و فجأة تحولت هيئة بن عاشور و قيادة إتحاد الشغل و حزب التجديد إلى ثوار ! فما هو الخطر القادم على الثورة يا ترى ؟ الإطار الذي جائت فيه التحركات المشبوهة لهذا الثالوث فضائح بالجملة كشفت في عين القائلة تآمر الحكومة المؤقتة على الثورة: تهريب سيدة الفساد الثانية العقربي، تبييض و تبرئة ازلام النظام الفاسد و اخراجهم من السجون ، تمثيلية محاكمات بن علي و عائلة الطرابلسي ، أشرطة جنسية لوزراء في حكومة الباجي قائد السبسي تقف وراء هروب السيدة العقربي، و القائمة طويلة ...أودت بمصداقية الحكومة في قاع البحر التحركات المشبوهة لهيئة بن عاشور 1-من الغريب العجيب أن هيئة بن عاشور التي لم تحقق إنجازا واحدا لصالح الثورة، بل كانت أداة تآمر عليها أن تتخندق فجأة مع الثورة . و للتذكير، فعندما وقع تعيين الصيد وزيرا للداخلية عارض بن عاشور بشدة مناقشة البيان المعارض لتعيين الصيد و رفع الجلسة و هدد بالإستقالة . و عندما طالب المرزوقي و احزاب أخرى و ثوار القصبة 3 بشدة بإقالة الصيد لم تبدي هيئة بن عاشور أي تأييد لهذا المطلب . و لكن في أوائل أوت، فجأة باغتتنا هذه الهيئة بالمطالبة بإستقالة الصيد. ترى ما الهدف من وراء هذا التحول المفاجىء ؟ طبعا ازاحة الصيد يفتح المجال واسعا للزهر العكرمي صاحب ذمة 250 دينار لتولي المنصب و بذلك تتم السيطرة على الداخلية لمن يقفون وراء هيئة بن عاشور . 2-يوم 10 أوت، فجأة استفاقت هيئة بن عاشور بأن مهمتها الجوهرية هي تحقيق أهداف الثورة ، لتزيح من جدول اعمالها المصدقة على قانون الجمعيات و تستبدله بالنقاشات حول أداء الحكومة و الوضع بالبلاد، و كانت المفاجأة الكبرى حين انتقدت تراخي الحكومة في المحاسبة و طالبت بإستقلال القضاء. فما حدث يا ترى ؟ و ما هو الهدف المخفي لهذا الموقف الفجئي ؟ ركوب إتحاد الشغل على الأحداث و الثورة من المعروف أن بعض قيادات إتحاد الشغل قد تورطت مع نظام بن علي في تدجين النقابة و تحييدها عن النضال الجماهيري. و من المعروف أيضا أن لولا بعض القيادات الجهوية اللتي لعبت دورا هاما في الثورة لكان الإتحاد في صف بن علي إلى آخر لحظاته. لكن بعد تعيين السبسي اللذي عقد صفقة مع جراد ، انخرطت بعض قيادات الإتحاد في حسابات الإنتماء الحزبي الضيق و تحالفت مع هيئة بن عاشور و الحكومة ، فمنذ ذلك الوقت لم يقم الإتحاد بأي تحرك مؤيد للثورة، بل تفيد بعض التقارير أنه قد اختير من طرف القوى الأجنبية ليشارك مع آخرين في الإلتفاف على الثورة و بالتوازي مع مفاجأة هيئة بن عاشور فاجأنا الإتحاد بانتقاده لأداء الحكومة و بتصريحه أن هناك إلتفاف على الثورة ، و داعية إلى مسيرة تنادي بتحقيق أهداف الثورة. فما السر في هذا التغيير المفاجىء يا ترى بعد صمت الأموات لمدة شهور كانت الثورة تذبح أثنائها ؟ حزب التجديد أول المؤيدين للمسيرة حزب التجديد (الحزب الشيوعي التونسي سابقا ) المتحالف مع بن علي و صاحب حصة 0,5% من أصوات الناخبين عام 1989 و صاحب 1,3% في آخر استطلاع لنوايا المصوتين ،كان أول من قفز على كراسي في السلطة و في الإعلام بمعية الشابي في حكومة الغنوشي يوم 15 جانفي. حزب التجديد هذا هو أول من أيد بشدة دعوة الاتحاد إلى مسيرة 15 أوت ، ودعا انصاره بالحضور المكثف فيها. فكيف نستطيع أن نفهم هذا التغيير المفاجىء ب-180 درجة في موقف التجديد من الثورة ؟ و هل هو موقف صادق أم ورائه تخطيط ؟ من هي الأطراف اللتي وراء التنسيق بين الثالوث لكي نفكك هذه التحركات المشبوهة و الموازية لهذا الثلاثي لابد لنا أن نعرف من هي القوى المسيطرة على قرارات الساحة السياسية. أصبح من المعروف أن اليسار التونسي انقسم إلى يسارين: يسار ثوري معارض، ويسار يؤمن بالتسلل للسلطة والتغيير من داخل الحكم. هؤلاء عملوا مع ابن علي وكانوا يده التي يبطش بها، ولسانه اللذي يبيض استبداده، وقلمه اللتي يقنن القهر والطغيان. وعندما تمت الثورة قفز الكثير من اليساريين على مراكز السلطة ، واستفردوا بالكثير من الوزارات و مواقع في الإعلام و المؤسسات والإدارات. هذا على مستوى الحكومة، أما على مستوى الهيئات المنبثقة عنها، و حتى تكتمل الصورة، فإن حزب التجديد بمعية من يدور في فلكه من عناصر يسارية قيادية في إتحاد الشغل هو المسيطر على هيئة بن عاشور و هيئة الجندوبي و مجلس الخبراء. و هذا مما يفسر التنسيق بين الثالوث فيما بينهم، ثم بينهم وبين الحكومة الأهداف الخفية وراء تحركات الثالوث الفجئية بات من المؤكد للجميع بعد شهور من المراوغات و المؤامرات أن هذه الحكومة و هيئة بن عاشور و هيئة الجندوبي و هيئة الخبراء تقتصر مهمتها في الإلتفاف على الثورة و إعادة بناء الدكتاتورية بمكياج ديمقراطي و ذلك بمعية بعض قيادات الإتحاد. و هذا مما ضرب في العمق مصداقية الحكومة و من يدور في فلكها : هيئة بن عاشور ، هيئة الجندوبي ، إتحاد الشغل ، و حزب التجديد و مؤيديه مما دعا بعض الشرفاء من هذا الحزب إلى الإستقالة بعدما اتهموه بخيانة الثورة . فالكل إذن أصبح في حاجة ملحة لعمليات تجميلية عبر الركوب على حصان الثورة مرة أخرى، و عبر حملات دعائية في الإعلام المتواطئ. و هذا التجميل ضروري لتحقيق الأهداف الخفية للمرحلة المقبلة : 1- بدأت حكومة السبسي هذه العمليات التجميلية بتبييض سواد الوزارة الإرهابية و اسبغت عليها مسحة من الثورية بإدعاء بعض من افرادها رفضهم إطلاق النار على المتظاهرين و إلقاء القبض على بعض من الطرابلسية 2- الحكومة محتاجة إلى غطاء يمكنها للتخلص من الوزراء الذين تورطوا في فضائح جنسية و افتضح أمرهم بعد هروب العقربي، دون اثارة الرأي العام ضدها 3- إنقاذ حكومة السبسي من الأزمة الحالية و بث الروح فيها من جديد عبر تحوير وزاري يأخذ صبغة الإستجابة ''المسمومة'' لبعض مطالب الشارع 4- تطعيم الحكومة بوجوه يسارية أخرى و تمريرها عبر هذا التحوير الوزاري و التخلص من بعض الوجوه الكالحة، و ذلك إستعدادا للمرحلة القادمة 5- تبييض هيئة بن عاشور بعدما انهت مهمتها القذرة في الإلتفاف على الثورة ، إستعدادا لمهمات جديدة توكل لبعض وجوهها 6- تبييض الوجوه اليسارية في التجديد و الدائرين في فلكه إستعدادا للانتخابات 6- تبييض القيادة الفاسدة لإتحاد الشغل و بعث صورة لكل اللاعبين أن الإتحاد هو القوة اللتي تسطيع تحريك الشارع نداء إلى شباب الثورة و الشغالين الشرفاء حتى لا تركب قيادة إتحاد الشغل الفاسدة و من ورائها على الثورة و على نضالات شعبنا، دعوة إلى الشغالين و الى الثوار الأحرار إلى التجمع في ساحة محمد علي ثم الإنطلاق إلى شارع الحبيب بورقيبة