صفاقس: تفاصيل اعتداء تلميذة على أستاذها ب''شفرة حلاقة''    مصر تكشف حقيقة إغلاق معبر رفح..    أنس جابر تتقدم في التصنيف الجديد لللاعبات المحترفات    الحماية المدنية:15حالة وفاة و361إصابة خلال 24ساعة.    العاصمة: القبض على قاصرتين استدرجتا سائق "تاكسي" وسلبتاه أمواله    6 جرحى في حادث اصطدام بين سيارتين..    الرابطة الأولى: برنامج مباريات الجولة الثانية إيابا لمرحلة التتويج    حركة الشعب معنية بالإنتخابات الرئاسية    عاجل/ حزب الله يشن هجمات بصواريخ الكاتيوشا على مستوطنات ومواقع صهيونية    البرلمان: النظر في تنقيح قانون يتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الاطفال    مطالب «غريبة» للأهلي قبل مواجهة الترجي    اليوم: الأساتذة يحتجّون رفضا للتدخل في الشأن التربوي    اليوم: طقس بمواصفات صيفية    ثورة الحركة الطلابية الأممية في مواجهة الحكومة العالمية ..من معاناة شعب ينفجر الغضب (1/ 2)    إسرائيل وموعظة «بيلار»    «فكر أرحب من السماء» بقلم كتّاب ((شينخوا)) ني سي يي، شي شياو منغ، شانغ جيون «شي» والثقافة الفرنسية    زلزال بقوة 5.8 درجات يضرب هذه المنطقة..    الموت يغيب الفنّان بلقاسم بوقنّة..وزارة الشؤون الثقافية تنعى..    القيروان ...تقدم إنجاز جسرين على الطريق الجهوية رقم 99    مصادقة على تمويل 100 مشروع فلاحي ببنزرت    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة السابعة    طولة ايطاليا : جوفنتوس يتعادل مع روما ويهدر فرصة تقليص الفارق مع المركز الثاني    جندوبة .. لتفادي النقص في مياه الري ..اتحاد الفلاحين يطالب بمنح تراخيص لحفر آبار عميقة دون تعطيلات    أنباء عن الترفيع في الفاتورة: الستاغ تًوضّح    «الشروق» في حي السيدة المنوبية كابوس... الفقر والعنف والزطلة!    القصرين .. بحضور وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ..يوم دراسي حول مشروع مضاعفة الطريق الوطنية عدد 13    طقس اليوم: ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    تقلبات جوية منتظرة وأمطار رعدية غدا..#خبر_عاجل    عمر كمال يكشف أسرارا عن إنهاء علاقته بطليقة الفيشاوي    تونسي المولد و النشأة... ترك تراثا عالميا مشتركا .. مقدمة ابن خلدون على لائحة اليونسكو؟    اليوم: لجنة الحقوق والحرّيات تستمع لممثلي وزارة المالية    أهدى أول كأس عالم لبلاده.. وفاة مدرب الأرجنتين السابق مينوتي    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنّان بلقاسم بوڨنّة    اجتماع أمني تونسي ليبي بمعبر راس جدير    بصورة نادرة من طفولته.. رونالدو يهنئ والدته بعيد الأم    صفاقس: إحباط 22 عملية حَرْقة والقبض على 10 منظّمين ووسطاء    سوسة: منفّذ عملية براكاج باستعمال آلة حادة في قبضة الأمن    تونس تتحفظ على قرارات قمة منظمة التعاون الإسلامي حول القضية الفلسطينية    جمعية مرض الهيموفيليا: قرابة ال 640 تونسيا مصابا بمرض 'النزيف الدم الوراثي'    فص ثوم واحد كل ليلة يكسبك 5 فوائد صحية    الاثنين : انطلاق الإكتتاب في القسط الثاني من القرض الرقاعي الوطني    حقيقة الترفيع في تعريفات الكهرباء و الغاز    مختصّة في أمراض الشيخوخة تنصح باستشارة أطباء الاختصاص بشأن أدوية علاجات كبار السن    للمرة ال36 : ريال مدريد بطلا للدوري الإسباني    ظهرت بالحجاب ....شيرين عبد الوهاب تثير الجدل في الكويت    لتحقيق الاكتفاء الذاتي: متابعة تجربة نموذجية لإكثار صنف معيّن من الحبوب    هند صبري مع ابنتها على ''تيك توك''    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    لهذا السبب.. كندا تشدد قيود استيراد الماشية الأميركية    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليسار يسيطر على هيئة تحقيق أهداف الثورة وهي تنصب الفخاخ للنهضة
خاص ب "الأسبوعي - "نزيهة رجيبة "أم زياد" في أول حديث شامل لصحيفة تونسية
نشر في الصباح يوم 01 - 08 - 2011

الثورة التونسية ما كانت لتطيح ببن علي لو وقعت في عهد بوش الإبن
التونسي أصبح جديرا بمقولة حشّاد :"أحبك يا شعب"
يجب ترشيد استهلاك الحرية...
فهي كالمادة المخدرة
يجب ألا يزايد علينا القوميين في حبهم لفلسطين
بن علي كانت له موهبة تجعلك تمر معه من مرحلة النقد الى الحقد
يجب أن يفهم التونسي معادلة الخبزة وحرية الاقتراع
الشعب التونسي لا يحتاج لنص دستوري ليناهض التطبيع
لم أرض بدكتاتورية القصبة التي ألهت..
أجرت الحوار: منية العرفاوي في مقالها الشهير الذي أطاح بجريدة الرأي في جانفي 1988 ووضعت له من العناوين عنوان أصرّ وأمضي تساءلت الكاتبة الصحفية نزيهة رجيبة أم زياد «ماذا أحبّ حشّاد في الشعب التونسي» «هذا الشعب الذي رأت فيه صورة الحاضر الغائب ..والمفهوم الضبابي ..والشبح»
في هذا المقال الذي أعلنت فيه أم زياد الحرب على بن علي منذ البداية واعتبرته مشروع دكتاتور سيبطش بالتونسيين وقرّرت مواجهته بكنيتها الحقيقية وفي أوّل امتحان حقيقي له فيما يتعلّق بحرية التعبير التي طالما تشدّق بها بداية عهده بالحكم سقط الطاغية وأفصح عن نواياه وربحت أم زياد رهانها عندما اعتبرت أن تونس تشهد بداية عهد حاكم جائر ومستبدّ..ولئن تكلمت أم زياد عندما صمت الآخرون فإنها خيرت الصمت عندما علت غوغاؤهم اليوم وكثر الثوريون الجدد..لكن اليوم أم زياد تخرج عن صمتها لتصدح بأن الشعب التونسي بانجازه لثورته أصبح جديرا بمقولة حشّاد «أحبّك يا شعب»..
بابتسامتها الهادئة استقبلنا أم زياد المرأة التي تشجّعت واختبرت رحابة صدر العهد الجديد في قمة عنفوانه وسبرت استعداده لتقبّل النقد ودخلت معه في حرب مفتوحة استعمل فيها ضدّها بن علي كل أسلحته القذرة وتسلحّت فيها بالصمود والحقد والثأر الايجابي..أم زياد فتحت لنا بيتها وقلبها..تحدّثت بصراحة وبدون مجاملة لأي طرف وكان لها وجهات نظر مختلفة في مسائل عدة نكتشفها تباعا في الحوار التالي..
٭ السيدة نزيهة رجيبة أم زياد تكلمت عندما صمت الآخرون.. وصمتت بعد الثورة عندما علت غوغاؤهم لماذا؟
- أولا أشكركم على الدعوة للحديث على صفحات جريدتكم.. وبالنسبة للكلام فلم أكن الوحيدة التي تكلّمت عندما صمت الآخرون كنت من بين الكثيرين الذين رفضوا الخنوع ولم يستسلموا لسياسة تكميم الأفواه.. وعندما تكلمت في الماضي كان ذلك تحت ضغط الرفض الفطري للظلم والقهر.. وأنا صمتّ اليوم نسبيا ربما بسبب «الارهاق» أو «الإعياء» والأرجح أن مردّ هذا الصمت هو إحساسي بعدم القدرة على استيعاب ما حدث فما حدث وإن كنت أحلم به فقد فاق توقعاتي وأصدقك القول «جفلت» لما رأيت كثرة الجلبة وتكالب الثوريين الجدد على الكلام بما يفيد وبما لا يفيد والمؤكد أن صمتي لن يطول وسأعود للكلام..
٭ الثوريون الجدد.. من هم؟
- اليوم هم كثر وفي مجالات كثيرة ومنها المجال الذي يعنيني وهو المجال الإعلامي فكثير من الإعلاميين كانوا يدافعون عن نظام بن علي وكانوا يخدمونه بالقلم والكاميرا والمصدح وبغتة ودون محاولات لحسن التخلص من أدران الماضي ينتسبون للثورة ويسبون من كان يعتبرونه ولي نعمتهم.. وهناك كذلك ثوريون في المجال السياسي ومنهم من أسسوا أحزابا جديدة أو انضموا إلى أحزاب.. أو من الموجودين في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة وجدت فيهم من أولئك الراكبين على الثورة بنوع من الصفاقة وإن لا أقول يجب أن يغلق الباب في وجوههم لكن المستفزّ هو المبالغة والغلو في التفصي من ماضيهم ومحاولة احتكار الثورة دون الآخرين وهم الذين أحدثوها..
٭ منذ البداية كنت تتوقعين الأسوأ من نظام بن علي.. فهل تجاوز الأسوأ الذي اكتشفناه بعد فراره توقعاتك؟
- نعم ولا، فأبدأ بلا وبالشيء الذي فاجأني فأنا كنت من الأقلام التي تجاوزت الخطوط الحمراء وتحدثت عن الفساد وذكرت بالإسم واللقب المفسدين فقد كنت ممن ينطق باسم ليلى الطرابلسي كمورّطة رئيسية في أعمال الفساد، وبالرغم من أني كنت أكتب حول وقائع الفساد لكن بعد ما رأيت ما نشر من حقائق الفساد هذا فاق توقعاتي فأنا اكتشفت أني لا أعرف عن عمليات السطو إلا قليلا جدا..
ولماذا نعم فاق توقعاتي هو أنه وبالعودة إلى ما توقعته وكتبته هو الآثار النفسية الرهيبة التي استولى بها هذا النظام على روح التونسي وهو شيء أهم من الثروة والمال فأنا كنت أتوقع أن بن علي سيقتل في التونسي روح المواطنة وسيكسبه عادات وانحرافات مثل الكذب والنفاق والوصولية واللامبالاة وسيميت إحساس التونسي بالصالح العام... وهي للأسف سلوكيات مازالت حاضرة على مستوى المجتمع رغم الثورة التي لديّ عدّة ملاحظات حولها.. وأشدّ ما أخشاه أن تكون هذه الانحرافات سببا رئيسيا في فشل الثورة.. وهو ما نلمسه خاصة على مستوى السلوك العام بحيث أن جل تفكير الناس ينصبّ على المصالح الآنية.. عكس الاجتهاد الجماعي لترسيخ قيم الحرية والديمقراطية فحتى الراسخون في المعرفة أراهم يغتنمون هذه الفرصة لتحقيق مصالح ذاتية ولعل أبرز دليل على ما أقول هو هذا العزوف عن المشاركة في العملية الانتخابية.. فهي نفس اللامبالاة والعزوف في عهد بن علي.. حتى كدنا نقتنع أن التونسي لا يؤمن بفضل العملية الانتخابية وممارسة الديمقراطية.
٭ تحدثت عن موقف خاص من الثورة ماهو؟
- هو على كل حال ليس رأيا فريدا.. فأنا أعتمد على حدسي وشعوري العميق بالأشياء ولا أنساق بسرعة وراء تفسيرات الآخرين التي تريد فرض آرائها على الأغلبية..
بالنسبة لأسباب هذه الثورة فإنها تكاد تتطابق مع الآراء السابقة وهي كونها مخزونا من الغضب انفجر تحت وطأة الطغيان والجور.. فاليأس دفع بالشباب إن صحت مقولة «أنهم شعلة الثورة الأولى» وهو ما أعتقد أنه قول نسبي.. قلنا الشباب لم يتعوّد على القهر الذي عاشه الآباء فهو شباب لم يتربّى في شرنقة بن علي خاصة وأن هذا الشباب انسدت أمامه جميع الآفاق.
كما أني لا أوافق تماما على كون الأسباب الاجتماعية (التي تقف الآن على رأس المطلبية الاجتماعية) هي الدافع الأساسي للثورة فهناك كذلك العامل السياسي فالثورة ابنة الشارع لكن ذلك لم يمنع كونها استوحت أفكارها مما كتب في الانترنات وبث في الفضاءات المختلفة.. العامل الخارجي كذلك مهم فأنا لا أتصور أن هذه الثورة كانت ستودي ببن علي لو حدثت مثلا في عهد جورج بوش الابن.. فأوباما الرئيس الأمريكي الحالي ولو أنه ورث الاستبداد والطغيان الذي ينتهجه الأمريكان ضد العالم العربي غير أن الإدارة الأمريكية الحالية بدأت تتعامل مع الزعماء العرب -الذين هم رجالاتها المخلصون- وخاصة أولئك الذين جثموا على الكراسي طويلا واستهلكوا وصاروا محرجين بنفور وتملّص.. وبالتالي وقع ما سمي «بالاختمار الثوري» وتفاعلت فيه مختلف العناصر المذكورة.. وهي عموما ثورة مجيدة فالشعب التونسي الذي أوشك أن يُنعى من شعوب العالم انتفض ضد دكتاتورية بشعة وبذيئة.
٭ قلت أن الشباب التونسي لم يكن وحده صانعا للثورة.. لماذا؟
- هذه الثورة منسوبة للشباب ولئن نقول طوبى للشباب فهو الذي «ركب المنى ونسي الخطر» على رأي الشابي.. لكني أخشى من دكتاتورية الشباب!!
أنا أريد أن أسميها ثورة الشعب التونسي وليس كل الشعب عينة من الشعب فقط تشكلّت بصفة عفوية وتفاعلت وخلقت هذا الزخم الشعب المشكل من مختلف الشرائح ما عدا طبعا من يباشرون الثورة المضادة لكن هذا لا يكفي يجب أن نعيش ثورة عميقة تمسّ ذواتنا وكينونتنا.. فلا بد من تثوير الوعي لمعرفة ما يهدّد هذه الثورة..
٭ حاول النظام البائد بشتى الوسائل تثبيط عزائمك وحاربك بكل الوسائل القذرة لكن رغم ذلك صمدت.. ما سرّ هذا الصمود؟
- عموما لست الوحيدة التي صمدت رغم قسوة النظام فأنا لا أتمتع بهذه الفضيلة لوحدي.. بن علي ربما كان في الوقت الذي يريدك فيه أن تنهار يدفعك للصمود ففي النفس البشرية قدر من العناد ولعل أغلب الناس الضربات تقويهم وتجعلهم «يتنمّرون» وكانت له موهبة كونك تمرّ معه من مرحلة النقد إلى الحقد.. تتحوّل العلاقة بينكما إلى علاقة ثأر.. واعترف أني عشت هذا أحيانا وخاصمت النظام غالبا وثأرت منها أحيانا ببعض المقالات..
بالنسبة لليأس فكل البشر عرضة له.. فأحيانا تمر لحظات أتساءل فيها لماذا أفعل هذا. إذا كان الشعب يبدو راضيا بما هو كائن.. وربما فكرت بعض الأحيان في الخروج من ساحة المعركة لكن أبدا.. أبدا لم أنفّذ هذا ولم أفكر في أكثر أحلامي ازعاجا أن أنحني أو أقلب السترة وأفعل كما فعل الكثيرون بأن أعود لاحقا للنضالية من الشباك الضيّق بعد أن غادروها من الباب الواسع..
٭ التونسي الذي انتفض ضدّ الجور والطغيان هل سيكون له نصيب من ثمار حريته.. أم ستسرق ثورته؟
- أنا واحدة من الشعب التونسي وشاكسته في الكثير من المناسبات وكتبت ذلك المقال الذي ذهب بجريدة الرأي وقلت ماذا أحب حشاد عندما قال أحبّك يا شعب.. أنا لا أتملّق هذا الشعب فليس لي غاية انتخابية.. لكن صدقا فإن شعبنا صمت كثيرا.. فأنا أرى في بعض القنوات التلفزية المصرية كيف يعتذر الشعب المصري لمصر لأنه تأخر بعض الشيء.. ولكن الشعب التونسي تأخّر كثيرا وهو ما دفع بالأمور للتعفّن.. لكن ما حدث خلق وعيا جديدا وجعل الشعب بفئاته الواعية وغير الواعية يتمتع بالحريّة والمطلوب أن نبني حياة ديمقراطية وأعتقد أنه يجب المحافظة على هذه الحرية -بترشيد استهلاكها- لأنها كالمادة المخدرة تسكر.. ويجب أن نوجّه القضايا في الاتجاه الصحيح ولست مع إثارة قضايا هامشية نعطل بها مسار حياة ديمقراطية.. أو قضايا مفروغ منها كالهوية لأن هناك أقلية تشعر أنها فنيقية أو بونقية وتريد أن تثبت هوية تخصّها فنحن لسنا في حاجة إلى إثارة هذه المهاترات.
كذلك أنا لست مع طرح الأسئلة حول الدين نفس الحرية نفيس لا بد من استغلاله لخدمة قضايا «ثورية» حقيقية.. الناس تقول في الشارع نحن لا تهمّنا السياسة ولا الأحزاب ما يهمّنا حقيقة هو الخبزة.. فلماذا لا يجتهد هؤلاء «الأحرار» الناشطون سياسيا هذه الأيام في توعية الناس بين الخبزة وحريّة الاقتراع ونتيجته.. ورغم ذلك أعلن اليوم أن الشعب التونسي استحق قول حشاد أحبّك يا شعب.. فالشعب صار جديرا بحب حشاد.. لكن عليه أن يبقى جديرا بذلك.. الحرية مسؤولية.. ويجب أن نتعلّم كيف نحتّج ونطالب بحقوقنا..
٭ محاولة البعض إثارة النقاش حول مسألة الثوابت هل تخفي غايات معينة؟
- أنا أريد أن أقول شيئا مهما في نظري من حق جميع الناس أن يطرحوا جميع الأسئلة حتى ولو كانت تتعلّق بالثوابت.. لكن كان بودّي لو انتظر هؤلاء قليلا فهناك الأهم.. وبحكم معرفتي بمثيري النقاش أنزّههم من كل غايات مبيتة أو مآرب خاصة لكن مشكلة هؤلاء أنهم يريدون أن «يستيقظ الشعب التونسي على إيقاع أفكارهم».
يريدون صنع شعب يستجيب إلى أحلامهم الإيديولوجية وربما كان من بينهم من يعتقدون أنهم بارزون لكن صندوق الاقتراع سيظهرهم بحجمهم الحقيقي.
٭ استبسلت في الدفاع عن كرامة التونسي وحريته.. لكن اليوم لا نرى أم زياد في الهيئة العليا لحماية أهداف الثورة لماذا؟
- هذه الهيئة إذا سلمت منها الثورة فقد غنمنا غنما كبيرا.. وما يحدث في الهيئة ذكّرنا بالجامعة في السبعينات.. يا إلاهي شخنا ولم نكبر.. إبيضّ الشعر ولم نكبر.
وفي الحقيقة يوم قرأت قائمة الأسماء «دخت» وتذكرت يوم كنت أتنقل فيه بين بعض الناس لأطالب إمضاء عريضة نطالب من خلالها بن علي بعدم الترشح لانتخابات 2004 فلم يمض أحد.. واليوم يحمون أهداف الثورة.. فالهيئة باتت تشبه لغز قنّاصة البلاد والعباد وأعترف أن فيها أسماء جيدة والمهم ماذا ستفعل هذه الهيئة.. أنا لا أنكر أن هذه الهيئة أنجزت أشياء مهمة وخاصة لجنة الخبراء والتي انتجت نصوصا تحوّلت إلى مراسيم.. لكن أرى أن الأمر تحوّل إلى منزلقات من أهمها الخروج عن الموضوع وأنها أصبحت تدعى ما ليس لها وتطمح إلى التحكم وفق رؤى خاصة.. وبكل صراحة فإن اليسار هو من يسيطر على الهيئة ورغم أنه لا يوجد أحد بينهم يعتبر من عملاء الغرب إلا أن هواهم غربي وهوى التونسيين ليس كذلك ضرورة.. وحتى اقتراح العهد الجمهوري فهو يمثل تدخلا صارخا في مهام المجلس التأسيسي وأعتقد أن ما تقوم به الهيئة الآن هو المحاولة الدائمة لنصب الفخاخ أمام حركة النهضة فالشعب ليس قاصرا ويستطيع أن يقول لا للإسلاميين متى أراد..
٭ وماذا عن مبدإ المناصفة..؟
- أنا كسيدة لا أريد لأي أحد أن يزايد بنسويتي.. وتقف وراء سن بند المناصفة مراهقة إيديولوجية تريد إكراه الناس.. فهذا البند ليس موجودا حتى في فرنسا.. وهذا البند سيثير إشكالا حقيقيا عند البحث لتأثيث القوائم المتناصفة.. فالأخت الحنونة والزوجة المحبة تقبل أن تلتحق بالقائمة لإرضاء زوجها لكي لا تفسد مشاريعه وبالتالي ترضى بلعب دور «الكومبارس» لكن المفروض أن تترك للمرأة حرية اختيار العمل السياسي من عدمه..
وأنا سأكون شديدة الانتباه إلى دعاة التناصف وكم من امرأة سيضعون على رؤوس قائماتهم..
٭ وبالنسبة لمسألة التطبيع التي أثارت بدورها جدلا كيف تنظرين إليها؟
- التخوين البغيض من إرث بن علي ويجب أن لا يزايد علينا القوميون في حبهم لفلسطين... فالشعب التونسي لا يحتاج لفصل دستوري لكي يناهض التطبيع وهو سيعضّ جميع الأصابع التي ستمتدّ لإسرائيل.
٭ الأداء الحكومي الحالي.. كيف تقيمينه؟
- هناك بعض الارتباك في المسار الحكومي الحالي لكنهم في النهاية بشر يصيبون ويخطئون.. هناك أشياء أرى فيها بعض البطء وتهيّب على الاقدام في أخذ القرارات لكن يجب الحسم في ثلاثة أشياء هامة وهي الملف الأمني.. فرغم بعض التحسّن في الظروف الأمنية فالأمن مازال يبدو مرتبكا لكن عليه فرض احترام القانون.. لكن على الأمن فرض القانون وتجنّب قمع الناس وبالتالي على الحكومة أن تحسم في الملف الأمني لأن الانتخابات لا يمكن أن تجرى في جوّ من التوتّر وأكيد أن الانفلات سيحمى وطيسه مع الانتخابات.
والملف الثاني هو الإعلام فلا يمكن أن تجرى انتخابات حرّة ونزيهة بلا إعلام مستقل ومهني ومتوازن.. فنحن ليس لدينا محاورون سياسيون في الإعلام الوطني وهو ما نحتاجه بشدة في الانتخابات ولا بد أن تستعين التلفزة الوطنية في هذا المجال بالإعلام المكتوب.. وبالنسبة للقنوات التلفزية الخاصة فلا بد أن توضع لها ضوابط.. فقناتي المنوعات وما أن حدثت الثورة حتى غيّر الأصل التجاري مثل صاحب دكان بيع فحم أصبح في رمضان دكانا للحلويات وفي العيد دكان لبيع الألعاب الصينية (وعيادي وسنين دايمة) وبالتالي لا بد من إعادة النظر في ضوابط هذه القنوات حتى لا تتحوّل إلى أبواق دعاية فصاحب قناة تحوّل إلى مزار و«كعبة» للأحزاب السياسية والزعماء السياسيين ولا بد بالتالي من تحرير كراس شروط ولو مؤقتا من طرف الهيئة العليا لإصلاح الإعلام حتى تحدّد الضوابط ولا تتحول بعض وسائل الإعلام لبؤرة لا للثورة المضادة..
والملف الثالث الذي يحتاج بدوره للحسم هو القضاء فنحن مقدمون على انتخابات وسيكون من أهم الفياصل فيها إما لمراقبة الانتخابات أما للطعون لكن اليوم قضاؤنا مازال على حاله فأنا لن أنسى صورة ذلك القاضي الذي حكم علي بن علي منذ يومين ب15 سنة سجنا.. هو نفسه الذي ذبح شابين من جرجيس فيما سمي بقضية جرجيس بأكثر من 10 سنوات وكنت حاضرة في تلك المحاكمة على حدث صغير كان الطفل يصرخ أمامه لقد «عذّبوني وثقبوا طبلة أذني» وهو يتصامم وبالتالي لن أقتنع أن هناك قضاء مستقلا وأنا أرجو من القضاة الأحرار وعلى رأسهم الجمعية التونسية للقضاة أن يكون في مقدمة مطالبهم حل المجلس الأعلى للقضاء.
٭ هل تعتقدين أن المجلس التأسيسي هو السبيل الوحيد لإخراجنا من عنق الزجاجة الحالي؟
- هو مقترن بالقصبة وأنا ضد تأليه هذه القصبة التي انتهت وأنا لم أرض بدكتاتورية القصبة فأنا كنت بوجداني مع القصبة والقبة ولئن حصلت القصبة على مطلب تغيير الحكومة وفرضت المجلس التأسيسي كما لو كان الجنّة الموعودة لكن الاعتقاد في بركاته مبالغ فيه إذ يمكن أن يكون لنا أفضل مجلس وأفضل دستور لكن دون أن تحلّ مشاكلنا.. فتحسّن الأوضاع والتدرّج نحو الديمقراطية يتم بسبل عدّة.. نحن نحتاج إلى مصالحة وطنية أكثر من المجلس التأسيسي الذي مازلت أحلم به ولست ضدّه.. لكن ما نلاحظه هو الخصومة على الكعكة التي لم توجد بعد.. فنحن نحتاج لنحب بعضنا ونتصالح معا وأنا على مذهب طاغور ونعيمة في أن المحبة تحل الكثير من المشاكل.
٭ ختاما ماذا تريد أن تقول أم زياد للتوانسة؟
- أريد أن أتوجه برسالة إلى من يريد سماعي هذه الثورة معجزة ولا يجب أن نفوّتها على أنفسنا فهي ليست من الأشياء التي تتكرّر إلا بعد دهر.. وأنا أخاف عليها من الضياع وأدعو الناس إلى التمسك بها وإنجاحها قبل اللحوم الحمراء والبيضاء في رمضان وقارورة الماء المعدني أدعو المتحمسين ّللعملية الانتخابية إلى تسجيل أسمائهم وأدعوهم عندما يصلون إلى اليوم الموعود أن يتثبّتوا في ماضي الشخصيات المرشحة.. حتى لا نجد فلول التجمع من جديد في المشهد السياسي الذي تحوّل إلى أحزاب ترفع شعار الديمقراطية وأن يتثبت الناس «في البرامج والأفكار لا إلى ما يبذل من الدينار» وهذا الشعار أتبرّع به «للأحزاب الفقيرة».

مقتطفات من المقال الشهير لأم زياد الذي واجهت فيه بن علي
أصرّ وأمضي
أعلن أني تخليت عن كنيتي « أم زياد « وإني سأمضي ما أكتب مستقبلا باسمي الحقيقي وأني أقصد بهذا الصنيع تحية «العهد الجديد « (مع إني أصبحت أنفر من هذه التسمية لكثرة ما لاكتها الأشداق).
وأعلن ثانيا أني أعتبر هذا المقال امتحانا لرحابة صدر العهد الجديد وسبرا لمدى استعداده لتقبل النقد...
نحن الذين صنعوا بورقيبة الأول وها نحن بصدد صنع بورقيبة الثاني فما الحل.. يجب من أن يوجد من يشذ عن القطيع ومن يسمع الناس نغمة مغايرة للعاب الحلزون...
قالوا عن الرجل (تقصد بن علي) أن صوته جهوري وإن لسانه فصيح وحركاته متزنة وإن ماضيه حافل بالبطولة والنضال والحنكة في تصريف الأمور وأنا أقول : كذب المتملقون وإن صدقوا.. ثم يا أخي- الرجل لا يتمتع بحضور ركحي متميز ولا بملكات خطابية لافتة للانتباه وذلك من ألطاف الله التي لم يقدرها الجماعة حق قدرها.
وعن ماضي الرجل أقول: إن هذا الرجل لم يخرج الى منطقة الأضواء في عالم السياسة إلا منذ تسع سنوات وقد خرج اليها باحتشام شديد في إطار لا يستلطفه التونسيون وهو إطار الأمن.
ومجمل القول أن التشكيلة الحالية تذكر الناس بتعليق «حمة الجريدي» مشا بلقاسم لعور جاء عبد الكريم المدّب»... فهل تجرأ أحد على قول هذا؟ ! ... أنا قلته وأزحت حجرا آخر عن صدري.
وعن الحدث قالوا إنه تاريخي (ليت ابن خلدون هنا حتى يفهم الجماعة ما معنى التاريخ ) قالوا أنه أقصى المراد وأنه خارقة من الخوارق ومعجزة من المعجزات ... ثم وقفوا عند ويل للمصلين.
وأنا أكمل فأقول أن الحدث كان مفاجئا إلا أنه أبعد ما يكون عن الخوارق. فشجرة الحكم كانت دانية القطوف منذ عهد بعيد وربما كان في إمكان مزالي مثلا أن يقطفها دون أن يكلفه ذلك المجازفة أكثر مما كلفه تسلله متنكرا عبر الحدود.
كان بودنا أن يتحرك القلم بمثل هذه المهمة لا لإقلاق جماعة 7نوفمبر وإحراجهم... بل لتدريب الناس على التعامل مع ما يرون ويسمعون بوعي وبفكر نقدي بات أثرا بعد عين في ربوعنا ... ولتعليم الناس أن الثقة جميلة ولكن الأجمل منها ان يقرأ المرء سورة يس وفي يده حجر.
ونختم بالشعب ورد فعله هذا الحاضر الغائب هذا المفهوم الضبابي ... هذا الشبح ... أنا دائما أسأل نفسي ماذا أحب حشاد رحمه الله.
عن الشعب قالوا أنه متحضر وأنه ناضج وأنه كان في مستوى الحدث وأنه تجاوب مع الحدث بعفوية وتلقائية ... وهات من اتهام الشعب بأنه أبي ورافض للظلم (كيف لا وهو استمع الى «سعيدة» تحاضره في التنظيم العائلي عبر التلفزيون واعتبر ذلك نكتة الموسم؟) وهات من اتهام الشعب بأنه غيور على كرامته وحريته (كيف لا وهو الذي رأى أمهاتنا تعولن دون أن يحرك ساكنا ؟ كيف لا وهو الذي أزاح الكتب الدينية عن رفوفها ليعوضها بقوارير «جوني ولكر» تحسبا لحملات التفتيش) والأدهى والأمر انهم اتهموا الشعب بأنه ساهم في صنع حدث7 نوفمبر ... ودعوني أضحك ...حتى الدموع ... وأجيبوني يا معشر الحلزون عن سؤال : كيف ساهمنا في صنع حدث 7 نوفمبر ؟
وجدواه أنه شرع في تجريد الحكام عامة ورئيس الدولة خاصة من لافتة كتب عليها « ممنوع اللمس « وهي لافتة تنفرنا منهم فنحن لا نحب ما لا نلمس ونحن نحلم بحاكم يكون كبرتيني ومتران نتندر بعيوبه دون أن ننكر محاسنه نريد حاكما يمشي في جنازة مقلديه من الفنانين كما مشى جيسكار دستان في جنازة تيري للورن ... فهل هذا مستحيل
الى اللقاء ... ربّما


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.