لقد طلع علينا السيد قائد السبسي الوزير الأول بطلعته البهية, ليتحفنا كعادته بخطاب عام فضفاض نمقه هذه المرة بأبيات شعرية أندلسية, لم يجب فيه على مطالب الشعب, ومطالب الأحزاب السياسية, وأهم الجمعيات القضائية, والحقوقية, والنقابية في البلاد التي خرجت قبل يومين للتظاهر في الشارع, مطالبة باستقلالية القضاء, وعدم التهاون في محاكمة رموز الفساد وتفعيل العفو العام. لقد بدأ خطابه بهجوم على منتقديه, وقد ظهر عليه التوتر, وتدرج ليقدم المنجزات التي حققتها حكومته في فترة وجيزة, وخاصة على الصعيد الأمني, وعلى صعيد التحضير لانتخابات المجلس التأسيسي, الذي أكد على انه سيتم في موعده المحدد, وقد سمعنا منه هذا الكلام عندما كان موعد الانتخابات محددا في شهر جويلية, وانتهت تلك التأكيدات إلى ضرب من مواعيد "عرقوب", وتم تأجيل الموعد كما نعمل إلى يوم 23 أكتوبر لأسباب قدرتها اللجنة الانتخابية التي أقصيت منها حركة النهضة بطريقة أسقطت معها تخلف مبادئ التوافقات السرية, ثم أشار إلى العفو التشريعي العام بكلمة مقتضبة وسريعة, ولم يتحدث البتة عن تفعيله, كما أشار إلى تطهير القضاء, واعتبره من المسائل التي تهم القضاة وهيئتهم ونقابتهم, ويمكن أن لزم الأمر أن تتدخل الهيأة العليا لأهداف الثورة لحسم أي خلاف بين الفرقاء, فهذا تقريبا أهم ما جاء في الخطاب فكيف تفاعلت معه الأطراف السياسية والنقابية والحقوقية والقضائية؟ فقد جاءت ردود أفعال الأحزاب متفاوتة في التأييد والتحفظ , فجاء الرد الأول من السيد منصف المرزوقي متحفظا إزاءه ومعتبرا أن هذا الخطاب لم يجب على أي مطلب من مطالب الشعب بل جاء ليعمق المخاوف من تعاطي الحكومة مع العديد من القضايا والملفات كملف القضاء, وملف تفعيل العفو التشريعي العام, و الملف الأمني, وهذا الموقف يشاطره فيه حزب البعث, والجبهة الشعبية الوحدوية, والاتحاد الشعبي الجمهوري, وحزب التقدم وحزب العمال الشيوعي التونسي ويقترب من هذا الرأي موقف السيد محمد البوصيري بوعبدلي رئيس الحزب الليبرالي ألمغاربي الذي وصف الخطاب بالسرد التاريخي الخشبي واعتبره لم يكن في مستوى الانتظارات, وفي نفس السياق جاء موقف كل من فيصل الزمني رئيس حزب اليسار الجديد, وموقف السيد عبدالوهاب الهاني رئيس حزب المجد الذي أشار إلى قمع المظاهرات, أما بقية الأحزاب فقد جاءت جل مواقفها لتصب في خانة الوزير الأول مع شيء من التفاوت النسبي في التأييد لمواقف الوزير الأول واعتبرت الخطاب مطمئنا بالنسبة للانتخابات ويأتي على رأس هذه الأحزاب الحزب اليساري للسيد محمد الكيلاني الذي اعتبر أن الخطاب بدد المخاوف, وأجاب عن جميع التساؤلات, ويقترب منه نسبيا موقف حزب التكتل للسيد مصطفي بن جعفر وحزب التجديد و حزب الوطنيين الديمقراطيين للسيد شكري بلعيد مع شيء من التحفظ وحزب حركة النهضة التي جاء موقفها على لسان السيد نورالدين البحيري مؤيدا للسبسي ومعتبرا أن الخطاب في عمومه ايجابيا رغم أن هذا الخطاب لم يتناول مسألة تفعيل العفو العام التي تهم الكثير من مساجين حركة النهضة.