يقترب قطار الحكومة المؤقتة بقيادة العجوز المحنك السيد قائد السبسي نحو محطة التمكين و ترسيخ هيبة الدولة على ارادة الشعب كما جاء ذلك في أول خطاب له للشعب التونسي ابان تعيينه من قبل قوى خفية و دون استشارة أحدا من الأحزاب و لا الجماهير الثائرة و في نفس الوقت الذي تقوى فيه الحكومة يكسب اليسار المتطرف و العلماني المعادي أرضية أوسع و شرعية تكبر بمرور الأيام تماشيا مع أجندة معدا لها سلفا لسرقة الثورة و مكاسبها معتمدين في ذلك على الحيلة و الخديعة و الغدر التي من شيمهم و يريدون اعادة السيناريو نفسه لما اندسوا في دواوين حكومة المخلوع و شرعوا قوانين تعادي القيم و الدين و الأخلاق و رهنوا البلاد للغرب بأبخس الأثمان و ما وصلت اليه تونس اليوم انما هو نتيجة سياستهم الخبيثة و تفكيرهم الشاذ . و للمرة الثالثة يكسب اليسار المتطرف و حكومة السبسي التي تمارس التقية الجولة الثالثة من المعركة ، الجولة الأولى لما كليهما نصب نفسه حاكما على الشعب و الآخر مؤسسا لنظامه الجديد و في الجولة الثانية لما حافظوا على أغلبية أعضاء الحكومة و المجلس بمن يواليهم من العلمانيين و الشيوعيين ، و للمرة الثالثة لما أطالوا في عمر مجلسهم و حكومتهم لفترة أطول بعد تمديدهم فترة التوقيت من شهر جويلية الى شهر أكتوبر حتى يتسنى لهم صياغة قوانين و توجهات الدولة الجديدة و التي بالتأكيد ستكون مطابقة لأفكارهم الشاذة و عدائهم للاسلام و التراث و قد ظهر ذلك جليا و بدون حياء في أول اجتماع لهم ابان انتصارهم في الجولة الثالثة و عدم دعوة ممثلي حركة النهضة للجلسة و تهديدهم للثلاثة عشر المنسحبين سابقا من جلسات الهيئة . السبسي أكد في خطابه الأخير شرعية المؤسسات و اللجان التي تعمل الآن و بما فيها الهيئة العليا و رفضه رفضا مطلقا للاعتصامات و المظاهرات و انه سيضرب بحديد لمن تسول له نفسه للخروج في الشارع و بذلك بدأ يظهر الوجه الحقيقي للحكومة و اتجاهها نحو الديكتاتورية و البطش وسحب الشرعية من الثورة و حسر المعركة في الغرف السياسية المغلقة التي تؤول اليهم و لا يقبلون بغيرهم بالمشاركة في تحديد مسار البلاد الجديد و ذلك كله في غياب مطلق لضمانات تطمئن الشعب و النخب الوطنية على مسار الثورة . الخاسر الأكبر في ذلك كله الحركة الاسلامية و أذكر ذلك و أنا كلي أسف و لكني في نفس الوقت أثق في بصيرة اخواني في تدارك الأمور مستقبلا ... صحيح ان الجماهير التونسية ملتفة حول الحركة الاسلامية و لها شعبية لا نظير لها بالمقياس العددي أمام الأحزاب اللقيطة من اليسار و العلمانيين و لكن هذا الأخير بيده قلم التوقيع على القوانين و يملك شرعية و ان كان بعضها مزيف و الآخر مسروق و لكن على أرضية الواقع و بالحسابات السياسية ، الحكومة الحالية بيد بقايا بن علي و المجلس التأسيسي بيد اليسار المتطرف الذي يملك سلطة تحديد وجهة البلاد فضلا على أن الأمن التونسي لم يتغير في أشخاصه و سياسته و يملك عصا من حديد لضرب خصمه القديم الجديد... و الحركة الاسلامية في هذا كله لا تملك سوى الشوارع و الحناجر التي انتهى دورها بعد اسقاط المخلوع و لكنها في نهاية المطاف لا تملك القرار و لا المؤسسات و تمني الحركة الاسلامية نفسها بالانتصار في الانتخابات المشكوك في تنظيمها أو قيامها و ذلك بعد ما تم تأجيلها لأربعة أشهر أخر . لا توجد ضمانات أكيدة او مطمئنة لعدم نكوسهم مرة أخرى مثل حالهم في الموعد السابق تحت علات و همية الاتجاه العام للثورة التونسية يسير نحو التمييع و التهميش و اعادة الفساد و المفسدين تحت لافتات جديدة و بأسماء مغايرة على التي كنا نعرفها و يتوقع أن يتم ازاحة الحركة الاسلامية من اللعبة السياسية و خاصة من الانتخابات المقبلة على أن يتم مثلا توريط الحركة زورا و بهتانا بقضية مفتعلة ما و بعدها يسحب منها الترخيص الحزبي و من ثم يمنع مشاركتها في الانتخابات القادمة ، هذا من جهة و من جهة أخرى هنالك سيناريو آخر شبيه بسيناريو المخلوع على ان يتم صياغة قوانين على مقاسهم هم و حسب و لا يصلح لغيرهم و لما لا و هم أصحاب الأغلبية في المجلس التأسيسي و باسم الديمقراطية و الحداثة يتم تمرير القوانين و التوجهات العامة للدولة و في غالبها ستكون ظالمة للحركة الاسلامية . للتصدي لهذا العداء السافر على الحركة الاسلامية تشكيل مؤسسة ذات شرعية ثورية جديدة بالتعاون مع الحركات الوطنية الصادقة و بعضوية الشباب العاطل و ممثلي الولايات التي كان لها السبق و الفضل في اشعال الثورة ثم ثلة من المحامين الشرفاء و القضاء الوطنيين و عائلات شهداء الثورة و ما قبلها و يكون لهذا المجلس الشرعية في تحديد السياسات العامة للحكومة و المجلس و تعود له كلمة الفصل لأنه و بكل بساطة اكثر شرعية من المجلس المزور و الحكومة المؤقتة الغير شرعية و بهذا الشكل تحافظ المؤسسة على مكاسب الثورة و نزاهة الانتخابات و سلامة الدرب و تشرف على تسيير الحكومة و المجلس و تكون الضامن الحقيقي للثورة . المسألة الثانية لحماية المكتسبات ابقاء نار الثورة مشتعلة لتكون سياسة ردع لمن تسول له نفسه للانحراف بمسار الثورة ، و لما لا ان يضرب شباب الثورة و رجالها موعدا في كل يوم جمعة على طول البلاد و عرضها في شكل تظاهرة مستمرة لتحذر كل سارق للثورة أو عميل أو لقيط . كلي أمل أن لا يتحول التعاطف الجماهيري حول الحركة الاسلامية الى سراب و مجرد شعارات و أحاسيس نبيلة دون ترجمتها على أرض الواقع و أن لا تكون شريك فاعل في تسيير الدولة و يخيب ظن الشعب التونسي في الحركة الاسلامية لا سمح الله . حمادي الغربي