يا رجال تونس ونسائها.. لا تحرقوا أنفسكم فالأمل في الله وفيكم كبير... هذا نداء كم أود أن يصل إلى أصحابه، كم أدعو الله بكل قوة أن يقتنع به من سولت له نفسه أن يقع في المحظور، إني كلي أمل وكلي ثقة أن يكون شعب تونس العزيز، شعب تونس الأبي عند مستوى الحدث..عند أملنا فيه. يا رجال تونس ونساءها هذه رسالة بسيطة من أخ لا يريد إلا خيرا لذويه، لقد تناهى إلى مسامعي منذ لحظات خبر محاولة أحد المواطنين الكهول في سيدي بوزيد حرق نفسه، وهو أب أسرة ويبلغ من العمر 50 سنة [حسب صحيفة لوموند الفرنسية 8.01.11] وهي حالة جديدة تزداد إلى قائمة نعتبرها طويلة بكل المقاييس، ومحزنة ومزعجة على كل المستويات... يا رجال تونس ونساءها، من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، كلكم توانسة وكل فرد منكم يحتاج إليه البلد وخاصة في هذه الظروف القاسية فلا تقتلوا أنفسكم فالأمل فيكم كبير، برجالكم ونساءكم، بكباركم وصغاركم، منكم خرج الشجعان، ومن أرحامكم ولد النصر، وأخرج أجدادكم المستعمر من البلاد... يا رجال تونس ونساءها الأباة والأحرار، أعلم مدى ما وصلت إليه الخيبة وفقدان الأمل، أعلم ما هي حالة الاحتقان التي تعيشونها، أحس بأحوالكم وأنتم لا تقدرون على إعالة أهاليكم، وأصحاب الحكم في الترف يتمرغون..، أعلم مدى حزنكم وأنتم تعجزون عن تلبية طلبات أطفالكم وحاجياتهم البسيطة، وأطراف حاكمة تتقاسم ثروة البلاد على مسمع ونظر الجميع دون حياء أو خجل... ولكن صبرا أهل تونس فإن موعدكم النصر، لقد صبرتم سنين والفرج آت فبالله عليكم لا تقتلوا أنفسكم فليس هذا من شيمكم ولا شيم آباءكم وأجدادكم، فلا تتركوا أسركم في حزن لا ينتهي وحسرة قاتلة، استشعروا حال أطفالكم بدون ولي، استشعروا دمعاتهم وآلامهم وهم يفقدون المحبوب! يا رجال تونس ونسائها احيي فيكم شجاعتكم أحيي فيكم جرأتكم، ولكن بالله عليكم لا تقتلوا أنفسكم، فنحن أصحاب دين يحرم قتل النفس، وإني أريد لي لكم رضاء الله والفوز في الدارين، أريد لي ولكم أن نسكن جوار الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، أن نلقاه جميعا ولم نخن الأمانة، وقفنا ضد الظلم ولم نخفض الجناح، صبرنا وقاومنا ولم نتخاذل، لم نهرب، لم نركع، لم نتسول الرغيف، ولن نتسوله، لم نتسول الكرامة ولن نتسولها، وإنا وإياكم قد "عرفت فالزم" يا رجال تونس ونسائها إنكم أبناء قيم وأخلاق، تاريخكم ولد من المروءة وحسن الخلق، وحاضركم شوهته أياد ملوثة اعتدت على منظومة القيم، لكنكم لازلتم تمسكون بالأطراف، ترفضون السقوط القيمي والتدهور الأخلاقي، أنتم أبناء مرجعية أساسها أخلاقي، وجوهرها أخلاقي وهدفها أخلاقي، ألم يقل رسولكم الكريم صلى الله عليه وسلم إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، فلا تقتلوا أنفسكم فإنكم ورثة هذا المخزون الأخلاقي والقيمي الذي حمله إلى دياركم صحابة أجلاء وماتوا من أجله إيصاله إليكم، فلا تفرطوا فيه سامحكم الله. يا رجال تونس ونساءها لست زعيما يطوف حوله الناس، ولست عالما ينشد علمه الطلاب، ولست زاهدا تتمسك بتلابيبه الجموع، لست شيخا ولستم المريدين... إنما هي نصيحة أخ أحبكم، وحمل همه وهمكم، ومسؤولية ربانية أحس بها وهو يسمع ويرى ما عزم عليه البعض، فأراد تبرئة ذمته أمام الخالق أولا وأمام التاريخ وأمامكم... جانفي 2011 المصدر: مراسلة من موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net الدكتور: خالد الطراولي [email protected]