تستمر محاكمات الصحفيين التونسيين بتهم تكاد تكون متشابهة وفي أحداث ووقائع تكاد تكرر، حيث يمثل الصحفي المولدي الزوابي أمام المحكمة بتهمة الاعتداء على شخص، في قضية يقول عنها مراقبون إنها "حلقة جديدة في سلسلة تصفية الحسابات مع صحفيين"، حسب رأيهم. وتنظر محكمة جندوبة شمال غرب البلاد في قضية الزوابي، التي تأجلت يوم 14 يوليو/تموز الماضي بطلب من المحامين للاطلاع على الملف، ويوم 4 أغسطس/آب الجاري لاستدعاء الشهود وسماع أقوال أطراف النزاع. وتعود القضية إلى الأول من أبريل/نيسان الماضي، عندما تعرض الصحفي الزوابي، الذي يعمل بقناة الحوار التونسية المعارضة وراديو كلمة، إلى "اعتداء عنيف" في شارع بمحافظة جندوبة من قبل شخص قال الزوابي إنه من أتباع السلطة. تفاصيل الحادث ويحكي الزوابي الواقعة للجزيرة نت قائلا "كنت مارا بأحد الشوارع، وفجأة نزل شخص ضخم من سيارة سوداء وانهال علي ضربا في الطريق العام، وشتمني بنعوت مسيئة للمعارضة ثم سلبني أوراقي الثبوتية". ويضيف "استنجدت ببعض رفاقي بالهاتف، ثم هرعت إلى وكيل الجمهورية (النائب العام) بمحكمة جندوبة، الذي عاين أضراري وأحال شكايتي إلى أحد مراكز الأمن بالجهة للتحقيق في الحادث". وبعد خمسة أيام من وقوع الحادث، يقول الزوابي، وهو عضو بالحزب الديمقراطي التقدمي المعارض، استدعاه مركز الأمن للاستماع إلى أقواله، لكنه تفاجأ بأن الشرطة امتنعت عن تدوين بعضها، حسب ما صرح به للجزيرة نت. ويوم 25 يونيو/حزيران الماضي، استدعت الشرطة الزوابي للتحقيق معه من جديد، لكن هذه المرة ليس في مصلحته، كما يقول، بل للاستماع إليه في شأن دعوى سجلها ضده "المعتدي"، ادعى فيها أن الزوابي عنفه في الطريق، وقال إن لديه شهودا. ويقول الزوابي "لقد تقدم من اعتدى علي بشكاية ضدي يوم 2 أبريل/نيسان الماضي أي بعد تقديم شكايتي بيوم واحد، لكن وكيل الجمهورية أحالني أنا على القضاء بتهمة الاعتداء بالعنف، بينما حفظ التهمة بحق من اعتدى علي حقا". ويضيف أن هناك ما سماها "مكيدة مدبرة" ضده للزج به في السجن، تقف وراءها السلطة للتضييق على نشاطه، حسب تعبيره، لأنه يثير ملفات وقضايا اقتصادية واجتماعية تنتقد سياسة الحكومة. حملة ممنهجة في السياق، يقول الصحفي ناجي البغوري للجزيرة نت "بالفعل هناك حملة ممنهجة هدفها تخويف وترويع بعض الصحفيين مثل المولدي الزوابي وزياد الهاني، الذي يتعرض كذلك لمضايقات أمنية كبيرة". أما العياشي الهمامي، أحد المحامين المدافعين عن الزوابي، فانتقد إحالة موكله إلى القضاء، معتبرا أن السلطة "حولت الضحية والمتضرر في القضية إلى معتد". ويقول للجزيرة نت "لقد قمنا بتأجيل القضية لاستدعاء الشهود الذين زعموا أنهم كانوا في موقع الحادث، وسنحاول أن نظهر للقضاء زور شهادتهم". ويرى الهمامي أن قبول المحكمة تأجيل القضية لإحضار الشهود يعد "تطورا إيجابيا" قياسا بمحاكمة الصحفي توفيق بن بريك، الذي رفض القاضي الاستجابة لمطالب محاميه بإحضار شهود المرأة التي ادعت أنه ضربها في الشارع. وسجن الصحفي بن بريك مطلع هذا العام ستة أشهر في قضية حق عام مماثلة بعدما اتهمته امرأة بالاعتداء عليها، بينما قال بن بريك إن القضية ملفقة من قبل السلطة للاقتصاص من كتاباته". وفي ملف آخر سجن الصحفي زهير مخلوف أربعة أشهر بتهمة قال إنها ملفقة من السلطة. محاكمة الزوابي تأتي أيضا في وقت تطالب فيه جمعيات تونسية ودولية بإطلاق الصحفي الفاهم بوكدوس، الذي حكم عليه بالسجن لأربع سنوات، وهو في حالة صحية حرجة بسبب مرض الربو المزمن، ولا تعترف السلطات التونسية بكونه صحفيا أصلا. في المقابل، تنفي السلطات التونسية الادعاءات الموجهة ضدها بفبركة مثل هذه القضايا، وترى أن بعض الصحفيين واجهوا قضايا حق عام و"تمتعوا بمحاكمات عادلة". المصدر: الجزيرة أعيد النشر على الوسط التونسية بتاريخ 14 أوت 2010 - 4 رمضان 1431 ه