أعلن الاتحاد الأوروبي مساء أمس أنه سيرسل وفدا رفيع المستوى إلى تونس "للاطلاع بشكل أفضل" على الأوضاع هناك، في حين أصدرت الشرطة الدولية (إنتربول) مذكرة توقيف بحق الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن المسؤولة عن السياسة الخارجية للاتحاد كاثرين أشتون قولها إن الوفد سيكون برئاسة الفرنسي هوج مينغاريلي مدير هيئة العمل الخارجي الأوروبية المسؤولة عن علاقات الاتحاد الأوروبي مع منطقة شرق أوروبا وجنوب المتوسط. وأضافت أن الوفد سيجري لقاءات مع السلطة الانتقالية والأحزاب السياسية وممثلي النقابات بتونس، وسيولي أهمية خاصة للجان المسؤولة عن وضع إصلاحات سياسية ودستورية جديدة في البلاد. وقد تشكلت الحكومة الانتقالية بتونس بعد هروب الرئيس المخلوع إلى المملكة العربية السعودية يوم 14 من الشهر الجاري إثر مظاهرات شعبية استمرت أربعة أسابيع سقط فيها عشرات القتلى ومئات الجرحى. وأعلنت الحكومة أنها ستشرف على انتخابات شفافة ونزيهة خلال أشهر، كما تعهدت بالقطع مع عهد بن علي، غير أن الاحتجاجات ما تزال مستمرة ضدها وتطالب بإسقاطها، حيث يعتبر معارضو الحكومة أنها استمرار للعهد القديم، خصوصا وأنها تضم قياديين من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي، الحزب الحاكم بعهد بن علي. استمرار المظاهرات وعلى المستوى الميداني، تستمر الاحتجاجات ضد الحكومة الانتقالية حيث أصيب يوم أمس أكثر من عشرين شخصا نتيجة إطلاق الشرطة قنابل مسيلة للدموع على المعتصمين أمام مقر الحكومة بالعاصمة. واستعمل الأمن الغازات المسيلة للدموع لتفريق جموع أغلبها شباب، قدموا من خارج العاصمة وأقاموا في مخيم قرب المجمع الحكومي، وكانوا يصفون قوات الأمن ب"شرطة ليلى" في إشارة إلى ليلى الطرابلسي زوجة الرئيس المخلوع. كما شهدت عدة مدن مظاهرات تطالب بسقوط الحكومة الانتقالية، من أهمها مسيرة انطلقت من مقر الاتحاد العام التونسي للشغل وجابت الشوارع الرئيسية الكبرى لمدينة صفاقس تلبية لدعوة إلى الإضراب العام وجهها الاتحاد. وفي مدينة سيدي بوزيد –التي انطلقت منها شرارة الثورة ضد نظام بن علي بعد أن أحرق الشاب محمد البوعزيزي نفسه احتجاجا على اعتداء تعرض له من شرطية وعلى منعه من نشاط تجاري يعتاش منه- دعا الاتحاد العام للشغل إلى إضراب عام اليوم الخميس. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المسؤول في الاتحاد علي زاري قوله إن المدينة ستشهد اليوم إضرابا عاما ومسيرات احتجاجا على الحكومة الانتقالية. تأجيل التعديل سياسيا أفاد مراسل الجزيرة في تونس أنه تقرر تأجيل الإعلان عن تفاصيل تعديلات وزارية مرتقبة في الحكومة الانتقالية حتى الحصول على تأييد الأحزاب والهيئات غير المشاركة بالحكومة، وخاصة الاتحاد العام للشغل. ويترقب تعديل وزاري يفضي إلى خروج عناصر محسوبة على الحزب الحاكم سابقا، في حين عقدت أحزاب سياسية وهيئات مدنية مشاورات للبحث عن مخرج للوضع السياسي الحالي. وقال وزير التربية الطيب البكوش لوكالة رويترز إن التعديل يهدف أساسا لشغل مناصب شغرت باستقالة خمسة أعضاء الأسبوع الماضي، وتحدث آخر عن تغييرات في محافظي الولايات وسلك الدبلوماسية. ونقل مراسل الجزيرة في تونس عن مصدر حكومي حديثه عن تعويض الوزراء المحسوبين على حزب التجمع (الحاكم سابقا) بآخرين أكثر انفتاحا على المجتمع المدني، ومن مناطق انطلقت منها شرارة الانتفاضة الشعبية كسيدي بوزيد وسط غرب البلاد. مذكرة توقيف وعلى صعيد آخر أصدرت الشرطة الدولية (إنتربول) مذكرة توقيف للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وستة من عائلته بتهم تهريب أموال، وذلك بطلب من حكومة تونس الانتقالية. وقالت الإنتربول أمس إنها طلبت من أعضائها تحديد مكان وجود المتهمين وتوقيفهم مؤقتا لتسليمهم إلى تونس، لكنها ذكّرت بأنها "لا ترسل مسؤولين لتنفيذ الاعتقالات" التي يقوم بها "مسؤولو فرض القانون في الدول بالتماشي مع قوانينها الوطنية". وتلاحق الحكومة الانتقالية بن علي وبعض أفراد عائلته بتهم تحويل أموال إلى الخارج، تقدر في سويسرا وحدها بعشرات الملايين من الفرنكات السويسرية، وفق ناطق باسم الحكومة السويسرية التي جمدت هي ونظيرتها الفرنسية أملاك عائلة الرئيس المخلوع. وقال وزير العدل التونسي لزهر القروي الشابي في مؤتمر صحفي أمس في تونس العاصمة إنه لا أحد فوق القانون، وإن بن علي وزوجته وأفرادا من أسرته مطلوبون في قضية سرقة ممتلكات وتحويل عملات أجنبية. وتحدث الشابي عن تحقيق مع ستة من أعضاء أجهزة الأمن بينهم رئيس الحرس الرئاسي السابق، لكنه أوضح أنه لا يجري الإعداد لإجراء قانوني ضد وزير الداخلية على عهد بن علي.