمام الشهيد وإيداعهم السجون
2 سحب المسدس المرخص الخاص بالإمام الشهيد
3 قطع خط التليفون حتى لا يتمكن من الاتصال بالخارج
4 سحب الجندي المكلف بالحراسة على منزل الإمام الشهيد، رغم أنه عرض عليهم التكفل براتبه (وكان جميع الزعماء توضع لهم حراسة خاصة).
5 اعتقال أخيه الأستاذ عبد الباسط الذي أحس بالمؤامرة على أخيه وجاء ليحرسه .
6 اعتقال كل من ذهب لزيارة الإمام حسن البنا ؛ وإذا دخل الزائر ولم ير اعتقل أثناء خروجه
7-إذا سلم عليه شخص في الطريق أثناء سيره اعتقل حتى ولو كان من غير الإخوان المسلمين.
8 سحب السيارة الخاصة بالإمام الشهيد وكانت ملك صهره الأستاذ عبد الحكيم عابدين.
9 عدم السماح له بمغادرة القاهرة أو السفر إلى أي مكان.
10 شغل الإمام الشهيد بمفاوضات الصلح بينه وبين الحكومة.

الاغتيال:
ليل 11-2-1949 وبعد العشاء استقل الإمام سيارة أجرة خاصة ذلك أن سيارته الخاصة كانت قد صودرت من قبل الدولة وكان صحبة صهره منصور ، فاعتدي عليهما وهما في السيارة، فأصيب كلاهما وكانت إصابته تحت الرئة اليمنى وكانت إصابة منصور بليغة أما الإمام الشهيد فكانت إصابته بسيطة بالنسبة لصهره ، وما يؤكد هذا أنه "الإمام" جرى وراء مطلق النار وأخذ رقم السيارة التي كانت تنتظره إضافة إلى أنه قام بحمل صهره عند إصابته مرتين وأنه خلع ملابسه في القصر العيني دون مساعدة من أحد ، إلا أن الطبيب تلقى أوامر من مندوب الملك الأميرالاي محمد وصفي بعدم إسعافه فترك وحده ينزف حتى فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها، واستشهد عند الساعة الثانية عشرة والنصف صباح يوم 12-2 – 1949. استشهد الإمام ومنع خروج الرجال في جنازته ، فخرجت النساء بها ..

إن أمثال الشهيد هم قليلون جدا فقد وهبه الله سبحانه وتعالى قوة في الشخصية وذكاء غير أنه لم يستغن بهما عن العاطفة والتأثير بالآخرين ، إضافة إلى أنه كان قياديا بارعا يحسن التصرف في تعامله مع الآخر من خلال إيضاح الرؤى للواقع وإعطاء البراهين ، وهذا ما يثبته إسلام الفنانة اليهودية الأصل ليلى مراد والكثير ممن أنعم الله عليهم سواء بالتوبة والإنابة أو الدخول في هذا الدين الحنيف.




كلمات أبيه المكلوم الشيخ أحمد عبدالرحمن البنا بعد استشهاده:
تتمثل لي يا ولدي الحبيب فى صورتين : صورة وأنت رضيع لم تتجاوز الستة شهور، وقد استغرقت مع والدتك فى نوم عميق، وأعود بعد منتصف الليل من مكتبي إلى المنزل، فأرى ما يهز القلب ويهز جوانب الفؤاد: أفعى مروعة قد التفت على نفسها وجثمت بجوارك، ورأسها ممدود إلى جانب رأسك وليس بينها وبينك مسافة يمكن أن تقاس. وينخلع قلبي هلعا فأضرع إلى ربي وأستغيث فيثبت قلبي، ويذهب عني الفزع وينطق لساني بعبارات واردة في الرقية من مس الحية وأذاها، وما أفرغ من تلاوتها حتى تنكمش الحية على نفسها، وتعود إلى جحرها، وينجيك الله ياولدي من شرها لإرادة سابقة في علمه، وأمر هو فيك بالغه. وأتمثلك ياولدي وأنت صريع قد حملت فى الليل مسفوك دمك، ذاهبة نفسك، ممزقة أشلاؤك، هابت أذاك حيات الغاب ونهشت جسدك الرخص حيات البشر، فما هي إلا قدرة من الله وحده تثبت في هذا الموقف، وتعين على هذا الهول، وتساعد فى هذا المصاب، فأكشف عن وجهك الحبيب فأرى فيه إشراقة النور، وهناءة الشهادة، فتدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا عز وجل : (إنا لله وإنا إليه راجعون). وأقوم ياولدي على غسلك وكفنك، وأصلى وحدي من البشر عليك ، وأمشي خلفك أحمل نصفي ونصفي محمول ، وأفوض أمري لله إن الله بصير بالعباد. أما أنت يا ولدي فقد نلت الشهادة التي كنت تسال الله تعالى في سجودك أن ينيلك إياها فهنيئا لك بها ، فلقد روى البخارى عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "" ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وأن له ما على الأرض من شئ إلا الشهيد ، فإنه يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة "" .
اللهم أكرم نزله، وأعل مرتبته، واجعل الجنة مثواه ومستقره ، واللهم لا تحرمنا أجره ولاتفتنا بعده، وأغفر لنا وله ، وبلغه أمله من القرب من رسولك صلى الله عليه وسلم ( مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) النساء : 69
ورغم رحيل هذا العملاق منذ سنوات طويلة إلا أنّ الذاكرة لم تمحه أبدا، وبدأت محاولة الخوض لتشويه صورة هذا العالم الكبير وآخرها كان من خلال مسلسل "الجماعة" حيث توعد المحامي أحمد سيف الإسلام البنا ابن الشهيد مؤخرا بمعارك قضائية متواصلة حتى ينصف والده مما نسب إليه كذبا وبغير أدلة مقتل أحمد ماهر في هذا المسلسل الذي قام بكتابة السيناريو وحيد حامد، معتبرا أنّ هذا الأمر هدفه تشويه صورة والده وصورة الإخوان ، حيث لو دققنا جليا لوجدنا أنّ رحيل الإمام كان في الفترة التي بدأ فيها الاستعمار الصهيوني ينشب أظفاره في المنطقة..
مصدر الخبر : الحوار نت
a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=10704&t=رغم غياب الجسد.. لم يزل اسم الشهيد " البنّا حسن " يشكل هاجسا..&src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.