لا أستطيع أن أفهم موقف قطاعا واسعا خاصة والعلمانيين عامة وهم يجعلون من النهضة عدوهم الأول ومحور فعلهم و موضع هجوماتهم. لا أستطيع أن أفهم كيف لم يتعلموا من التاريخ و كيف أن هذا التاريخ القريب يبرز بشكل قاطع أن ضرب النهضة مثل ضرب ومحاصرة أي طيف سياسي فاعل ليس في حقيقته غير ستارا لتكريس واقع الاستبداد والفساد . حين قام بن علي بمحاربة النهضة وخلق فزاعة الاسلاميين انما كان يهدف لتحقيق نتيجة واحدة بعيدة كل البعد عن كل ادعاء ايديولوجي يزعم محاربة التطرف وانما كانت غايته احكام سيطرته وقمعه وسلطته المطلقة، وما كانت حربه ضد النهضة غير غطاء لهذه الحرب. حين تم ضرب النهضة ماذا حدث في البلاد؟ كانت النتيجة دمارا شمل الجميع وكان تثبيتا لمنظومة من الاستبداد يحضر فيها القمع والتجهيل والخيانة والتفقير وكل أشكال الحكم الفاسد. ليست النهضة هي العدو ولا أعتقد أن هذه القوى وبغض النظر عن حجمها تجهل هذه الحقيقة فالعدو يمثل أمامنا ليس فقط مكشرا عن أنيابه وانما غارسا اياها في لحمنا ودمنا وثورتنا. العدو هو قوى الردة التي ينكشف كل يوم مدى تحكمها في واقعنا ومدى تصميمها على الالتفاف على الثورة والأخطر ما تمتلكه من قوة وقدرة على انجاز خططها. شيطنة النهضة ليس في نهاية المطاف وبوعي أو بدونه هو استنساخ لتجربة سبعة نوفمبر الاليمة واعداد الضروف المناسبة لتكرار تلك التجربة باعطاء مجال وتبرير لعودة النظام القمعي. لا تخافوا من النهضة مواطني وشركائي في الوطن حتى وان اقتلعت أغلبية وهي التي لن تكون في كل الحالات الا نسبية لسبب بسيط أن الشعب التونسي قد نزع من عرفه الخوف ولم يعد يهاب القمع ولن يصمت حتما على النهضة في حالة امساكها بزمام السلطة عن القيم التي قامت عليها الثورة. المطلوب منكم فقط أن تنموا هذا الوعي النقدي لدى الشعب وجعله متحفزا لمحاسبة كل نظام وكل سلطة لا تخدم مصالحه الحقيقية لا أن يكون فعلكم تدمير وعي الشعب من خلال ارهابه وخلق فتنة والتغاضي عن الخطر الحقيقي بخلق مشاكل ومخاطر زائفة تبعد الشعب عن الاهتمام بالشأن العام و تجعله ياسا ليكون يأسه مدخل انتصار قوى الردة.