أخطر ما في موضوع التّعذيب في تونس أنّه أصبح عقيدة وقناعة وإيديولوجية تذوّق طعمها الجاني واطمأنّ من حيث لا ضمير له ولا إنسانية إلى نتائجها و جعلها أسلوب حكم إمّا لاقتلاع المعلومات بشكل قسري أو لمعاقبة خصومه ومعارضيه ذلك أنّ التّعذيب يرهب الضّحية ويدفعه ليس للإعتراف بما اتهم به فحسب بل بما يريد الجلاد وليس عليه سوى الموافقة وإمضاء محضر التّحقيق (تحت الضّغط والتّرهيب) وهذا يعطي للجلاّد وسيلة لتقنين معاقبة الضّحية حسب البند القانوني الذي يريده فيقنّن بذلك جريمته ويتستّر وراء القانون إذا لم يكن هناك من ينزع قناعه ويكشف وجهه القبيح الدّامي للجميع. إنّ سلامة الأفراد هي مسئولية المجتمع والمجتمع الذي لا يحمي أفراده يندثر ويهون على القريب والبعيد كيف لا وقد هان على نفسه وبنيه ... من يهن يسهل الهوان عليه ::: ما لجرح بميّت إيلام. إذا تصبح معركة مقاومة التّعذيب معركة وطنية مرجعيتها قيمية تعلو على كلّ فكر وعقيدة وهي تهمّ كلّ الأحرار والشّرفاء وليكف الجميع عن الحسابات الحزبية الضّيقة ولننهض للوطن بل للإنسان والكرامة وعلينا منذ الآن أن نرفع شعار "من سكت خان"، أي عن التّعذيب وعلى كلّ من تعرّض للتّعذيب أن يتحرّك ويصرّ على فضح جلاّده والسّعي للقصاص منه ولا ينسينا ما نتمتّع به من أمان في بلاد الغرب ما لحقنا من ظلم ونسكت على الظّالم وهو ينتهك حرمة الإنسان التّونسي ويشوّه سمعة الوطن. لست من أهل القانون ولكن سأوضح بعض ما يمكن أن يفعله كل من تعرّض للتّعذيب لملاحقة جلاّده وسيّد جلاّده: 1. توفير الإثباتات الطّبية (شهادة طبية، إقامة في مستشفى بسبب التّعذيب ...) 2. توفير معلومات ضافية عن الجلاّد ومكان وتاريخ التّعذيب وإن كان هناك شهود. 3. تكليف محامي في تونس لتقديم قضية في متابعة الجلاّد. 4. إذا أخذت القضية مجراها وهو ما نتمنّاه يتابعها إلى حدّ إدانة الجلاّد وجعله عبرة لمن يعتبر. 5. إذا تعطّلت القضية يمدّنا بكلّ الوثائق المذكورة سالفا ونحن في سويسرا نقوم بالإجراءات القانونية أو الحقوقية اللاّزمة لمتابعة الجلاّد و أسياده أمام لجنة مناهضة التّعذيب في هيئة الأمم المتّحدة والتي ستنتهي بمساءلة النّظام على ما اقترفه من جرم وهو مجبر على تقديم إجابات وتوضيحات وتدرج المساءلة وما تؤول إليه في تقارير هيئة الأمم المتّحدة وهي تقارير مهمّة ترجع لها الدّول والمنظّمات عند إبرام أي اتفاقية أو شراكة اقتصادية أو غيرها وتعتمدها بصفة جدّية وهذا يمثّل وسيلة ضغط كبرى على الذين لا يقيمون للإنسان قيمة فيعذّبونه وينتهكون حرماته ويهتكون عرضه شُلّت وتبّت أياديهم. هذا من النّاحية القانونية الحقوقية أمّا من النّاحية الثّقافية فالدّعوة موجّهة بكلّ إلحاح إلى كلّ من تعرّض للتّعذيب أن يحكي مأساته وما أصابه وما فعل به الجلاّدون المجرمون. أكتب أيّها الضّحية وانتقم لإنسانيتك، أكتب بالعربية، بالفرنسية، بالألمانية، بالإنجليزية ... حتّى بالدّارجة أكتب مأساتك ... تكلّم أما ميكروفون وأرسل إلى المواقع للنّشر .... شغّل كاميرا وسجّل سجّل سجّل للّه للدّين للوطن للتّاريخ للبشرية للإنسان للعرض ... سجّل و انشر وافضح جلاّدك واجعله يندم على ما فعل بك ويقول يا ليتني كنت ترابا ويندم على ما اقترفت يداه الآثمتان وللّه درّ عنترة ابن شدّاد حين قال: نحن قوم أبت أخلاقنا شرفا أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا لا يظهر العجز منّا دون نيل منى ولو رأينا المنايا في أماننا. وقد أوذينا كثيرا كثيرا في أعراضنا وأموالنا وأنفسنا وأهلينا وفي أبسط حقوقنا فهل نعجز وقد توفّر لدينا ما لم يتوفّر لعنترة!!!