مكة تختلف عن الماضي..هكذا يرى الحجاج الذين جاءوا لأداء فريضة الحج المدينة التي تحتضن ما يقرب من 1.8 مليون مسلم فيما يعرب مثقفون سعوديون عن تحفظهم على الوجه "الحديث" الذي طغى عليها. ويعبَّر مختار ندوي وهو أحد الحجاج من الهند عن دهشته لجريدة "عرب نيوز"، وهي جريدة سعودية تصدر باللغة الإنجليزية، قائلا: "المنطقة أصبحت مختلفة كليا"، وأضاف: "بالرغم من أدائي فريضة الحج قبل خمس سنوات فإنني أرى مكة مختلفة الآن". ويستطرد قائلا: "لقد اعتدت على الإقامة في فندق مقابل لباب العمرة وهو أحد الأبواب المؤدية للمسجد الحرام, وعندما ذهبت لأرى إذا كان بإمكاني أن أجد المكان مرة أخرى لم أجد له أثرًا كل شيء تغير في خمسة أعوام فقط". لم يكن الحاج مختار وحده الذي أبدى انبهاره، إنما شاركه إعجابه العديد من الحجاج، منهم سيد إشفاق مسكاتي وهو حاج باكستاني الجنسية الذي أشار إلى سرعة التغيير الذي حل بالمكان قائلا: "كنت هنا منذ 6 أعوام, وفوجنا كان يقطن بمبنى قديم وراء طريق إبراهيم الخليل, والآن أصبح المكان جزءًا من مشروع ضخم يسمى جبل عمر". مدينة حديثة
من جانبهم، يؤكد القائمون على التطوير أن المشاريع الضخمة الجارية ستضع مكة في صفوف المدن الأكثر تقدما في العالم.. وفي تصريح لوهيب السليماني رئيس مجموعة شركات السليماني للاستثمار -نقلته عن جريدة عرب نيوز- يقول: "إن مطوري العقارات وشركات البناء تقيم اتفاقيات قادرة على تنفيذ مشاريع ضخمة بالطرق الحديثة التي تتوافق مع ضخامة عمليات إعادة البناء بمكةالمكرمة, وخصوصا المكان القريب من المسجد الحرام". ووقفا لتصريحات سابقة لمسئولين سعوديين فإن "المشاريع الجارية حاليا تقدر كلفتها ب20 بليون دولار، وإن أغلب الأملاك القديمة التي كانت تقف في طريق التطوير تم هدمها بعد أن تم تعويض الملاك ببلايين الريالات". ومع موجة التطوير المستمرة في مكةالمكرمة, سيتمكن الحجاج خلال العام الحالي من استخدام المرحلة الأولى من مشروع القطار الكهربائي الأول بمكة ويطلق عليه "قطار المشاعر"، ويربط بين مكة ومنى, عرفة والمزدلفة يضاف إليها خمسة طوابق من جسر الجمرات الذي أنهته الرياض لضمان سلاسة توافد ملايين الحجاج خلال شعائر رمى الجمرات. أما برج ساعة مكة ذو الأوجه الأربعة البراقة, فارتفاعه يفوق ال660 مترًا في مواجهة الحرم المكي الشريف، وبدأ العمل فيه مع أول أسبوع من شهر رمضان المنصرم. وتمتد التطويرات لمنطقة العزيزية، وهي واحدة من المناطق المطورة التي روجت لها السلطات السعودية على أنها مكان مجهز للحجاج, حيث تتوفر بها مميزات الإقامة المريحة, كما يربطها بينها وبين الحرم طريق مؤدٍ إلى الحرم مباشرة من خلال نفق مجهز. ورغم المسافة الكبيرة نسبيا بين العزيزية والحرم، فإن خدمة المكوك المتوفرة في الأنفاق تنقل الحجاج إلى الحرم بسهولة. ويعلق أحد الحجاج على هذه الخدمة قائلا: "يتم نقلنا من العزيزية حتى الدور السفلي لساعة مكة بجوار الحرم، وما هي إلا دقائق ونكون في ساحة الحرم وكذلك رجوعا وهي بالفعل خدمة ممتازة".
ليست نيويورك! وعلى الرغم من التطورات الكبيرة التي حدثت في مكة والتي لها مميزاتها التي تسهل أداء الشعائر على الحجاج، فإنه ليس الجميع راضيا عنها, حيث أبدى عدد من المثقفين السعوديين تحفظهم على موجة التجديدات التي قامت بها الحكومة. وتقول الروائية رجاء عالم لرويترز: "من المحزن أن ترى الكعبة المشرفة كنقطة صغيرة بين المباني الزجاجية والحديدية الضخمة". وتوضح الروائية السعودية وجهة نظرها قائلة: "شعائر الحج تعزز الإحساس بالتواضع لله؛ فالرجال والنساء يرتدون ملابس متواضعة أثناء الحج، أما الآن فأول ما يعصف بعيون الحجاج في الساحة هو برج فندق الساعة الملكية وبجواره اثنان من أرقى المنتجعات". وتتابع رجاء عالم التي ألفت مؤخرا رواية تتحدث عن تدمير الأماكن التاريخية: " للأسف أزيلت العديد من المنازل القديمة عن الوجود لتفسح المجال لمراكز التسوق الضخة وللفنادق 5 نجوم على طراز لاس فيجاس و موقف السيارات الضخم تحت الأرض". "والآن أيضا – تضيف رجاء- أينما نظر الحاج يجد اللوحات البراقة لعلامات تجارية عالمية مثل كارتير, تفانى ومقاهي ستارباكس والمطاعم الكثيرة على الطراز الغربي". وجاء تعليق الكاتب محمود الصباغ متفقا مع الرأي السابق: "تطوير المدينة القديمة أخذ معه قرونا طويلة من التقاليد والنظم الاجتماعية والثقافية, بشكل عام النموذج الثقافي تم تدميره بالكامل". أما عرفان العلاوي أستاذ العلوم الإسلامية بلندن فيقول: "إن الفاتيكان لا يمكنه عمل أي تغييرات بأماكنه المقدسة".. ويضيف: "إن مكة ليس عليها أن تكون كنيويورك أو مانهاتن"!.
مصدر الخبر : أون إسلام a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=11605&t=مكةالمكرمة.. "ليس عليها أن تكون نيويورك"! &src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"