بسم الله الرحمان الرحيم الأمة بين منطق الاستكبار ومطلب التحرر من عقلية الاستضعاف ج 1 بقلم : يوسف بن بغداد عناصر الموضوع : 1- استهلال. 2- تحديد المفاهيم . 3- أهل الاستكبار وأهل الاستضعاف . 4- آليات التحرير . 1. استهلال عاشت الأمة الإسلامية لقرون مديدة تحث وطأة حكام الجبر الذين ساموا الأمة صنوف القهر والويلات حتى كادت تكون امتنا فريدة من نوعها من جراء طول معاناتها وطول صبرها , كما يرى البعض وفي اعتقادي هدا ليس صبرا وإنما" خنوعا " لعصابة غارت بليل على امور المسلمين وتسلطت على شؤون الحكم , فقبول الظلم والرضى به يسمى خنوعا , خصوصا اذا كان ديننا يحرم الظلم ورب السموات والارضين يقول :{ وما الله يريد ظلما للعباد } ( غافر : 31 ) . و في حديث رواه سيدنا أبو در الغفاري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربِه عز وجل أنه قال : ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا..) . رواه مسلم. والظلم ظلمات يوم القيامة , وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم" رواه مسلم. والظلم كما عرفه علمائنا الأجلاء من أهل اللغة هو وضع الشيء في غير محله باتفاق أئمة اللغة . ولعل من أعظم الظلم أن تستباح الأمة لقرون من طرف من نصبوا أنفسهم حكاما لها بدون أدنى مقومات أو ضوابط شرعية ولعل أبرزها غياب الشورى في الاختيار . أسلئة مؤطرة للنقاش . ماذا نقصد بمفهومي الاستكبار وما الاستضعاف ؟ من هم أهل الاستكبار؟ ومن هم أهل الاستضعاف؟ وهل من سبيل للتحرر من عقلية الاستضعاف ؟ وما هي آليات هد التحرير ؟ 1- تحديد المفاهيم : أ) – مفهوم الاستكبار : «الاستكبار» فيرجع في اللغة إلى الاستعظام، والتعاظم، «واستكبر الشيء: رآه كبيراً وعظُم عنده، وأَكبَرتُ الشيءَ: أي استعَظَمتُه،واستِكبَارُ الكفَّار ألاَّ يقولوا لا إله إلا الله، والتكَبر والاستكبار، التَّعظُّم، وقد تكبر، واستكبر، وتكابر، وقيل: تكبر، من الكبر» لسان العرب، لابن منظور، دار صادر، بيروت، 1412ه 1992م،مادة «كبر» (مذكور). الاستكبار في الاصطلاح فهو أن يرى المرء نفسه أكبر من غيره، طالباً «ذلك بالتشبع وهو التزيين بأكثر مما عنده» الكليات للكفوي، مقابلة وإعداد عدنان درويش، ومحمد المصري، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1412ه , ص 28 (مذكور)، والاستكبار ليس صيغة للتكبر ونوعا من الشموخ يوصف به الفرد الأناني المستعلي , وإنما هو وجود تكتل اجتماعي سياسي اقتصادي يطأ المستضعفين ويعلو في الأرض بغبر الحق ويفسد فيها ويصد عن سبيل الله " الاسلام وتحدي الماركسية اللنينية , للاستاذ عبد السلام ياسين ص 122. ب) – الاستضعاف : الضعف والاستضعاف كلمتان مشتقتان من أصل واحد في اللغة ولكن بينهما فرق شاسع في المعنى فالضعف حالة جسمية أو ذهنية في الإنسان سببها طارئ أو حدث من حوادث الدنيا أو الخلقة وهي تسقط عن صاحبها بعض الواجبات المناطة لحسب نوع الضعف ودرجته, قال تعالى ( ليْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُور رَّحِيمٌ{التوبة91} أما الاستضعاف في المفهوم القرآني فهو حالة من الضعف الظاهري الطارئ في حياة الإنسان احتواه بسبب الظلم والجور والتسلط من جهة المستكبرين وتجريدهم الناس حقهم في السياسة والاقتصاد والفكر وهو مذموم في القران مادامت الوسائل الشرعية قائمة والسبل مشرعة للوصول إلى الحقوق المسلوبة ولو كانت تلك السبل صعبة وشائكة. والاستضعاف هو فعل واقع على المستضعفين , انه ظلم الغني بالجاه أو المال لمن لا سند له في مجتمعاتنا الغثائية وانه استهزاء المستهزئين من الملاحدة الساخرين بكل ما هو إسلام وإيمان وغيب , بهذا يلتقي على صعيد الاستضعاف المسكين المظلوم على قلة ماله وجاهه والمؤمن المستهزئ به على إسلامه " الاسلام غدا للاستاد عبد السلام ياسين ص 846. ونتيجة لهذا الواقع من الاستضعاف والاستكبار سادت الأمة عقبات : عقبة الأنانية المستعلية أو المتمتعة: يعوق أصحابها عن اقتحام العقبة امتلاء مما هم فيه وطلب المزيد مما هم فيه. قوم ظلموا أنفسهم وظلموا الناس !". المنهاج النبوي، ص15. - عقبة الذهنية الرعوية : '' وهي ذهنية النفوس القاعدة التي تنتظر أن يفعل بها ولا تفعل وان يدبر غيرها لها وهي لا تقدر أن تدبر أولئك قوم يحق عليهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بغزو مات على شعبة من نفاق" المنهاج النبوي، ص15. - عقبة العادة الجارفة : "العادة الجارفة للمجتمعات المسلمة في تيار التبعية للوضع السائد، المانعة لنا أن نعرف معروفا بميزان الشرع، أو ننكر منكرا يذمه الشرع. فتنة !". المنهاج النبوي، ص15.