رئيس الجمهورية: تونس تزخر بالوطنيين القادرين على خلق الثّروة والتّوزيع العادل لثمارها    وجبة غداء ب"ثعبان ميت".. إصابة 100 تلميذ بتسمم في الهند    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستُحدد لاحقًا وفق العرض والطلب    بالفيديو: رئيس الجمهورية يزور مطحنة أبة قصور بالدهماني ويتعهد بإصلاحها    قيس سعيد يزور مطحنة أبة قصور بالدهماني ويتعهد بإصلاحها (صور + فيديو)    "نحن نغرق".. سفينة مساعدات متجهة إلى غزة تتعرض لهجوم جوي (فيديو)    سقوط طائرة هليكوبتر في المياه ونجاة ركابها بأعجوبة    كيف سيكون طقس الجمعة 2 ماي؟    طقس الجمعة: خلايا رعدية مصحوبة أمطار بهذه المناطق    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    الرابطة الأولى (الجولة 28): صافرتان أجنبيتان لمواجهتي باردو وقابس    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في كتاب العقيدة والسياسة للدكتور لؤي صافي
نشر في الحوار نت يوم 28 - 11 - 2010


قراءة في كتاب -العقيدة والسياسة-
لمؤلفه د.لؤي صافي
من إنجاز
الدكتورأحمد بوعشرين الأنصاري مكناس
تمهيد
في فكرنا السياسيالإسلامي، قليلا هي الكتابات التنظيرية التي قد تحاول الإجابة عن إشكاليات الدولةوقضايا الحكم والإدارة وهي معتبرة فكرنا السياسي الإسلامي التاريخي فكرا اجتهاديا،غير متقيدة كليا به، بل أحيانا مصححة له، ومنتقدة لبعض أطروحاته المسلمبها.
كتاب "العقيدة والسياسة" لمؤلفه الدكتور لؤي صافي هو محاولة في هذا الاتجاهترنو "تجاوز الخصوصية التاريخية للنظريات الفقهية التقليدية، وتلافي القصور المنهجيللتنظير المعاصر، والتأصيل لنظام سياسي يعتمد المعيار الإسلامي..." ص16.
فماالجديد الذي يأتي به هذا الكتاب، وما هي الإجابات التي يقدمها لنا حول إشكالياتنموذج الدولة الإسلامية ؟ وما هي إن شئنا أن نسميها "مؤاخذاته" حول تنظيرات فقهائناالتاريخية السياسية و التنظيرات المعاصرة؟ ما هو المنهج الذي يقدمه لنا في استخراجعناصر نظرية عامة للدولة؟...
ذلك ما سنحاول قدر الإمكان تقديمه للقارئ من خلالهذه القراءة مركزين على بعض الفصول الهامة فيه مع إعطاء موجز قصير عن الفصولالأخرى، منهين هذه القراءة بخلاصة حول مجمل الأفكار والإشكاليات التي يعرضها،وبملاحظات عامة حوله، والله الموفق وهو يهدي السبيل.
أولا: تعريف بالكتاب
الكتاب هومن سلسلة كتب المعهد العالمي الفكر الإسلامي طبعته الأولى سنة 1996م 1416ه يقع فيحوالي 270 صفحة وينقسم إلى سبعة فصول مع تصدير في الأول ومقدمة، ثم خاتمة في آخرالكتاب.
ثانيا: نظرة موجزة عن مضامينالكتاب
الفصل الأول: المنهجية العلمية والتنظير السياسي
يعتبر المؤلف في هذا الفصلأن "المنهج المتبع في تحليل وفهم النص أو استقراء الواقع التاريخي، حال دون تطويرنظرية عامة تتألف من قواعد ومبادئ كلية متماسكة"، ذلك " أن المنهج المعتمد من قبلعلماء السياسة القدماء والمحدثين يغلب عليه الطابع التجزيئي (سوق انتقائي لنصوصمختارة لتأييد فهم محدد أو موقف معين)، والوظيفي يحدد البنية السياسية من خلالالوظيفة التي يؤديها دون اعتبار المقصد أو المقاصد التي توجه الفعل السياسي" ص22،23.
وعليه ف"إن عدم التمييز بين الفعل السياسي ذي الطبيعة التاريخية الخاصةوالقاعدة الكلية العامة التي تحكم الفعل وتوجهه، أدى إلى قبول علماء على درجة عاليةمن المعرفة الفقهية والسياسية لممارسات سياسية أفرزتها أوضاع تاريخية خاصة وإعطائهاصفة العموم واللزوم، رغم تعارضها مع مبادئ كلية، فالماوردي مثلا يجيز انعقادالإمامة بعهد من الإمام السابق للإمام اللاحق معللا ذلك ب"انعقاد الإجماع على جوازهووقوع الاتفاق على صحته"، وإذن حسب المؤلف لتجاوز هذا المنهج الوظيفي التجزيئي "يصبح لزاما على العالم والمفكر الإسلامي أن يتعقب المقاصد والقواعد الموجهةلسلوكهم وفعلهم (أي الصحابة)، ويحددها قبل الشروع في التنظير" ص27،28.
كيف يتمإذن استنباط هذه القواعد؟ بمعنى ما هو المنهج الذي يقدمه لنا المؤلف لتلافي هذاالقصور المنهجي في التنظير السياسي، تتم العملية التنظيرية حسب المؤلف من مصدرين: نصوص الوحي ومعطيات الخبرة التاريخية، وذلك باستقراء كامل لكافة النصوص عبر الخطواتالتالية:
1. اختيار النصوص التي تتناسب من حيث الموضوع أو المصطلح مع الظاهرةالمعنية،
2. فهم المعنى العام للنص وفق قواعد اللغة العربية،
3. تعليل النصلاستخراج الحكم العام المتضمن فيه،
4. تصنيف هذه الأحكام المستخرجة ضمن مجموعاتتنتظم تحت مبادئ عامة.
وكما هو الحال في قواعد الاستدلال النصي فكذلك بالنسبةلمصدر معطيات الخبرة التاريخية وقواعد الاستدلال الفعلي، وذلك بتحديد أفعال الأفرادالمشاركين في الحدث أو الخاضعين لظاهرة السياسية بغية إبراز محدداتها( مقاصدهاوقواعدها)، ثم ربط أفعال الأشخاص المتفاعلين ضمن حدث أو ظاهرة معينة وذلك بتصنيفالمجتمع السياسي إلى جماعات سياسية متجانسة داخليا ومتباينة خارجيا، ثم تحديدالقوانين العامة لتفاعلها" ص36 إلى ص39 ومن ص44 إلى ص 47.
الفصل الثاني: العقيدةوالسياسة
يتسائل المؤلف في هذا الفصل سؤالا عريضا مؤداه: " هلقدم الوحي بشقيه القرآني و الحديثي منظومة من المبادئ والمفاهيم الكلية يمكنتصنيفها تحت عنوان العقيدة؟، ف" الغموض في بعض النصوص، والتعارض الظاهري في البعضالآخر يمنع الانتقال المباشر من النص إلى الفعل"، وبالتالي حسب رأي المؤلف يمكناعتبار " العقيدة هي محصلة اجتهاد فكري يرمي إلى فهم وتفسير النصوص"، وهذا بخلافمرحلة الرعيل الأول الذين تشربوا دون ريب التصور الإسلامي للوجود"، لأن ذلك تم عبر " معايشة يومية لنصوص الوحي وحوار مستمر مع رسول الله عليه الصلاة والسلام"، ولعلهذا التعريف هو الذي يجعلنا نفسر الاختلاف العقدي للفرق التي ظهرت في التاريخالإسلامي وعلاقة هذا الاختلاف مع الانقسام السياسي" ص 55 إلى 58 وص 62.
كيف إذنالتوفيق بين مبدأ التعدد العقدي والتسامح الديني وبين التأكيد على ضرورة تأسيسالوحدة السياسية على قاعدة العقيدة؟، يؤكد المؤلف أنه "لابد من اعتماد إطار عقديعام يشكل القاعدة التي تقوم عليها الوحدة السياسية للأمة"، إطار عقدي يجمله المؤلففي ثلاثة أسس يرتكز عليها :
1. توحيد الألوهية وتنزيه الله عن الشرك أوالنقص،
2. الإيمان بالبعث بعد الموت والمسؤولية الكاملة للإنسان أمام الله تعالىيوم القيامة،
3. الإيمان بختم التنزيل برسالة الإسلام واعتماد التنزيل الخاتممصدرا للأحكام الشرعية والمعارف الغيبية" ص 78-ص 79.
الفصل الثالث: الأمة المفهوموالتكوين
بعد أن عرف المؤلف بمفهوم الأمة باعتبارها " القاعدةالتي يقوم عليها البناء السياسي الإسلامي" ولفهم أبعاد ودلالات مفهوم الأمة يلزمحسب المؤلف دراسة الأوضاع الاجتماعية التي واكبت تكوين الأمة، إذ كانت القبيلة هيالوحدة السياسية المركزية الوحيدة في الجزيرة العربية قبل ظهور الإسلام" ص 84، وحدةقوامها ثلاث أسباب:
1. النسب،
2. المصلحة المشتركة،
3. القوةوالهيمنة.
بعد مجيء الإسلام بدأت تترسخ أولوية الوحدة العقدية، من خلال أول محطةوهي بيعة العقبة التي لم تؤكد على أولوية الوحدة العقدية فحسب بل امتدت ل"تشملالتحول والانقلاب الجدري في الموقف والفعل السياسي" ذلك أن البيعة أبرزت أن الرابطةالسياسية والاجتماعية بين الأفراد لا تخضع لحتمية تاريخية خارجة عن اختيار أعضاءالجماعة وإرادتهم بل تعتمد على قرارهم واختيارهم" ص99-100. لتليها وثيقة المدينة أودستورها الذي حدد حقوق وواجبات أعضاء المجتمع السياسي الجديد مسلمين وغير مسلمين. وقد جاءت بالمبادئ التالية:
1. انفتاح الأمة الإسلامية لجميع الراغبين فيالالتزام بمبادئها وقيمها،
2. اعتمادها إطارا عاما يحدد سلوك الأفراد تحولت منخلالها الرابطة القبلية إلى رابطة ثانوية دون إلغائها،
3. تبنيها مبدأ التسامحالديني المبني على حرية اعتقاد أفراد المجتمع،
4. السيادة للشريعة والقانونوليست لإرادة أفراد وجماعات خاصة،
5. المرجعية العليا في النظام الإسلامي لحكمالوحي الإلهي.
وقد أكد المؤلف في هذا الفصل على أن الخلافة هي مهمة الأمةالإسلامية أصالة ومهمة القيادة المنتخبة أو الإمامة المختارة نيابة" من ص 102-105وص108، فالأمة هي الخليفة لرسول الله في "حفظ الدين وسياسة الدنيا" والقائد الذيتختاره الأمة لتولي السلطة السياسية نائب عن الأمة في تدبير شؤونها السياسية" ص109.
الفصل الرابع : الدولة والشرعيةالسياسية
يؤدي تعريفنا للدولة الإسلامية حسب المؤلف من خلالالمركبات الثلاثة للدولة القطرية( السيادة، الشعب، الإقليم) إلى التسليم بشريعةالتجزئة التي نحن عليها، وإلى عدم "تشوف العناصر الرئيسة التي تفاضل بين الدولةالإسلامية وغيرها من الدول" ذلك لأن"المبادئ الإسلامية تحظر عمليات الاصطفاء القوميوالعرقي التي تؤدي إلى هيمنة واستبداد جماعة قومية أو عرقية على الجماعات الأخرى" ص118، لذلك يرى المؤلف أن الدولة الإسلامية هي تلك" البنية السلطوية للأمة التيتوجه الفعل السياسي وتحدده وفق منظومة المبادئ السياسية الإسلامية" ص119، وبعد أنيستعرض آراء أهل النص وأهل الاختيار في خلافهم حول مصدر الشرعية السياسية يرى أن " تحديد السلطة الأسس التي يقوم عليها النظام السياسي الإسلامي ومصدر شرعيته لا يجوزأن يستند على الظن والتخمين بل لابد من الاحتكام إلى أساس قطعي يقيني" ص124، وبعدأن يناقش هذا البديل القطعي الذي يراه بعض فقهائنا، الباقلاني، الجويني، الماوردي،الغزالي ، والذي هو الإجماع يرى أن هذا الإجماع ليس إجماع أمة، ولكن إجماع صحابةعلى طريقة اختيار الإمام" ص125، وأن حصر السياسة في الإجماع يؤدي إلى استبعاد نصوصالوحي كمصدر مهم لتحديد أسس النظام السياسي" ص 125، لذلك يرى أن الشروط التي وضعهاالفقهاء كالماوردي للإمامة والتي تتم بموجبها عملية الاختيار بناء على كفاءاتالمرشحين بعيدة كل البعد عن" العملية الاختيارية الحقيقية والتي تتحدد بقدرة الإمامعلى "تمثيل التيارات السياسية ومواقفه من القضايا الحيوية المختلفة التي تواجهالأمة والسياسات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يتوقع أن ينافح عنها أويناوئها" ص130، وبالتالي هل –حسب المؤلف- تشكل ممارسة الصحابة لعملية الاختيارنموذجا عاما قياسيا يلزم تطبيقه في كل زمان ومكان "خصوصا وأن فقيه مثل الماوردييقبل ممارسات الصحابة السياسية على أنها فعل تأسيسي يمكن تبنيه دون مناقشة أومحاكمة" ص130، يجيب المؤلف قائلا:" لا يصح اعتبار الإجراءات السياسية التي سادتالعهد الراشدي أو فترات منه إجراءات نموذجية يجب تبنيها في فترات لاحقة، لكونهاتجليات لتفاعل المبدأ الكلي مع الحيثيات الخاضعة لمجتمع الصحابة، بل يجب تطويرالنموذج بناء على استقراء القواعد الكلية التي وجهت تفاعل الصحابة مع ظرفهمالتاريخي"ص140،
ما هي إذن الأسس العامة التي يطرحها للدولة الإسلامية باستقراءلنصوص الوحي ومعطيات التجربة الإسلامية الأولى، يستخلص المؤلف أربع أسس يقوم عليهاالبناء السياسي الإسلامي:
1. اتخاذ القرار السياسي حق عام للأمة ومسؤولية مشتركةبين المسلمين،
2. تخضع عملية اتخاذ القرارات وممارسة الأفعال السياسية لمبدأالشورى،
3. المرجعية السياسية في القضايا التي تتعلق بالشؤون الداخلية أوالخارجية في حال السلم(الأمن) أو الحرب (الخوف) منوطة بقيادة الأمة (أولي الأمر) الممثلة لجمهور المسلمين،
4. المرجعية القانونية في الدولة الإسلامية تعودللأحكام الشرعية المستنبطة من مصادرها و المعتمدة لدى الهيئات العلمية الفقهية" منص142-145.
الفصل الخامس: الشريعةوالسياسة
يحلل المؤلف خصائص الشريعة ودلالاتها ويميز بين أربعدوائر متفاضلة من الأحكام الشرعية: الأخلاقية، التعاملية، الدستورية والسياسيةويربط هذه الدوائر بنوعين من الهيئات الفقهية و الشورية.

الفصل السادس: الشورى بين النظريةوالتطبيق
ميز المؤلف بين الشورى العامة المرتبطة بالأمة ونوابهاالشوريين من ناحية والشورى الخاصة أو الاستشارة المتعلقة برئاسة الدولة من ناحيةأخرى كما حدد بنية مجلس الشورى ووظيفته، وتطرق إلى إشكالية النيابة ليخلص إلى ضرورةممارسة الفعل الشوري وفق مستويات متعددة بحيث تبقى عملية اتخاذ القرار وتنفيذهمرتبطة بالقواعد الشعبية.
الفصلالسابع: الإدارة والرئاسة
حدد منصب الرئاسة ومقتضياتها وأبرزأهمية تبني نظام ا تحادي لتحقيق المبادئ السياسية الإسلامية والحيلولة دون تمركزالسلطة في مواقع بعيدة عن قواعد الأمة الشعبية وسلطاتها المحلية.
ثالثا: أفكار وإشكاليات الكتاب فيخلاصات
1. المنهج المتبع من طرف العلماء القدامى والمفكرينالمعاصرين للخروج بنظرية عامة للدولة أو تطويرها، كان منهجا قاصرا على اعتبار أنهمنهج تجزيئي يعتمد على انتقاء النصوص ووظيفي يحدد البنية من خلال وظيفتها دوناعتبار المقصد،
2. العملية التنظيرية السليمة هي التي تنطلق من استقراء كامللنصوص الوحي ومعطيات الخبرة التاريخية قصد استخراج قواعد كلية متماسكة تكون هيالأساس المعتمد في المهمة التنظيرية السياسية الإسلامية،
3. العقيدة هي محصلةاجتهاد فكري يرمي إلى فهم وتفسير النصوص، وإذن "فلا يصح اعتبارها مكافئة في محتواهاالمعرفي للتصور الكلي الثاوي في نصوص الوحي بل يجب النظر إليها على أنها مقاربةللتصور الإسلامي الكلي للوجود قابلة للتصويب والتعديل والتصحيح والتدقيق" ص 56،
4. استبطان الصحابة للتصور الإسلامي لم يتم من خلال عمل فكري تنظيري بل عبرمعايشة يومية لنصوص الوحي وحوار مستمر مع رسول الله عليه الصلاة والسلام،
5. الخلافة هي مهمة الأمة أصالة ومهمة القيادة المنتخبة نيابة،
6. الإجماع الذييعتبره بعض الفقهاء دليلا قطعيا على مصدر الشرعية هو إجماع الصحابة على طريقةاختيار الإمام وليس إجماعا للأمة على أسس النظام السياسي، وبالتالي لا ينبغي اعتبارممارسات الصحابة على أنها فعلا تأسيسيا يمكن تبنيه دون مناقشة بل يجب تطوير النموذجبناء على استقراء القواعد الكلية التي وجهت تفاعل الصحابة مع ظرفهم التاريخي،
7. يعتبر النظام الاتحادي النموذج لتحقيق المبادئ لأساسية الإسلامية والحيلولة دونتمركز السلطة.



رابعا: ملاحظاتعامة
1) يرى المؤلف أن معيار صواب النظرية أو خطئها هو صحة أوخطا المنهج العلمي المتبع في استخراج عناصر النظرية ومصداقية مصدر التنظير ص19 ،نتسائل مع المؤلف: ألا يعتبر مصدر "الخبرة التاريخية" مصدرا غير جلي وغير منضبط؟،إن التنظير هو عملية إعمال العقل في نصوص الوحي قصد استخراج قواعد كلية تعتمد أساسالعملية التنظير السياسي، بينما النموذج-ويمكن أن ندرج هنا فيه "الخبرة التاريخية" هو تمثل واقعي تاريخي لمبادئ وثوابت النظرية، وإذن فصوابية النظرية تتحدد بمدىقدرتها على التمثل في نموذج تطبيقي واقعي، ومصداقية النموذج تتحدد بمدى إخلاصه فيتمثله لثوابت ومبادئ النظرية،
2) في تعريفه للعقيدة محصلة اجتهاد فكري يرمي علىفهم وتفسير النصوص، يجعلنا نقول بأن العقيدة عقائد، وبما أنها مقاربة للتصورالإسلامي الكلي للوجود، فما هو معيار صوابية هذه المقاربة حتى لا يتيه تعريفناللعقيدة في متاهة الاجتهادات التي لا تملك بوصلة الضبط والتدقيق والمقاربة السليمةللتصور الإسلامي الكلي للوجود الذي تشربه الصحابة رضوان الله عليهم،
3) إن تبنيالنظام الاتحادي نموذجا يمكن من توسيع المشاركة في القرار للأمة عبر الحفاظ علىالإدارة الذاتية للأقاليم، هو نظام وإن كان يلبي مبدأ المشاركة الواسعة للأمة فيالقرار فهو لا يخلو من مؤاخذات حول ضمانات الاستقرار، ضمانات الحذر من تدخل أطماعالأعداء، ضمانات دستورية وسياسية لاستمرارية العملية الشورية الواسعة، خصوصا وأنأمامنا نموذج "الخلافة العثمانية" مع نظامه الاتحادي، وصعود حزب الاتحاد والترقيإلى الحكم وانقلابه على مبادئ الحكم الإسلامي.
كتبه أحمد بوعشرين الانصاري مكناس المغرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.