مدنين: الميناء التجاري بجرجيس يختتم الموسم الصيفي بتامينه اخر رحلة للقدوم والمغادرة    وزير النقل يشرف على اجتماع لجنة القيادة لمنظومة التصرف في السلامة بالخطوط التونسية    رابطة أبطال إفريقيا: الترجي يتجه إلى النيجر لمواجهة القوات المسلحة بغياب البلايلي    قبلي: تنظيم يوم صحي تثقيفي لفائدة الطلبة الجدد بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية    سيدي بوزيد: 2852 طفلا يستفدون من برنامج "روضتنا في حومتنا"    البنك التونسي للتضامن يقر اجراءات جديدة لفائدة صغار مزارعي الحبوب    عائدات زيت الزيتون المصدّر تتراجع ب29،5 بالمائة إلى موفى أوت 2025    كيفاش تعمل رحلة منظمة وممتعة من أول نهار حتى ترجع للدار    عاجل: تونس تنجو من كارثة جراد كادت تلتهم 20 ألف هكتار!    تدشين اقسام استشفائية و مركز تكوين في الطب الصيني التقليدي بالمستشفى الجامعي منجي سليم    كرة اليد – دورة مقدونيا الدولية: كبريات تونس ينهزمن أمام مقدونيا في الجولة الافتتاحية    إنتقالات: ثنائي جديد يعزز صفوف الترجي الجرجييسي    أبطال أوروبا: الكشف عن ملعب مواجهة برشلونة الإسباني وباريس سان جيرمان الفرنسي    الرابطة الأولى: برنامج النقل التلفزي لمواجهات الجولة السابعة ذهابا    أريانة: عملية سطو مسلح على مكتب لصرف العملة ببرج الوزير    أريانة: سطو مسلّح على مكتب صرف    أكثر من 400 فنان عالمي يطالبون بإزالة أغانيهم من المنصات في إسرائيل    قريبا: الأوكسجين المضغوط في سوسة ومدنين... كيف يساعد في حالات الاختناق والغوص والسكري؟ إليك ما يجب معرفته    بعد 20 عاماً.. رجل يستعيد بصره بعملية "زرع سن في العين"    توزر: حملة جهوية للتحسيس وتقصي سرطان القولون في عدد من المؤسسات الصحية    10 أسرار غريبة على ''العطسة'' ما كنتش تعرفهم!    عاجل- قريبا : تركيز اختصاص العلاج بالأوكسيجين المضغوط بولايتي مدنين وسوسة    مهذّب الرميلي يشارك في السباق الرمضاني من خلال هذا العمل..    عاجل/ إيطاليا ترفض دخول شاحنتين تحملان أسلحة موجهة للكيان الصهيوني إلى موانئها..    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد زعيم جماعة الحوثي..# خبر_عاجل    عاجل: فرع للصيدلية المركزية بالقصرين    قريبا القمح والشعير يركبوا في ''train''؟ تعرف على خطة النقل الجديدة    مجلس الأمن يصوّت اليوم على احتمال إعادة فرض العقوبات على إيران    مجزرة بقصف لقوات الدعم السريع على مسجد في السودان    نتنياهو يوجه رسالة للسائقين القادمين من الأردن    شنية حكاية النظارات الذكية الجديدة الى تعمل بالذكاء الاصطناعي...؟    بلاغ مهم لمستعملي طريق المدخل الجنوبي للعاصمة – قسط 03    قابس: تمكين 4250 طالبا وطالبة من السكن الجامعي    أغنية محمد الجبالي "إلا وأنا معاكو" تثير عاصفة من ردود الأفعال بين التنويه والسخرية    ما تفوتهاش: فضائل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة!    عاجل: توقف خدمات السجل الوطني للمؤسسات من الجمعة للاثنين.. شنو اللي لازم تعرفه!    حملة تلقيح مجانية للقطط والكلاب يوم الاحد المقبل بحديقة النافورة ببلدية الزهراء    وزارة الدفاع الوطني تفتح مناظرة خارجية لانتداب 7 مهندسين أولين اختصاص اعلامية    بوعرقوب: متساكنون يستغيثون من اجتياح الحشرة القرمزية لمنازلهم    البطولة العربية لكرة الطاولة - تونس تنهي مشاركتها بحصيلة 6 ميداليات منها ذهبيتان    في أحدث ظهور له: هكذا بدا الزعيم عادل إمام    تصدرت محركات البحث : من هي المخرجة العربية المعروفة التي ستحتفل بزفافها في السبعين؟    عاجل : شيرين عبد الوهاب تواجه أزمة جديدة    المعهد الوطني للتراث يصدر العدد 28 من المجلة العلمية "افريقية"    افتتاح شهر السينما الوثائقية بالعرض ما قبل الأول لفيلم "خرافة / تصويرة"    جريمة مروعة/ رجل يقتل أطفاله الثلاثة ويطعن زوجته..ثم ينتحر..!    محرز الغنوشي يزّف بشرى للتوانسة: ''بعض الامطار المتفرقة من حين لاخر بهذه المناطق''    النفيضة: إصابات في حادث اصطدام بين عدد من السيارات    عاجل: قرار صادم من الفيفا يهدد''البافانا بافانا''.. من المستفيد؟    شهداء وجرحى بينهم أطفال في قصف الاحتلال عدة مناطق في قطاع غزة..# خبر_عاجل    هذه الشركة تفتح مناظرة هامة لانتداب 60 عونا..#خبر_عاجل    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الرابطة المحترفة الاولى : حكام مباريات الجولة السابعة    سعيد: "لم يعد مقبولا إدارة شؤون الدولة بردود الفعل وانتظار الأزمات للتحرّك"    التسامح أساس من أسس التعايش بين الناس    وخالق الناس بخلق حسن    خطبة الجمعة .. أخطار النميمة    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكومة لتصريف الأعمال أم لتحديد المصير؟
نشر في الحوار نت يوم 26 - 01 - 2011

قالوا إنّها حكومة تصريف أعمال. فقط لمنع حصول الفراغ الدستوري، ريثما يستقرّ الوضع، وتجري الإنتخابات. هكذا تحدّث وزراؤها. لكنهم في ممارساتهم تجاوزوا ذلك بأشواط. السيد كمال مرجان وزير الخارجية، بدأ مشواره الحكومي الجديد بالتهكم على من أسماهم ب"المتطرفين من الشيوعيين والإسلاميين"! وكأنّه هو صاحب الشرعية، ومانحها!!! السيد أحمد فريعة وزير الداخلية، لم يوضّح بعد للتونسيين لماذا يستمرّ بعض رجال الأمن، وبعض أجهزة وزارته، في التنكيل بالناس، تماما كما كان يأمر بن علي. لم يقل كلمة واحدة عن أجهزة الأمن السري وأعوانها الذين يعدّون بالآلاف، ماذا يفعلون الآن، وما مصيرهم؟ وقد وجدناهم ينظّمون مظاهرة تأييد لحكومته "الرشيدة" ويبثون الإشاعات المغرضة بحق معارضيها، ويعتدون بالعنف على منصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية أمام قصر الحكومة بالقصبة. وزارة العدل، لم تسمع بعد بالعفو التشريعي العام، فأطلقت سراح نفر قليل منهم، لتتمكّن وسائل الإعلام من الحديث عن عفو تشريعي عام، وغلّقت أبواب سجونها على الآلاف منهم، لتذيقهم ما لم تفعله فيهم حكومة الرئيس الهارب بن علي، فقطعت عليهم الغذاء، ومنعت عنهم زيارات ذويهم، وأحرق رجالها على المساجين غرفهم، وأطلقوا عليها الرصاص. لم نسمع منه كلمة واحدة تدين هذه التصرفات، وتعلن التحقيق مع ممارسيها. لم نسمع بعد بصدور مذكرات إيقاف بحق أصهار بن علي، مثل صخر الماطري وأسرته الذي فرّ إلى كندا، وعماد الطرابلسي الذي فرّ إلى سوسرا (بعد أن قالوا إنه مات مطعونا!!!). السيد الطيب البكوش، وزير التربية والناطق باسم الحكومة، اعتبر إضراب رجال التعليم غير مهني، ودعاهم إلى التمهل أسبوعا آخر ليدرس مطالبهم المهنية ويبدأ المفاوضات مع نقاباتهم! نعم، يريد أن يتفاوض معهم لعلّ ذلك يساعده في الحفاظ على كرسيّه الحكوميّ الوثير. وكلّ من نجيب الشابي وأحمد إبراهيم "المعارضان"، اللذين يبشّران بشرعيّة الحكومة، ويهددان التونسيين من مغبّة "استمرار اعتصامهم أمام قصر الحكومة بالقصبة"!!!
لم نسمع كلمة واحدة من أيّ وزير، تدين ما مورس على أبناء تونس خلال العشرين عاما المنقضية، من أبناء حركة النّهضة، وحزب العمال الشيوعي، والناشطين القوميين، والسّلفيين، وغيرهم من التيارات السياسية والدينية. مازال أعضاء حكومة "الإنقاذ الوطني"، يخافون من أن ينطقوا باسم حزب أو حركة من هذه الأحزاب والحركات. لم نسمع كلمة واحدة عن أزيد من ثلاثين شهيدا من أبناء حركة النّهضة، قتلهم النظام البائد لبن علي. لم يتحدّث مسؤول حكومي واحد عن الذين قتلهم بن علي أو شمت بهم، حتّى ممن كانوا يحسبون على نظامه، بسبب مواقفهم الجريئة منه. لم يتح لأيّ مسؤول من جمعية المساجين السياسيين، أو جمعية ضحايا التعذيب، أو المجلس الوطني للحريات، وأمثالها من الجمعيات الجادة التي قالت كلمة الحقّ في وجه الدكتاتور الهارب، من التحدّث عبر التلفزيون الحكومي، ولا في صحف الحكومة. فهل مازالت حكومة بن علي قائمة؟ نحن نرى أن مقاييسها مازالت هي المعتمدة في التعامل مع الأحزاب والجمعيات. فمتى تعترف هذه الحكومة بتلك الجرائم؟ متى تتعامل مع التونسيين جميعا بنفس المقاييس، دون إقصاء أو تجاهل أو فرز؟ إنّهم يخافون حتّى من النطق بأسماء الأحزاب والجمعيات والشخصيات، التي كان بن علي يرفض سماعها. لم نسمع واحدا منهم يتجرّأ فينطق باسم حركة النّهضة أو الشيخ راشد الغنوشي أو حمادي الجبالي، ولا باسم حزب العمال الشيوعي أو زعيمه حمه الهمامي، ولا باسم المؤتمر من أجل الجمهورية، وزعيمه منصف المرزوقي. وكذلك الأمر بالنسبة لمعظم الجمعيات التي ناضلت لتحرير البلاد من بطش النظام المتهالك! ويخافون من أن يطل أحد رموزها من شاشة التلفزيون الحكومي! مازالوا يتعاملون مع المشهد السياسي، كما رسمه عهد بن علي. فالشرعي هو ما اعترف به الدكتاتور، والبقية غير شرعيين. كذلك الأمر بالنسبة للجمعيات ومختلف مؤسسات المجتمع المدني. مازالت ألسنتهم لا تستطيع النّطق بألفاظ مثل الثورة، والدكتاتور، والعهد البائد.
لقد قال الشعب كلمته، فمن أين ينتظرون الضوء الأخضر حتى تنطلق ألسنتهم بتلك الكلمات؟
شكّلوا لجانا وصفوها بالمستقلّة. فماذا تعني الإستقلالية عندكم يا أعضاء حكومة تصريف الأعمال؟ لماذا كلّ هذا التنكر للجيل الجديد وللكفاءات الشابة؟ متى ستعترفون بأبناء الثورة يا من تتدثّرون باسم الثورة، وتزعمون أنّكم من "حكومة الثورة"؟ ومتى تتصرّفون على أنّكم حكومة تصريف أعمال مؤقتة، ولستم حكومة تحديد مصير ثورة تونس؟
لقد اعترفتم يا وزراء حكومة تصريف الأعمال، أنّ ثورة تونس، كانت ثورة الشباب بامتياز. اقتاتت من معاناة شباب تونس. وهم الذين أشعلوا فتيلها وحملوا لواءها. هم الذين سقوها دمائهم، وحموها بأرواحهم، فعرضوا صدورهم للرصاص، وسهروا لحماية أهاليهم، وضحوا بكلّ ما يملكون من أجل تونس جديدة. تونس الحرية والعدالة. فلماذا كوفئ التونسيون، بحكومة، معدّل أعمار أعضائها فوق الستين عاما!!! جاء معظمهم من الحزب الذي استعمله بن علي لإذلال التونسيين وقتل الرجولة فيهم؟
لماذا يوضع الرجال الذين جاء بهم الدكتاتور بن علي لقمع التونسيين، وتوضع بين أيديهم أهم الحقائب الوزارية والمسؤوليات الحكومية والدستورية؟ أهم أحرص على الثورة من أبنائها؟ كيف تقولون إنكم أوفياء لأهداف الثورة، وأنتم تُقصون أبناءها؟ هاتوا لي اسما واحدا ممّن أوكلتم إليهم مهام جديدة، ممن أفرزتهم هذه الثورة. أم إنّ شبح بن علي مازال يرعبكم، ومازلتم تخشون عودته؟ أم إنّ طول فترة عملكم معه، قتل فيكم السّمع والبصر، وصرتم عاجزين عن رؤية شعب تونس، مهما علا صوته، وقويت إرادته؟
حتّى المعارضون والمستقلّون من أعضاء هذه الحكومة، ورؤساء اللجان التي وصفت بالمستقلّة، وجوه كان بورقيبة وبن علي يستدعيهم كلّما مرّ أحدهما بضائقة. لا أقدح في رؤساء هذه اللجان، ولكني أريد أن أقول أنّ في تونس آلافا من الكفاءات في مختلف المجالات، فلماذا اختصار التونسيين في أسماء معدودة، حفظناها منذ كنّا صغارا؟
يا شيوخ البلاد، ويا مخزونها المعرفي، من علماء ونشطاء حقوقيين وقادة أحزاب. لا تتركوا النّار التي أوقدها محمد البوعزيزي وإخوانه تمتدّ إليكم، بعد أن أتت على نظام بن علي ورجاله. إنّكم تطعنونها بهذه التصرفات. لا يأخذكم الإعجاب بالنفس، فتحاولون أن تدوسوا إرادة هؤلاء الشباب، ولو عن غير قصد. ألم تقولوا إنّكم أعطيتم للبلاد الكثير؟ فهل أنتم عاقرون عن إنجاب أمثالكم، أو من هم أكفأ منكم؟ أتركتم البلاد وراءكم أرضا مواتا بلا رجال ولا حياة؟ فلماذا لا تنصتوا إليهم؟ ولماذا لا تثقون في كفاءاتهم مثلما هم وثقوا في قدراتكم؟
هؤلاء الذين أشعلوا ثورة الحرية في تونس الخضراء، شباب متعلّم، واع جدّا بواقع بلاده وأحوال العالم. اتركوهم ينعمون بثورتهم، ويساهمون بشكل مباشر، معكم، في صياغة مستقبلها.
هؤلاء الشباب يتّهمونكم بأنّكم خرجتم من مكاتبكم الدافئة، بعد أن نضجت ثورتهم وأثمرت، فلا تفرحوا بإخماد أصواتهم، ولا تُمعِنوا في تجاهلهم، لأنّكم لو استمررتم على هذه الحال، فإنّهم جاهزون لمواصلة طريق ثورتهم، ولن يسمعوا لكم بعد ذلك. والشعب الذي قدّم لهم الدعم بما يستطيع، لن يبخل عليهم بما يستطيع.
هذه الثّورة، ترفض أن يهيمن عليها حزب سياسي، أو زعيم سياسي. فحزبها الوحيد، وزعيمها الوحيد، هي تونس، وفقط تونس.
ولأنّها ثورة الشعب، فإنّها غير قابلة للمقايضة، ومستعصية عن السّرقة، مهما أعدّ محترفو السرقات السياسية - وما أكثرهم- من وسائل وعتاد. إنّها ثورة حتى تحقيق إرادة الشّعب، والوفاء لدماء الشّهداء. وشتّان بين ما تفصح عنه دماء الشهداء، وما يريده الإنتهازيون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.