جدد رئيس الوزراء التونسي الباجي قائد السبسي تأكيده أن الأولوية المطلقة في تونس اليوم هي "استتباب الأمن" وأشار إلى أن التحسن المسجل حالياً على المستوى الأمني غير كاف. ورداً على ما تتداوله الأوساط السياسية والإعلامية نفى قائد السبسي وجود أي خلاف بين الجهازين الأمني والعسكري وقال إن اللجوء إلى عناصر الجيش الوطني يتم كلما دعت الحاجة إلى ذلك. وأوضح في حوار تلفزي مباشر من قصر الحكومة بالقصبة أن الانفلات الأمني الذي شهدته البلاد مباشرة مع انطلاق الثورة يعد "أمراً طبيعياً"، نظراً لأن الشعب كان يعيش طوال سنين في "حالة من الكبت" وشدد على أن الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية يجب أن تعود إلى طبيعتها. وأبرز السبسي أهمية احترام هيبة الدولة مشيراً إلى أن ذلك لا يعني بالضرورة "الاضطهاد والعنف والانفراد بالحكم مثلما تم ذلك في عهد النظام السابق"، وأكد على ضرورة أن يحترم المواطن الدولة والقانون وأن "يتعظ الجميع بالتجارب السابقة". وتطرق إلى وضع الاقتصاد الحالي ولا سيما في ظل خسارة تونس لسوق كبرى هي ليبيا بسبب أزمتها الراهنة وهجرة أصحاب رؤوس الأموال وتعثر بعض المحاولات لإنقاذ الموسم السياحي، فأوضح أن الحكومة أعدت برنامجاً قريب المدى من شأنه طمأنة التونسيين، مؤكداً وجود مساعٍ من بعض الدول الصديقة لمساعدة البلاد في هذه الظروف. وقال إنه "لا يمكن أن تتواصل الاحتجاجات والاعتصامات والإضرابات إلى ما لا نهاية له" حتى وإن كان من وراءها على حق. وأضاف "هذه أمور ظرفية يجب تغييرها وسيتم اتخاذ موقف حازم في هذا الشأن"، وأكد أن التسيب مرفوض وأن الحكومة المؤقتة ستنظر في هذه المسائل بكل حنكة وتبصر. وأبرز من جهة أخرى إلى أن الحكومة المؤقتة والتي شكلت في 6 مارس الجاري قد انطلقت بعد في إعداد البرامج الضرورية، آخذة في الاعتبار أوضاع الجهات المحرومة التي قال إنها كانت تعرف "بمناطق الظل في حين أنها مناطق الظلم"، مؤكداً حرص الحكومة على الاستجابة لتطلعات الشعب وخاصة الطبقات الضعيفة. وكشف أن الحكومة أعدت برامج ومشاريع لفائدة هذه المناطق والفئات سيتم الإعلان عنها قريبا، وأن أعضاء الحكومة سيتحولون للجهات للتعريف بمضامين هذه المشاريع. كما أوضح أنه ستتم إعادة هيكلة ميزانية الدولة حتى توجه الاعتمادات أكثر نحو التنمية الجهوية، ملاحظاً أن هذه الميزانية الجديدة التي سيعلن عنها في شهر ماي المقبل ستعطي الأولية للجهات الداخلية. وقال إن الحكومة أقرت حوافز هامة تهدف إلى تشغيل حوالي 20 ألف عاطل عن العمل في القطاع العمومي ومثلهم في القطاع الخاص خلال 2011 مع إعطاء الأولوية لأصحاب الشهادات العليا. وفي ما يتعلق بإمكانية تغيير موعد إجراء انتخاب المجلس الوطني التأسيسي، أكد الوزير الأول أن ما تم الاتفاق بشأنه سابقاً "لا تراجع فيه" وأن تاريخ إجراء هذه الانتخابات "مقبول" وأن المصادقة على القانون الانتخابي لن يتطلب وقتاً طويلاً، باعتبار أنه تم بعد الإعداد لمشروع هذا القانون. ولاحظ أن أعمال الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة لم تنطلق بصفة جدية إلا مؤخراً مشدداً على أن كل من يحاول تعطيل سير أعمال الهيئة سيتحمل مسؤولياته، داعياً الجميع إلى التعامل مع الأوضاع الراهنة بصفة حضارية "حتى تحقق الثورة المسار الديمقراطي المنشود ولا تنزلق نحو الفوضى والفشل". وبخصوص حل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي، بين السبسي أن القضاء قال كلمته في هذه القضية وأن المسألة "قد حسمت". غير أنه لاحظ بأنه "لا يرى مانعاً من منع المسؤولين في هذا الحزب من ممارسة الحياة السياسية لفترة معينة" وذلك في إشارة إلى قيام بعض المسؤولين في التجمع الدستوري الديمقراطي بتكوين أحزاب جديدة أو الانضمام إلى أحزاب قائمة. وفي ما يتعلق بدور الدبلوماسية التونسية في المرحلة المقبلة، أوضح السبسي أن تونس بلد صغير وإمكانياتها متواضعة "إلا أن مواقفها كانت دائما أكبر من حجمها الجغرافي"، مبرزاً أهمية أن تسترجع مكانتها على الساحة الدولية وهو ما يتطلب جهداً دؤوباً. وأضاف أن نجاح الثورة التونسية من شأنه أن يساهم في تحقيق هذا المطمح.