مَن يكره أي فرد من الجماهير يعني أنه يحب نفس العدد من الجانب الآخر حيث العدو .. وكلما كثر كرهك لجماهيرك كلما زاد حبك لعدوك .. وكلما زاد قربك للعدو كلما كنت أقرب للخيانة .. فلا تغضب من الجماهير لأنها القادرة أن تمنحك القوة لتصبح الوطني الأول أو الخائن الأكبر ..والوطن هو قائد وجماهير .. لا يهم صفة القائد ان يكون ما يكون .. لقد استغربت جدا المسلك الذي ذهب اليه " الزعيم الثائر ..؟! " القذافي .. لقد اساء جدا لتاريخه وللثورة التي كان زعيمها .. لقد اساء الى الجماهير واحترامهم واعتبرهم " جرذان " .. كان متغطرس وعنجهي .. تعامل معهم وكانهم اعداء له .. بل حتى في العداء هناك قوانين ملزمة .. اليوم انهزمت الثورة في ليبيا .. وانهزم الزعيم .. لقد خسر محبة الجماهير .. ولم يعد هناك أي صلة جامعة .. فاليوم توجد ثورة جديدة .. ثورة الجماهير بحثا عن الثائر الحقيقي والزعيم الانسان والوطن الآمن .. القذافي اليوم هو عدو الجماهير وعدو الثورة .. لن يستطيع استغفالها بعد اليوم .. ولن يتمكن من خداعها بان يتمرس خلف " عدو وهمي يصنعه كل مرة " .. بل لن يصمد ان يبقى جاثما فوق صدورهم حتى لو اصبحت شوارع ليبيا بحر من الدماء الطاهرة والاشلاء المتفحمة او الصدور التي احرقتها الغازات السامة بانواعها .. اليوم ليبيا هي الحرية .. لن تعود للاستعباد .. اليوم في ليبيا ثورة .. وستتحول الى ثورة مسلحة وهذه قواعد اللشعبة التي فرضها القذافي وخرج عن النص فيها .. اليوم القذافي تم عزله عن جسد ليبيا .. لم يعد يمت لها بصلة او قرابة دم او نسب او جماهيرية .. اليوم القذافي شنق تاريخه ولوثه بعار المجازر وحرب الابادة على شعبه الأعزل .. ان الجماهير العربية لم تعد مغيبة عن المشهد .. بل هي اشد حساسية لصنع واقعا تريده .. لذلك فان أي مسؤول او نظام سيتغابى ويعتقد انه ابعد عن ارادة وفعل الجماهير هو واهن ولا يقدر هبة الجماهير وموعد انطلاقتها للتغيير وصناعة واقع جديد .. ان المعتقد العربي السائد اليوم هو معتقد " التغيير والحرية والعدالة والمساواة والتجديد " ولذلك يتوجب على الجميع أن يقدر ذلك ويقيم علاقة صدق مع الجماهير سواء صفقت له ام لم تصفق .. علاقة من الاحترام العميق وتحقيق الرغبات وصولا الى المعتقد الثوري الجديد .. ان قوة البارود والبطش والقتل والتشويه اصبحت فاشلة وان طغت وتجبرت وظهرت وكانها المنتصرة والقادرة على حسم الامور وترتيبها .. فلا احد يمكنه ان يوقف شخص يريد ان يموت .. وهذا ما يحدث الان في ليبيا الثورة والتحدي .. لن يتمكن القذافي من وقف المد الثوري .. واللحظات المصيرية التي يعود فيها هذا الزعيم او الرئيس لكي يذكر الجميع بانه صاحب الانتصارات وصانع الثورة ستكون لحظات كارثية سوداء عليه .. لانه وباختصار : (ان الجماهير لا يمكن ان تحترم الذين يحتقرونها مهما كانت الانتصارات التي تحققت على أيديهم ) .. ان مفهوم السلاح لدى المواطن العربي لم يعد هو نوعية الرصاص او اسماء العربات والطائرات العسكرية .. بل عن المفهوم الحقيقي هو الانسان نفسه .. ماذا يريد والى أي مدى يمكنه ان يصبر ويضحي لينتصر بعيدا عن الشعارات والخوف والتقهقر .. اليوم هناك حقيقة تقول لقد فقدت الجماهير عامل الثقة .. لذلك تريد ان تعيد زراعتها بما تراه واقعيا .. لهذا فان كل من هم في مواقع المسؤولية يشعرون بانهم يلهثون خلف اعادة بناء الثقة .. لكنهم يجهلون العناصر والبيئة التي اصبحت فيها الجماهير .. لذلك يحدث العزالة والانعزال والضعف .. ومع فقدان التواصل مع الجماهير يتحولون الى اداة لقمع الجماهير لكي يحافظوا على مواقعهم ومناصبهم وقوتهم المزعومة ... ان القذافي اصبح اليوم جاهلا بما يدور حوله .. لهذا فهو يتخبط ويعزي تاريخه ويتمترس خلفه ويعتمد على نظرية المؤامرة وصناعة الاعداء .. لهذا فان النتيجة الحتمية تقول انه سوف يجر ليبيا الى وضع دموي قاسي جدا ومؤلم على الجميع وربما يصنع في نفوس الجماهيرا حساسية لاي ارادة نحو التغيير السلمي .. وربما التجربة التونسية والمصرية قد كسرتها التجربة الليبية .. أي بمعنى اخر .. ستتوقع الجماهير ممارسة القمع الدموي ضدها لمجرد تفكيرها في التظاهر والاعلان عن برامج تطالب من خلالها بحقوقها ..