قال حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الإسلامي في موريتانيا إنه منح النظام الحاكم فرصة أكثر من كافية، لكنه قرر تغيير تعاطيه معه بعد أن فشل في تجسيد وعوده. ونظم أمس الحزب (الذي يعرف اختصارا ب"تواصل") مهرجانا شعبيا للتنديد بسياسات النظام الحاكم، وهو أول تجمع جماهيري عام يعقده في مدينة نواكشوط بعد انضمامه لمنسقية أحزاب المعارضة وتغييره خطابه السياسي. وشرح قادة الحزب لمناضليهم وأنصارهم ملامح التوجه الجديد، ومبررات انتقال الحزب من مرحلة التهدئة مع النظام إلى حالة من التصعيد القوي في الخطاب والمواقف. وبرر قادة الحزب تغير مواقفهم، والتحول في خطابهم السياسي بفشل النظام في تحقيق مطالب الإصلاح التي لم يعد الشعب يقبل بأقل منها، حسب قولهم. وضع متدهور ولخص رئيس الحزب محمد جميل ولد منصور في خطابه ملامح الحالة العامة للبلاد بقوله إنها أوضاع "فاسدة ومتدهورة"، فالأسعار في تصاعد، وثروات البلاد تنهب، وتحدث عن صفقات مشبوهة وعن تسيير أحادي، واتهم "ثلة محدودة" بالتحكم في مصالح وثروات البلاد. ويقول ولد منصور إن حزب "تواصل" أعطى النظام فرصة زادت عن العامين التزم خلالها بتهدئة الخطاب، وبحث له عن أعذار، لكنه فشل في استثمار ثقة الناس لجعل شعاراته الدعائية والاستعراضية واقعا ملموسا. موريتانيون يستمعون إلى خطاب جميل منصور أمس في نواكشوط (الجزيرة نت) وكان حزب "تواصل" من مناهضي انقلاب (06/08/2008)، لكنه اتخذ منذ انتخابات رئاسة منتصف 2009 موقفا مهادنا لنظام محمد ولد عبد العزيز الذي قاد الانقلاب، فغادر الجبهة المناوئة له، وكان أول المعترفين بنتائج الاقتراع، وابتعد بمواقفه وخطاباته عن المواقف الراديكالية لبقية أطراف تنسيقية المعارضة، قبل أن يعود قبل أسابيع إلى خط المعارضة القوية للنظام. الحوار وقال ولد منصور إنه رغم معارضته القوية لسياسات النظام، يرى حزبه لإنهاء الأزمة ضرورة فتح حوار بين الفرقاء السياسيين، اشترط أن يشارك فيه الجميع دون استثناء، ويكون جادا ليس هدفه الالتفاف على الواقع الحالي وكسب الوقت وإشغال الناس بمسكنات. وأوضح أنه على الجميع التوجه إلى حوار يصحح الأوضاع ويعيد بناء النظام السياسي، ويحقق للموريتانيين ما حققه التونسيون والمصريون من ثوراتهم الشعبية، ولكنه جزم بعدم إمكانية إطلاق حوار سياسي في وقت تستمر فيه وسائل الإعلام العمومية في قلب الحقائق وتغييب وتشويه الرأي المعارض. خلافات وتتباين مواقف قادة منسقية المعارضة من حوار يحضر له مع النظام وسيكون إن نجح الطرفان في إطلاقه الأول منذ انتخابات رئاسة منتصف 2009، وهي انتخابات لم تعترف المعارضة بداية بنتائجها التي جددت الصراع السياسي بعد أن كان يؤمل منها حسمه نهائيا. وكان زعيم المعارضة أحمد ولد داداه أعلن أول أمس عن شروط مسبقة قبل الدخول في أي حوار، وهي: أن تكون مرجعيته اتفاق دكار وفتح وسائل الإعلام العمومية، والكف عن قمع الاحتجاجات السلمية، والالتزام بعدم تنظيم أي انتخابات غير توافقية، ومساواة جميع رجال الأعمال في الصفقات العمومية، وفتح الإدارة أمام كل الكوادر دون استثناء. لكن عرّاب الحوار والوسيط فيه القيادي المعارض مسعود ولد بلخير قال في مهرجان شعبي إن الحوار سينطلق قريبا "أحب من أحب وكره من كره، بمشاركة الجميع أو بغياب البعض". وعقدت منسقية المعارضة مساء أمس اجتماعا لم يكشف بعد عن فحواه لتقريب وجهات نظر قادتها ومواقفهم من حوار ما زال يبدو غامضا.