مناخ من الاشتباك الفكري بين النخبة الليبرالية المصرية وبين جماعة الإخوان كبرى تيارات المعارضة الوطنية ، أجواء تطرح فيها جملة الأسئلة الإجبارية من الطرف الليبرالي الحائرة حيناً والجائرة في كثير من الأحيان والتي لم تبرح مكانها بعد ، التيار الليبرالي يؤمن بحق الإخوان في الوجود والممارسة كمصريين لكن وفق رؤيته هو! بمعنى فصل الدين عن السياسة والدعوة للدولة المدنية برؤيته هو ، والإخوان يرون أنهم يمارسون حقوقهم الشرعية والدستورية دون مخالفة ، فإن كان من حق الليبراليين أو العلمانيين أن تكون لهم مرجعية غربية أو شرقية ، ليبرالية أو لا مرجعية ، فمن حق الإخوان أن يستمسكوا بمرجعيتهم الإسلامية خاصة وأنها تتفق ومواد الدستور والقانون وأحكام القضاء ،فالإسلام هو الحل شعاراً دستورياً مدنياً ، وهو دعوة لتطبيق مبدأ من مبادئ الدستور، "الإسلام هو الحل" وفقًا لقواعد اللغة العربية وتطبيق ما جاء بأحكام القضاء، ما هو إلا دعوة لتطبيق الشريعة الإسلامية في مبادئها العامة وأصولها الكلية، تمامًا كمن يدعو إلى تطبيق مبدأ المواطنة أو مبدأ حرية التعبير أو مبدأ المساواة بين المواطنين أو مبدأ سيادة القانون سواءً بسواء ، أما موضوع الدولة المدنية فهو استدعاء مقصود لفزاعة الدولة الدينية التي لا يعرفها الإسلام ولا المسلمين ، فالدولة في فكر الإخوان هي الدولة المدنية ليس بالمفهوم العلماني الذي يجعل الدين حبيس المسجد ولا شأن له بدنيا الناس ، لكنها بالمفهوم الذي يحترم خصوصية هذه المنطقة من العالم ، دولة مدنية لكن لها دين ، الأمة فيها مصدر السلطات ، لا يوجد بها سلطة دينية لأحد (مهما علا شأنه ) على أحد ، دولة سلطة الحاكم فيها تستمد من العقد الاجتماعي بين الحاكم و المحكوم ، دولة تنفى القدسية و الكهانة عن مؤسساتها أو أشخاصها فالكل امام الدستور والقانون سواء ، دولة تحترم هوية مواطنيها الثقافية والعقدية في نسيج قوي ومتين ، دولة تضمن الحقوق والحريات لا تفرق بين مواطنيها بسبب اللون أو الجنس أو الدين دولة تعتبر العهود والمواثيق الإقليمية والدولية ، دولة تحترم وتتبنى بل وتحرس منظومة القيم الإنسانية الحضارية التي لا غنى عنها " العلم ، العمل ، الإيمان ، الحرية ، المساواة ، الشورى، .."وأخيراً الإنسان أعظم قيمة لكنها للأسف مازالت مهدرة على يد بعض دعاة المدنية. محمد السروجي المركز المصري للدراسات والتنمية