حسب "علم النفس" فإن العادة أوالسلوك، خاصة السيء منه، قد يتحول إلى عدوى في بعض الحالات التي يلازم فيها شخص ما شخصا آخر. ومن هذا المنطلق أكاد أجزم أن الغنوشي والمبزع لكثرة مكوثهما ومصاحبتهما لرئيسهما وصديقهما ورفيق دربهما في الديكتاتورية بن علي، فقد أصابتهما عدوى عدم الفهم "البنعلية"، وأخشى كل ما أخشاه أن يطلا علينا قريبا في مؤتمر صحفي من مؤتمرات ما قبل صلاة القيام ليعلنا أنهما بحاجة لثلاثة وعشرين عاما أخرى لكي يفهما مطلب الشعب التونسي. عزيزايا، احتراما لكما كتونسيين فقط لا غير، بودي أن أتوجه إليكما بالنصح، والنصح من الاسلام وربما سمعتما بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: " الدّينُ النَصيحةُ " قيل لمن يا رسول الله قال: " للّهِ ولِرَسولِهِ ولأئمةِ المُسلمين ولعامّتِهِم " . وكي لا تضيعا ثلاثة وعشرين عاما في اجترار مطلب الشعب التونسي دون فهمه أو استيعابه، رغم أنني لا أظن بأن شعبا ثائرا نعت يداه حرية حمراء بلون الدم قد يقدر يوما الصبر على شيخين طاعنين في السن مثليكما ويمنحهما ربع قرن لكي يستوعبا مطلبا شديد البساطة. عزيزايا، اغتنما فرصة امتلاككما إلى الآن بالقليل القليل من احترام الآخرين، في حين الأغلبية الساحقة تتمنى رؤيتكما لكي تنقض عليكما وتشفي غليلا ألهب صدورهم، فعليكما بترك المكان لأهله وترك الطريق لأصحابه وترك ثمرة الحرية لصانعيها الذين دفعوا ثمنا لها دما وألما ودموعا وصيحة لم يخف صداها. عزيزايا فلتعلما أن هذه الصيحة المدوية لن تخف إلا إذا فهمتهما اليوم واليوم فقط، وجمعتما أشلاءكما، وجمعتما معها كل من مازال يواليكم ورحلتما بعيدا بعيدا، وكل ما كان أبعد كان أحسن حتى لا تنتقل عدواكما إلى بقية الشعب التونسي المعروف بفطنته. عزيزايا، سوف أبذل معكما جهدا وأترجم لكما أو أفسر مطلب الشعب التونسي بأبسط العبارت. قال لكما الشعب التونسي ارحلا. ورحل هو فعل ثلاثي مجرد، ورد هنا في الامر مع ضمير أنتما. ومعنى فعل ارحلا هو اذهبا، غادرا، أغربا، إلى الجحيم، أتركانا لحريتنا نتصرف معها كما يحلو لنا. لا مجال لثلاثة وعشرين عاما أخرى من الصبر.... فهل فهمتما؟...