كلما جمعني المكتوب أمام جريدة تونسية أسرعت بالقاء نظرة سريعة على العناوين ثم أغلقها كأني على دراية بتفاهة المحتوى..و حتى هذه العناوين التي تصفّحتها كان أولى لى الاستغناء عليها ذلك أنه لدي قناعات عميقة لا مجال للشك فيها أن الصحافة التونسية لا تمت بصلة لا من قريب و لا من بعيد الى الفعل الصحفي نفسه و حقيقتها ليست سوى اوراق مطبوعة مكانتها الفعلية دكاكين الفواكه الجافة أو حاويات القمامة.. هذه الصحافة التي تدّعي الوطنية و المصداقية ماتزال في الحقيقة بوقا للمتملّقين ولم ترتقي يوما الى مستوى تطلّعات القراّء و انا أجزم أنها متأخّرة بأشواط عديدة عن نظيراتها العربية و طبعا بلا شك الغربية و لنا مثال "القدس العربي" ذاك الصرح العربي الشامخ خير مثال.. " أعطني إعلاما مستقلا أعطك وطنا حرا"، معادلة لم تكن لتصل الى عتبات وسائل الإعلام التونسي.. و كلمة "غلطوني" ربما تكون حجة النظام المخلوع رغم تجاوزاته .. فلا ننسى دور الاعلام وتعاليه عن معالجة الواقع ... اعلام لا مكان فيه سوى لتلميع صورة النظام والنيل من كل منتقديه و النتيجة تراكمات عديدة وأحداثاُ خطيرة ربما لم تكن لتجد طريقها الى المسؤولين. ان اعلامنا و صحافيينا هم حقيقة كالدمى المتحرّكة, يحرّكهم النظام الحاكم و اصحاب النفوذ و تلعب بأقلامهم تيّارات تغريبية من ضمنها أشباه الفنّانين ..هم اليوم يجدّفون عكس قناعات الشعب و ثوابته .. فباعوا ذممهم لمواكبة "تفتّح" غربي لم يعوا خبراته و لم يلتمسوا له علما.. لم يفقهوا منه غير الشذوذ الفكري و السلوكي و الحقد على الدين والتدين.. ان ّ الشائعات التي ما فتئت تتحفنا بها صحافتنا الصفراء هنا و هناك تعكس افتقارها للمهنية المفروضة و المصداقية المطلوبة.. و ما نشرها لخبر دون اثبات ثم التراجع عنه و نفيه الا دليل على التلاعب في ايصال الأخبار للناس لغايات في نفوسهم المريضة.. لكن الشعب في ظلّ الاعلام البديل لن تنطلي عليه سخافاتهم .. و عليه و بما أن نشر اخبار زائفة جريمة يعاقب عليها القانون وخاصة فى ظل قانون الطوارئ ومن منطلق فرض هيبة الدولة فإنه لزاما على النيابة العامة تحريك دعوى ضد الجرائد الناشرة لأخبار دون اثباتات.. و توازيا مع ذلك و خشية من اللا وجود لقضاء مستقلّ حتى الآن و انطلاقا من وعينا بمقتضيات حرية التعبير و النشر و ادراكنا لحدودهما.. فهذه دعوة لمقاطعة صحافة الفتن و الشائعات حتى تكون عبرة لهم و لأسيادهم من وراء الكواليس..