قضت المحكمة الابتدائية بمحافظة جندوبة شمال غرب تونس أول أمس الأربعاء بتغريم الصحفي مولدي الزوابي، الذي اعتبر هذا الحكم "جائرا" ووصفه بأنه "حلقة من حلقات استهداف الصحفيين". وألزمت المحكمة الزوابي -الذي يحاكم منذ أشهر بتهمة الاعتداء على شخص- بدفع غرامة 300 دينار (207 دولارات) من أجل العنف الشديد وغرامة أخرى مثلها من أجل القذف العلني. وأدان الزوابي هذا القرار متمسكا ببراءته، وقال إنه هو من تعرّض للاعتداء وليس العكس، في حين اتهم محاموه المحكمة ب"الامتثال لتعليمات السلطة" التي قالوا إنها "تقف وراء المحاكمة" لردع موكلهم عن نشاطه الصحفي. ويأتي صدور الحكم بحق الزوابي بعد محاكمة كل من الصحفي فاهم بوكدوس، الذي يقضي حاليا عقوبة بالسجن لأربع سنوات، وتوفيق بن بريك وزهير مخلوف، اللذين سجنا ستة وأربعة أشهر على التوالي هذا العام في قضايا اعتبرت "ملفقة" من قبل السلطة، التي تنفي بشدّة ضلوعها في ذلك. "من مشتك إلى معتد" وتعود أطوار قضية الزوابي -الذي يعمل في قناة الحوار التونسية وإذاعة كلمة (المحظورتين)- إلى الأول من أبريل/نيسان الماضي حينما اشتكى من أنه كان عرضة لاعتداء "خطير" من قبل شخص يدعى خليل المعروفي، قال الزوابي إنه عضو في الحزب الحاكم و"معروف بسوابقه العدلية". وأكد الزوابي للجزيرة نت أنه رفع في ذلك اليوم شكوى للنيابة العمومية التي طلبت منه التظلّم إلى مركز الشرطة بمحافظة جندوبة، غير أن الشرطة "امتنعت" عن تدوين بعض أقواله ضدّ من اعتدى عليه، حسب قوله. وفي يونيو/حزيران الماضي، استدعت الشرطة الزوابي مجددا للتحقيق معه لكن بوصفه متهما وليس مشتكيا، بعدما رفع خصمه قضية ادعى فيها أن الصحفي اعتدى عليه في الطريق. ومنذ ذلك الوقت أصبح الزوابي متهما، وشهدت محاكمته سلسلة من الجلسات وسط موجة انتقادات. وطلبت لجنة حماية الصحفيين ومراسلون بلا حدود من السلطة الكف عن ملاحقة الزوابي ورفع القيود عن الصحفيين. ورغم أن الحكم اقتصر على تغريمه ولم توجه إليه عقوبة بالسجن، فإن الزوابي يشعر بأن حقه كان "مهضوما"، ويقول للجزيرة نت "أنا أدين هذا الحكم مهما كانت درجته، لقد أصبحت في نظر القانون مجرما وذا سوابق عدلية". ويضيف "لقد تم قلب الموازين وتحولت من ضحية إلى معتد قصد تجريمي. أنا أعتبر هذه الإدانة حلقة من حلقات استهداف الصحفيين وحرية التعبير". وسبق أن نشر الزوابي، وهو عضو في الحزب الديمقراطي المعارض، سلسلة من التقارير ذات الصبغة الاجتماعية، تحدث فيها عن تفشي الفساد بمحافظة جندوبة وانتقد سياسة الحكومة.
تورط القضاء ويقول الزوابي إنّه لم يتمتع بشروط المحاكمة العادلة بدعوى أنه شابتها الكثير من "الإخلالات"، ويقول "لقد رفضت المحكمة الاستجابة لمطالبنا بينما امتثلت لجميع مطالب الخصم". ويقول المحامي الهادي المناعي، أحد أعضاء لجنة الدفاع عن الزوابي، إن المحكمة رفضت إعادة القضية إلى التحقيق ورفضت إعادة الكشف على الخصم الذي يزعم وجود أضرار بدنية، كما رفضت مطلبا لاستجواب شهود الخصم، وأضاف "كل هذا لا يدل على حياد القضاء". وتابع في حيدث للجزيرة نت "للأسف لا توجد استقلالية للقضاء في بلادنا، كنا نعلم منذ البداية أن هذه القضية مفبركة، وكنا سنستغرب حقا لو استجابت المحكمة لمطالبنا". ورغم أن فريق الدفاع ما زال لم يحسم موقفه بعد، فإن هناك نية قوية للذهاب باتجاه استئناف القضية من أجل إسقاط الدعوى بحق الزوابي.