قرات على احدى صفحات الفايسبوك تعريفا طريفا للمجلس التأسيسي بتعبيرة شعبية صادقة: "هد و ابني من جديد" . و لا خلاف في ان مطالب معتصمي القصبة 2 كانت تدور بوضوح في فلك هذا التعريف. الا ان جمعا من الانقلابيين الذين يخشون قرار الشعب و سيادته الحقيقية حاولوا في السابق تمرير بعض الافكار المنادية بتحجيم دور المجلس التأسيسي لتحويله الى لجنة فنية لصياغة الدستور تسمح من جهة بتحويل الحكومة المؤقتة الحالية الى حكومة دائمة و تنهي، من جهة اخرى، مخطط افراغ الثورة من مطالبها. و باقتراب الموعد الانتخابي ل23 اكتوبر 2011 عادت هذه المطالبة من جديد بتحالف بين الحزب الديمقراطي التقدمي (اكثر الأحزاب "نجاحا" في استقطاب مجرمي التجمع المنحل) و قناة حنبعل (و ايضا قناة نسمة بشكل اكثر مواربة و لكنه لا يخفى على احد) و بعض "اشباه المثقفين" المتعلقة بذمهتم تهم التحايل و الولاء لمنظمات امريكية صهيونية لا تريد لهذه الثورة التونسية المجيدة ان تنجح. و لدلك لا بد من الاسراع بتكوين جبهة وطنية عريضة تتجاوز الخلافات الايديولوجية و السياسية العامة و تتحد حول مطلب واضح و اكيد مفاده رفض هذا الاستفتاء و الاصرار على ان المجلس التاسيسي لا يمكن الا ان يكون هيئة منتخبة من طرف الشعب لصياغة حالة دستورية و سياسية جديدة من اهم معالمها: 1. الغاء العمل بالأطر السياسية الظرفية الحالية (الرئيس و الحكومة المؤقتة و الهيئة العليا ل"حماية" الثورة) و تعويضها بحكومة وفاق وطني شامل تأخذ طبعا بعين الاعتبار نتائج انتخابات المجلس التاسيسي و لكن لا تمارس الاقصاء. و لا شك في ان هذه حكومة لها هذه المواصفات سيكون بإمكانها اعادة الثقة للمشهد السياسي و الاقتصادي و الامني الكارثي في البلاد و تقديم صورة افضن عن تونس الثورة للعالم الذي صار يتندر علينا بعد ان كان مبهورا بما انجزناه. 2. إن الحكومة الحالية (التي صارت بكل خبث و تحيل تطلق على نفسها صفة الحكومة الانتقالية) لا يمكن ان تعطى من جديد الصلاحيات للتأسيس للنظام جديد لأنها لا تمثل الشعب، بل انها لم تفعل ما يذكر لتحقيق المطالب التي ضحى من اجلها شهداؤه. لذا لا بد من إيجاد هيئة منتخبة وممثلة لها كل الصلاحيات لإصدار دستور جديد للبلاد والتحضير لانتخابات حرة مع حقها في تسيير الفترة المؤدية الى ذلك من خلال تعيين حكومة انتقالية حقيقية تتوفر فيها ثقة الشعب و لا يتلاعب بها اذيال المنظومة البائدة تحت عديد المسميات الخادعة. 3. يناء منظومة قانونية جديدة تكون لها فلسفة واضحة و قدرة على تحقيق الاستقلال القضائي والاداري و الرقابي الذي لا يزال معدوما بعد انقضاء ثمانية شهور من عمر الثورة. 4. الاسراع بتنفيذ اجراءات القطع مع الماضي من خلال تنفيذ مقتضيات عدالة انتقالية فعلية تمر حتما عبر تحرير القضاء من هيمنة السلطة التنفيذية و تفعيل العفو التشريعي العام و محاكمة رموز الماضي و اعادة بناء الاجهزة الامنية بناء يواكب التطلعات الديمقراطية للشعب و يتخلص من العقيدة الامنية التي تجعل من هيبة الدولة مبررا للتسلط على الشعب و قواه الحية. 5. اتخاذ خطوات عملية حقيقية (على خلفية الاستشارة و التشريك الفعلي للجهات) من اجل التصدي السريع للفوارق التنموية الرهيبة بين الجهات المحتفلة للبلاد و اعادة الامل لدى الفئات المحرومة في المستقبل. و من اجل ان يصبح هذا الانجاز ممكنا فلا بد من اعتماده كمعطى مفصلي في الفرز الانتخابي بحيث يتم المناداة به كمطلب مشترك لكل قائمات الاحزاب و المستقلين الذين يقفون وراء مطالب الثورة و يدعمونها بحيث تتم "المعاقبة الانتخابية" ((SANCTION ELECTORALE لكل من يقبل تصريحا او تلميحا باستمرار العصابة الدستورية لقايد السبسي في تسيير البلاد تحت أي مسمى كان. عماد العبدلي ناشط سياسي و حقوقي