تلزم الانظمة العربية الصمت ازاء القمع الدامي للمتظاهرين في سوريا، وذلك خوفا من المجهول ومن زعزعة الاستقرار في المنطقة بالرغم من حذرها من النظام السوري عموما، حسبما يرى محللون. واعرب المجتمع الدولي عن قلقه ازاء الاحداث في سوريا حيث قتل اكثر من 400 شخص منذ 15 اذار/مارس بحسب منظمة "سواسية" السورية لحقوق الانسان. كما عبر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن "القلق المتزايد" ازاء القمع الدامي للمتظاهرين في سوريا، لاسيما استخدام الدبابات والرصاص الحي من قبل قوات الامن. وقالت مها عزام الباحثة في معهد شاتام هاوس في لندن "لقد امتنع القادة العرب عن ادانة النظام السوري وهم بالطبع قلقون من تاثير الانتفاضة في سوريا على بلدانهم". واضافت "انهم على الاقل يعرفون هذا النظام ... ولا يريدون تغييرا جذريا يجعل سوريا مجتمعا ديمقراطيا يمكن ان يشكل خطرا اكبر على انظمتهم من النظام البعثي الحالي في دمشق". الا ان الباحثة ترى ان "صمت القادة العرب ازاء الاحداث في سوريا سيعزز غضب مواطنيهم تجاه حكوماتهم". وتجتاح العالم العربي رياح من الثورات والانتفاضات منذ مطلع العام. ونجح المحتجون حتى الآن في اسقاط نظامي الرئيس التونسي زين العابدين بن علي والرئيس المصري حسني مبارك، بينما سيوقع الرئيس اليمني علي عبدالله صالح على اتفاق للتنحي وانتقال السلطة في غضون ايام. وبدوره، رأى الاستاذ في الجامعة الاميركية في باريس زياد ماجد ان "غالبية الانظمة العربية تفضل استمرار الوضع الراهن في المنطقة". وقال ان "العرب والولايات المتحدة واسرائيل يفضلون استمرار النظام السوري حتى تبقى الحدود مع اسرائيل والعراق تحت السيطرة". واضاف ان "الدول العربية، لا سيما دول الخليج، تفضل نظاما تعرفه" بالرغم من التحالف بين دمشق وطهران الذي يزعجها كثيرا. اما ابراهيم شرقية نائب مدير مركز بروكنغز في الدوحة فيرى ان سوريا "يمكن ان يكون لها نفوذ اكبر من رقعتها الجغرافية لانها تمسك بالعديد من الاوراق في يدها". وذكر شرقية ان احتمال زعزعة الاستقرار اكثر فاكثر في المنطقة نتيجة سقوط النظام السوري "سيدفع القادة العرب الى التفكير مرتين قبل" دعم حركة الاحتجاج. وقال المحلل ان "هناك علاقة حب وكراهية بين الانظمة العربية وسوريا، فهذه الانظمة يهمها بقاء النظام السوري للمحافظة على الاستقرار في المنطقة حتى ولو ان هذه النظام لا يتعاون معها دائما". ورأى شرقية ان الانتفاضة السورية ستكون طويلة ودامية اذ ان الرئيس السوري لم يعد الا باصلاحات تجميلية. اما زياد ماجد فاعتبر ان حظوظ تبني النظام السوري اصلاحات جذرية ترضي المحتجين ضعيفة جدا. وقال ان "هيكلية النظام صلبة جدا وكل اصلاح سيؤدي الى انهيار هذا النظام". وكذلك اعربت مها عزام عن قناعتها بان النظام السوري "سيستمر في استخدام العنف، الا ان المحتجين سيتابعون تحركهم ايضا حتى سقوط النظام". من جهته، اكد ابراهيم شرقية ان التغيير في سوريا سيصبح حتميا "عندما تصل التظاهرات الكبيرة الى دمشق" اوعندما تبرز انشقاقات داخل القيادة السورية وحزب البعث الذي يحكم البلاد منذ حوالى نصف قرن.