برهان..سمير..بوبكر: أين هؤلاء؟؟ ولما لا يعتذرون؟!!
تونس – الحوارنت - من الفضائيات إلى الصحف ومنها إلى الإذاعات ثم المنابر والمسارح.. تعبت ألسن وذابت أقلام من أجل تلميع صورة الجزار، لكنهم عبثا يحاولون!!.. إنه هو ورفاقه، ذاك برهان بسيس الذي خلع شبهة النضال وألقى بها أمام باب الجامعة ودشن مشوار الولاء حتى انتهى دوره مساء الحادي عشر من جانفي لتتهشم أحلامه على شواطئ الدوحة وتكون آخر أدواره المشاركة في برنامج "الإتجاه المعاكس" في ذلك الفصل البائس الذي واجه فيه المتميز محمد العربي زيتوت.. منذ أن أنهى مهمته الملوثة وأحالته الثورة على التقاعد المبكر لم نرَ له أثرا حتى دعي أخيرا إلى التحقيق، لقد استدرجه فيصل القاسم إلى قطر وهناك تناول جرعة الانتحار السياسي الأخيرة، كان هذا الشخص عادلا في تقسيم شره على الجميع، وربما خصّ الإسلاميين بجرعات زائدة لكنه كان يلسع كل من يتظلم أو يتألم أو يتأوه من جراء أفعال المخلوع بن علي وأسرته المبيدة البائدة – أشخاص، هيئات، أحزاب وجمعيات، إسلاميين وقوميين، يسار ويمين، مستقل ومنتمي- ، كل من وسوست له نفسه بشيء من العزة وحاول أن يلتحق أو حتى يقترب من جبهة الممانعة وقع فريسة للسان برهان المدعوم بسلطة الدولة ومال الشعب المصادر. لم يختلف سمير العبيدي عن بسيس كثيرا في ولائه لبن علي وفي تسخير ما تزود به من ساحات النضال الوهمي ومدرجات الجامعات وثقافة البروليتاريا لخدمة البورجوازية الدامية، لقد اعتقد بن علي أنه أحسن استغلاله ليضرب به الإسلاميين "خصمه اللدود"، ثم ليجابه به اليسار المتمرد على حظيرة الجنرال، هذا الجنرال الذي غرّته من سمير بعض التراكيب والألفاظ التي جلبها معه من أيام الجامعة ليسترزق عليها ويتقلب بها أينما تقلبت مصالحه، فورطه حين أظهر بداوة غريبة في إدارة الأزمات وأسهمت نصائحه المفلسة التي أسداها لبن علي في اشتعال الثورة أكثر فأكثر. أمّا محمد الصغير فالذي يعرفه من حقبة السبعينات يستغرب ويتسائل اين كان يخفي كل هذا التزلف والحقد والتلون، فقد كان شابا تبدو عليه علامات التحمس للمشروع الإسلامي ينشط مع مجلة المجتمع ويتودد إلى قادة الإتجاه الإسلامي ويحلّ خلفهم أينما حلوا حتى أنه كان ملازما للشيخ محمد الهادي الزمزمي بالمركز الثقافي السعودي فلا يكاد يفارقه، يسأل ويستفسر، يناقش ويتقرب.. وما إن انطلقت عمليات التمحيص حتى طرأت عليه عوارض التحول تماشيا مع صانع التحول وانغمس في التأليب والتحريض ونهش الأعراض وخيّر أن يكون في خدمة الجزار يقتات على عائداته ويدافع عنه بشراسة. لقد خدع التخضيب والمساحيق التي أغرقت بها ليلى جنرالها برهان وسمير وبوبكر وظنّوا أن صانع التغيير مخلد لا تعتريه الشيخوخة ولا يخضع لسنن الأفول ولا يأتِ عليه الموت، فكذّبهم الشعب ورحل السفاح وتركهم حائرين شاخصة أبصارهم بين ضحاياهم. إذا كان هؤلاء تمكنوا من اقتلاع ضمائرهم وسوقوا لأحد أكبر الطغاة في تاريخ تونس وتسلحوا بكل هذه الجرأة الشنيعة، لما هم اليوم لا يستعيرون قبسا من جرأتهم تلك ويخرجوا على الشعب معتذرين نادمين مقرين بأخطائهم، طالبين للصفح الجميل؟! لماذا هرولوا إلى المكر والدسيسة ولم يتزحزحوا باتجاه الاعتذار للشعب الذي لولاه لعاشوا وماتوا في مستنقع الدم!!! لقد ظلوا دهرا يطعمون أبنائهم من دم الأحرار، يمتصون الدماء ويقبضون الدينار.