سعيّد يعلن القبض على أحد الإرهابيين خلال الاحتفال بعيد الأمن الداخلي (فيديو)    سعيد يفجرها: "لا عودة الى الوراء..الأقنعة سقطت وأوراق التوت يبست وتكسرت"..    سيدي بوزيد: حجز مواد غذائية من اجل الاحتكار والمضاربة بمعتمدية الرقاب    دراسة: المناخ سيؤدي لتقليص الاقتصاد العالمي بنحو 20% في 2050    حادث مرور قاتل في القصرين..وهذه حصيلة الضحايا..    القصرين: حادث مرور قاتل    إيداع مواطن بالسجن من أجل نشر صورة كاريكاتورية ..التفاصيل    مواطن يتفطن لجسم مشبوه بهذه المنطقة واستنفار أمني..#خبر_عاجل    مفوض عام الأونروا يحذر من أن المجاعة تحكم قبضتها على غزة..    تعرض كاهن للطعن داخل كنيسته في سيدني    فيديو.. سائق شاحنة غاضب يحطم مبنى في تكساس    عاجل/ زلزال بقوة 5.4 درجات يضرب هذه المنطقة..    ريال مدريد يفوز على مانشستر سيتي ويتأهل الى نصف نهائي رابطة أبطال أوروبا    نادال يودع الدور الثاني من بطولة برشلونة للتنس    استغلال وابتزاز جنسي للأطفال عبر الإنترنات..وزارة المرأة تتخذ هذه الاجراءات..    توريد 457 ألف طن من القمح اللين.. مضاعفة الكميات في السوق    الهوارية : انهار عليه الرّدم في بئر و هو بصدد الحفر    مصر: رياح الخماسين تجتاح البلاد محملة بالذباب الصحراوي..    الأعنف منذ 80 عاماً.. فيضانات روسيا تغمر 18 ألف منزل    اليمن: سيول وفيضانات وانهيارات أرضية    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    قضية التآمر: هيئة الدفاع عن السياسيين الموقوفين تقرر مقاطعة جلسة اليوم    تعيين أوسمان ديون نائبا جديدا لرئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    زغوان: تطور في قيمة نوايا الاستثمار في قطاع الخدمات في الثلاثي الاول للسنة الحالية    توزر: تأمين 22 رحلة من مطار توزر نفطة الدولي نحو البقاع المقدسة ذهابا وايابا منذ انطلاق موسم العمرة في ديسمبر 2023    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة(مرحلة التتويج-الجولة9): النتائج والترتيب    عبد المجيد جراد رئيسا جديدا للجامعة التونسية للكرة الطائرة    خمسة عروض من تونس وبلجيكا وفرنسا في الدورة الثانية لتظاهرة المنستير تعزف الجاز    أطفال من بوعرادة بالشمال الغربي يوقعون إصدارين جماعيين لهم في معرض تونس الدولي للكتاب 2024    أريانة: الدورة الثانية لأيام المنيهلة المسرحية من 17 إلى 23 أفريل الجاري    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    توزر: المؤسسات الاستشفائية بالجهة تسجّل حالات إسهال معوي فيروسي خلال الفترة الأخيرة (المدير الجهوي للصحة)    الكاف: تلقيح اكثر من 80 بالمائة من الأبقار و25 بالمائة من المجترات ضد الأمراض المعدية (دائرة الإنتاج الحيواني)    "سينما تدور": اطلاق أول تجربة للسينما المتجولة في تونس    الفضيلة    لعبة الإبداع والإبتكار في كتاب «العاهر» لفرج الحوار /1    بطولة شتوتغارت... أنس جابر تطيح بالروسية إيكاترينا    غدا افتتاح معرض تونس الدولي للكتاب...إمضِ أبْعد ممّا ترى عيناك...!    أخبار الترجي الرياضي...يان ساس جاهز وأندري بوكيا لغز كبير    حالة الطقس ليوم الخميس 18 أفريل 2024    أخبار المال والأعمال    لدعم الميزانية والمؤسسات الصغرى والتعليم العالي والبحث العلمي: توقيع 3 اتفاقيات مالية بين تونس وإيطاليا    وزير الصحة يعاين ظروف سير العمل بالمستشفى الجهوي بباجة    جراحة فريدة في الأردن.. فتحوا رأسه وهو يهاتف عائلته    جورجيا ميلوني: "لايمكن لتونس أن تصبح دولة وصول للمهاجرين"    لإنقاذ مزارع الحبوب: تزويد هذه الجهة بمياه الري    عاجل/ القبض على شخصين متورطين في طعن عون أمن بهذه الجهة    قتل مسنّ حرقا بمنزله: القبض على 6 أشخاص من بينهم قصّر    المركز العسكري لنقل الدّم يتحصّل على شهادة المطابقة للجودة    سيلين ديون تكشف عن موعد عرض فيلمها الجديد    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يفرض الويكلو على التحضيرات    بطولة شتوتغارت: أنس جابر تضع حدا لسلسة نتائجها السلبية وتتاهل الى الدور ثمن النهائي    بعد صمت طويل: هذا أول تصريح لأمين قارة بعد توقّف برنامجه على الحوار التونسي    علامة ''هيرمس'' تعتذر لهيفاء وهبي    عاجل : دولة افريقية تسحب ''سيرو'' للسعال    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    مفاهيمها ومراحلها وأسبابها وأنواعها ومدّتها وخصائصها: التقلّبات والدورات الاقتصادية    فتوى جديدة تثير الجدل..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النفط الليبي: حكاية مصالح غربيّة تبرِّر السكوت عن المجزرة
نشر في الحوار نت يوم 23 - 02 - 2011

لا يعود الصمت الغربي إزاء الإبادة التي يرتكبها نظام معمر القذافي ل«سواد عيون» العقيد، بل لمصالح بمليارات الدولارات تُستغلّ في قطاع نفطي ليبي هائل، يوفّر الدفء في شتاء أوروبا القارس. هنا بعض الأرقام عن هذا القطاع الذي يسرقه القذافي يومياً
نزار مقني
تونس | النفط والغاز الطبيعي أكبر المحدّدات الجيوسياسية التي تسيطر على أجندات السياسة الدولية في الغرب؛ ففي الوقت الذي يواصل فيه مرتزقة معمر القذافي إغراق البلاد في طوفان من الدماء، تبدو أفئدة الغرب متجهة نحو أسعار النفط التي أخذت تزداد باطراد منذ بداية الثورة الليبية الأسبوع الماضي، وتسبّب لقادة الغرب تلعثماً غلب على تصريحات مسؤوليه.
تلعثم زاده واقع أن غالبية الشركات المنقِّبة عن الذهب الأسود هناك، قد علّقت أعمالها، فيما تتّجه عيون رئيس الحكومة الإيطالية سلفيو برلوسكوني نحو حدث جلل يتمثّل في إيقاف ضخ الغاز الطبيعي في أنبوب «غرين ستريم» الذي يُمدّ إيطاليا بخُمس احتياجاتها من الغاز، وذلك في عزّ فصل الشتاء البارد.
ومنذ رفعت الولايات المتحدة العقوبات التي كانت مفروضة على ليبيا عام 2005، توجّهت إلى الجماهيرية أكثر من 100 شركة لاستثمار آخر الحقول النفطية غير المكتشفة في العالم. ويمثل النفط القلب النابض للاقتصاد الليبي حيث تؤلّف مداخيل تصديره أكثر من 94 في المئة من عائدات البلاد من العملة الصعبة. وقد ثبت، بحسب الشركات الغربية العاملة في ليبيا منذ فك الحصار، أنّ لدى طرابلس احتياطيات تبلغ 41 مليار برميل، لكنها بقيت في معظمها غير مستكشفة نسبياً. إلّا أن التقديرات ترجّح أضعاف ذلك.
ومنذ اندلاع الانتفاضة الشعبية التي اجتاحت البلد الرابع من حيث كبر المساحة في أفريقيا، والسادس عشر على مستوى العالم بمساحة تصل إلى 1.760.000 كيلومتر مربع، وبساحل يطلّ على البحر المتوسط بطول 1.850 كيلومتراً، أخذت أسعار النفط في صعود سريع، متجاوزة بذلك عتبة 104 دولارات للبرميل الواحد.
ولعلّ تهديد بعض القبائل ب«إغلاق حنفية النفط» الليبية، جعل الأسعار تشتعل وترتفع إلى فوق 100 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ عامين. ويمثّل الاحتياط النفط الليبي 2.3 في المئة من الاحتياط العالمي، علماً أن ليبيا تنتج مليوناً و800 ألف برميل يومياً من النفط.
ورغم أنّ معظم حقول النفط الليبية هي في الداخل الليبي، في الوسط والجنوب خصوصاً، فإن كون معظم المصافي النفطية في الساحل، أي محاذية لخط المواجهة بين قوات القذافي والثوار العزَّل، يجعل الوضع معقّداً، وخصوصاً أن القذافي قرّر ممارسة استراتيجية «الأرض المحروقة» لإطفاء الانتفاضة الشعبية.
وأبرز الحقول النفطية الليبية المعروفة تنقسم سياسياً إلى 3 مناطق أساسية هي:
المنطقة الشرقية أو إقليم سرينايكا، أو ما يعرف بحوض سرت، يبدأ من مدينة البيضاء الساحلية، ويمتد إلى مدن بنغازي وبرقة حيث معظم مصافي النفط وأهم موانئ التصدير الليبية، وأهمها «الحريقة» و«البريقة» و«الزويتية» و«رأس لانوف» و«السدرة». هذا إضافة إلى آبار نفط مهمة يتمركز فيها أغلب النفط والغاز الليبيين، وأهم هذه الحقول هي البيضاء، سرير، بالإضافة إلى حقل زلطن في قلب الصحراء الليبية.
وقد شهد هذا الإقليم أولى شرارات الانتفاضة الشعبية التي بدأت في مدينتي البيضاء وبنغازي الساحليتين.
المنطقة الغربية، وهي منطقة طرابلس، أو بالاسم الغربي لها إقليم «تريبولينا»، وهو ثاني مركز من حيث أهمية الموارد النفطية، إذ تمثل مدينة الزاوية (100 كيلومتر عن طرابلس) القلب النابض لتكرير النفط الآتي من الحقول النفطية الغربية وتصديره، وأهمّ حقولها انتصار والواحة ومبروك وباهي.
منطقة فزّان الجنوبية الغربية، تمثّل منطقة اكتشاف واعدة، حيث بدأت أعمال التنقيب فيها منذ فك الحصار عن ليبيا في 2005، وأهمّ حقولها الحديثة وحقل مرزوق.
ولليبيا برنامج لاستكشاف حقول نفط بحرية على السواحل الغربية المحاذية لتونس، التي تعرف بمنطقة الجرف القاري التي كانت محل نزاع مع تونس في العقد الأخير من القرن الماضي.
ونتيجة للاضطرابات، بدأت الشركات الغربية عملية إجلاء لموظفيها. كذلك أعلنت مصادر في تجارة النفط أن العمليات تعطلت في مرافئ النفط الليبية بسبب انقطاع الاتصالات. وأهم تلك الشركات شركة «بريتيش بتروليوم» البريطانية التي أوقفت الاستعداد لأعمال التنقيب. لكن متحدثاً باسمها أكّد أنّ أمام الشركة سنوات حتى تبدأ الإنتاج هناك. بدورها، أوضحت شركة «شل» أنها نقلت مؤقَّتاً أُسر الموظفين الأجانب إلى خارج ليبيا، مشيرة إلى أنها تراقب الموقف، علماً أن «شل» وقّعت اتفاقاً مع الحكومة الليبية في 2005 للتنقيب والتطوير.
أمّا شركة «جيه إكس نيبون»، أكبر شركة تكرير يابانية، والتي وقّعت اتفاق تنقيب ومشاركة في الإنتاج مع ليبيا، بمشاركة «ميتسوبيشي كورب وغابكس» التي ستستثمر 48 مليون دولار في أعمال التنقيب على مدى خمس سنوات، فقد بدأت عملية إجلاء موظفيها الأجانب من ليبيا مثل زميلاتها. وكذلك فعلت مؤسسة «أو إم في» أيضاً. وكانت مؤسسة النفط الحكومية الليبية قد اعترفت في شباط 2008، بأنها وقّعت اتفاقاً مع هذه الشركة البولندية لحفر 8 آبار على الأقل بتكلفة 108 ملايين دولار في حوض مرزوق على مدى 6 سنوات. وتهدف الشركة إلى بدء الحفر في أول حقلي استكشاف في 2012. ولدى الشركة نفسها حصة 12 في المئة في الامتياز، وتأمل أن يبلغ نتاجها من الغاز مليار متر مكعب سنوياً. لذلك، سارعت هذه المؤسسة إلى الإعراب عن قلقها من الأحداث التي تعيشها ليبيا، شأنها شأن «آر دبليو إي» الألمانية للطاقة، التي حقّقت كشفَين جديدين للنفط في حوض سرت في 2008، بعد مرور عام على أول اكتشاف لها في الحوض.
كذلك اتفقت الشركة مع طرابلس على إنفاق 76 مليون دولار على الأقل لحفر بئرين استكشافيتين في مناطق حوض برقة التي فازت بتراخيص للتنقيب فيها في أواخر 2007.
في المقابل، يراقب العملاق النفطي الأميركي «إكسون موبيل» الوضع في ليبيا بحذر، ذلك أنه وقّع في 2008 اتفاقاً مع شركة النفط الوطنية الليبية لاستثمار 97 مليون دولار، إضافة إلى رسوم تُقدر بعشرات الملايين في أنشطة تنقيب بحرية.
إنّ هذا الشعور بالخوف لدى الشركات الغربية المستثمرة في ليبيا، يفسر جيداً الأهمية التي توليها الحكومات الغربية لهذه الدولة الأفريقية، من حيث إمكاناتها النفطية، وهو ما قد يفسّر موقف هذه الدول الغربية تجاه ما يحدث هناك من مذابح، ذلك أن البترول بالنسبة إليهم أهمّ من دماء البشر الذين يسقطون يومياً ضحايا استبداد القذافي وجرائمه المتواصلة.
ولعلّ رفع الحصار الجوّي الذي كانت واشنطن قد فرضته على بلاد «ملك ملوك أفريقيا» بعد حادثة لوكربي، يندرج في هذا الاتجاه؛ ففي طرفة عين، رُفع الحظر، ودخلت إلى ليبيا أكثر من 100 مؤسسة نفطية للتنقيب عن النفط، في مقابل ما يقال إنه يبلغ 200 مليار من الدولارات التي جناها القذافي وحاشيته بفضل هذه العقود النفطية.
وتأتي قضية تسليم عبد الباسط المقرحي في هذه الخانة؛ ففي نهاية 2009، سلّمت بريطانيا (الحكومة الإسكوتلندية) المقرحي إلى السلطات الليبية، وغضّت الطرف عن حادثة طائرة لوكربي التي سقط ضحيتها أكثر من 260 قتيلاً بعد انفجار أسقط رحلة طائرة «البنام أميركان» سنة 1988، والتي يقول القضاء البريطاني إن المقرحي ضالع فيها. واتضح في ما بعد أن إطلاق سراح الرجل المتهم حصل في خضمّ صفقة حرصت عليها حكومة طوني بلير العمّالية والنظام الليبي، في مقابل عقود تنقيب عن المحروقات لمصلحة شركة «بريتيش بتروليوم» في أعماق بحر السواحل الليبية الغربية، وهو ما أكّدته وثائق «ويكيليكس» أخيراً.
ولعلّ لعبة التنقيب عن النفط، ومدّخرات ليبيا الواعدة التي وصفتها بعض التقارير العلمية ب«الحقول العذراء»، جعلت برلوسكوني يركع على ركبتيه ويقبّل يد القذافي ليزيد من «كرمه»، وليضيف بعض الدفء إلى أوروبا، عبر زيادة ضخ الغاز الطبيعي للهروب من الاحتكار الروسي بما هو مصدر أول للغاز الطبيعي لبلدان الاتحاد الأوروبي. كل هذا في مقابل اعتراف بفداحة جرائم الاستعمار الإيطالي بحق ليبيا، وتعويضه عن تلك السنوات، وإنشاء طريق سريع يربط الحدود المصرية بالحدود التونسية على امتداد 1800 كيلومتر.
هذا السبب جعل برلوسكوني يتابع من روما الأنباء الليبية حول وقف تدفقات الغاز إلى إيطاليا عبر خط أنابيب «غرين ستريم»، الذي يبلغ طوله 370 ميلاً تحت المتوسط بين الزاوية وجزيرة صقلية الإيطالية. كيف لا وهذه التدفقات توفر لإيطاليا خُمس استهلاكها من الغاز الطبيعي؟
تُقدَّر الاحتياطات الليبية الحالية من الغاز ب49 تريليون قدم مكعّب، يمكن أن ترتفع بالمزيد من الاكتشافات إلى ما بين 68 إلى 98 تريليون متر مكعب، تستحوذ على إنتاجها شركة «آني» الإيطالية، والعملاق الروسي «غاز بروم»، اللتان تتنافسان مع «بي بي.» البريطانية و«شل» التي بدأت بالتنقيب عن الغاز في حوض سرت شرق البلاد.
وتأتي المخاوف الغربية التي عزّزتها الأسعار المتصاعدة، في الوقت الذي قررت فيه السعودية رفع سقف إنتاجها النفطي إلى 12.5 مليون برميل يومياً «لتعويض أي نقص في الإمدادات العالمية».
نقلا عن صحيفة الأخبار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.