بالتزامن مع استمرار الاحتجاجات الشعبية ، قدم وزير الخارجية التونسي كمال مرجان استقالته من منصبه مساء الخميس وذلك قبل ساعات من الإعلان عن تعديلات بالحكومة الانتقالية يتوقع أن تشمل وزارات سيادية . وكانت المظاهرات الاحتجاجية تواصلت في عدد من المدن التونسية للمطالبة باستقالة الحكومة والتخلص من رموز النظام السابق . وخرج آلاف التونسيين في مسيرات بالعاصمة تونس وسيدي بوزيد والقصرين وبنزرت وصفاقس جابت الشوارع تجاوبا مع دعوات للإضراب العام. واندلعت اشتباكات قرب مكاتب حكومية في المدينة القديمة "القصبة" حيث أطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع على مئات المتظاهرين الذين رشقوها بالحجارة ووصفوها ب"شرطة ليلى"، في إشارة إلى ليلى الطرابلسي زوجة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وقالت مصادر نقابية في مدينة القصرين إن الاتحاد الجهوي للشغل أعلن عن إضراب عام ليومين ابتداء من الخميس استجاب له الآلاف في أكبر مظاهرة تشهدها المدينة منذ اندلاع الثورة التي أطاحت ببن علي. يأتي ذلك فيما ينتظر الشارع التونسي الخميس الإعلان عن تعديلات في تشكيلة الحكومة يتوقع أن تشمل وزارات سيادية يتولاها أشخاص محسوبون على الحزب الحاكم سابقا. وذكرت قناة الجزيرة أن الإعلان عن تفاصيل التعديلات تأجل لحين الحصول على تأييد الأحزاب والهيئات غير المشاركة بالحكومة خاصة الاتحاد العام للشغل. وفيما أعلن وزير التربية الطيب البكوش أن التعديل يهدف أساسا لشغل مناصب شغرت باستقالة خمسة أعضاء الأسبوع الماضي ، تحدثت مصادر سياسية عن أن التغيير سيشمل وزراء الداخلية والدفاع والخارجية، فضلا عن تغييرات في محافظي الولايات وسلك الدبلوماسية. ووفقا للمصادر السابقة ، فإنه سيتم تعويض الوزراء المحسوبين على حزب التجمع "الحاكم سابقا" بآخرين أكثر انفتاحا على المجتمع المدني ومن مناطق انطلقت منها شرارة الانتفاضة الشعبية كسيدي بوزيد وسط غرب البلاد. وإضافة إلى التعديل الوزاري، تسعى تونس أيضا إلى تشكيل مجلس "حكماء" لقيادة البلاد للانتقال من مرحلة الحكم المطلق لبن علي إلى ما يطالب به الشعب التونسي من حكم ديمقراطي. وأعرب السياسي أحمد المستيري، وهو شخصية بارزة في عهد الرئيس السابق الحبيب بورقيبة، عن أمله بتولي رئاسة المجلس، مشيرا إلى أنه وشخصين من عهد بورقيبة هما أحمد بن صالح ومصطفى الفيلالي بادروا بفكرة المجلس لمواجهة أي فرصة للرئيس المخلوع لاستغلال استمرار الاحتجاجات والإضرابات للعودة. وأشار المستيري "80 عاما" إلى أنه سيطرح نفسه رئيسا للمجلس بعد تشكيله، لافتا إلى أنه سيضم شخصيات من الاتحاد العام التونسي للشغل ونقابة المحامين وجماعات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، ولكن تشكيله في صورته النهائية لم تتم بعد. وقد تشكلت الحكومة الانتقالية بتونس بعد هروب الرئيس المخلوع إلى المملكة العربية السعودية يوم 14 يناير إثر مظاهرات شعبية استمرت أربعة أسابيع سقط فيها عشرات القتلى ومئات الجرحى. وأعلنت الحكومة أنها ستشرف على انتخابات شفافة ونزيهة خلال أشهر، كما تعهدت بالقطع مع عهد بن علي، غير أن الاحتجاجات لا تزال مستمرة ضدها وتطالب بإسقاطها، حيث يعتبر معارضو الحكومة أنها استمرار للعهد القديم، خصوصا أنها تضم قياديين من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحزب الحاكم في عهد بن علي. وعلى صعيد آخر ، أصدرت الشرطة الدولية "الانتربول" الثلاثاء مذكرة توقيف للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وستة من عائلته بتهم تهريب أموال وذلك بطلب من حكومة تونس الانتقالية. وأضافت الشرطة الدولية أنها طلبت من أعضائها تحديد مكان وجود المتهمين وتوقيفهم مؤقتا لتسليمهم إلى تونس ، لكنها أشارت إلى أنها لاترسل مسؤولين لتنفيذ الاعتقالات التي يقوم بها "مسؤولو فرض القانون في الدول بالتماشي مع قوانينها الوطنية". وتلاحق الحكومة الانتقالية بن علي وبعض أفراد عائلته بتهم تحويل أموال إلى الخارج، تقدر في سويسرا وحدها بعشرات الملايين من الفرنكات السويسرية وفق ناطق باسم الحكومة السويسرية التي جمدت هي ونظيرتها الفرنسية أملاك عائلة الرئيس المخلوع.