بعد مضي عشرين عاما قضّاها في السودان، مهجّرا، تمكّن محمد منصف السعودي من العودة أخيرا إلى تونس بعد صراع طويل مع المرض انتهى بوفاته يوم الأحد 17 أكتوبر الجاري. وفي الحقيقة لم يعد منصف بل عاد جثمانه ليوارى تراب البلاد شاهدا على قسوة بالغة لا مبرّر لها. فما معنى أن يُعاقب طالب علم على انتمائه السياسي بالحرمان من جواز سفره ومن العودة لبلاده لعشرين عاما كاملة؟ وما معنى أن يُحرم حتى وهو في مرض الموت من وداع أهله والموت بين ذويه ؟ وإلى متى تواصل السلطات رفضها السماح لأغلب المهجرين بالعودة الكريمة وهم على قيد الحياة ولا تقبل برجوعهم إلا وهم جثامين هامدة. لقد تكرّرت هذه المأساة الفظيعة مع عديد المهجّرين الذين فارقونا الحياة دون أن يجد مطلبهم في الحصول على جواز السفر استجابة فلم يظفروا سوى بتراخيص العبور إلى قبورهم. لقد توفي منصف حرا كريما و"كل نفس ذائقة الموت"، وإنها لمصيبة كبيرة نسأل الله أن يتغمده فيها بواسع المغفرة وأن يرزق أهله وأحبته جميل الصبر والسلوان. المكتب التنفيذي المهجر، في 19 أكتوبر 2010