من أنطاليا إلى بروكسل تتواصل مسيرة الدعم للشعب السوري
د. جهاد عبد العليم الفرا
سوريون من شتى الأعراق ومن مختلف الاتجاهات ومن جميع أنحاء العالم جمعهم الألم على ما يحدث في وطنهم والحزن على ما يقع على مواطنيهم، والأمل في حاضر أفضل ومستقبل مشرق ينعم فيه السوريون - كل السوريين - بالحرية الحقيقية والكرامة المنشودة، فتداعوا ليعبروا عن تضامنهم مع ثورة أهلهم على القمع والظلم والطغيان تظللهم الوحدة الوطنية ويشعر جميعهم بالعز والفخار أن يكونوا صدى مدويا في أنحاء العالم لآهات المتأوهين وصرخات المستغيثين منادين بأعلى صوتهم: أنا معك يا شعبنا الحبيب؛ في مهاجرنا نرفع قضيتك عاليا ونحملها إلى كل المحافل الدولية ننقلها بجميع لغات العالم إلى كل أحرار الدنيا من أجل حشد الدعم والتأييد لمطالبك العادلة في الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية. أجواء وطنية سامية، وروح تآلفية عالية، وأخوة سورية شامخة، سادت في أنطاليا وفي بروكسل. الكل يحيي الشهداء وذوي الشهداء ويعتبرهم نبراسا ومشعلا ينير درب الكرامة، ويثني على الجرحى ويعبر عن أسمى معاني المواساة لهم ولذويهم والتمنيات بالشفاء العاجل التام لهم، ويشيد بآلاف المعتقلين الأحرار وصمودهم وتحديهم، ويعتز بصبر المهجرين في المنافي وثباتهم على مبادئهم وتمسكهم برفعة وطنهم ومواطنيهم وتشبثهم بولائهم لأرضهم وشعبهم، ويفخر بكل الثوار الذين يهتفون للحرية في سورية من حوران إلى القامشلي ومن بانياس إلى البوكمال ويعتز بتضحياتهم في درعا وبانياس والقامشلي وحمص وحماة وإدلب وتلكلخ وجسر الشغور وريف دمشق وغيرها من المحافظات والمدن والمناطق والنواحي والقرى والبوادي السورية. لقد سادت روح المسؤولية بين المئات المؤتلفة من مثقفين وأكاديميين وأساتذة جامعات وإعلاميين وسياسسين وحقوقيين وأطباء ومهندسين بلوروا أفكارهم من خلال جلسات العمل التخصصية، وصاغوا مطالبهم لتأتي كلها منسجمة مع مطالب الشعب السوري ومؤكدة عليها. وفي لمسة وفاء قل مثيلها؛ اتّفق المشاركون على أنهم لا يمثلون الثورة السورية ولا يتحدثون باسمها، فالممثلون الحقيقيون لها هم من في الميدان في داخل الوطن من الذين يحملون أرواحهم على أكفهم ويمضون بصدورهم العارية غير عابئين بالبطش الذي يحاصرهم والقمع المنصب عليهم والرصاص الذي يمطرهم ليقطعوا دابر كل من تسول له نفسه في أن يشوه حراكهم بركوب الموجات والمتاجرة بدماء الشهداء. لقد تم تمويل المؤتمرين في كل من أنطاليا وبروكسل من رجال أعمال سوريين بذلوا أموالهم من أجل رفعة شعبهم ووحدة شعبهم وكرامة شعبهم وعزة وطنهم بعيدا عن أي تسلط أجنبي أو تدخل خارجي. نعم إنه التغييرالحقيقي الذي تشهده سوريا اليوم نحو التحول إلى الدولة المدنية الديموقراطية التعددية، دولة النظام والقانون التي يتمتع بها كل أبناء الوطن السوري بكامل حقوقهم وبمشاركتهم البناءة في إعادة هيكلة الدولة والذي يجد صداه مدويا في المهاجر والمنافي ليعود ويؤكد من جديد أنّ هؤلاء المبعدين لم يكونوا يوما بعيدين عن قضايا شعبهم وأمتهم وأنّ ارتباطهم به هو ارتباط مصيريّ وثيق وانتماءهم إليه انتماء أصيل عميق لم تهزه عشرات السنين من الإبعاد والتهجير القسري وأنهم إنما أبعدوا بسبب الدفاع عن الحريات العامة والحقوق الأساسية لكل مواطن سوري. تحية الحب والتقدير والإكبار والإجلال لشهداء سوريا الأبرار، وجرحى سوريا الأخيار،ومعتقلي سوريا الأحرار، ومهجري سوريا الذين ما برح الشوق إلى بلدهم الحبيب يقضمضجعهم، ويؤرق غربتهم والأمل إلى لقائه يتلألأ في قلوبهم... تحية البطولة والعزةوالكرامة والإصرار لأهالي سوريا الأطياب وعلى رأسهم أهالي الشهداء وأهالي الجرحىوأهالي المعتقلين وأهالي المهجرين... روح الصمود لدى الثوار الأبطال من الشبابوالشيوخ والأطفال والنساء لا شك أنها بإذن الله الواحد الأحد ستؤدي إلى التغييرالمنشود، وروح الثبات والتحدي هذه لا بد أنّها بإذن الله الكريم المتعال ستصل بالشعبالسوري إلى ما يريد وإلى ما يطمح بعد أن صبر طويلا على القهر والظلم والقمع والطغيان... فالله سبحانه وتعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. هذه الروح هي التي سادت في مؤتمري أنطاليا وبروكسل والتي نتمناها أن تسود كل المؤتمرات القادمة التي ستبلور بلا شك معارضة سورية قوية تتشكل وبسرعة فائقة بالرغم من كل محاولات التفريق بين أطياف الشعب السوري من قبل النظام الذي لن يصمد طويلا أمام تماسكها وصلابتها وقوتها وانسجامها مع ثورة الأبطال في الوطن الحبيب... أسأل الله العظيم ربالعرش العظيم أن يخفف عن الشعب السوري البطل آلامه وأن يحقق آماله في وطن حر أبي ونظام مدني في دولة يسودها القانون.