نفى الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية، العقيد هشام المؤدب، في مقابلة مع صحيفة «الإمارات اليوم»، أن تكون القوة الخاصة التي تتبع الوزارة قد شاركت في قتل متظاهرين خلال الثورة التونسية التي أطاحت بنظام بن علي, لافتاً إلى وجود «تجهيزات قناصة» لدى الأجهزة الأمنية لكن لم يتم استخدامها. وقالالمؤدب «إنه لم يسجل خروج عناصر الوحدات الخاصة إلى مدن تونسية» للمشاركة في قمع الاحتجاجات ضد نظام بن علي التي انطلقت شرارتها من مدينة سيدي بوزيد في 17 ديسمبر الماضي. وأكد المؤدب أن وزارة الداخلية ستقوم بتقديم أي عنصر أو مسؤول فيها إلى القضاء في حال ثبت بالدليل تورطه في قتل أشخاص من دون وجه حق. يشار إلى أن القضاء العسكري التونسي يحقق في «اتهامات تدور حول تورط عناصر أمنية يعتقد أنهم قنصوا مواطنين تونسيين خلال الثورة في منطقتي تالةوالقصرين». وكان مدير القضاء العسكري، العميد مروان بوقرة، قال يوم 19 أوت الجاري «إنه تبين (خلال التحقيقات) قيام بعض عناصر قوات الأمن الداخلي، بزيهم النظامي ويرتدون أقنعة على شاكلة القناصة، باعتلاء أسطح مباني عالية». وأضاف أنه «تمت مشاهدة هؤلاء فوق أسطح منطقة الحرس الوطني ومركز الأمن الوطني في حي الزهور بولاية القصرين، وبعض المنازل في تلك المنطقة». وأوضح المؤدب أن وزارة الداخلية بصفتها جهة تنفيذية لا تستطيع التعليق على القضاء العسكري «باعتباره أعلى سلطة في البلاد وما يقوله يتمتع بالاستقلالية والحياد». معلومات خاطئة أشار إلى أن هناك أناساً قُتلوا بطلقات نارية خلال الثورة، لا يعرف ما إذا تم قتلهم عن طريق عناصر الأمن أو عن طريق أطراف أخرى متداخلة، مؤكداً أن القضاء هو الجهة الوحيدة المخولة للبت في هذا الموضوع. وأوضح أنه يوجد العديد من المعلومات غير المؤكدة، وأحياناً الخاطئة، تدور بين المواطنين حول القناصة تتحدث على أنهم من الجيش الوطني أو من الشرطة أو من الحرس الوطني أو من أمن الرئاسة، وقال «لا يوجد أي شيء يؤكد هذا أو ذاك». وكشف أن وزارة الداخلية لم تفتح تحقيقاً خاصاً حول ما يسمى بالقناصة، لأن القضاء العسكري يعمل على هذه القضية تجنباً لازدواجية التحقيق، الأمر الذي يمنعه القانون. وأكد أنه «ليس كل عنصر أمن فوق بناية هو بالضرورة قناص، باعتبار أن القناص يخضع إلى عوامل عدة يجب أن تتوافر، منها التدريب والسلاح والأوامر، بحيث أن العملية ليست سهلة وتخضع لشروط ومقاييس معقدة جداً». ولفت إلى أن التجهيزات الخاصة ب«القناصة» غير موجودة لدى الوحدات الأمنية العادية، لكنه كشف أن هذه التجهيزات توجد عند فرق خاصة تتبع قوات الأمن والحرس الوطنيين في تونس العاصمة فقط، وأنها توجد أيضا عند جهاز أمن الرئاسة والجيش التونسي. وأوضح أن هذه التجهيزات الخاصة بالقناصة لا يمكن أن يتم استخدامها من دون إذن مسبق، وأنها لم تستخدم خلال المواجهات مع المواطنين، مشيراً إلى أن الوحدة الخاصة التابعة لوزارة الداخلية تتلقى الأوامر من وزير الداخلية ورئيس الدولة بطريقة مباشرة عن طريق قاعة عمليات الوزارة. اتهامات تداول نشطاء قبل يوم 14 جانفي، معلومات تفيد بأن نظام بن علي يستخدم «قناصة» يعتلون أسطح بنايات في مناطق مختلفة من تونس، وينفذون عمليات قتل بحق المنتفضين ضد النظام. ويتهم مواطنون تونسيون قوى الأمن الداخلي بالإفراط في استخدام القوة ضد المتظاهرين في مدن تونسية، خلال فترة الانتفاضة ضد حكم بن علي، الأمر الذي دفع حينها بن علي في آخر خطاب له يوم 13 من جانفي الماضي إلى القول «يكفي استخدام الرصاص الحي». وحول إمكانية أن يكون الرئيس السابق أعطى تعليمات للقوة الخاصة التابعة لوزارة الداخلية (التي يوجد داخلها عناصر مدربون على القنص) لقتل متظاهرين، قال المؤدب إنه لم يسجل صدور أوامر من هذا القبيل، مضيفاً أنه «لم يسجل أي مغادرة لوحدات خاصة من وزارة الداخلية، من العاصمة إلى مدن تونسية أخرى». وأضاف المؤدب أن الشخص الوحيد الذي خرج من الوزارة بصفة فردية ومن دون أوامر مباشرة هو قائد «الفوج الوطني لمجابهة الإرهاب» المقدم سمير الطرهوني لإيقاف عائلة زوجة الرئيس السابق ليلى الطرابلسي. وكان الطرهوني كشف يوم الثامن من أغسطس الجاري، تفاصيل عملية إيقاف نحو 30 شخصاً من عائلة زوجة الرئيس السابق كانوا ينوون الفرار إلى الخارج. وقال حينها «إنه خرج إلى مطار قرطاج بصفة فردية من دون أوامر من أحد، بعد أن تلقى معلومات يوم 14 جانفي الماضي عن وجود حالة شغب بالقرب من المطار»، مضيفاً أن أحد زملائه أبلغه بوجود عائلة الطرابلسي في المطار وبأنهم ينوون الفرار، فقام بمعية فرقته الخاصة بالقبض عليهم وأخذهم رهائن، وبعد وصول نبأ فرار بن علي قام بتسليمهم إلى الجيش التونسي. يذكر أنه بعد فرار بن علي إلى السعودية، ألقى مواطنون وعناصر من الجيش التونسي القبض على عشرات الأشخاص في مدن تونسية عدة قيل إنهم «قناصة وموالون للنظام السابق تم استخدامهم لإدخال البلاد في حالة فوضى». ويشار إلى أن تقديرات مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة قالت إن نحو 219 شخصاً قتلوا خلال الثورة التونسية.